- ملف «سرى للغاية» قدمه السفير السعودى للمخابرات البريطانية يغيّر رأى لندن فى الجماعة - اسكتلانديارد تجبر قيادات التنظيم على المبيت فى فنادق لندن بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها - التحفظ على أجهزة كمبيوتر ووثائق مالية ضبطت أثناء تفتيش منازل إبراهيم منير وجمعة أمين فى لندن من قلب عاصمة الضباب «لندن» يشهد فصل الربيع خريف الحلم الإخوانى ب«إعادة إحياء النظام» من بريطانيا، حيث كشف مصدر سياسى مسئول فى لندن ل«الصباح» عن مفاجأة كبيرة، وهى أن الجهود الدبلوماسية المصرية- السعودية نجحت فى تحويل الموقف الإنجليزى المتعاطف مع الإخوان بعد الكشف عن وجود تهديد مباشر للمصالح الإنجليزية فى الشرق الأوسط، مما جعل التنظيم الدولى يلجأ إلى البحث عن مخبأ جديد لقيادات الصف الأول. فبعد أن اجتمعت الدول الخليجية على رفض الدعم القطرى المباشر لجماعة الإخوان، ومارست السعودية والإمارات والكويت والبحرين ضغوطًا لطرد الإخوان منها، بدأت رحلة تضييق الخناق على مصادر التمويل والدعم الرئيسية فى بريطانيا حيث الدعم اللانهائى لقيادات الإخوان. فيما كشفت مصادر خاصة أن سفير السعودية لدى بريطانيا لعب دورًا كبيرًا فى فضح الجماعة، وحمل للمخابرات البريطانية ملفًا مصنفًا على أنه «سرى للغاية»، تضمن تفاصيل غيرت رأى لندن فى مصالحها التى ستهدد بحمايتها للتنظيم الدولى. ويؤكد مصدر سياسى مصرى فى لندن - طلب عدم ذكر اسمه - أن غالبية قيادات الإخوان و«الجماعة الإسلامية» الهاربين فى الدوحة رفضوا اقتراح قطر بتسهيل سفرهم إلى لندن وحصولهم على حق اللجوء السياسى هناك بعد التطورات الجديدة التى شهدها الموقف الأوروبى والبريطانى خاصة، وهو الموقف الذى ظهر فى تصريحات البارونة كاترين آشتون، الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبى، خلال زيارتها للقاهرة مؤخرًا، والتى التقت خلالها كلًا من الرئيس عدلى منصور والمشير عبدالفتاح السيسى، وأظهرت وقتها مرونة أكثر فى مساندة المسار الحالى ل«خريطة الطريق». وأضاف المصدر أنه «رغم أن قطر تعهدت باستمرار رعاية قيادات الإخوان ماليًا وتوفير مساكن لإقامتهم وشركة أمن لحمايتهم بعد أن حصلت الدوحة على تأكيدات من مكاتب محاماة بريطانية لتنفيذ هذا المقترح، إلا أن قيادات التنظيم رفضوا ذلك». المساعى القطرية شملت عددًا من «مطاريد الجماعة» مثل عاصم عبدالماجد القيادى ب«الجماعة الإسلامية» وطارق الزمر رئيس حزب «البناء والتنمية» بعد أن أجرت قطر اتصالات ووقعت اتفاقًا مبدئيًا مع مكتب «إيرفين شانا فى» القانونى فى لندن والمختص بقضايا الهجرة وحقوق الإنسان على أن يتم منح هؤلاء جوازات سفر قطرية. المصدر نفسه أوضح أن 9 من أعضاء الجماعة يقيمون الآن فى الدوحة، وأن محاميًا بريطانيا من أصل هندى عرض أن يتم تسفير قادة «الجماعة الإسلامية» إلى إحدى الدول الآسيوية أو أمريكا اللاتينية حتى لا تتم