شيخ العمود «إلكتروني».. شرح 60 كتاباً على يد كبار العلماء أسبوعياً بالأزهر    افتتاح الملتقى التوظيفي الأول لطلاب جامعة الفيوم    آخر تحديث.. تراجع جديد للدينار الكويتي مقابل الجنيه في البنوك    «صديقة الخباز» فى الصعيد.. رُبع مليار دولار استثمارات صينية    كتائب القسام في لبنان تعلن إطلاق عشرات الصواريخ تجاه أهداف عسكرية إسرائيلية    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    طلب مفاجئ من محمد صلاح يقلب الموازين داخل ليفربول.. هل تحدث المعجزة؟    إمام عاشور يمازح جماهير الأهلي قبل نهائي أفريقيا.. ماذا فعل؟    رسميا.. المقاولون يطلب إعادة مباراة سموحة ويستشهد بالقانون وركلة جزاء معلول أمام الزمالك    آخر تطورات الحالة الجوية بالإمارات.. توقعات بسقوط أمطار غزيرة على عدة محافظات    مصري بالكويت يعيد حقيبة بها مليون ونصف جنيه لصاحبها: «أمانة في رقبتي»    تعرف على موعد عزاء المؤلف عصام الشماع    باسم خندقجي.. الأسير الفلسطيني الذى هنأه أبو الغيط بحصوله على «البوكر»    الأربعاء.. قصور الثقافة تحتفل بعيد العمال على مسرح 23 يوليو بالمحلة    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    خالد الجندي: «اللي بيصلي ويقرأ قرآن بيبان في وجهه» (فيديو)    «الرعاية الصحية»: نتطلع لتحفيز الشراكة مع القطاع الخاص بالمرحلة الثانية ل«التأمين الشامل»    رئيس جامعة كفر الشيخ يطمئن على المرضى الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي    لجنة الصلاة الأسقفية تُنظم يومًا للصلاة بمنوف    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة يعزز التعاون بين البلدين    صندوق تحيا مصر يطلق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم الفلسطينيين في غزة    محمد حفظي: تركيزي في الإنتاج أخذني من الكتابة    استعدادًا لامتحانات نهاية العام.. إدارة الصف التعليمية تجتمع مع مديري المرحلة الابتدائية    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    السفير محمد العرابي يتحدث عن عبقرية الدبلوماسية المصرية في تحرير سيناء بجامعة المنوفية    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    تأجيل نظر قضية محاكمة 35 متهما بقضية حادث انقلاب قطار طوخ بالقليوبية    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    زكاة القمح.. اعرف حكمها ومقدار النصاب فيها    مايا مرسي: برنامج نورة قطع خطوات كبيرة في تغيير حياة الفتيات    بعد انفجار عبوة بطفل.. حكومة غزة: نحو 10% من القذائف والقنابل التي ألقتها إسرائيل على القطاع لم تنفجر    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    طريقة عمل الكيك اليابانى، من الشيف نيفين عباس    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    اتحاد الكرة: قررنا دفع الشرط الجزائي لفيتوريا.. والشيبي طلبه مرفوض    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراقصات والسياسة.. من برلمان «بديعة » إلى علم «صافينار»
نشر في الصباح يوم 06 - 03 - 2015

*تحية كاريوكا سجنت 100 يوم لمعارضتها النظام.. وساعدت السادات على الاختباء فى منزلها وأخفت صلاح حافظ عن عيون البوليس السياسى
*علاقة نجوى فؤاد بكيسنجر جعلته يساهم فى إقناع العالم بحق مصر فى سيناء.. ومن حبه لها ذكرها فى الجزء الثانى من مذكراته
*حكمت فهمى عملت جاسوسة للألمان بعد رقصها أمام هتلر وجوبلز.. وكانت من أشد الرافضين للاحتلال البريطانى لمصر
* سما المصرى واجهت الإخوان بالرقص على أغانى هابطة..قررت الترشح للبرلمان لاستكمال العمل السياسى
مواقف وطنية، آراء سياسية، سقوط فى فخ الجاسوسية، صداقات ساهمت فى تغيير مجريات الأحداث التاريخية، صالونات للرقص، كانت ملاذًا لكبار الساسة، وملجأ للهروب من متاعبهم، حكايات عديدة نرصدها، وأسرار دفينة نكشفها عن علاقة الراقصات بالسياسة، ومواقفهم على مدار تاريخ طويل، خاصة بعد إعلان الراقصة الاستعراضية صافيناز مشاركتها فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو بالنقاب والتفاعل مع الأحداث المصرية، وتأثرها بكل ما تمر به البلاد من أزمات، تاريخ مصر عامر بفاعليات مشاركة الراقصات فى السياسة.
