-المشير السيسى يحمل الكثيرمن صفات عبدالناصر.. والأطفال بحبونه وكأنه أحد أبطال الحواديت التى أحكيها -فاتن حمامة كانت زميلتى فى المدرسة الابتدائية.. وفى الثانوية كنت أجلس بجوار الملكة فريال - عرفت أم كلثوم من «قفاها» فردت عليّ مازحة: «بلاش انتِ يا بتاعة العيال».. ولم أبك على أمى مثلما بكيت يوم جنازت -سوزان مبارك أنقذتنى من العمل فى التليفزيون.. وكنت أنادى رئيس الوزراء «يا واد يا عاطف » -محمد عبدالوهاب طلب الزواج منى بعد أن أجبرته على غناء «ست الحبايب » للأطفال.. لكن أمى رفضت لأنه متزوج ولديه أبناء -اخترت اسم «أبلة » وليس «ماما فضيلة » لأن الأم لا تعوض.. فأنا أستطيع أن أكون أختاً كبيرة لكل الأطفال ساعتك مضبوطة؟.. إذن أنت على موعد ثابت صباح كل يوم فى العاشرة إلا عشر دقائق مع برنامج «غنوة وحدوتة» على أثير إذاعة البرنامج العام.. قد تتغير الدنيا وتتبدل أحوالها.. إلا هى.. تبقى «أبلة فضيلة» مكون ثابت فى الوجدان المصرى، كما كانت من سنوات بداية البرنامج التى قاربت من النصف قرن، بنبرات صوتها.. وطريقة إلقائها، وروعة حواديتها. لا يوجد جديد يمكن أن يقال عن تأثير «فضيلة توفيق» على أجيال وأجيال من المستمعين طوال عقود متتالية، ولا عن موهبتها الآسرة وأسلوبها الحنون، لكن الجديد هو أنها اليوم ستتحدث عن تجربتها الشخصية مع الحياة، وستندهشون جدا عندما تكتشفون أن حياة «أبلة فضيلة» كانت «حدوتة» هى الأخرى، تصلح لأن تحكيها لنا فى البرنامج، لأنها ممتعة ومشوقة ومليئة بالعبر. حتى الآن مازالت تذهب أيام الأحد والثلاثاء والخميس فى التاسعة صباحا ولمدة ساعتين أو ثلاث لتسجيل حلقات جديدة من البرنامج.. بخلاف ذلك تذهب لزيارة شقيقتها الصغرى الفنانة محسنة توفيق فى بيتها الذى لا يفصلها عنها سوى شوارع قليلة، وفى المساء تكون على موعد مقدس، وهو الاستماع لحفلات كوكب الشرق أم كلثوم سواء فى الراديو أو فى التليفزيون.. فى صالون بيتها.. كانت جلساتنا.. وبدأت تحكى وجاء الحكى متدفقاً فى نقاط متتابعة كما تنشره الصباح فى السياق التالى:
1- أبويا السيد توفيق عبدالعزيز كان حاصلا على ليسانس حقوق، وأمى تركية وفى طيبتها «ماشوفتش» كانت وصيفة السلطانة ملك زوجة السلطان حسين.. أنجبت 3 بنات وولدا.. أخويا الكبير على ثم أختى يسر ثم أنا وأصغرنا أختى الفنانة محسنة، عشنا فى الدور الثانى من عمارة الشبراويشى فى شارع الملكة نازلى «رمسيس حاليا». منذ الصغر كنت أحب الشعر والأدب وقراءة الكتب وكنت أستمع إلى الإذاعة.. خاصة حواديت بابا صادق.. وأبلة زوزو.. فكنت أجمع أطفال العمارة التى نسكن بها، ونجلس جميعا على السلم فى وقت ينام فيه الكبار بعد الغداء، وأظل أحكى لهم الحواديت.. شقيقى على كان صوته حلو جدا وبيحب يغنى أغانى محمد عبدالوهاب منها أغنية «بنك مصر» تحديدا، وكذلك أختى يسر التى تمتلك صوتا أوبراليا جعلها سوبرانو فى إيطاليا.. أما محسنة فمن يومها كانت تحب التمثيل، وفى نفس الوقت العمل النضالى، وهذا ما جعلها تعتقل فى الستينيات لمدة سنتين. اتعلمت فى مدرسة الأميرة فوقية الابتدائية.. ثم دخلت مدرسة الأميرة فريال الثانوية.. وقتها أبويا