-الطيار حليم يوسف أسره الجيش الإسرائيلى.. ووجدوا فى جيبه «مصحفًا» وهو يرتدى الصليب! كان للمقاتلين المصريين الأقباط فى حرب أكتوبر 1973 بطولات أصبحت حديث الناس آنذاك، فى مجال الفخر بجنود مصر - مسلمين ومسيحيين - معًا. ففى 6 أكتوبر، عبر اللواء أركان حرب شفيق مترى سدراك إلى سيناء، وكان يعلم أنه ذاهب ليتمركز فوق الأرض الأسيرة بعد تحريرها، ولكنه جاد بروحه يوم 9 أكتوبر 1973 وهو يقاتل مع رجاله داخل عمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلومترًا فى سيناء، وكان يتقدم قواته بمسافة كيلومتر، وهى مسافة متميزة فى لغة الميدان والحروب. ويعتبر اللواء «سدراك» هو أول شهيد من رتبة عسكرية كبيرة، وأول بطل كَرّم اسمه الرئيس الراحل أنور السادات فى الجلسة التاريخية لمجلس الشعب صباح 19 فبراير 1974م إكبارًا وتكريمًا لسيرته العسكرية وكفاءته القتالية واستشهاده فداء لمصر. وصاحب فكرة تدمير خط «بارليف» هو اللواء القبطى المهندس باقى زكى الذى اخترع مدفعًا مائيًا بالغ القوة استخدمه سلاح المهندسين بالقوات المسلحة فى تحطيم هذا الخط الدفاعى الذى أفتى الخبراء العسكريون الروس بأنه يحتاج إلى قنبلة نووية لكى يتم تدميره! ومن المعلوم أن أكبر نصر حققه الجيش المصرى هو انتصار لواء المشاة الذى كان يقوده الفريق فؤاد عزيز غالى، حيث تمكن اللواء من تحطيم كل الدشم الإسرائيلية والتوغل داخل سيناء فى الجيش الثانى والاحتفاظ بمواقعه الحصينة حتى نهاية الحرب. ويعتبر اللواء صليب منير بشارة أحد أبرز المخططين لحرب أكتوبر، فقد عُيِّن رئيسًا لهيئة البحوث العسكرية فى مايو 1971، وخلال الفترة من 1971 إلى 1973 قامت الهيئة بنشر العديد من البحوث العسكرية التى كانت مرجعًا مهمًا للذين خططوا للعبور، واشتملت هذه الأبحاث على جميع التفصيلات للعملية الهجومية لاقتحام «قناة السويس»، وعلى قمة هذه النشرات تأتى النشرة رقم (41) عن عبور واقتحام الموانع المائية التى صاغتها لجنة شكلتها هيئة البحوث العسكرية بقيادة اللواء أركان حرب «صليب» مع خيرة الضباط. وهناك بطل آخر هو العميد ميخائيل سند ميخائيل، الذى كان ضمن قوات الردع الصاروخى، وأثناء «الثغرة» فى 16 أكتوبر، كان مسئولًا عن سحب الصواريخ الموجودة على الناقلات إلى المنطقة الخلفية ب«القصاصين» حيث تم تدمير العديد من قوات العدو المهاجمة. أما اللواء فكرى بباوى، فقد أصيب إصابة بالغة، فهرع إليه زملاؤه المسلمون ومنهم محمد مصيلحى» وزكريا عامر، ورفضوا أن يتركوه فريسة للموت، وأصروا على أن يحملوه ويسيروا به وسط قصف الطائرات مضحين بأنفسهم من أجله، وحملوه لمسافة ثلاثة كيلو مترات حتى وصلوا به إلى موقع الإسعاف. وكان الفريق عزيز غالى قائد الفرقة (18) التى حرَّرت مدينة «القنطرة شرق»، ودمَّرت أقوى حصون خط بارليف، وهو الخط المدرَّع الإسرائيلى (190)، وكان الرجل وقتها برتبة عميد ومسئولًا عن تأمين منطقة شرق القناة من «القنطرة» إلى «بورسعيد» فى مواجهة الهجمات المضادة الإسرائيلية، وفى 12 ديسمبر 1973 تم تعيينه قائدًا للجيش الثانى للميدان ومُنح رتبة «لواء»، كما ساهم فى تدمير قوات العدو فى ثغرة «الدفرسوار». واللواء طيار أركان حرب مدحت لبيب صادق هو صاحب لقب أفضل «قائد قاعدة جوية» على مستوى القوات المسلحة، وكان يوم السادس من أكتوبر ضمن تشكيل مكوَّن من أربع طائرات «ميج 21» التى كانت فى ذلك الوقت