ملاحقتهم أمنيًا بسهولة وإعادتهم لمصر لمحاكمتهم فى القضايا المتهمين فيها. ويشير المصدر إلى أن اختيار أمريكا اللاتينية مقرًا للجوء قيادات «الجماعة الإسلامية» والإخوان فى الوقت الحالى ليس محض صدفة، حيث قامت الجماعة بتحويل أموال كثيرة إلى بنوك الأرجنتين وبعض دول أمريكا اللاتينية، كما أن حسن مالك وحده يمتلك 8 منازل فى الأوروجواى، وفى حال حدوث أى أزمة ستنتقل قيادات الصف الأول فى الجماعة إليها. التنظيم الدولى للإخوان استطاع أن يبنى قاعدة كبيرة فى تلك الدول شرع فيها عام 1963 حيث تم إنشاء «اتحاد الطلبة المسلمين» من الخريجين من الإخوان هناك فى مؤتمرات ومخيمات الطلبة. ومن قلب العاصمة الإنجليزية، استمعت «الصباح» لآراء العرب من شارع إدوارد رود، شارع العرب فى لندن، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض للإخوان، لكنها اجتمعت على ضرورة احترام قوانين البلد التى يعيشون فيها. «فى لندن لا أحد فوق القانون، والمظاهرات بإخطار مسبق»، هكذا يؤكد «أحمد» شاب مصرى فى منتصف العشرينيات يعمل فى مقهى لبنانى. ويحدد القانون ساعتين للتظاهر بإخطار مسبق، قبل المظاهرة ب48 ساعة وفى ميدان محدد، هنا فى ماربل أرج، الوقت المحدد على الرصيف يقف عشرات من الإخوان، يحملون لافتات منددة بترشح المشير عبدالفتاح السيسى للانتخابات الرئاسية، رافعين شعارات «رابعة» و«عودة الشرعية»، لكن القلق على الوجوه أصبح باديًا. وقبل انتهاء المهلة بربع ساعة يجمع المتظاهرون لافتاتهم ويرحلون فى هدوء..لا وجود هنا لمولوتوف ولا خرطوش ولا «طرف ثالث». وفى المقابل أرسل اتحاد المصريين فى بريطانيا رسالة احتجاج قوية خلال مظاهرة أمام مكتب الإخوان فى لندن، لتسجيل الاعتراض الشعبى على سلسلة الاغتيالات التى استهدفت أفراد الجيش والشرطة مؤخرًا. وشارك العشرات فى المظاهرة التى نددت بممارسات الإخوان العنيفة فى مصر، والتحركات القطرية المكثفة لدعم التنظيم ضد إرادة الشعب المصرى. لكن المشاركىن فى المظاهرة تعرضوا لمضايقات من قبل بعض المتعاطفين مع تنظيم الإخوان من جنسيات عربية، وكاد الأمر يتطور إلى اشتباكات بين الجانبين، بعد أن رفع المؤيدون علامة «رابعة». ورفع المتظاهرون المناهضون للإخوان لافتات تندد ب«الإرهاب»، وتصف جماعة الإخوان ب «الجماعة الإرهابية»، إلى جانب صور السيسى، وهو ما أثار حفيظة أنصار الجماعة. التقينا مصطفى رجب رئيس الجالية المصرية فى لندن الذى قال: «شاركت فى مظاهرة حتى نوجه رسالة إلى الإخوان بعد الاعتداء المنظم ضد الشرطة والجيش، خاصة بعد بدأ الوجه الحقيقى لهذه الجماعة يظهر بالفعل أمام العالم بأسره، وهذا هو الدور الذى يجب علينا أن نقوم به، من خلال تنظيم مثل تلك الفعاليات حتى نتمكن من توضيح رأينا كجالية مصرية فى بريطانيا للعالم». ويضيف رجب، الذى شارك فى تنظيم المظاهرة، «نحن هنا لدحض الدعاية القطرية والإخوانية بأن ما يحدث فى مصر