كشف خبراء فى علم المصريات عن «عمليات ممنهجة» لبيع الآثار المصرية المهربة إلى الخارج فى مزادات علنية فى تل أبيب، مشيرين إلى أن هذه القطع ظهرت فى وقت مازالت فيه وزارة الآثار تبحث عن المسروقات من المتاحف المصرية إبان ثورة 25 يناير 2011 دون جدوى. أوضح بسام الشماع، الخبير الأثرى، أنه تقدم بمذكرة لوزير الآثار، حصلت «الصباح» على صورة منها، توضح أماكن بيع القطع المسروقة التى تعرض علنا فى عدد من صالات المزادات العالمية ومنها صالة «بونامز» فى العاصمة البريطانية لندن والتى عرضت فى مايو 2013 عددا كبيرا من الآثار المصرية، بعضها يرجع إلى عصور ما قبل التاريخ وتم بيع 58 منها، لافتا إلى أن المبلغ الذى دفعه المقتنون الجدد لهذه القطع لم يتجاوز 415 ألف جنيه إسترلينى مقابل قطع لا تقدر بثمن ولا حتى بمليارات الدولارات. وأضاف الشماع: «مثال لهذا آنية كبيرة من الفخار تعود إلى عصر ما قبل الأسرات أى ما قبل توحيد القطرين، وتقدير الصالة لثمن هذه الآنية من 2000 إلى 3000 جنيه إسترلينى وهو ثمن بخس جدا، كما تحتوى صالة مزادات بولدون وهى متخصصة فى العملات الأثرية من مختلف البلدان على نقود مصرية قديمة». وأكد الخبير والباحث فى علم المصريات أنه أجرى اتصالا هاتفيا بالمتحف وسأل عن دينار من عهد الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان يطلق عليه دينار 77 ه أى العام 77 من الهجرة وهو مصكوك فى دمشق من الذهب عيار 22 ويصل وزنه إلى 4.25 جرام مكتوب على أحد أوجهه «بسم الله ضرب هذا الدينار فى سنة 77» وعلى الوجه الآخر «محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله»، وعندما سأل بكم تم بيعه؟، كان الرد أنه بيع بمبلغ 330 ألف إسترلينى، وحينما سألهم عن ماهية المشترى كان الرد: «مجهول الشخصية» وبيع الدينار فى لندن صباحا ثم فوجئ الجميع به معروضا فى مساء اليوم نفسه فى تل أبيب. الشماع يتهم المسئولين المصريين عن الآثار ب«الفشل فى حمايتها»، مشيرا إلى أن عمليات البيع والشراء تجرى فى وضح النهار وتعلم أجهزة الأمن والحكومة كل شىء عنها، وأن موقع مزادات عالمية وهو (stephenalbum) للعملات النادرة الذى يمتلك صالة فى منطقة سانت روزا بكاليفورنيا باع عددا من العملات الإسلامية الأثرية القديمة فى يومى 17 و18 مايو الماضى، كما تم بيع العديد من القطع الأثرية المصرية بصالة «كريستيز» فى 6 يونيو الماضى بصالة روكفلير بلازا فى نيويورك، وعرض للبيع فى هذه الصالة رأس من الحجر الجيرى لتمثال الملك «أمنمحات الثالث» يرجع تاريخه إلى الأسرة 12 بالدولة الوسطى 1844 إلى 1797 ق.م ويصل ارتفاع الرأس إلى 11.4 سم وتقدر صالة المزادات ثمن هذا الرأس من 30 إلى 50 ألف دولار أمريكى. ويطالب الخبير الأثرى بانسحاب مصر من اتفاقية «اليونسكو» لحماية الآثار والتى اعتمدها المؤتمر العام خلال دورته السادسة عشر فى باريس بتاريخ 14 نوفمبر 1970، وهى اتفاقية تتعلق بالتدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطريقة غير مشروعة والتى انضمت إليها مصر عام 1973 بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات، معتبرا أن هذه الاتفاقية مجحفة لأن المادة رقم 4 تنص على أنه «تعترف الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية بأن الممتلكات الداخلة فى الفئات التالية تشكل لأغراض هذه الاتفاقية جزءا من التراث الثقافى لكل دولة» ومعنى ذلك أنه حينما تكون مصر محتلة مثلا من قبل دولة أخرى أو تحكم بواسطة حاكم غير مصرى والسلطات المختصة فى الدولة ليست مصرية وتقرر الموافقة على اقتناء بعثات أثرية أجنبية لهذه الآثار، فإن ذلك أمر مشروع، ومثال على ذلك محمد على حاكم مصر لم يكن مصريا وأهدى مسلة رمسيس الثانى من معبد الأقصر إلى صديقة الملك لويس فيليب ملك فرنسا، والكائنة الآن بميدان الكونكورد فى باريس، وطبقا لهذا البند تصبح المسلة المصرية من حق الشعب الفرنسى. ومن جانبه، يقول عمر الحضرى، الأمين العام للنقابة المستقلة للعاملين بالآثار ل«الصباح»: «إن الفساد مستشرٍ فى كافة أرجاء الوزارة المنوط بها الحفاظ على آثارنا، وأن المتورط الأساسى فى بيع آثارنا وسرقتها وبيعها بالخارج هو الوزير الحالى ورئيس قطاع الآثار الذى عينه مؤخرا، وزاهى حواس الوزير السابق وبعض ذيول الوزير الأسبق فاروق حسنى، ومن المعلوم أن العاملين بالوزارة وقفوا ضد الفساد الموجود، مطالبين بالتحقيق فى وقائع السرقة الكثيرة، دون جدوى». ويشير الحضرى إلى أن «من مظاهر عبث وتخبط إدارة الرئيس المعزول محمد مرسى الفاشلة، تعيين وزير للآثار عمل على بيع وإخفاء آثارنا بشتى الطرق الممكنة؛ ولم يتمكن من حمل أمانة تراث ال10 آلاف عام لأقدم حضارة عرفها التاريخ، فقام بالتستر على جرائم عديدة منها إهدار مال عام فى وزارته، ناهيك عن سرقة واختفاء قطع ظهرت بعد ذلك فى مزادات علنية أقيمت بدول معادية». والغريب أن موقعا عالميا على الإنترنت ترتيبه التاسع فى أمريكا وال21 على مستوى العالم، يعرض حاليا 5 آلاف قطعة أثرية أصلية مصرية للبيع بالمزاد العلنى وحصيلة بيع المعروضات تقدر ب100 مليار دولار وكل القطع خرجت من مصر بعد ثورة 25 يناير، فى الوقت الذى لم يتم الإبلاغ عن سرقة قطعة واحدة. والموقع هو (www.ancientresource.com) لصاحبه جبريل فاندرفورت يبيع آثارا من مختلف الحقب التاريخية المصرية والأسعار مذكورة أسفل كل صورة ومرفق رقم هاتف الرجل وعنوانه فى كاليفورنيا بالولايات المتحدة، ومقطع لفيديو يؤكد أن كل الآثار الموجودة لديه دخلت أمريكا بطريقة قانونية!