يوم بعد يوم، يتضح للجميع أن لثورة 25 يناير والأحداث التى أعقبتها أسرارًا لم يعرفها أحد، إلا أن الضبابية والغيوم تنزاح مع الوقت، وتظهر الحقائق التى تثبت تورط أجهزة أمنية ومخابراتية دولية فى قتل الثوار بميدان التحرير وبعض ميادين المحافظات، خاصة أن القاتل حتى الآن مجهول، حتى أن وقع حادث اغتيال ضابط الأمن الوطنى المسئول عن ملف الجماعات المتطرفة، المقدم محمد مبروك، بواسطة مجموعة إرهابية، والتى كانت بداية الخيط للتعرف على بعض التفاصيل التى تكشفها الأجهزة الأمنية، خاصة أن «مبروك» كان أيضًا أحد المسئولين عن ملفات التخابر خلال ثورة 25 يناير. معلومات جديدة جرى تسريبها تفيد بوجود ملف كامل لدى المقدم الشهيد محمد مبروك، عن المجموعات المسلحة الأجنبية التى دخلت مصر قبل أحداث ثورة 25 يناير، وشاركت فى عمليات قتل وقنص المتظاهرين إلى جانب اقتحام السجون، وتهريب محمد مرسى وقيادات الإخوان والمسجونين من عناصر حركة حماس وحزب الله. وعلمت «الصباح» أن الملف الذى كان لدى «مبروك» يضم وثائق سرية تفيد تورط 7 مجموعات مسلحة أمريكية وفلسطينية وإيرانية فى عمليات قتل المتظاهرين، وأن عددًا منهم دخلوا مصر فى نهاية ديسمبر 2010 بجوازات دبلوماسية مزورة، وأقاموا فى فندق «هيلتون رمسيس» المُطل على ميدان التحرير. وبجانب المجموعات التابعة لحماس وحزب الله الذين استطاعوا تهريب أسلحة قنص مزودة بالليزر وكاميرات فيديو، جرى رصد عناصر أخرى دخلت تحت اسم «حراس مالطا»، وهو تنظيم تابع للمخابرات الأمريكية ويعمل لحسابها، حيث ذكرت الوثائق الموجودة بالملف - وفقا لمركز المزماة البحثى، قريب الصلة بالمخابرات المصرية - أن السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة، مارجريت سكوبى، أجرت اتصالات بعدد من هذه العناصر بمجرد دخولها إلى مصر وفى أماكن إقامتها بالفندق، خاصة العناصر الأجنبية وعلى رأس أسمائهم «بول سلو»، «وإيفان ليبرتى»، «والفيس بانار». «الصباح» سعت للتحقق وراء ما يسمى بتنظيم «حراس مالطا» ودوره فى نشر الفوضى، ففى البداية يقول الشيخ نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد السابق، إن هذه المجموعات هى تنظيم مسيحى، وأعضاءه مهمتهم هى العمل كقادة أو موجهين للكثير من الجماعات والحركات التى تلقت تدريبات بالولاياتالمتحدةالأمريكية، مثل حركات «6 إبريل» و«الاشتراكيين الثوريين» و«كفاية»، وغيرهم من الحركات التى يتم تمويلها من أمريكا، وتتمثل وظيفة جنود «حراس مالطا» فى الإشراف والتوجيه لكيفية إحداث الفوضى، حتى تسود حالة من الاحتراق الداخلى، وتستطيع أمريكا فرض بعض الموالين لها فى مصر على الحكومة. وأضاف «نعيم» أنه متأكد من أن من قتل ضابط الأمن الوطنى، المقدم محمد مبروك، هم جماعة الإخوان أو الجماعات التكفيرية المتحالفة معهم، موضحًا أن «حراس مالطا» تثبت علاقة الرئيس المعزول محمد مرسى بالمخابرات الأمريكية، وأنه لو صدر حكم قضائى على مرسى فى قضية التخابر مع أمريكا، سيتسبب فى إحراج كبير، وستفتح ملفات كثيرة كانت مغلقة منذ فترة. فى السياق ذاته، قال اللواء محمد على بلال، الخبير الاستراتيجى، إن من لا يعتقد أن أمريكا ليست لها اليد الكبرى فيما حدث فى مصر خلال ثورة 25 يناير، وثورات الربيع العربى بوجه عام، «مخطئ»، لافتًا إلى أن تلك المجموعات الاستخباراتية، وعلى رأسها «حراس مالطا» تستغل العوامل الأمنية والاستراتيجية فى الدول لتحقيق مخطط أمريكا، الذى تسعى له منذ عام 1985، بهدف التقرب من إسرائيل، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن المبادئ الرسمية التى تعمل أمريكا جاهدة على تنفيذها فى الدول العربية ينقسم إلى ثلاثة محاور هى «الحفاظ على مناطق إنتاج البترول، وتأمين طرق مستخرجاتها، بالإضافة لحماية الأمن القومى الإسرائيلى». وأكد الخبير الاستراتيجى أن تلك التنظيمات مدربة على طرق فائقة لاختراق الأمن القومى للدول، وأن عناصرها يدخلون بجوازات مزورة إما على هيئة وفود دبلوماسية أو وفود سياحية، منبهًا إلى أن الشعب المصرى أخطأ بشدة عندما قام بإسقاط جهاز أمن الدولة الذى كان يتصدى لمثل تلك العناصر، خلال ثورة يناير، حيث أصبحت مصر فى فترة التدهور الأمنى سهلة الاختراق من جانب أى تدخل خارجى متستر.