كان رافضا زواجى مبكرا حتى أكمل تعليمى، وفى الوقت اللى كنت أتمنى فيه أن ألتحق بكلية الآداب لدراسة الشعر والأدب لأنها تتوافق مع ميولى، أصر أبويا أن ألتحق بكلية الحقوق، على اعتبار أن من يلتحق بها وقتها سيكون حتما من وزراء المستقبل، ورغم اعتراضى، إلا أننى دخلت الكلية بناء على رغبة أبويا، وفعلا درست الحقوق، وأكثر ما لفت إعجابى بها وجود مادة الشريعة الإسلامية، لأنها قد دلتنى على فهم الكثير من الأمور التى انتفعت بها فى حياتى.. إلى أن تخرجت سنة 1953 وكنت الأخيرة على الدفعة. فى هذا الوقت اقترح على أستاذى حامد باشا زكى وزير المواصلات أن أعمل فى مكتب محاماة تحت التمرين، وافقت، وبالفعل ذهبت وعملت فى هذا المكتب لمدة 24 ساعة فقط، لأنى لم أحتمل الأجواء هناك، خاصة بعد أن استطاع أحد الأشخاص أن يقوم بعمل «زمبة» فىّ فلم أطق البقاء فى هذا المكان كثيرا. بعدها أعطانى حامد باشا كارت توصية أذهب به لرئيس الإذاعة مع طلب بتعيينى فورا دون الخضوع لاختبارات.. وعندما سئلت عن أى البرامج التى أريد أن أعمل بها، أجبت على الفور ودون تردد: برامج الأطفال واستمع لى بالصدفة أحد الحضور ولم أكن أعرفه بعد.. وسألنى: لماذا؟ قلت: لأننى أحب برامج الأطفال.. ففوجئت به يقول: أنا بابا شارو وأنا الوحيد الذى يقدم برامج الأطفال فى الإذاعة. هذا جعلنى أؤجل الفكرة لحين ميسرة، وبدأت العمل فى الإذاعة كقارئة نشرة.. ثم قدمت برنامج «س.ج» وتعلمت كيفية التعامل مع ميكروفون الإذاعة على يد أساتذتى حسن الحديدى وأميمة عبدالعزيز. وتسترسل أبلة فضيلة فى سرد ذكرياتها الجميلة: تمر الأيام بى من التنقل بين مبنى الإذاعة فى الشريفين للتسجيل ومكتبى فى شارع علوى للتحضير. إلى أن يعلن عن إنشاء التليفزيون ويخصص مبنى مستقل له سنة 1960 على كورنيش ماسبيرو.. ويتم استدعاء بابا شارو ليكون رئيسا للتليفزيون.. ويطلب منى وقتها أن أحل مكانه فى تقديم برنامج للأطفال، والذى كان يقدم لمدة 3 أيام فى الأسبوع.لما علمت بالخبر طرت من الفرح طبعا.. واستغرقت فى التفكير فى شكل البرنامج الجديد.. وبالفعل اخترت اسم «أبلة» وليس «ماما» فضيلة.. بعدما عرفت من أمى أن أبلة بالتركى تعنى الأخت الكبيرة.. وقلت إن الأم لا تعوض. تصمت أخت الأطفال الكبيرة للحظات وكأنها تذكر شيئا، ثم عادت تقول بنبرة حسم: عرضوا علىّ العمل أكثر من مرة فى التليفزيون، ولكننى رفضت دائما.. مرة مع بدايات عمل التليفزيون قلت لهم بلاش أنا... خدوا سميحة عبدالرحمن.. وفعلا صنعوا معها برنامج «جنة الأطفال» وصار اسمها ماما سميحة.. وتكررت المحاولات آخرها أثناء زيارة السيدة سوزان مبارك للمبنى.. وعرضت على وزير الإعلام صفوت الشريف فكرة نقلى لعمل برنامج فى التليفزيون.. وهنا وقفت وأبديت اعتراضى لها وشرحت موقفى، ويبدو أنها اقتنعت لأنها نظرت لصفوت وقالت له بالإنجليزية Leave her أى اتركها، وقد كان. 2- فى الابتدائى كانت زميلتى الفنانة فاتن حمامة فى مدرسة الأميرة فوقية.. وقتها كان عندى اهتمام بالشعر والأدب، وهى كان عندها موهبة التمثيل، فكنا نشترك سويا فى إحياء حفل المدرسة، فأقوم أنا بإلقاء كلمة الحفل وعدد من