يشهد شهر رمضان الكريم عرض عدد كبير من المسلسلات اللبنانية لكبار النجوم، تتنوع عناصرها من حيث الإنتاج و التأليف و الإخراج أو من حيث فريق الفنانين المصرى اللبنانى، ولعل أبرز تلك الأعمال مسلسلى «اتهام» لميريام فارس، و «كلام على ورق» لهيفاء وهبى. مسلسل «اتهام» معظم عناصره والقائمين عليه لبنانيون، بداية من بطلته ميريام فارس ومعظم فريق التمثيل بالإضافة لمؤلفته كلوديا مارشيليان وانتهاء بمخرجه فيليب أسمر، أما بالنسبة لمسلسل «كلام على ورق» للنجمة اللبنانية هيفاء وهبى فمعظم عناصر العمل به من المصريين من بينهم المخرج محمد سامى وورشة كتابة السيناريو والقائمين على الإنتاج بالإضافة لمشاركة عدد من الفنانين اللبنانيين. لكن هناك وجهًا آخر للتشابه بين المسلسلين يكمن فى بداية العملين، حيث ارتكز كلا العملين من البداية على محور أساسى يحدد شكل السياق الدرامى للعمل الذى يسير عليه فى كل الحلقات القادمة. فمسلسل «كلام على ورق» بدأ بإلقاء القبض على هيفاء واتهامها فى جريمة قتل، وأثناء التحقيقات تبدأ فى سرد ماضيها وحياتها حتى وصولها إلى تلك الجريمة، وعن طريق الفلاش باك نعرف أن «حبيبة» - الشخصية التى تجسدها هيفاء - فتاة لبنانية كانت تعمل «خياطة» فى لبنان، ثم تعرفت على إحدى الفتيات اللبنانيات التى تقنعها بأنها ستساعدها فى إيجاد وظيفة أفضل تحسن بها مستوى معيشتها، وهنا تأخذها لتعرفها على حسين الإمام أو «دودى» المصرى الذى يعيش فى لبنان ويمتلك «ملهى ليلى» وهو ومجموعة من المصريين، يدير من خلاله أكبر شبكة دعارة فى لبنان، لتقع حبيبة فى يده ويخلق منها أفضل عاهرة لديه و أغلاهم ليقدمها لزبائنه المميزين. أما فى مسلسل «اتهام» فعندما يسيطر الفقر على مجموعة من الأسر فى الضيعة بلبنان يحاول الأهالى إيجاد عمل لأبنائهم، سواء الفتيات أو الشبان، فالكل يسعى من أجل جلب لقمة العيش الحلال، وأثناء بحث الأهالى يقومون بتوقيع بعض عقود العمل لفتياتهم مع سيدة لبنانية لصالح إحدى المؤسسات المصرية الكبرى، معتقدين أن العمل سيكون فى مجال السكرتارية والعلاقات العامة فى الشركات وما إلى ذلك. ويأتى يوم سفر مجموعة من الفتيات اللبنانيات إلى مصر لاستلام عملهن، وفى المطار يلتقون بمن يأخذهن إلى أحد قصور القاهرة حيث يتم حجزهن و الاستيلاء على جوازات السفر الخاصة بهن. تقع الفتيات فى حيرة حول هذه التعبيرات المريبة، إلى أن يتم مصارحتهن بأن العمل الذى ينتظرهن فى هذه المؤسسة الكبيرة هو الدعارة، وهو ما ترفضه البنات بشكل قاطع. من هنا نجد أن محور مهم فى كلا العملين هو تصوير المصريين بشكل غير لائق على أنهم القوادون وأصحاب شبكات دعارة، وكأن مصر لا يوجد بها سوى تلك المهنة، فى حين أن اللبنانيات دائمًا مغرر بهن بسبب جمالهن. سألنا الناقد طارق الشناوى حول هذه النقطة، فقال إننا لا يجب أن نعتبر كون المسلسلين لبطلتين لبنانيتين والقوادين مصريين أمرًا مقصودًا، لكن من البديهى أن هناك شبكات دعارة فى كل مجتمع، وهناك قوادون كثر فى كل المجتمعات، معتبرًا أن المشكلة هنا ليست فى وجود تلك الحكايات، ولكن فى التركيز عليها بشكل كبير و المبالغة فى تقديمها من حيث كمية المشاهد، فهى ليست مجرد مثال يضرب داخل الحبكة الدرمية وينتهى، بل هى المحور الأساسى الذى يرتكز عليه العمل الدرامى، وهنا يعتبرها الشناوى مبالغة غير مطلوبة. بينما تقول الناقدة خيرية البشلاوى إن بعض الأعمال ما هى إلا حدوتة حلوة يحضرون معها بنتًا جميلة مع شغل دعارة وفتيات ليل فيصبح هذا مسلسلًا. وقالت إن هذه النوعية من الأعمال هى مجرد ابتذال وانحطاط أخلاقى، ليأتى فى النهاية صناع العمل يقولون «إحنا نجحنا».. فما هى قيمة هذا النجاح الذى يعتمد فقط على الجسد و الألفاظ، على حد قولها. أما الناقدة ماجدة موريس فاعتبرت أن مع ارتفاع سقف الحريات بدأ المؤلفون يتناولون مسألة بيع الجسد بتوسع، وبدأت قصص و سيناريوهات تتسرب من الرقابة بكل سهولة، لكنها ختمت بأن هدف المسلسل هو الحاكم الأساسى عليه، فهل ما يقدمه من أفكار مقدم فقط للدعاية الرخيصة أم أنه مقدم فى إطار قضية؟
وردا على تلك الاتهامات قال أحمد شوقى مؤلف مسلسل إن فكرة التزاحم فى المسلسل بين أشكال » كلام على ورق « الفساد والجنس لا تعبر عن عالم واقعى، والدراما قائمة على » الدعارة « فكرة الاختلاف والموضوع الأساسى فى العمل ليس ولكنها الخطيئة، وكلما كانت الشخصية غريبة وعليها اختلاف التى » القواد « كلما تولدت منها دراما أكثر مثل شخصية يجسدها الراحل حسين الإمام فى المسلسل. ونحن فى المسلسل لا نشوه لا المجتمع المصرى ولا المجتمع اللبنانى، فالمسلسل إنتاج وإخراج وورشة كتابة وفنانين مصريين فكيف إذن نشوه المجتمع المصرى؟ هذا بالإضافة إلى أن العمل كان لابد أن يجمع بين عدد من الفنانين المصريين واللبنانيين كونه تم تصويره بالكامل فى لبنان. وأضاف شوقى أن قصة العمل وخطوطه العريضة كانت لدى المخرج محمد سامى مع مجموعة أخرى من الأفكار حتى تم الاستقرار على هذه الفكرة وتمت صياغتها.