انتقلت جماعة الإخوان خطوة أخرى مفضوحة نحو الاستقواء بالخارج ومحاولة الضغط على السلطات الحاكمة لإقرار «مصالحة» وفق رغباتها ونزولا على رغبة الدول الداعمة لها، وفى مقدمتها تركيا، بعد الصفعة التى تلقاها أردوغان عقب طرد سفير بلاده من القاهرة، ولم يكن القرار المصرى مجرد رد فعل للموقف التركى المعلن من معاداة مصر ومحاولة تشويه ما حدث فى 30 يونيو، لكن هذا الأمر يأتى كقطرة فى بحر المؤامرة التركية على مصر وشعبها. وكشفت مصادر بجهات سيادية ل«الصباح» أن قرار الحكومة المصرية بطرد السفير جاء بعد رصد ومتابعة وتسجيل مؤامرات تركية قطرية أمريكية بالتعاون مع عناصر بجماعة الإخوان المسلمين وكان مسرح هذه العمليات مقر السفارة التركية بالقاهرة، حيث تحولت السفارة لمركز للمؤامرات ضد مصر واستغلالا لكون مقر السفارة لا يجوز تفتيشه أو مداهمته استقبل السفير التركى المطرود عناصر من جماعة الإخوان من السيدات والرجال والشباب وكانت الأموال وخطط وخرائط المظاهرات تتم داخل السفارة بمنطقة سعد زغلول بقلب العاصمة المصرية. وأضافت المصادر أنه تم رصد تسلم وتسليم أموال قادمة من التنظيم الدولى للجماعة الإخوانية وبين مصريين، لافتا إلى أن الفيديوهات التى كانت تبث لقيادات الإخوان على شاشة الجزيرة قبل القبض عليهم كانت تتم داخل السفارة التركية، ومؤكدا أن السفير التركى كان يقوم بدور الجاسوس وأن السفير كانت تصله تقارير يومية عن أماكن التظاهرات وأسماء المقبوض عليهم والأموال التى تنفق على التظاهرات والتجمعات، وحسب المصدر، فإن هناك لجنة إعلامية داخل السفارة التركية من شباب الإخوان تقوم برصد المادة الإعلامية المقدمة يوميا على شاشات الفضائيات المصرية ويتم تفريغها وكذلك المواد التى تستعرض أو تتعرض للشأنين القطرى والتركى ويتم نقلها إلى حكومة أردوغان. وقبيل مغادرة السفير التركى حسين عونى بوسطالى مطار القاهرة مساء الأربعاء الماضى كان الدكتور محمد سليم العوا قد غادر مطار القاهرة متجها إلى العاصمة البريطانية لندن فى مهمة محددة وجدول أعمال تم الاتفاق عليه داخل السفارة قبيل قرار مصر بتخفيض علاقتها الدبلوماسية مع أنقرة. مصادرنا أكدت أن العوا بعد زيارته للرئيس المعزول محمد مرسى فى سجن العرب كأحد هيئة الدفاع عنه، توجه إلى السفارة التركية لنقل رسالة عبر الأتراك إلى التنظيم الدولى لإطلاعهم على ما جرى للرئيس السابق داخل السجن وبنود المصالحة -إذا تمت- ونقل العوا رسائل مكتوبة للسفير التركى من الرئيس المعزول وأطلعه على كل ما يجرى لمرسى داخل السجن ومطالبته لرجب طيب أردوغان بضرورة الحشد الدولى ضد مصر. العوا غادر مطار القاهرة حاملا عدة رسائل إلى العديد من الأشخاص والكيانات الاعتبارية والرسمية فى الغرب، ذهب إلى عاصمة الضباب لإبرام اتفاقات ووضع بنود المصالحة التى تتبناها الجماعة ليكون أحد الوسطاء الاتحاد الأوروبى، حسب عمرو عبدالهادى، القيادى بجبهة الضمير الموالية للإخوان المسلمين والرئيس المعزول، مؤكدا أن زيارة العوا تشير إلى لقاءات مع مسئولين فى الاتحاد الأوروبى خاصة أن آشتون مهتمة بمرسى ومصالحة التنظيم الإخوانى مع الدولة وضمان استمرار العلاقات مع مصر، خاصة بعد التقارب المصرى الروسى الذى يؤرق الاتحاد الأوروبى والأمريكان على حد سواء. زيارة العوا إلى لندن ليست مقصورة على الجانب السياسى والمصالحة وعلاقة الإخوان بالخارج، بل إن هناك بندا إعلاميا فى هذه الزيارة، حيث ذهب المستشار السابق للرئيس المعزول إلى هناك ليقف على آخر ما وصلت إليه اللجنة الإعلامية التابعة للتنظيم الدولى والاستعدادات النهائية واللمسات الأخيرة للمؤسسة الإعلامية التى تنتوى الجماعة الإخوانية وداعميها فى الخارج ولاسيما قطروتركيا فى إطلاقها فى القريب العاجل، والمعلومات التى لدينا عن تلك المؤسسة الإعلامية أنها تنتوى إطلاق عدد من القنوات الفضائية الناطقة باللغتين العربية والإنجليزية لتوصيل رسالة الإخوان للخارج، وتم رصد مليارات الدولارات لهذه المؤسسة. وحسب مصادر داخل قناة الجزيرة القطرية فإن هناك