*منبر خاص لتبادل الرسائل بين مقاتلى وأمراء «القاعدة» للحصول على الفتاوى الشرعية *تدريبات «أون لاين» على تصنيع المتفجرات وحمل السلاح والتخفى *تجنيد الشباب بدورات شرعية وإيمانية عابرة للحدود.. والاهتمام بدعم جميع التنظيمات لم تعد المنتديات والمواقع التكفيرية على شبكة الإنترنت، مجرد «إعلام بديل»، يدافع عن الأفكار التكفيرية، وينشرها، ويجند شبابًا لخدمتها، ويوزع بياناتها، لكنها أصبحت جهازًا عالميًا للاتصالات بين رءوسها المختفية فى جبال باكستان، أو تلك التى تقود المعارك على الأرض فى العراق وسوريا، وبين القواعد الأخرى فى باقى دول العالم، من مصر إلى أوروبا، ومن أستراليا إلى كندا. لذلك، جاءت الدعوة التى وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الأممالمتحدة، بإغلاق تلك المواقع والمنتديات، فى موعدها تمامًا، مع اتساع دائرة الإرهاب فى العالم، وتوجيهه ضربات موجعة إلى دول كانت تعتبر نفسها فى السابقة، آمنة، وبعيدة عن الأذرع الطويلة للتكفيريين، إلا أن المواقع والمنتديات التكفيرية، أصبحت قادرة على توصيل «الإرهاب» إلى أى شبر فى العالم «ديليفرى». تحولت المنتديات التكفيرية إلى «معسكرات تدريب إلكترونية»، ومدرسة لتعليم حمل السلاح، وتصنيع المتفجرات، وشرح كيفية الذبح، بالإضافة إلى كونها مجالس لتلقى المواد العلمية المتشددة، باختصار هى دولة موازية فى عالم افتراضى واسع، سكانه يتجاوز عددهم مئات الملايين، ويتحدثون لغات شتى، ما حاولت تلك المنتديات التوافق معه، بتقديم منتجاتها بمختلف اللغات. «الصباح» تفتح ملف المنتديات والمواقع الجهادية، وتكشف كيف تحولت إلى مرتع للإرهابيين، ينقضون منه على فرائسهم من الشباب، فيزرعوا داخلهم «فيروس التطرف»، ويتركونه يكبر يومًا بعد آخر، حتى يتحول هؤلاء الشباب إلى إرهابيين فاعلين، يمارسون العنف والتخريب، بعدما تم تدريبهم على استخدام الأسلحة والقنابل، بالإضافة إلى طرق التخفى من الملاحقات الأمنية. فى نهاية التسعينيات من القرن الماضى، بدأت تلك المنتديات التكفيرية فى الظهور فى مصر والعالم العربى، لتشكل نقلة نوعية فى مسيرة الإرهاب العالمى، خاصة بعدما أصبح الشرق الأوسط بيئة حاضنة للإرهاب، ففى عام 1998 لم يكن العالم كله يعرف أكثر من 12 موقعًا تكفيريًا، إلا أن هذا العدد قفز ليصبح 4800 موقع، بحسب إحصاءات أمنية نشرتها الحكومة الجزائرية فى عام 2013. وأخطر هذه المواقع، «منبر الإعلام الجهادى»، وهو منتدى يدار من خارج مصر، ويمثل الذراع الإعلامية الأولى لتنظيم «داعش» فى العالم العربى، وعلى الرغم من أن القائمين عليه، زعموا أنه منتدى مستقل وغير تابع لأى تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث التنظيم «بل إن انتماءهم لإخوانهم الموحدين ممن انتهجوا نهج الطائفة المنصورية علمًا وعملاً»، إلا أن المنتدى تحول فجأة إلى ذراع إعلامية لداعش منذ إعلان الخلافة، ويتميز بأن معظم أعضائه من القيادات الجهادية المؤثرة فى الوسط الإسلامى. المنبر مصم بمرونة لتحميل الفيديوهات والبيانات كبيرة المساحة وعالية الجودة، ومقسم كالآتى: قسم ل «متابعة إخبارية على مدار الساعة»، وقسم «الثغور»، الذى يضم الجماعات الجهادية والإسلامية فى «جزيرة العرب، أكناف بيت المقدس، الصومال، المغرب الإسلامى، القوقاز، أماكن متفرقة، تركستان