بديعة مصابنى دينامو السياسة
البداية من قصة الراقصة بديعة مصابنى التى تحولت من ضحية للاغتصاب فى صغرها إلى صانعة للنجوم كما أطلق عليها فى مجدها، فهى صاحبة أول أكاديمية فنية، تعلم فى صالتها العديد من النجوم أصحاب الأسماء اللامعة، من بينهم فريد الأطرش ومحمد فوزى وتحية كاريوكا وسامية جمال وغيرهم، وتعتبر مصابنى أول فنانة تقوم بإنشاء أول مسرح دائرى، مما يسهل على المتفرج بالقاعة مشاهدة كل ما يدور على خشبته، وكانت السيدة (هدى شعراوى) رائدة الحركة النسائية تحرص على حضور ومتابعة عروضها، والثناء عليها، ولم يحدث فى تاريخ مصر أن أطلق اسم راقصة على واحد من أهم وأكبر جسور القاهرة، وهو (كوبرى الجلاء) الآن الذى كان اسمه الحقيقى كوبرى (بديعة مصابنى)، وذلك تكليلًا لمشوارها الحافل المضىء فى عالم الفن بصفة عامة، لعبت الفنانة بديعة مصابنى خلال فترة عملها دورًا مؤثرًا فى الحياة السياسية بمصر، بل شكلت جزءًا من تاريخ مصر الفنى والسياسى والاجتماعى، مما جعلها تمتلك سطوة وسلطانًا سهَّل مهمتها فى السيطرة على صعاليك وفتوّات شارع «عماد الدين» ورجال السياسة والحكم ورجال الاحتلال الإنجليزى آنذاك، الذين كانوا زبائن دائمين فى صالاتها. كما تخرّج على يديها عشرات الراقصات اللاتى حققن انتشارًا بعد ذلك مثل تحية كاريوكا وسامية جمال وحكمت فهمى وصفية حلمى وببا عزالدين وغيرهن.
تمكّنت بديعة مصابنى من خلال تواجدها المؤثر فى عالم الصالات الفنية والملاهى الليلية أن تقيم علاقات قوية مع العديد من المسئولين ورجال السياسة فى مصر فى فترة الأربعينيات، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، لدرجة أن العديد من هؤلاء السياسيين كانوا يفرون بهمومهم الخاصة وهمومهم السياسية إلى كازينو بديعة، سواء فى شارع عماد الدين أو فى ميدان الأوبرا.
وكان بعض الساسة يفضلون تأليف وزاراتهم القومية أو الحزبية داخل مساكن هؤلاء الفنانات، والتى كان يطلق على آنذاك «عوامات أهل الفن»، كما كان لمصابنى جانب من جوانب التأثير السياسى غير المباشر على القرار، سواء داخل مجلس الوزراء أو داخل القصر الملكى ذاته.
