ضمن مسلسل الفساد وإهدار المال العام فى أجهزة الدولة المختلفة التى تواصل «الصباح» كشفه، نرصد فى هذه السطور فضيحة جديدة داخل هيئة المجتمعات العمرانية من خلال تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الذى يؤكد تورط مسئولين كبارًا فى تخصيص الأراضى فى جهاز مدينة 6 أكتوبر بالمخالفة للقانون، حيث تحيط الشبهات بسلامة التصرفات فى نحو 19.5 مليار جنيه. ويكشف «المركزى للمحاسبات» فى تقرير له أن مسئولين بهيئة المجتمعات العمرانية مصرون على عدم تصويب الملاحظات والمخالفات التى رصدها الجهاز المركزى للمحاسبات، والتى سبق إبلاغ الهيئة بها لكنها ما زالت قائمة، وتم إحالة بعضها إلى النائب العام بموجب كتاب رئاسة الجهاز تحت رقم صادر 451/3. وحسب التقرير، تتوزع بيانات هذه المخالفات كالآتى: 18 مليار جنيه على «شركة المراكز المصرية ومول العرب ومينا للاستثمار السياحى والعقارى ودار الفؤاد و6 أكتوبر الزراعية ووادى النيل الزراعية»، بالإضافة إلى 1.5 مليار جنيه على شركات «الشركة الذهبية للمقاولات والتجارة وإيتاج للتنمية والاستثمارات والشركة الفنية للمقاولات والاستثمارات وشركة المشروعات الحديثة «رويال هيلز» ومدرسة باكستان الدولية وجامعة الشارقة ومحطة الزهراء الجديدة للخيول العربية، بالإضافة إلى بعض قطع أراضى الإسكان الصغيرة فى غرب «سوميد». وشملت المخالفات التى رصدها الجهاز وجود عدة مشروعات متوقفة فى العديد من المدن يبلغ قيمتها 1.5 مليار جنيه، حيث لم يجر حتى الآن استخراج مستخلصات ختامية لها على الرغم من أنه سبق الإشارة إلى ذلك من قبل فى تقارير «المركزى للمحاسبات». ويبيّن التقرير التى حصلت «الصباح» على نسخة منه، أنه تم إدراج عمالة مؤقتة فى أعمال الحراسة والأمن غير مؤمن عليهم، كما لم يتم إبلاغ الجهات الأمنية عنها، بالإضافة لتعرض العديد من محتويات المخازن للسرقة فى مدينة 6 أكتوبر والشرقية، كما لم يواف الجهاز بالشهادات السلبية الدالة على عدم وجود تصرفات أو رهونات أو حجوزات على الأراضى والعقارات المملوكة للهيئة فى تاريخ المركز المالى رغم تكرار الإشارة إلى ذلك بتقاريرنا السابقة وخاصة الشهادة السلبية لقطعة الأرض المملوكة للهيئة والمدرجة بحساب الأصول الثابتة بديوان عام الهيئة بمبلغ يتجاوز 10 ملايين جنيه فى شارع ضريح سعد زغلول، والصادر بشأنها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1873 لسنة 2010 باعتبارها مشروع إقامة جراج متعدد الطوابق. يأتى ذلك، فيما بلغت الطاقات المعطلة فى المدن الجديدة التابعة لوزارة الاستثمار، حوالى 34 مليون جنيه، والتى لم يتم الاستفادة منها بشكل يرجع النفع فيه على الدولة. وعلى صعيد متصل، أوصى الجهاز باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه تعديات وتدخلات غير قانونية بالمدن الجديدة على نحو 407 ملايين متر مربع، بالإضافة إلى أكثر من 400 وحدة سكنية، وفقًا لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 والقرارات الصادرة حفاظًا على أملاك الهيئة، إضافة إلى تقصير مسئولى