الشرقية، باكستان، أنصار الشريعة العالمى، إمارة أفغانستان الإسلامية»، ثم قسم «التحليلات والمقالات والدراسات»، الذى يضم الخطب الدينية والدراسات والأبحاث حول أهمية الجهاد، وكيفية القتال والبيعة، ونصائح للجهاديين، والتحذيرات المطلوبة بخصوص الأعياد الغربية. والقسم الأهم فى المنتدى هو «منتدى الإعلام العسكرى»، الذى يشمل دورات للإعداد، والبحث العسكرى، وكتب عسكرية، والإسعاف الحربى، ودورات الإلكترونيات، والطرق الفتاكة للاغتيالات، والطبوغرافيا العسكرية، وكيفية تصنيع الكواتم، وعلوم المتفجرات. ويضم المنتدى قسمًا أساسيًا خاصًا بناطقى اللغة الإنجليزية، وأقسامًا فرعية للناطقين بالفرنسية والألمانية، وأقسامًا خاصة باللهجات السودانية والإثيوبية والصومالية ولهجة جيبوتى. وهناك قسم رابع وهو «الشرعى»، ويضم أقسام القرآن الكريم، والسيرة والحديث وأعلام الأمة، والمُرجئة حقائق وخفايا، والرد على الروافض، والكتب والاحتياجات العلمية، والرد على الخوارج وغلاة التكفير. هذا بالإضافة إلى «القسم التقنى»، الذى يضم «برامج الحاسوب الآلى، وحماية الأجهزة، واستخدامات الجوال، وإدارة السيرفرات وحمايتها، والنقاشات التقنية»، ثم قسم خاص للقاء الأعضاء، وقد تتبعنا بعضهم، وأشهرهم: «أبوالقاسم الطابلسى»، و«أبوتراب الصومالى»، و«أبو البراء المصرى»، و«أبو يوسف الأنصارى»، و«أبوحمزة الأنصارى»، وكلها من الأسماء الحركية لقادة الجهاديين. وثانى المواقع أهمية وخطورة بالنسبة للتكفيريين، هو «منبر التوحيد والجهاد»، الذى يعتبر الوسيلة الوحيدة الناطقة باسم الشيخ أبومحمد المقدسى، أمير التوحيد والجهاد، التابع لتنظيم القاعدة فى بلاد العرب. وأغرب ما فى هذا المنتدى الجهادى، أنه خصص ركنًا كاملاً لجماعة الإخوان المسلمين وأفكارهم وقادتهم ومناهجهم القديمة، وأيضا يستقبل رسائل الجهاديين ليرد عليها المقدسى بنفسه أو عن طريق مساعديه من يردون على بعض الأسئلة الشرعية. وفى المركز الثالث من حيث الأهمية والخطورة، تأتى «شبكة شموخ الإسلام»، وهى الوسيلة الإعلامية التى كانت تعلن من خلالها جماعة أنصار بيت المقدس عن عملياتها، فى الفترة الماضية، وتنشر مواد مرئية خاصة بها، بالإضافة لتنظيم القاعدة فى اليمن وليبيا وتونس، وتدعمها بعض المؤسسات الجهادية فى مجال المرئيات مثل «الزوراء، وملاحم، والحياة، والكنانة». ليس هذا فقط ما تقوم به شبكة «شموخ» لكنها أيضًا مصدر مهم لجماعة أجناد مصر، التى ذاع صيتها فى الفترة الأخيرة، خاصة بعد التفجيرات المتتالية، وعمليات استهداف ضباط الجيش والشرطة فى القاهرة الكبرى عن طريق زرع العبوات الناسفة. ويليها فى الأهمية والخطورة، وكالة الأنباء الإسلامية «حق» وهى «وكالة إعلامية إخبارية مهنية مستقلة لا تتبع لأى حزب أو جماعة أو تنظيم، تنقل الأخبار الموثقة من مصادرها الأصلية إلى القارئ مباشرة»، وفقًا لتعريف الوكالة لنفسها. وتتبع «حق» مؤسسة «دعوة الحق للدراسات والبحوث»، وهى مؤسسة بحثية «مستقلة» تعنى بقضايا العالم الإسلامى، وتنقل الفيديوهات الجهادية على الساحة المصرية وتحصل على المواد المرئية المتعلقة بالجماعات الجهادية بأجمعها. وينضم إلى هذه المواقع الأخطر حول العالم، الموقع الخاص ب«مركز المقريزى للدراسات التاريخية»، الذى يديره الجهادى السابق الدكتور هانى السباعى، من لندن، ويزعم فى تعريفه