الأبيات الشعرية، وتقوم هى بالتمثيل وكنت ألاحظ دائما أنها كانت تعانى إعاقة فى نطق حرف ال «الراء» وأنها كانت بتتدلع وتنطق الحرف على أنه حرف ال «الياء» لدرجة أن المخرج محمد كريم أثناء تصوير فيلم يوم سعيد، كان يقوم بضربها لتنطق الحروف بشكل صحيح. بعدها فى مدرسة الأميرة فريال الثانوية كنت أجلس بجوار الملكة ناريمان، وكانت شخصية مهذبة ولطيفة جدا. فى الجامعة كان زميلى فى دفعتى هو الدكتور عاطف صدقى رئيس مجلس الوزراء فيما بعد كان هو دائما ترتيبه الأول على الدفعة.. أما أنا فكان ترتيبى الأخير.. أضحك وأقوله: «إحنا لو قلبنا النتيجة هبقى أنا الأولى وأنت الأخير».. كان شخصا محترما وابن ناس للغاية.. ودائما ما كنت أناديه.. ب يا «واد يا عاطف» حتى حينما كبر وأصبح رئيسا للوزراء حيث استدعانى إلى مكتبه عقب أدائه لليمين الدستورية أمام الرئيس ووجدته يستقبلنى بود شديد.. وكانت الجلسة منفردة بيننا دون حضور أحد بمن فيهم مساعدوه فهنأته بالقول: مبروك يا دكتور عاطف فقال لا دكتور إيه.. أمال فين «يا واد يا عاطف» وضحكنا. وتختفى ابتسامتها المتألقة ويحل محلها حزن ظاهر وهى تكمل: أذكر آخر مرة التقيته فيها قبل يوم من وفاته، حيث كان يعالج بمستشفى عين شمس التخصصى، ذهبت لزيارته وتأثرت فخرجت من عنده باكية.. ووجدت الطبيب المعالج له يخبرنى بأن حالته ميئوس من علاجها، وأن اليوم قد يكون الأخير فى حياته.. فدخلت مسرعة مرة أخرى بحجة أننى أبحث عن منديلى الذى قد نسيته.. وقلت له اوعى كده يا واد يا عاطف.. منديلى فين؟ ثم قبّلت رأسه وأمسك هو يدى وقبلها وبالفعل توفى فى اليوم التالى. 3 - تزوجت مرتين.. المرة الأولى من الفنان محمد توفيق واستمر الزواج لمدة شهر واحد وأقمنا لدى عائلته فى فيللا تمتلكها فى حى الدقى.. المرة الثانية كانت من إبراهيم أبوسريع.. حيث سكنا فى البداية مع والدتى فى بيتنا فى شارع الملكة نازلى.. حتى سافر هو إلى إحدى دول الخليج، وكان يرسل لى النقود لشراء شقة المهندسين. 4 - فى يوم.. جاء محمد عبدالوهاب إلى بيتنا يطلب الزواج منى، وكان قد شاهدنى فى الإذاعة أكثر من مرة منها مرة استضفته فيها فى البرنامج.. فى الحلقة طلبت منه أن يغنى أغنية «ست الحبايب» لفايزة أحمد بصوته.. لكنه رفض فى البداية، ومع إلحاح شديد من الأطفال غناها فى الآخر على عوده، وكان يجلس على الأرض وأجلس أنا على الكرسى ويقوللى دائما «يا حياتى».. وهو كان إنسانا ذكيا جدا وظريفا للغاية وابن نكتة.. كنت أقول له دائما: انت وبتتكلم أحسن من وانت بتغنى، رغم أنه كان لديه عيب فى حرف ال «ث».. وكان يرد: انتى قوتك فى ضعفك. كان عبدالوهاب متزوجا وقتها من السيدة إقبال نصار ولديه منها خمسة أبناء أحمد ومحمد وعصمت وعفت وعائشة، واقترح على والدتى أن نتزوج ونسافر إلى الخارج فى السر لكن أمى رفضت نظرا لأنه متزوج ولديه أبناء. وهربت أنا إلى روما وظللت عند أختى يسر هناك، التى عاشت حياتها كلها فى إيطاليا إلى أن توفيت ودفنت هناك، ومع ذلك جاء لى عبدالوهاب هناك وألح فى طلبه لكننى رفضته مجددا.. وعندما عدت بعد أن هدأت الدنيا وجدت من ينقل لى رغبة الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل فى أن التقيه فى مكتبه بالأهرام، وبالفعل ذهبت له وقلت: حضرتك طلبت تقابلنى؟.. رد وقال: فعلا..