كاريوكا والسجن
تحية كاريوكا كسيرة ذاتية لا يمكن أن تكون مجرد سرد لحياة فنانة كبيرة، لأنها صاحبة دور وطنى كبير بدأته مع انطلاق ثورة يوليو 1952، فعطاء «تحية كاريوكا» لم يتوقف عند حدود الإبداع الفنى، إنه وجود إنسانى فى أغلب المجالات السياسية والاجتماعية والوطنية، فعندما قامت الثورة كانت لها بعض الآراء فى الممارسة السياسية لرجال الثورة المصرية، ودخلت السجن السياسى لمدة 101 يوم بتهمة الانضمام إلى تنظيم يسارى اسمه «حدتو»، وهذه الكلمة اختصار ل «حركة ديمقراطية للتحرير الوطنى»، وداخل السجن لم تفقد المقاومة، بل زادتها جدران السجن إصرارًا، وقادت المظاهرات من داخل الزنزانة، فبعد أن حققت تحية شهرتها الكبيرة فى القاهرة، تزوجت من الضابط مصطفى كمال صدقى، ولم تمر أشهر قليلة بعد الزواج حتى وجدت ضباطًا من البوليس الحربى يكسرون باب شقتها بعنف، ووقفت تحية فى مكانها والضباط يبحثون فى كل مكان بالشقة عن أى منشورات ضد نظام الحكم، وعن أى أسلحة، وبالفعل تم العثور على بعض المنشورات، ولم تتردد تحية فى أن تذهب معهم إلى القسم، ورغم أنها أنكرت معرفتها وعلمها بما تم ضبطه فى شقتها، فإن ذلك لم يمنع السلطات وقتها من الزج بتحية داخل السجن للمرة الأولى فى حياتها.
وقضت تحية فى السجن 100 يوم قادت خلالها حركات التمرد داخله، ورفعت صوتها محتجة على ظروفه غير الإنسانية، كما كانت أيضًا تقف فى تظاهرات الطلبة مؤيدة لهم وترسل لهم السندويتشات، وتشارك فى الهلال الأحمر. وكان معروفًا عنها جرأتها الشديدة، فلم تتردد فى أن تحرج الملك فاروق عندما وجدته جالسًا فى كازينو الأبراج، وقالت له بطريقتها الساخرة إن مكانه ليس هنا بل يجب أن يكون فى قصر الملك، وتوقع الكثيرون أن يغضب الملك منها، لكنه انصرف على الفور وسط استغراب المحيطين به.
مواقف تحية كاريويكا مع ملوك ورؤساء مصر لم تختلف ولم تتلون، كما يفعل بعض السياسيين، لكنها كانت واضحة، وجريئة، حيث انتقدت أداء حكومة ثورة 23 يوليو، ووصفته بأنه لا يختلف عن أداء الملك فاروق، ورفعت شعار «ذهب فاروق وجاء فواريق» فى إشارة إلى الضباط الأحرار، وهو ما أدى إلى غضب السلطات منها، واعتقلها جمال عبدالناصر مع بعض أعضاء الحزب الشيوعى المصرى، وبعد الإفراج عنها شاركت فى كل المناسبات الوطنية، فلم تفقد أبدًا إيمانها بالثورة رغم كل هذه الانتقادات التى وجهتها إليها، وهكذا وقفت فى أول الصف فى كل ما عاشته مصر من مواقف وطنية، مثل أسبوع التسليح، حروب 56 و67 و73، وكانت كاريوكا أول من يتطوع فى الهلال الأحمر، وآخر من يغادر الموقع. وأثناء الحصار الإسرائيلى للفلسطينيين فى الثمانينيات فى بيروت كانت «تحية» أيضا أول من يذهب إلى هناك مع المناضلين الفلسطينيين.