ومن خلال بحث «الصباح» المتعمق عن مجموعات تنظيم «حراس مالطا»، وجدنا أنهم ينتمون إلى كيان تحت مسمى «دولة فرسان مالطا»، وهى مجرد هيئة خيرية تقوم بإرسال بعثات دبلوماسية من جانبها على مستوى سفرائها إلى الكثير من الدول العربية، وتساندها بعض الدول الأوروبية بالإضافة إلى الفاتيكان، حيث مقر «فرسان مالطا» حاليًا، فقد أحاطوا الفرسان بالحماية بعد طردهم من مالطة، ومنحوهم بعض الامتيازات، ومنها حق التمثيل الدبلوماسى وذلك حفاظًا على «الرمز التاريخى» الذى يمثلونه، ودورهم البارز فى العلاقات بين الشرق والغرب فى العصور الماضية، وكما اتضح أن عناصر هذه الحركة يعملون تحت ستار الدور الإنسانى الذى يقومون به فى رعاية المرضى والإسهام فى بناء المستشفيات، كما أنهم أسهموا فى إرساء بعض قواعد القانون الدولى الخاص بالملاحة البحرية، بحكم طبيعة حياتهم فى جزر البحر المتوسط، مثل قاعدة «حق اللجوء ضد الأخطار فى البحر».
الغريب والمثير فى الأمر أن معظم سفراء «فرسان مالطا» حاصلون على درجة «مستشار عسكرى»، رغم أنها هيئة خيرية، وارتبط اسمها فى معظم الأحيان بالمحافل الماسونية، وعصابات المافيا، ومرتزقة «بلاك ووتر - Black Water»، الذين قاموا بالحرب إنابة عن الجيش الأمريكى فى العراق، وهذا ما أكدت عليه الصحف والمنشورات العالمية، كما أن من اللافت للنظر أن فرسان مالطة ظهرت فى مصر عندما أصبح لهم سفارة فى القاهرة عام 1980، وبحسب دليل البعثات الدبلوماسية الخاصة بوزارة الخارجية المصرية، فإن بعثة فرسان مالطة بالقاهرة مكونة من شخصين هما «السفير ومستشار للسفارة»، ولا يذكر الدليل شيئًا عن وجود بعثة دبلوماسية مصرية لدى الفرسان، كما لم يظهر حتى الآن كيف استطاع فرسان مالطة الحصول على حق التمثيل الدبلوماسى فى دول عربية مثل مصر والمغرب ودولة تشاد الإفريقية، وعلى مستوى السفارة. خلال بحث «الصباح» أيضًا، وجدنا أن «فرسان مالطا» كانوا يشكلون ثانى قوة عسكرية فى العراق بعد الجيش الأمريكى النظامى، ويرفعون العلم الأمريكى لكنهم لا يتبعونه، بل يتبعون المال الذى يتقاضونه عبر شركات أبرمت عقودًا مع إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، للقيام بمهام قتالية خطيرة نيابة عن الجيش، وتعد آخر الفلول الصليبية التى تهيمن على صناعة القرار فى الولاياتالمتحدة والعالم. «فرسان مالطا» حصلت على صفة مراقب دائم فى المنظمات الدولية مثل الأممالمتحدة، وتدار الأنشطة المختلفة للمنظمة عن طريق ستة أديرة رئيسية، يتفرع منها خمسة أديرة و47 جمعية وطنية للفرسان فى خمس قارات، كما أن للمنظمة علاقات دبلوماسية مع 96 دولة على مستوى العالم منها مصر والمغرب والسودان وموريتانيا، بحسب الموقع الرسمى للتنظيم.