*الطلاب: نظام التأمين فاشل.. والشركة المسئولة لا تؤمن حتى البوابات الإلكترونية *«فالكون»: نعمل بأحدث الأجهزة.. وتأميننا على مستوى عالٍ.. وإدخال الممنوعات مستحيل الوصول إلى قلب مكان حيوى مثل جامعة القاهرة، وبحوزتك ممنوعات، يراه البعض صعبًا، ويعتبره قيادات الجامعة مستحيلًا، لكن المسألة لم تكن صعبة على الإطلاق، والأسهل منها إشهار الممنوعات داخل الجامعة، فى غياب الأمن، سواء «الإدارى»، أو عناصر شركة «فالكون» المكلفة بحماية الجامعة، والغريب أن الجميع يتساءل بعدها عن كيفية إدخال عناصر الجماعة الإرهابية للشماريخ والقنابل والأسلحة إلى الحرم الجامعى. لم تكن المغامرة صعبة، لكنها كنت خطرة، فقد حملنا حقيبة مملوءة بالممنوعات، التى يعاقب القانون على حيازتها، للدخول بها إلى قلب جامعة القاهرة.. بخطوات ثابتة أقبلنا على أحد أبواب الجامعة، والحقيبة التى نحملها تحوى أسلحة بيضاء، وأدوية مخدرة ممنوع تناولها أو تداولها إلا باستشارة طبيب، لأنها تتعلق بالمخ والأعصاب، وتناولها قد يسبب ضمورًا فى الجهاز العصبى، ويؤدى إلى تدمير الإدراك والتركيز، ويؤثر بشكل كبير على الذاكرة. وقفنا أمام موظف الأمن، ووضعنا حقائبنا على سير ماكينة الفحص الإلكترونية لتخرج من الناحية الأخرى، دون أن تنطلق صفارات التنبيه من الماكينة، لتنبه الموظف بأن معنا ممنوعات، حتى الأسلحة البيضاء تمر على ماكينات الفحص فى الجامعة دون «إحم ولا دستور»، ووصلنا إلى قلب الجامعة، دون أن يستوقفنا أحد، وأخرجنا كل ما فى الحقيبة وسط الطلاب دون أى مشكلة. كان الفشل الأمنى واضحًا جدًا منذ لحظة الدخول إلى الجامعة، فالفتيات الجالسات على جهاز تفتيش الحقائب الإلكترونى لا يكترثن بالنظر إلى شاشات الجهاز أمامهن، وانشغلن بتبادل أطراف الحديث بينهن، رغم أن عملهن يقتضى اليقظة والانتباه وملاحظة كل الحقائب والنظر باستمرار إلى شاشة جهاز الفحص، وفقًا لما قاله «م.س» أحد العاملين فى الشركة، إلا أنهن لا يعرفن مهام وظيفتهن جيدًا، ولا يفعلن سوى أن إحداهن تشير بإصبعها للسماح بمرور صاحبة الحقيبة، لتدخل إلى الجامعة، حتى لو مليئة بالممنوعات. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، لكننا أشهرنا الأسلحة، وأخرجنا الممنوعات داخل الحرم الجامعى، أمام الطلاب، دون أن يعترض طريقنا أحد، ولم نلحظ أثناء سيرنا داخل الحرم وجود أى فرد أمن على الإطلاق، ولم يكن هناك من يعترض طريقنا، رغم كل ما تردده شركة «فالكون»، أكبر شركات الحراسة، المسئولة عن تأمين عدد كبير من الجامعات، حول سيطرتها على الحرم الجامعى، فبينما أشاد البعض بأداء الشركة، انتقده البعض الآخر، واعتبره متراخيًا، فى حين اعترض فريق ثالث على وجودها داخل الجامعات. خلال جولة فى محيط الجامعة، وجدنا 3 ثغرات يمكن أن يتسلل من خلالها كل من يريد تخريب الجامعة أو نشر الفوضى فيها، أو لا يحمل بطاقة شخصية أو كارنيه الجامعة، أو يلقى من خلالها قنبلة أو أى شىء يُقصد به الإضرار، الأولى هى كوبرى المشاة المطل على الجامعة من ناحية بوابة كلية التجارة، وبالتحديد قرب السلم الكهربائى، فهى فتحات كفيلة بأن يلقى أحد من خلالها أى شىء إلى داخل الجامعة. وقال «م.