هو حرب على الإسلام، وأردنا فقط أن نقول للعالم إن هذا ليس صحيحا»، مؤكدا أن المنظمين لم يتواصلوا مع أية جهة «حرصًا منا على أن تكون المظاهرة مصرية خالصة، ونحن لا نتبع نفس سياسة الإخوان الذين يحرصون عادة على الاستعانة بجنسيات أجنبية كثيرة لدعم مظاهراتهم، وهو ما يعكس عدم انتمائهم لمصر وبعد قضيتهم عن الوطنية». وقدم المتظاهرون الشكر للدول التى قدمت الدعم لمصر، وعلى رأسها دول الخليج، وناشدوا الحكومة البريطانية لاتخاذ إجراءات تجاه ممارسات الإخوان وتحركاتهم فى بريطانيا. ومن جانبها، قالت ماجدة صقر، إحدى المشاركات فى تنظيم المظاهرة، «إن التنظيم لم ينته بعد، ومازال الإخوان يحاولون لعب دور فى مصر وفى دول عربية أخرى، معتمدين فى ذلك على هيكل تنظيمى قوى وتمويل قطرى غير منقطع». ولكن ماذا عن قيادات الإخوان الفارين من مصر إلى بريطانيا عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسى؟ المصريين المقيمين هنا يؤكدون أن أنشطة التنظيم انتقلت إلى لندن، التى تنشط فيها عناصر التنظيم الدولى، مستفيدين من كونها لم توقع مع مصر اتفاقية لتسليم المطلوبين، لا يعيشون فى عزلة مثل مصر لكنهم فى الوقت ذاته يلتزمون القانون الإنجليزى الصارم. وبدأ الموقف البريطانى فى التحول رسميًا، أولا بعدم مساندة صريحة، ثم إلى فتح تحقيق رسمى حول أنشطة الإخوان لإعادة تقييم الجماعة. اللورد تايلور هولبيش، وكيل وزير الداخلية البريطانية للشئون البرلمانية، أكد أن بريطانيا تقيّم الإخوان «حسب مسطرتها القانونية المحلية والنابعة من مصالحها، وليس استجابة لضغوط أو مصالح دولة أخرى»، لافتًا إلى أن الحكومة تحقّق فى ملف الإخوان فى بريطانيا بناء على التغيرات التى تحدث فى الشرق الأوسط والتى تنخرط فيها الجماعة. ويشير «هولبيش» إلى أن هذا التحقيق سيركز على تأثير الإخوان على الأمن الوطنى والمصالح البريطانية، وأيضًا على استقرار وازدهار منطقة الشرق الأوسط. كما شهد مجلس اللوردات، أعلى سلطة تشريعية فى بريطانيا، نقاشًا حادًا حول التحقيق الذى تجريه الحكومة البريطانية بخصوص أفكار وأنشطة جماعة الإخوان فى البلاد. وقالت مصادر خاصة ل«الصباح» إن الجدال احتدم فى مجلس اللوردات بسبب تلميحات البعض بأنّ هذا التحقيق، الذى يقوده سفير بريطانيا فى الرياض، هو لمصلحة السعودية. وكان بيان صادر عن المتحدث باسم رئاسة الوزراء فى لندن كشف أن رئيس الوزراء البريطانى، ديفيد كاميرون، أمر بإجراء مراجعة لفلسفة وأنشطة جماعة الإخوان بشكل عام، مشيرا إلى أن «المراجعة ستشمل نشاط الجماعة داخل بريطانيا، وتأثيرها على الأمن القومى البريطانى والسياسة الخارجية بما يشمل العلاقات المهمة مع دول فى الشرق الأوسط». وتأتى خطوة بريطانيا فى أعقاب تزايد الحملات عربيًا ودوليًا ضدّ ممارسات الإخوان، وتتزامن تلك الخطوة مع ما أعلن من أن عددًا كبيرًا من المواطنين الكنديين وقّعوا على عريضة