لأننى حبيت أشوف من التى رفضت الزواج من عبدالوهاب، فاستغربت أكثر لما عرفت من عبدالمنعم السباعى أن عبدالوهاب طلب منه كتابة أغنية أنا والعذاب وهواك بسببى. أما أم كلثوم فسيدة ذات شخصية قوية وتتمتع بذكاء عالٍ جدا.. أول مرة ألتقى بها وجها لوجه كان بالصدفة البحتة.. وقتها كنا فى الصيف وعندى إجازة سأقضيها مع أقاربى فى الإسكندرية، وبعد أن سبقونى قررت أن أستقل القطار.. وأثناء جلوسى لمحت أن أم كلثوم تجلس فى الكرسى الذى أمامى.. فقمت وصرخت «القفا ده مش غريب علىّ» فالتفتت لى الفنانة الكبيرة قائلة: «قفا يا قليلة الأدب.. هو انتى يا بتاعة العيال؟.. تعالى».. سلمت علىّ وطلبت من خادمتها التى كانت ترافقها أن تبدل المقاعد معى كى أجلس إلى جوارها.. ودار بيننا حديث طويل جميل.. وسألتنى تحبى أغنيلك إيه؟ فقلت أهل الهوى.. وبالفعل غنتها لى فى القطار.. وبعد أن انتهت منها طلبت منى عدم ذكر أنها كانت تغنى لمستمع واحد فى القطار طالما مازالت على قيد الحياة. بعد ذلك تعددت اللقاءات بيننا، وخاصة أثناء وجودها فى مكتب الموسيقار كمال الطويل بالإذاعة، ومع كل زيارة تطلب من رئيس الإذاعة: «اندهللى البت بتاعة العيال»، هكذا كانت تنادينى ونقعد سويا نتحدث هى تقوللى: «أحلى ما فيكى طفولتك.. خليكى كده أحسن لأن لو الطفولية دى راحت هتبقى وحشة».. أما أنا فكنت أقولها: إنتى ليه مش بتغيرى تسريحة الشعر بتاعتك الشنيو بتسريحة تانية مثلا؟ تقوللى لأنها لايقة ومناسبة علىّ علشان شكلى مايبقاش وحش.. أقولها: هو انت فاكرة نفسك وحشة.. بالعكس.. انت جميلة جدا». حزنت جدا يوم ما توفيت كوكب الشرق.. ومشيت فى جنازتها برفقة وجدى الحكيم وكمال الطويل.. وبكيت عليها بحرقة، لدرجة أنى لم أبك على أمى بقدر بكائى الشديد عليها. وكل ما كنت أخشاه أن ترحل وبالتالى يرحل معها فنها وأغنياتها كأن شيئا لم يكن، لكننى اكتشفت غير ذلك أنها أصبحت باقية وحاضرة بقوة بمرور السنين، لدرجة أن متعتى اليوم أن أستمع لحفلاتها ليلاتى سواء فى التليفزيون والراديو. 6- عبدالحليم حافظ كان زميل أختى يسر فى معهد الموسيقى، وكان دائما ما يتردد علينا فى بيتنا، بعد ذلك أصبح صديقا لكمال الطويل مسئول الموسيقى والغناء بالإذاعة، وكان يأتى إليه كثيرا فى مكتبه، فكنت ألتقى به لدرجة أنه اعتبرنى بمثابة أخت له، وفى مرة وجدته داخل علينا المكتب، ويبدو أنه غير سعيد وحكى لنا: «غنيت فى الإسكندرية.. وضربونى بالطماطم» وهو بيحكى كانت الدموع تنزل من عينيه، وهنا طمأنته وقلت له «انت صوتك يدخل القلب مباشرة وبكرة تشوف اسمك حيفرقع» فقال لى «أنا مفرقع دلوقتى». وبحكم العلاقة التى بيننا وهو فى بداياته طلب منى التوسط له لدى محمد عبدالوهاب من أجل أن يسلفه جنيه.. فتعجبت وقلت له: «ولماذا تنتظر محمد عبدالوهاب. أنا أعطيك الجنيه».. لكنه رفض وأصر أن يمنحه عبدالوهاب الجنيه شخصيا، ربما كى تتوطد علاقتهما سويا، وبالفعل منحنى عبدالوهاب الجنيه كى أعطيه لعبد الحليم، لكنه أضاف: سوف أسترده من عبدالحليم يوما ما مائة جنيه، وبالفعل رد عبدالحليم الجنيه بعدها مائة جنيه. استمرت علاقتى بعبدالحليم قوية، لدرجة أنه هو من أحيا حفل زواجى الأول، وقام بغناء أحب أغنياته إلى قلبى وهى أغنية «صافينى مرة»، وبعد انتهائه من غنائها نظر إلىّ وقال العروس تحب تسمع إيه تانى؟ قلت «صافينى مرة» وبالفعل غناها ثانية.. وبعد أن انتهى منها نظر لى وقال العروسة تحب تسمع إيه تانى؟ واوعى تقولى لى «صافينى مرة» رديت وقلت «صافينى مرة» وبالفعل غناها للمرة الثالثة. بعد ذلك طلبت منه أن أسجل معه فى الإذاعة.. فى البداية اقترح أن آتى له أنا والأطفال فى بيته فى الزمالك، لكننى رفضت فجاء هو إلى الاستوديو 38 بالدور الرابع فى مبنى ماسبيرو، وهو بالمناسبة نفس الاستوديو الذى أسجل فيه إلى وقتنا الحالى، المهم قبل بدء التسجيل فاجأنى عبدالحليم بأنه جعان ويريد أن يأكل، فسمعه الأطفال وجاءوا له بما معهم من سندوتشات لكنه رفض وقال أنا عايز سندوتش فول.. قلت له «سندوتش فول؟ طب قول كافيار حاجة كده للناس الشيك اللى زيك».. الله يرحمه كان عطوف وحنين جدا لدرجة أنه كان قبل ما يسافر للخارج يتصل بى ويسألنى عما إذا كنت عايزة حاجة معينة يأتى لى بها. وهكذا ظلت علاقتى به حتى آخر يوم فى حياته.. حيث كنت أتردد عليه فى المستشفى فى أيامه الأخيرة، حيث كان يعانى من نزيف دائم.. وكنت أشفق عليه وبشدة.. حتى أوصانى وصية فى آخر لقاء بيننا وهو أن أعتنى بإحدى الفتيات التى كان يعطف عليها قائلا لى: خدى بالك يا فضيلة من البنت دى.. انت مسئولة مسئولية كاملة عنها فى حالة موتى، وبالفعل تكفلت بحياة هذه الطفلة.. حتى كبرت وتزوجت وحضرت فرحها كذلك. 7- جمال عبدالناصر بالنسبة لى حاجة كبيرة جدا إلى يومنا هذا.. لا أنسى يوم ذهبت أنا ومجموعة من الزملاء للقائه ومصافحته.. لحظتها قالت لى أختى محسنة «لو انت شاطرة بصى له فى عينيه».. ولا أخفى عليك لم أستطع فعل ذلك، بل حينما قدمنى له سكرتيره محمد أحمد مد يده لى وصافحنى فنظرت إلى الأرض، بل والأكثر أن عينىّ قد دمعتا فى هذا اللقاء السريع، أما المرة الثانية والأخيرة فكانت بعد هزيمة 67 وتحديدا يوم 9 يونيو.. وهو نفس اليوم الذى جاء فيه إلى مبنى التليفزيون بشكل أثار تساؤلى عن سبب تلك الزيارة المفاجئة، حتى إن جلال معوض نفسه لم يكن يعرف السبب الحقيقى للزيارة، دقائق حتى أطل علينا عبدالناصر على الشاشة معلنا تنحيه عن السلطة، فانهرت تماما وبدأت أبكى بصراخ عالٍ... وأخبط بكلتا يدى على وجهى وأنا أصرخ: «لا لا.. هتسبنا لمين.. هتسبنا لمين».. وذهبت أجرى ناحية الاستوديو الذى يسجل فيه كلمته، لمحت جلال معوض يخرج باكيا ومن بعده الريس جمال الذى خرج محمولا على الأعناق. الله يرحمه.. كان مشرفنا بره.. يكفى أننى كنت لما أكون فى إيطاليا ألاقيهم يسألونى إنت مصرية؟ ويقولولى ناصر.. تصمت مجددا ثم تقول: بحس إن المشير عبدالفتاح السيسى فيه منه كتير، خاصة الكاريزما وحب الناس.. وله شعبية والراجل ده لو أعلن ترشحه سأنتخبه.. لأنه بيحب البلد وأى حد بيحب البلد بجد أنا معاه.. الأكثر أن الأطفال كذلك يحبونه ويعتبرونه واحدا من أبطال الحواديت التى أحكيها.