ح» طالب بالفرقة الرابعة بكلية التجارة إنه رأى عددًا من الطلاب ساعدوا أطفالًا صغارًا على الولوج إلى قلب الجامعة، بعد أن رفض الأمن إدخالهم، الأمر الذى يؤكد أن هذه الثغرات قادرة على إدخال أشياء أخرى كثيرة، ربما تكون أكثر شرًا أو أذى. أما الثغرة الثانية، فتقع ناحية كلية الآثار، فالأسوار الخاصة بالجامعة الملتفة حولها، ليس عليها أى أسلاك شائكة، ما يسهل الدخول من ناحيتها، والأمر نفسه ينطبق على الثغرة الثالثة، من ناحية كلية التجارة، حيث لا يوجد أى تأمين للأسوار، الأمر الذى يسمح بمرور أى فرد إلى الداخل بمنتهى السهولة. من الممكن أن تكون المغامرة هى الأولى من نوعها، التى يدخل فيها غرباء إلى قلب الجامعة، وبحوزتهم أسلحة، لكن الأمر سيختلف كثيرًا إذا كان الفاعل من أبناء الجامعة وأحد طلابها، وهو ما أكده «د.ف»، الطالب بكلية الإعلام، بأنه سبق ودخل إلى الجامعة حاملًا سكينًا، لاستخدامها فى تقطيع تورتة عيد ميلاد أحد أصدقائه، ولم يتحدث معه أحد ولو بكلمة، وذلك حتى قبل أن تقوم «فالكون» بتأمين الجامعة، وبالتالى الوضع لم يختلف كثيرًا. ويعقب على ذلك وليد شوقى، أمين لجنة الجوالة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، قائلًا إن نظام التأمين الحالى فى الجامعة «فاشل»، لأن الشركة التى يتمحور دورها حول تأمين البوابات، كما أعلن مسئولوها، لا تمارس مهامها ولا حتى على الأبواب، فما الفائدة؟ أما عبدالله أنور، المتحدث باسم اتحاد طلاب جامعة القاهرة، فيقول إن هناك شقين للمسألة، الأول أن شركة «فالكون» لا تطبق اللوائح الخاصة بالجامعة فى التفتيش، فتمنع دخول الكاميرات، على سبيل المثال، رغم عدم نص أى لائحة على ذلك. بالإضافة إلى التصرفات الفردية التى لا يستطيعون السيطرة عليها، مثل أعمال العنف والتكسير، فضلًا عن اختلاف أسلوب تأمينهم للبوابات، فكل بوابة يؤمنونها بشكل مختلف، أحيانًا يفتشون باستخدام الأجهزة، وأحيانًا أخرى يكون التفتيش يدويًا، وغير كافٍ لمنع دخول الممنوعات. وأكد مصدر مسئول بشركة «فالكون» أنهم يؤمنون الجامعة على أعلى مستوى، ووظيفتهم الرئيسية تقتضى منع دخول أى فرد غريب لا يمت للجامعة بصلة، كذلك مواجهة أعمال الشغب ومراقبة أى فعل مخالف لم تنص عليه القوانين واللوائح، موضحًا أنهم بصدد تطوير دائم للأجهزة التى يستخدمونها فى عملية التأمين، من أجل توفير نظم حماية أكثر للطلاب والمنشآت، وعندما يتم اكتشاف شىء مخالف يتم التعامل معه بشكل قانونى على الفور. يذكر أن شركة «فالكون» هى شركة مساهمة مصرية أنشئت عام 1974 كقسم للأمن والحماية، وفى أبريل عام 2006 أسس البنك التجارى الدولى (CIB) مجموعة شركات «فالكون»، وبدأت نشاطها فى أبريل من العام ذاته، وتقوم الشركة بمهام أساسية، منها تأمين المنشآت، وأنظمة الحماية الإلكترونية، ونقل الأموال. وقد بدأت الشركة نشاطها ب400 موظف و6 عملاء، وبعد 5 أعوام من العمل وصل عدد العاملين بها إلى أكثر من 4000 فرد أمن، ومن المفترض أن يصل عددهم إلى 20 ألف فرد بعد توليها مسئولية تأمين الجامعات بأكثر من 9000 فرد أمن، وفقًا للموقع الرسمى للشركة. وإذا نظرنا إلى ما تم إسناده للشركة من عمليات، نجد أنها تولت فى نوفمبر 2011، تأمين احتفال مئوية نادى الزمالك، ومباراته مع نادى أتليتكو مدريد، وأيضًا تأمين مقار الحملة الانتخابية للرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء الانتخابات الرئاسية التى جرت فى مايو 2014، وأخيرًا استعانت بها وزارة التعليم العالى لتأمين 15 جامعة على مستوى مصر، لمواجهة أعمال التخريب التى يرتكبها طلاب الإخوان.