له بأنه «مركز يهتم بالدراسات التاريخية والأدبية والفكرية والدعوة، لإعادة النظر فى كتابة التاريخ الإسلامى وتنقيته مما علق به من شبهات ومرويات دخيلة، والدعوة لإعمال قواعد علماء الجرح والتعديل لتمحيص المرويات التاريخية، ونشر الدراسات الجادة التى تعنى بالتاريخ الإسلامى، واستضافة بعض الشخصيات المهمة التى لها باع فى الدراسات التاريخية، والتعامل مع القضايا الساخنة من خلال رؤية تاريخية، وإعادة الاعتبار لرموز الأمة وقادتها وعلمائها، والرد على أباطيل وشبهات المستشرقين والعلمانيين الذين يهتمون بالتاريخ الإسلامى، والاهتمام بالدراسات التاريخية التى تعنى بمستقبل الأمة الإسلامية ونهضته». ويعقد المركز «محاكمات شرعية» للقادة والرؤساء العرب، تكفرهم وتحل الخروج عليهم وقتالهم. ليست هذه المواقع والمنتديات هى الأخطر فقط، بل رصدت ال«الصباح» عشرات المنتديات والمواقع الجهادية، بالإضافة إلى شبكة «دارك نت»، وهى شبكة موازية لمحرك البحث جوجل، ولا يستطيع أى فرد الوصول لها بسهولة، كما أنها تعتبر شبكة خاصة بالإرهاب حول العالم. كما أن هناك مواقع جهادية متخصصة باللغة الإنجليزية والفرنسية، وتعد الأخطر على الإطلاق، نظرًا لأنها متاحة للاشتراك والتفاعل، وإرسال كل ما هو جديد بخصوص التنظيمات الجهادية عبر البريد الإلكترونى للأعضاء من إصدارات مرئية وأبحاث حول الجهاد. جدير بالذكر أن الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة وافق على مقترح تقدم به رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح، العام 2013، لحجب جميع مواقع الجماعات «الجهادية»، والمنتديات الخاصة بالجماعات الإرهابية، التى تتبنى الفكر المتطرف، منها القاعدة فى المغرب الإسلامى، وتنظيم «المرابطون»، وتنظيمات إرهابية أخرى، لما أصبحت تمثله من خطر كبير على الأمن القومى الجزائرى. وأعطى بوتفليقة موافقته بالموازاة مع بدء ما سمى بعملية «الفتح المبين»، التى تشنها قوات الجيش والشرطة ضد الجماعات المسلحة ومطاردتها فى الجبال، حيث يتطلب ذلك حجب هذه المواقع لقطع تواصل الخلايا الجهادية مع بعضها،. ويؤكد خبراء فى الحركات الإسلامية أن غلق المواقع التابعة للتنظيمات الجهادية والتكفيرية على الإنترنت، سيسهم كثيرًا فى الحد من نشاط تلك الجماعات، ومواجهة الفكرى التكفيرى، مشيرين إلى ضرورة تدشين حركة شعبية فى جميع دول العالم لمواجهة الإرهاب. وكان الشيخ فؤاد الدواليبى، مؤسس الجماعة الإسلامية، ورئيس جبهة «الإصلاح»، قال فى تصريحات سابقة، إن غلق مواقع الإنترنت التى تستخدمها الجماعات التكفيرية للترويج لأنشتطها، يحد كثيرًا من انتشار الأفكار التكفيرية، ونشاط تلك الجماعات، وأن مواجهة الإرهاب يحتاج إلى منهج متكامل يتضمن غلق المواقع التكفيرية على مستوى العالم. وأشار مؤسس الجماعة الإسلامية، إلى أن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى غلق المواقع التكفيرية خطوة مهمة للحد من نشاط الجماعات التكفيرية.
كان الرئيس السيسى دعا جميع دول العالم إلى التعاون لمكافحة الإرهاب، والسعى لدى الأممالمتحدة لإصدار قرار بإجماع أعضائها لغلق جميع المواقع التكفيرية والإرهابية من على شبكة الإنترنت، موضحًا أن العالم يعيش لحظة فارقة، وأن نار الإرهاب ستطول الجميع، وتدفع كل الشعوب ثمنه، فلا أحد بعيدًا عن الخطر.