رصدت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية تراجع نفوذ الجماعات الأكثر اعتدالا في سوريا أمام تطرف الجماعات المتشددة من جهة وقوات الجيش النظامي من جهة أخرى. وأشارت المجلة - في تعليق عبر موقعها الإلكتروني اليوم الخميس - إلى شيوع الأعلام السوداء على المقار الرئيسية بمدينة "الرقة" شمالي شرق سوريا وأكبر المدن التي استولت عليها المعارضة حتى الآن .. معتبرة أن هذه المدينة نموذجا توضيحيا مصغرا لتوزيع القوى على باقي الأراضي السورية؛ حيث تظهر الجماعات الأكثر اعتدالا أقلية معتصرة بين الجماعات السلفية متنامية النفوذ شرقي البلاد في مواجهة القوات النظامية التي تسترد بعض الأراضي في الجانب الغربي.
وأرجعت المجلة تمكن القوات النظامية من استرداد بعض الأراضي التي كانت قد فقدتها، إلى تفوق الدعم الذي تقدمه إيران وجماعة "حزب الله" الشيعية للقوات النظامية، على الدعم الذي تقدمه دول الخليج العربي والغرب لقوات المعارضة.
ولفتت "الإيكونوميست" إلى أن مدينة الرقة باتت قاعدة لجماعة "جبهة النصرة" المسلحة المتطرفة التي أعلنت مؤخرا انضمامها إلى تنظيم القاعدة بالعراق بالإضافة إلى أربع جماعات معارضة أخرى على الأقل معظمها سلفية المرجعية تسعى إلى مرافقة "جبهة النصرة" بالمدينة على حساب ثلة من الجماعات المدنية الساعية إلى السيطرة على المدينة السنية.
وذكرت أن "جبهة النصرة" ظهرت كجماعة بارزة القوة بين جماعات المعارضة القتالية على الساحة السورية وباتت الأكثر نفوذا وفاعلية وتنظيما بينها جميعا.
ورصدت اعتراف عناصر تابعة لجماعة إسلامية أكثر اعتدالا تتخذ اسم "كتائب الفاروق" بأن نفوذهم آخذ في التراجع، لاسيما على المعابر الحدودية التركية وتحديدا معبر "تل أبيض" الذي يمثل الممر الرئيسي لعبور الأسحلة والأموال، بعد تراخي قبضتهم عليه وانتزاعه من بين أيديهم.
وقالت مجلة "الإيكونوميست"البريطانية إن جماعة النصرة تفرض نفسها أحيانا على غيرها من الجماعات بالقوة، راصدة محاولتها (أي النصرة) قبل شهرين اغتيال أبو عزام، قائد كتائب الفاروق، ما دفع الرجل إلى الفرار لتركيا تاركا وراءه رجاله بلا قيادة.
ونقلت عن أحد أعضاء كتائب الفاروق شكواه من ندرة التمويلات والعتاد التي باتت جماعتهم تتلقاها مؤخرا قائلا "إنها بالكاد تكفي لبقائنا على قيد الحياة".
وأشارت إلى أن جماعة "جبهة النصرة" تتمتع بموارد شتى يكتنفها الغموض بعضها تمويلات خاصة كمدفوعات منتظمة يتقدم بها تنظيم القاعدة بالعراق، فيما تدعي الجماعة أن معظم أسلحتها تحصل عليه كغنائم حربية .. موضحة أنه مع استمرار دوران رحى الحرب الأهلية، تزداد قسوة قوات المعارضة ويزداد ولاؤهم لمموليهم، كما يزداد تطرفهم، بحسب المجلة.
ولفتت إلى أنه في ظل تردد الحكومات الغربية بين تسليح المعارضة أوالاكتفاء بتوجيهها ودعمها بغير الأسلحة المدمرة، تبقى "جبهة النصرة" تشكل باعث القلق الأكبر، لانطلاقها من أيديولوجية الجهاد العالمي الذي يبرر العنف في سبيل تكوين دولة دينية، بخلاف معظم الجماعات المقاتلة التي تعتبر مجرد رد فعل لبطش النظام بلا توجه معين يسهل تحديده على غرار كتائب "لواء التوحيد" في حلب وكتائب "الفاروق" التي يمتد نفوذها بين حمص وحسكة في الشمال الشرقي.
وأوضحت أن احتكار وجهات النظر المتطرفة لم يقتصر على "جبهة النصرة" فقط ولكنه شمل أيضا عناصر كتائب "أحرار الشام" والعديد من قوى الجماعات الأخرى التي استطاعت بفضل الدعم الخليجي أن توجد لنفسها موطىء قدم بين قوات المعارضة السورية.