رغم تقدمها فى السن ظلت تمارس الحياة السياسية حتى سنواتها الأخيرة، فتزعمت اعتصام الفنانين، وكانت هى الفنانة الوحيدة التى أضربت عن الطعام عام 1988، ولم يوقف إضرابها سوى تدخل الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» الذى اتصل بها فى نقابة السينمائيين مقر اعتصام الفنانين وداعبها قائلاً: عايزة يقولوا يا ست «تحية» إنك عشت تأكلين فى عهد فاروق وعبدالناصر والسادات وتموتين جوعًا فى عهد مبارك.. وانفض الاعتصام وتقابل الفنانون وعلى رأسهم «تحية» بعدها مع الرئيس فى لقاء ودى، داعب فيه مبارك كثيرًا «تحية كاريوكا».
ويروى أن تحية فى الخمسينيات قامت بحماية اليسارى صلاح حافظ فى منزلها، إضافة إلى موقفها الشهير مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عندما تخفى عندها وقت الاستعمار البريطانى لمصر، حيث أخفته فترة فى منزل شقيقتها، وكانت سلطات الاستعمار تبحث عنه دون جدوى، ولم يكونوا على علم أن كاريوكا هى من تخفيه.
كيسنجر ونجوى فؤاد
عندما نذكر الدور السياسى للراقصات لا نستطيع نسيان دور الراقصة نجوى فؤاد الذى لعبته فى حرب 1973، وعلاقتها القوية بوزير الخارجية الأمريكية وقتئذ هنرى كيسنجر، فمنذ أن شاهدها ترقص فى حفل خاص بمصر، أعجب بها، بل إنه كان لا يتردد فى أن يشاركها الرقص فى بعض الحفلات الخاصة، وكان لتلك العلاقة القوية بين نجوى فؤاد وكيسنجر مفعول السحر على المستوى السياسى، فقد شاركت بدور وطنى فى إقناعه بحق مصر فى استرداد أرضها وعودة سيناء.
ومن شدة تعلق هنرى كيسنجر بنجوى فؤاد ذكرها فى الجزء الثانى من مذكراته، ووصف لقاءاته معها بأنها من أجمل الذكريات التى يستدعيها دائمًا إلى مخيلته كلما حاصرته هموم السياسة ومشاكلها، وقال كيسنجر فى المذكرات: كنت أحرص دائماً فى كل مرة أزور فيها القاهرة على التأكد من وجود الراقصة المصرية نجوى فؤاد، وكانت تبهرنى، بل أعتبرها من أهم الأشياء الجميلة التى رأيتها فى الوطن العربى، إن لم تكن الشىء الوحيد. وتبعه فى هذا الهوس الرئيس الأمريكى جيمى كارتر الذى حكى له كيسنجر عنها، وجاء إلى مصر خصيصًا ليراها، وحددها بالاسم ورقصت أمامه فى فندق «مينا هاوس»، وأعجب بها كثيرًا وقتها ولم يخف إعجابه رغم أن زوجته كانت حاضرة وقتها.
حكمت فهمى ضد الاستعمار
أما حكمت فهمى فكانت صاحبة الموقف الأكثر رفضًا والأكثر شهرة، كذلك فى مواجهة الاستعمار البريطانى، حيث كانت ترى أن الحرب العالمية الثانية فرصة رائعة للخلاص من الإنجليز، وأن هزيمة إنجلترا سوف تضعف من قبضتها على مصر، وبالتالى الخلاص الذى طال انتظاره، لم تكن حكمت فهمى هى صاحبة تلك النظرية، بل كان كبار السياسيين يعلنون ذلك دون مواربة وعلى رأسهم الملك فاروق نفسه الذى لم يستطع كتمان ضيقه من كثرة تدخلهم فى شئونه الخاصة، وحين افتضح أمره لديهم ساروا بدباباتهم نحو قصر عابدين حتى يأتى برئيس وزراء يقبل التعاون معهم، وهو ما عرف بحادث 4 فبراير 1942.