قدّموها للبرلمان الكندى تطالب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا. ومن المنتظر أن تقوم الحكومة الكندية بالردّ رسميًا على هذه العريضة فى غضون شهر. ويشبّه أشرف الخولى، السفير المصرى لدى بريطانيا، جماعة الإخوان فى مصر ب النازية، موضحا ل«الصباح» أنه يعمل على إيصال رسالة سياسية للمسؤلين فى بريطانيا وهى أن أيديولوجية الإخوان سعت للهيمنة على المجتمع المصرى مثل النازية، إذ حاول «مرسى» بعد انتخابه رئيسًا، وخلال فترة حكمه لمدة عام جعل كل شىء يخضع لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين، مع أن الثقافة المصرية، ومنذ أكثر من 5000 عام هى مزيد من الأديان والحضارات والدين الإسلامى هو عنصر واحد من ملاح الشخصية المصرية. ويعتبر «الخولى» أن «جماعة الإخوان فى مصر مثل النازية التى طالبت بتغيير كل شىء، وتغيير الناس على طريقتها، كما أن موقف العسكرية المصرية ضدها لا يختلف عن رد فعل بريطانيا على أعمال الشغب فى لندن عام 2011، لكنها تحولت إلى دموية حين بدأت الجماعة بإطلاق النار على قوات الأمن».
فى سياق متصل، وفيما كشفت مصادر رفيعة المستوى أن بريطانيا طلبت من تونس استضافة قيادات التنظيم الدولى، كشفت مصادر دبلوماسية قيام شرطة «سكتلانديارد» البريطانية بتفتيش منازل قيادات التنظيم وعلى رأسهم إبراهيم منير وجمعة أمين، مما يعنى أن ضغوط المملكة السعودية نجحت فى تضييق الخناق على قيادات الجماعة فى لندن، وهى الخطوة التى اعتبرها مراقبون «تشريدًا» لعناصر التنظيم فى العاصمة الأوروبية التى تحتضن مقر التنظيم الدولى للإخوان. وأضافت المصادر، أن معظم أسر قيادات الإخوان باتوا ليلتهم فى أحد فنادق لندن، فيما طلبت السلطات هناك إخطارها بأية اجتماعات أو مؤتمرات يمكن أن تعقدها الجماعة خلال الفترة القادمة. كما طالبت السلطات الأمنية البريطانية، قيادات الإخوان بعدم عقد أى ندوات أو اجتماعات إلا بعد موافقة أمنية، محذرة بشكل شفهى من لقاء مسئولين دوليين قبل إبلاغها. وأكدت المصادر، أن بريطانيا تواجه ضغوطًا سعودية للتضييق على الإخوان، لافتة إلى أن السفارة السعودية فى لندن طلبت تأمينًا إضافيًا، بعد كشفها لنواب بالبرلمان الانجليزى عددًا من مخططات الإخوان المضبوطة فى السعودية، ونية الجماعة والتنظيم الدولى ارتكاب أعمال إرهابية داخل بريطانيا. وعلمت «الصباح»، أن بريطانيا طالبت تونس باستقبال قيادات الإخوان، وأن الدكتور يوسف القرضاوى سافر إلى تونس فى محاولة لإقناع الرئيس التونسى منصف المرزوقى بذلك، تمهيدًا لنقل مقر التنظيم الدولى إلى هناك. وبحسب المصادر، فإن بريطانيا باتت تتبع تحركات قيادات الصف الثانى من جماعة الإخوان، خاصة بعد قيامها باقتحام منازلهم ومصادرة أجهزة كمبيوتر وهواتف جوّالة وأجهزة إلكترونية مختلفة ووثائق مالية وأشرطة فيديو وصور كاميرات ومفاتيح عقارات، وهو ما تم بناء على قانون الإرهاب.