هى العمود الفقرى للقوات الجوية المصرية. وأما اللواء طيار حلمى رياض حلمى فتم ترقيته استثنائيًا فى عام 1968 بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر، وأصبح رئيس التدريب الجوى، والمسئول الأول عن إعداد القوات الجوية والطيارين للحرب بصفته رئيس التدريب، وكان يضع الخطط وينفذها على مستوى القوات الجوية كلها، ويعرف كل الطيارين بالاسم واحدًا واحدًا، وقال له السادات يوم نجاح الضربة الجوية «دا مجهودك يا رياض». وننتقل إلى بطل آخر من أبطال مصر فى حرب أكتوبر، وهو الطيار المقاتل حليم يوسف حليم، دفعة 18 طيران، وهو قائد هيليكوبتر وقع فى الأسر، وعند استجوابه وجدوا فى جيبه مصحفا وهو يرتدى الصليب، وعندما سئل: هل أنت مسلم أم مسيحى؟ فأجاب «أنا مصرى». والنقيب احتياط إكرام لبيب، ابن الإسكندرية، هو أحد ضباط الجيش الذين شاركوا فى صناعة نصر أكتوبر، وهو شقيق الفنان لطفى لبيب، وكان حينها برتبة رائد احتياطى وتمركز خلال الحرب فى منطقة غرب القناة، فى حين كان شقيقه «لطفى» يحارب ضمن الجيش الثالث فى داخل سيناء. ويحكى «إكرام» أنه كان ضمن الأسرى الذين ألقت القوات الإسرائيلية القبض عليهم بعد وقف إطلاق النار يوم 24 أكتوبر، حيث كان يعانى من حالة نفسية سيئة وقتها ليس لأسره فقط، ولكن لظنه أن شقيقه «لطفى» قُتل فى الحرب حتى علم بعد إطلاق سراحه أن شقيقه كان ضمن الجنود المحاصرين فى الضفة الشرقية. وننتقل إلى الشهيد رقيب أول ميخائيل ناشد ميخائيل من ابطال اللواء 117 مشاة الفرقة الثانية الجيش الثانى الميدانى، الذى حصل على «نوط الشجاعة» عن دوره فى حربى اليمن و67 من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وخلال حرب أكتوبر، وضع «ميخائيل» جسده أمام مدفع إسرائيلى مضاد للطائرات فشل زملاؤه من المقاتلين المصريين فى تدميره، فسال دمه داخل المدفع فأسكت طلقاته، لكن قلب البطل سكت أيضًا إلى الأبد وصار فى عداد الشهداء. وأثناء الحرب، اكتشف النقيب عصمت حمادة، أحد ضباط اللواء 25 مدرع مستقل بقيادة العقيد الشهيد أحمد بدوى، أن من بين جنوده جنديًا قبطيًا اسمه «إسحاق» عمره 14 عامًا فقط، حيث تم تجنيده على سبيل الخطأ، فقد أنجب أبوه ابنًا أسماه «إسحاق» لكنه توفى فى المهد، ولم يقم الأب بالإجراءات الرسمية عند وفاته، وبعد بضع سنوات أنجب ابنًا آخر سماه «إسحاق» أيضا، ولدى وصول أمر الاستدعاء للتجنيد باسم الابن البكر المتوفى، تصرف الأب برعونة وأرسل الابن الصغير إلى التجنيد، ثم قامت الحرب ولم تحن الفرصة لإصلاح هذا الخطأ. وأمام الأمر الواقع قام النقيب عصمت حمادة بالتركيز على تدريب «إسحاق» خاصة أنه وجده رجلًا فى تصرفاته فأشركه فى القتال كمُعمِّر للدبابة ونفذ المهمة بشجاعة فائقة كأفضل الرجال. وشارك اللواء طيار أركان حرب وصفى بشارة قلينى من الدفعة 16 طيران مقاتل ميج 21، فى حرب الاستنزاف، ونجح فى إسقاط طائرة «فانتوم» معادية، كما شارك فى حرب أكتوبر ضمن السرب 49 قتال، وهو شقيق العميد دفاع جوى مجدى بشارة قلينى بطل معركة «الجزيرة الخضراء» فى هذه الحرب المجيدة. ولم تغب الكنيسة عن أحداث مصر الخالدة فى هذه الفترة يومًا، بل كانت فى مقدمة الصفوف وقت الشدة، حيث زار الراحل الكبير قداسة البابا شنودة الثالث الجبهة أكثر من مرة قبل الحرب المجيدة، ودعمت الكنيسة جيشنا فى الحرب بالدعم الروحى والمعنوى والمادى من أدوية ومهمات.