-أيمن نور يعلن عن الكيان الجديد.. ووثيقة بروكسل هى مرجعية التحالف.. ويضم أحزاب «غد الثورة والإصلاح والنهضة والحضارة » «3 يوليو سنعلن عن أكبر تحالف فى تاريخ مصر».. بهذه الكلمات التى خرجت من أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، ومن بعده القيادى الإخوانى باسم خفاجى، بدا أن هناك مخططات جديدة لجماعة الإخوان تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء فى مصر. التقطنا الخيط، وسرنا وراءه لنرصد كواليس هذا التحالف ونتحقق منها والهدف من ورائها، هل هى الانتخابات البرلمانية والمحليات كما أشيع؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يستعين بعضو الكنيست الإسرائيلى السابق عزمى بشارة كمستشار سياسى. وبالحديث مع أكثر من مصدر مطلع على تنظيم الإخوان العالمى، رصدنا تحركات للقياديين بالجماعة باسم خفاجى ومحمود حسين، بهدف تأسيس تحالف «التجمع المصرى» للحفاظ على «مصر الشرعية» - حسب وصفهم. انبثق هذا التحالف الذى يضم حتى الآن أكثر من 15حزبًا وكيانًا سياسيًا وجماعة إسلامية، من وثيقة بروكسل التى أعلن عنها قبل فترة، من أجل التفاوض مع الرئيس القادم. وعندما فشلوا فى إيصال الرسالة ظهرت فكرة تأسيس تحالف «التجمع المصرى».
تشكيل التجمع
باسم خفاجى ومحمود حسين وجمعة أمين ومحمد طه وهدان، هم قيادات الظل التى تُحرك التحالف من خلف ستار للسيطرة على البرلمان المقبل والمحليات، حتى لا يقال إن الإخوان يشاركون فى برلمان «الانقلاب»- على حد قولهم، ويعاونهم أيمن نور الذى أسهم بشكل كبير فى لم شمل 15 حزبًا وضمها داخل تحالف انتخابى واحد، وتلك الأحزاب هى: غد الثورة، الإصلاح، النهضة والحضارة، الحياة، الاتحاد العربى، الخضر، الجبهة الديمقراطى، الإصلاح، التنمية، المواطن المصرى، النصر، التكافل، الجيل الديمقراطى، التحرير المصرى، الاتحاد. ولم تنس جماعة الإخوان إقامة تحالفات أخرى مع القوى الثورية ليتم ضمها فيما بعد داخل التجمع المصرى، وهى حركات 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين وحركتهم الجديدة «ضدك»، التى تعترض على خوض السيسى الانتخابات الرئاسية. تأتى هذه المعلومات الأولية فى ضوء التصريحات التى حصلت عليها «الصباح» من قيادى إخوانى منشق- رفض ذكر اسمه-، والذى أكد أن هناك «لوبى إخوانى» جرى تشكيله على مدار الشهور الخمسة الماضية بعد أن تبينت الرؤية لدى الجماعة حول ترشح السيسى ومدى الشعبية الجارفة التى يتمتع بها، وسط تخوفات الجماعة من الملاحقات الأمنية وانحسار النفوذ فى الشارع المصرى، وتابع القيادى المنشق «الجماعة لا تستطيع أن تعلن لشبابها والعالم فى الوقت الراهن بأنها ستشارك فى الانتخابات البرلمانية فجاءت الفكرة إليهم بعمل تحالف يعمل على محورين».