تقول حكمت عن ذلك اليوم فى مذكراتها: «لقد كانت دبابات الإنجليز تحاصر القصر مصوبة مدافعها إليه استعدادًا لتدميره عند إعطاء الأمر، إننى بعد فترة وبعد خروج السفير البريطانى من القصر لم أعد أحتمل هذه المشاهد.. فطلبت من السائق أن نعود للملهى، وفى أعماقى كان شيئًا عظيمًا يتأكد، فعلى هذه الأرض الطيبة عشت، ومن خيرها وتحت سمائها اشتهرت، فلها دين فى عنقى، فكما أحب دائمًا أن أكون حرة فى تصرفاتى، أتمنى أن تتحرر مصر كذلك، وسأعمل على ذلك، وكان عهدًا أخذته على نفسى».
وعلى الرغم من أنه كان معروفًا عن حكمت فهمى علاقتها القوية بضباط القوات البريطانية من خلال ترددهم على الملهى الذى كانت ترقص فيه، ولكنها سافرت لأوروبا لظروف الحرب، فعلاقتها بضباط بريطانيا التى كانت تحتل مصر آنذاك، دفع الألمان للتفكير فى تجنيدها لصالحهم، وبالفعل نجح الألمان فى ذلك دون أن تعلم الراقصة المصرية بتجنيدها من خلال جاسوس ألمانى أوقعها فى شباك غرامه.
وفى إحدى الليالى كانت ترقص فى ملهى بالنمسا، وشاهدها رئيس المخابرات الألمانية فرشحها لترقص للزعيم النازى أدولف هتلر، ووزير دعايته جوبلز فى ألمانيا، وعندما شاهدها جوبلز أمر بتجنيدها لصالح الألمان الذين كانوا على علم بشعبيتها عند الضباط الإنجليز فى مصر، وجاء تجنيد حكمت عن طريق شاب قدم نفسه لها فى الملهى الذى ترقص فيه فى النمسا، على أنه طالب مصرى اسمه حسين جعفر، وتمكن بعد ليلة أخرى من التقرب منها، بل وأوقعها فى حبه، ثم اختفى فجأة من حياتها، حسين جعفر هو الضابط الألمانى أبلر، وهو من أب وأم ألمانيين، انفصل كل منهما عن الآخر، وكانت الأم تعمل بمدينة بورسعيد، والتقت بمحام مصرى تزوجها وتبنى الطفل، وأطلق عليه حسين جعفر، ولكنه عندما سافر إلى ألمانيا التقطته المخابرات الألمانية، وتم تجنيده لإتقانه اللغة العربية.
أولى المهام التى أوكلت لأبلر كانت نسج علاقة غرامية مع الراقصة حكمت فهمى تمهيدًا لتجنيدها، حتى يتمكن من خلالها فى الحصول على خطة بريطانيا من حيث «أين ستركز دفاعاتها، وعدد القوات البريطانية ونوعها، ومدى تعاون الجيش المصرى معهم إذا بدأت المعركة»، وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية، عادت حكمت لمصر لترقص فى ملهى الكونتيننتال، دون أن تعلم أنها وقعت فى فخ «الجاسوسية» لصالح ألمانيا، ومنه انتقلت لملهى الكيت كات ليبدأ هناك أبلر فى الاتصال بها مرة أخرى، بعد أن نجح هو وزميله مونكاستر فى دخول مصر من خلال التنكر فى أزياء الزى العسكرى البريطانى.
وبعد عدة لقاءات بين حكمت وأبلر، فهم منها الجاسوس الألمانى مدى كرهها للإنجليز، ليكشف لها عن شخصيته، وعن مهمة التجسس التى كلفه بها قائده روميل بعد عدة انتصارات حققها على جيش الحلفاء، ومن هنا أبدت حكمت فهمى استعدادها للتعاون مع الألمان، فقامت سلطانة الغرام بتأجير عوامة قريبة من عوامتها لأبلر، ومنها كان يتواصل الجاسوس الألمانى مع روميل من خلال جهاز اللاسلكى، وفجأة، لاحظ جعفر عدم رد المخابرات الألمانية عليه، فطلب من حكمت البحث عن شخص تثق فيه لإصلاح جهاز التجسس، لإتمام مهمتهما فى مصر.