خناقات واختلافات بين ضيوف الجزيرة الدائمين على منصب رئيس التحرير، وتجرى المفاضلة حاليا بين وائل قنديل وعبدالبارى عطوان، لتولى رئاسة تحرير الجريدة التى لم يتم الاتفاق على اسمها أن تكون «رابعة» مثل القناة. وعلمت «الصباح» أن سليم العوا تلقى اتصالا قبيل سفره إلى لندن من الدكتور مصطفى حجازى، المستشار السياسى للرئيس المؤقت، ولكنهما لم يصلا فى النهاية إلى شىء، خاصة أن حجازى يعتبر وسيط رئاسة الجمهورية فى المفاوضات مع الإخوان، ولفت المصدر إلى أن العوا التقى حجازى فى وقت سابق فى العاصمة البريطانية لندن وربما يكون هناك لقاء بينهما مرة أخرى فى عاصمة الضباب بعد لقاء العوا بأعضاء فى التنظيم ولاسيما لقاء يجمعهما برجل الأعمال الإخوانى إبراهيم منير. وقالت مصادر داخل جماعة الإخوان المسلمين إن مسئولين بالاتحاد الأوروبى سيلتقون العوا ومنير خاصة أن رجل الأعمال الإخوانى التقى مدير مكتب كاثرين آشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى، وتابع: فى حين التقت آشتون الدكتور زياد بهاء نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولى فى بروكسل وتعرضا فى لقائهما إلى رسالة التنظيم الدولى للحكومة المصرية ومواد المصالحة وأعربت المسئولة الدولة عن رغبتها فى إجراء مصالحة ودعم مصر بعد 30 يونيو وفق اشتراطات عرضتها آشتون على زياد بهاء الدين. وأوضحت المصادر أن منير أبلغ مسئولى الاتحاد أن الدكتور محمد على بشر مفوض من جانب الجماعة للتفاوض مع القيادة الحالية للبلاد لحل الأزمة السياسية، وأن ما سيقبل به بشر سيقبل به الإخوان فى الداخل والخارج. ضمن برنامج العوا فى زيارته إلى لندن بل على رأس أولوياته ما تسمى بحكومة المنفى التى كشف الدكتور محمد الجوادى، أحد مؤيدى الرئيس المعزول، عن تفاصيلها، مشيرا إلى أنها سيتم إعلانها من باريس وتضم 25 وزيرا ويحاولون أن يصدروا فى الإعلام الغربى على أنهم حكومة شرعية ويطالبون دول الموالاة بالاعتراف بهم. ويلعب الإخوان على وتر أن هناك دولا عربية وإقليمية وغربية لا تعترف بما حدث فى 30 يونيو من ثورة شعبية، وستكون أول من يعترف بتلك الحكومة التى ستتخذ من مرسى زعيما لها، ولم يتم الاتفاق على أسماء تلك الحكومة أو رئيسها، لكن التنظيم الدولى بالتعاون مع عناصرها فى الداخل أجروا اتصالات بتحالف دعم الشرعية لاختيار مجموعة من المشاهير الذين يقبلون بالانضمام لهذه الحكومة «المنفى» ونصح التنظيم الدولى الجماعة اختيار شخصيات غير منتمية «تنظيميا للجماعة لكنها تؤيد الرئيس المعزول وما يسمونه «عودة الشرعية» من أقباط ونساء وليبراليين ويساريين وهم معروفون بالاسم. وتتجه جماعة الإخوان لتأسيس ما يسمى بسفارات حكومة المنفى فى العديد من الدول وتواصل الجماعة مساعيها لمقاضاة الحكومة دوليا عبر آلية جديدة انتهجتها من خلال تقديم عدد من أدلة الإدانة ضد النظام الحالى بالمحكمة الجنائية الدولية. وكان المؤرخ محمد الجوادى قد أكد أن الحكومة تتكون من 25 وزيرا من أعضاء فى مجلس الشعب المنحل، ومنهم 10 الآن فى السجون، مشيرا إلى أن هدف الحكومة الأول هو التجهز لتسلم مصر بعد خروج «الانقلابيين»، حسب وصفه. وأضاف أن حكومة مصر فى المنفى مقرها باريس، وليس فيها أحد من خارج البرلمان المنتخب، موضحًا أنها ستضم أبو العلا ماضى، وعصام سلطان، ومحمد سعد الكتاتنى، وهشام قنديل، وباسم عودة، ومحمد البلتاجى، وحاتم صالح، وحاتم عزام، وإيهاب شيحة، وحازم صلاح أبوإسماعيل، والدكتور أسامة رشدى، لافتًا إلى أن الحكومة تضم أيضا ثلاث شخصيات من التيار اليسارى الحقيقي. وأشار الجوادى إلى أن الحكومة يرأسها شخص وطنى يشغل الآن منصبا مرموقا خارج الحكومة وزعم أن 20 دولة ستعترف بالحكومة فى أسبوعها الأول. زيارة العوا هذه المرة ليست عادية ويجرى خلالها الإعداد لفعاليات 25 يناير 2014 ويعلق الإخوان وأنصارهم وداعموهم آمالا كبيرة على لقائه بمدير مكتب آشتون للضغط على مصر فى مقابل التراجع عن حكومة المنفى والمظاهرات وتعد هذه الزيارة حلقة من حلقات الضغط الإخوانى على الدولة.