أهداف التجمع
بسؤال المصدر عن المحورين وكذلك الهدف الأساسى من وراء هذا التحالف، أجاب: «المحور الأول هو العمل الدولى والضغط على الحكومات الغربية ويقود هذا الفريق مجلس يضم كلاً من الدكتورة مها عزام، منسق عام «مصريين من أجل الديمقراطية»، والتى خرجت فى مظاهرات فى شوارع لندن من أجل الإخوان، وهى باحثة فى مجال الإسلام السياسى، والنائب السابق بالكنيست الإسرائيلى عزمى بشارة كمستشار سياسى، وعزام التميمى، الإعلامى الإخوانى ومؤسس قناة الحوار، إضافة إلى مجموعة من الصحفيين الأجانب من جنسيات مختلفة ليبدو الأمر وكأن قضية الإخوان باتت عالمية تشغل بال كل الأمم، ويعمل هذا المجلس تحت رئاسة أمين عام الجماعة محمود حسين الذى ضم مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدنى وجمعيات حقوق الإنسان الغربية لتعاونهم، أما المحور الثانى وهو المختص فى الشأن المحلى المصرى ويتزعمه أيمن نور ويعاونه قيادات الصف الثانى ورؤساء المكاتب الإدارية أو من هم أهل ثقة لدى التنظيم، وسيكون هناك جهاز إدارى مشكل من الفريقين ورؤساء الأحزاب ال15 لعقد اجتماعات دورية داخل وخارج مصر لبحث سبل التصعيد تارة وإمكانية دخول البرلمان المصرى تارة أخرى، حتى يكون هناك صوت مساعد للتحركات الخارجية التى يقوم بها الفريق الأول». فى هذا السياق، يؤكد هشام قاسم، نائب رئيس حزب الغد السابق، والمقرب من أيمن نور أن التحالف الجديد ما هو إلا وسيلة لحفظ ماء الوجه بعد أن وضع أيمن نفسه فى خندق خطأ مع جماعة الإخوان المسلمين ومن يعاونهم، وتابع قاسم تصريحاته «التجمع المصرى أو تحالف الأحزاب ال15 أو أيًا كان اسمه»، لن يشغل بال السياسيين المصريين مهما فعل؛ لأن الرهان من البداية على الإخوان كان خطأ كبيرًا؛ لأنه خرج عن المسار السياسى. وأرى أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من هذه التحالفات والتجمعات بين نور والإخوان». على الجانب الآخر، أكد القيادى الإخوانى المنشق محمود الوردانى فى تصريحات خاصة ل «الصباح» أن تحركات محمود حسين الأخيرة وعقد اجتماعات فى الأردن والسودان وقطر واليمن وتركيا علاوة على أماكن أخرى لم يعلن عنها حتى الآن، يدل على أن الجماعة بصدد تأسيس كيان جديد وأن الاجتماعات كانت بهدف الحصول على مباركة قيادات التنظيم الدولى، حيث أشيع وقتها أن حسين يسعى إلى تشكيل لجنة ثلاثية تضم رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشى، وأمين عام التنظيم الدولى إبراهيم منير، ورجل الأعمال يوسف ندا، ليديروا التنظيم الدولى وعقد الاجتماعات. إلا أنه يبدو أن الصورة اتضحت فى النهاية، فالهدف لم يكن عمل لجنة ثلاثية وإنما استكمال تشكيل الكيان الجديد. وما نمى إلى علمنا فى الفترة الأخيرة أن الخلاف حول الكيان كان بخصوص الاستعانة بعزمى بشارة، عضو الكنيست الإسرائيلى السابق، كمستشار سياسى، كون الأخير هاجم الإخوان كثيرًا، ولكن بعد عزل الرئيس تعاطف معهم وعرض عليهم خدماته ليخرجوا من الأزمة الراهنة».
وبسؤال الوردانى حول شخصيات تحالف «التجمع المصرى»، أجاب «باسم خفاجى معروف أنه إخوانى، واختيار هذا الشخص لهذه المهمة يعنى أن هناك أهدافًا غير معلنة، فالتنظيم يسعى من خلال التحالف إلى إلزام الحكومة والرئيس القادم تنفيذ الوصايا العشر التى وردت بوثيقة بروكسل، ومنها التعددية والمشاركة فى الحياة السياسية دون إقصاء وعودة الجيش إلى ثكناته، وهذا كلام فارغ، فالهدف غير المعلن من «التجمع المصرى»، والتحالف الجديد الذى أعلن عنه أيمن نور وباسم خفاجى هو توريط أحزاب وحركات سياسية وائتلافات فى معارك سياسية مع النظام قد تتطور لتصل إلى حد الاشتباكات الدموية، فالاستعانة بعضو كنيست إسرائيلى سابق وخبيرة حركات إسلامية لا أجد له مبررًا سوى أن التنظيم يسعى إلى تطوير معركته ليكون هناك ضحايا عنف داخل كل بيت فى مصر بضم مزيد من الأحزاب». فى سياق متصل، يرى القيادى بحزب التجمع نبيل زكى، أن وجود تحالف بين أيمن نور وجماعة الإخوان بالتنسيق مع أسماء معروف عنها عداؤها الشديد لمصر تحت مسمى «التجمع المصرى»، ما هى إلا تهديدات جوفاء من جماعة فقدت شعبيتها لمتاجرتها بالدين على مدار ثمانين عامًا، وبعد علمهم علم اليقين أن خارطة الطريق ماضية ولم تتأثر بالأعمال الإرهابية التى يقف وراءها التنظيم ومن يعاونهم من جماعات مسلحة. وتابع قائلاً: إن «أيمن نور لا قيمة له حتى أعلق على تصريحاته حول تدشين تحالف جديد، فما هى إلا محاولة يائسة وفاشلة، وضم عضو كنيست إسرائيلى سابق داخل هذا التحالف المشبوه هو خيانة جديدة تسجل لجماعة مجرمة تبيع الوطن، فالشعب يرى أن الإخوان جزء من ماض كريه، وستمر الانتخابات الرئاسية بسلام ومن بعدها الانتخابات البرلمانية».