ولجأت حكمت لحسن عزت صديق الضابط المصرى أنور السادات حينها، والذى وافق على إصلاح الجهاز فور علمه بمهمة الجاسوسين الألمانيين، لكره السادات الشديد للإنجليز، وحمل السادات الجهاز فى حقيبته متجهًا إلى بيته فى كوبرى القبة، بينما استمر أبلر فى نشاطه بجمع المعلومات من داخل النوادى الليلية التى يسهر فيها الضباط والجنود الإنجليز بمساعدة حكمت، وأبرز الخدمات التى قدمتها حكمت فهمى للألمان، كانت عن طريق الميجور سميث الذى كان متيمًا بها، إذ نجحت فى الحصول على معلومات مهمة منه عندما أخبرها فى إحدى الليالى أنه مسافر إلى ميدان الحرب على الخطوط الأمامية.
فى هذه الليلة ألغت حكمت فهمى رقصتها لتقضى السهرة معه فى عوامتها، وهناك دست له المخدر فى كأس الويسكى لتحصل منه على أخطر تقرير، يتضمن كل المعلومات التى يبحث عنها أبلر، فهرولت إليه ومنحته التقرير الذى يحتوى على كل المعلومات عن القوات النيوزيلندية، ووحدات جنوب إفريقيا، وأستراليا، بالإضافة إلى وحدة أخرى قوامها 5 آلاف جندى كانت سترسل إلى الإسكندرية، و2500 لغم لتعزيز الخط الدفاعى، وتركيز الدفاع فى العلمين نفسها، وليس على بعد عدة أميال كما كان يعتقد روميل، أبلر حصل على التقرير وهرول إلى زميله مونكاستر الذى أخبره بأن المخابرات الألمانية طلبت منهم عدم إرسال معلومات إلا إذا كانت مهمة، وتحديدًا فى الثانية عشرة مساءً، إذ إن صديقيهما الجاسوسين اللذين يتلقيان إشارتهما تم القبض عليهما فى السجون البريطانية.
حقيقة ألبر كجاسوس ألمانى كشفتها راقصة فرنسية يهودية تُدعى إيفيت كانت تقضى ليلة عنده، وتحدث وقتها إلى صديقه الألمانى عن طريق جهاز الإرسال، وحصلت على عدة معلومات منه، وأبلغت قادتها، الذين أبلغوا المخابرات البريطانية التى كانت تبحث بدورها عن جاسوس ألمانى وردت إليها أخبار عن عمله فى مصر، ومن هنا تم إلقاء القبض على أبلر ومونكاستر وحكمت فهمى ولكنه عوقب بالاستغناء عن خدماته بقرار ملكى كضابط فى الجيش المصرى، وتم خلع الرتب العسكرية من كتفه، وساءت حالة حكمت فهمى النفسية، لكنها تمكنت من الخروج من السجن بعد أن دفعت رشوة قدرها 200 جنيه.
سما المصرى.. السياسة الهابطة
وعلى غرار محاولات ربط الرقص بالسياسة، وعلى الرغم من كل النقد الذى تتعرض له إلا أن سما المصرى تحاول هى الأخرى العمل بالسياسة، بل وقررت خوض غمار الترشح للبرلمان المقبل مستندة على ما قدمته من أداء استعراضى هابط عبر شاشة قناة فلول قبل إغلاقها.
سما قدمت خلطة من الأغانى الاستعراضية التى تحمل إيحاءات جنسية وألفاظًا خارجة واعتقدت أنها بذلك تساهم فى الإطاحة بالإخوان ولظروف مصر نجح الشعب فى الثورة على محمد مرسى وعزله وخرجت سما مستغلة الحدث لتؤكد أنها من شاركت فى الإطاحة بالإخوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.