الهيئة فى إدراج الأراضى الخاصة فى مناطق توشكى والأمل وأخميم وشرق العوينات للتحقق من خلوها من التعديات أو الإشغالات فى تاريخ يونيو 2013، فضلاً عن عدم تفعيل القرارات الجمهورية الخاصة بها، والتى يرجع تاريخ صدورها إلى أعوام 1979 و2000، 2006، حيث كان لا بد أن تلتزم الهيئة بتنفيذ جرد فعلى لهذه المساحة من أجل التحقق من صحتها وعدم وجود أى إشغالات أو تعديات عليها، إضافة إلى تحويل قيمة رأس مال هذه المدن إلى أجهزة المدن المشرف عليه كل فيما يخصه وتفعيل القرارات الجمهورية الخاصة بإنشاء هذه المدن، كما لم يتم الأخذ فى الاعتبار حساب إهلاك لبعض المبانى والإنشاءات بجهاز مدينة 6 أكتوبر رغم أنها تستهلك بواقع 2% سنويًا على مدار 50 عامًا. كما شمل الإنفاق الاستثمارى فى الميزانية السابقة حوالى 369 مليون جنيه هى عبارة عن دفعات تم صرفها منذ سنوات دون تسويتها تخص مشروعات البنية الأساسية فى مدن الهيئة، وكان من اللازم اتخاذ قرارات لبدء تنفيذ تلك المشروعات طبقًا لأحكام القانون رقم 89 لسنة 98 ولائحته التنفيذية. ولم يتم موافاة الجهاز بالقوائم المالية لبعض الشركات المستثمر فيها من قبل «هيئة المجتمعات العمرانية» مبالغ قدرها 34.5 مليون جنيه فى العام الماضى، وحتى الآن لم يتم التحقق من صحة قيمة الاستثمارات الخاصة بها والواردة بالميزانية ونتائج الأعمال فى 30/ 6 /2013. وعلى الرغم من المخالفات الكثيرة السابقة، إلا أن الروتين والبيروقراطية فى الأجهزة الحكومية ما زال لهما نصيب الأسد فى الأجهزة المختلفة، فقد رصد التقرير أن الهيئة أرسلت عدة مطالبات لوزارة «الإسكان» للوفاء بالأقساط المستحقة عليها، والتى كان آخرها فى 30/6/2012 إلا أنه لم يتم السداد، وظهر رصيد حساب القروض لجهات أخرى بديوان عام الهيئة ب 1.5 مليار جنيه، يتمثل فى باقى قيمة القروض السابق منحها لوزارة المالية من الهيئة للصرف على مشروعات الطرق والصرف الصحى، والتى تلتزم الوزارة بسدادها طبقًا للبروتوكولات المبرمة معها، حيث تم تشكيل لجنة تجمع الهيئة ووزارة المالية لبحث وإنهاء المديونيات بين الهيئة ووزارة المالية بالقرار رقم 368 لعام 2013 ولم يتم إنجاز أى أعمال حتى الآن ولم يصدر عنها أية توصيات. وذكر التقرير أيضًا أن «المجتمعات العمرانية» قامت بصرف نحو مليار جنيه إلى الجهاز التنفيذى لمياه الشرب بدون مستندات، واكتفت الهيئة بخطاب موجه من الجهاز التنفيذى بضرورة الصرف لحين ورود المستخلصات وإجراء التسوية مما يتعذر مع ذلك إحكام الرقابة على أعمال الصرف، كما تم ملاحظة العديد من الأخطاء والعيوب الفنية خلال تنفيذ مشروع محطة رفع الصرف الصحى بمدينة العبور المسندة للشركة العربية للإنشاء والتعمير بقيمة إجمالية نحو 19مليون جنيه، والتى بلغت تكلفتها حوالى 35 مليون جنيه بزيادة قدرها نحو 16.27 مليون جنيه، كما تم إعادة إسناد استكمال العملية لشركة المقاولات المصرية «مختار إبراهيم» بتكلفة استثمارية 20 مليون جنيه، وبذلك يكون كل ما تم هدره يزيد عن 36 مليون جنيه بأكثر من 190% من التكلفة الأساسية للمشروع.