تحركات التحالف
على النقيض من ذلك، يقول ناصف محمد، عضو «تحالف دعم الشرعية» ل «الصباح»: «نسعى من خلال التحالف الجديد إلى كسر الحصار المفروض على جماعة الإخوان والإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع الظلم عن آلاف الأسر التى تشردت بعد القبض على عائلها الوحيد» على حد قوله، موضحًا أن التحرك على المستويين الدولى والمحلى له خطوات بدأت من ثلاثة أشهر منذ بداية الحديث حول تأسيس «التجمع المصرى» وضمه أطيافًا وألوانًا سياسية مختلفة وستكتمل تلك الجهود بعد ستة أشهر». وأضاف أنه «بعد إعلان التحالف بشكل رسمى سيكون هناك تحرك على ثلاثة مستويات، الأول من خلال تحالف دعم الشرعية، والثانى من خلال الوثائق المحلية والدولية، أما التحرك الثالث فهو من خلال المظاهرات السلمية التى سنقوم بها بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية». على صعيد التحركات السرية للتحالف الإخوانى الجديد، تظهر مؤشرات على اتخاذ هذا التحالف خطوات تصعيدية تبدأ من الخارج عن طريق صفقات تعقدها الجماعة مع منظمات غربية تجمع معلومات عن مصر وعن أمنها القومى، وهو الأمر الذى أكده مصدر أمنى موضحًا «بعض الأجهزة الأمنية العالمية استغلت وضع جماعة الإخوان وقامت بتجنيدهم لجمع المعلومات، وتحالف «التجمع المصرى» ما هو إلا أكبر بيت جواسيس فى العالم، وهو سيسعى خلال المرحلة المقبلة إلى اختراق مؤسسات الدولة التشريعية عن طريق التحالفات الحزبية التى يدشنها أيمن نور وأمثاله، دون أن يعلم أنه يُسكن جواسيس داخل الدولة». ويرى الخبير فى الحركات الإسلامية عبدالله عارف أن تشكيل مثل هذا التحالف فى الوقت الراهن يمثل خطورة على الانتخابات الرئاسية، خاصة أنه يضم فى عضويته صحفيين أجانب لهم أقلام ذات تأثير فى الرأى العام العالمى، أمثال مها عزام، وهو الأمر الذى قد يحول بين الرئيس القادم وبين التفاهم مع دول وقوى غربية بسبب تعاطفها مع الجماعة. وتابع عارف قائلاً إن «الإخوان استفادت من أحداث رابعة العدوية، فالتنظيم الذى ملأ الكون صراخًا لما ادعى أنه تعرض له من ظلم واضطهاد بعد فض اعتصامىّ رابعة العدوية والنهضة، ثم عاد ليشكل تحالفًا باسم جديد ليبدو الأمر فى نهاية المطاف، وكأن العالم ينتفض من أجل الإخوان، فالتعددية فى المسميات من سمات تنظيم الإخوان الإرهابى للتضخيم فقط». الأحزاب التى ذكرت كأعضاء فى التحالف الإخوانى، رفضت التعليق على الأمر، معللة ذلك بأنه ليس الوقت المناسب للحديث عن الانتخابات البرلمانية والتحالفات الحزبية، فى حين أقر مصدر مقرب من الهيئة العليا لحزب غد الثورة بوجود اتصالات بالفعل بين الحزب والأحزاب التى ذكرها أيمن نور فى تصريحاته الإعلامية. إلا أن المصدر لم يحدد طبيعة الاتصالات وما إذا كانت اجتماعات تحضيرية أم مجرد اتصالات هاتفية.
من جانبه، علق ناجى الشهابى، البرلمانى السابق ورئيس حزب الجيل قائلاً: «لا يوجد تحالف بالمعنى المتعارف عليه، بل هو تنسيق نسعى من خلاله إلى خدمة المواطن البسيط والتعبير عنه وهدفه المشاركة فى القرارات السياسية وليس القوائم الانتخابية، وهى مجموعة الأحزاب التى كانت قد تشكلت بعد الثورة لتوحيد الصفوف. وحتى الآن لم ندخل فى أى تحالفات انتخابية، ونحن حاليًا بصدد دراسة عدد من التحالفات أهمها جبهة الإنقاذ الوطنى والتحالف الوسط».