ثروت الخرباوي : انتهى "شهر العسل" بين الاخوان والسلفيين وطلاقهما "بائن" مفتي الجماعة الاسلامية : الاخوان لازم يغيروا اسلوبهم ويبحثوا عن حلول بديلة شريف فراج : أسوء "بياده" في الجيش .. أحسن من "سياسة" الاخوان .. مصطفى سلامة : قدم الاخوان مكبلة بالفوضى والبلطجة يسري حماد : الإخوان يمارسوا سياسة إقصاء لجميع التيارات للانفراد بالحكم لم تضع الحرب الاسلامية اوزارها بين جماعة الإخوان المسلمين، وابناء عمومتهم من السلفين بعد، فما رصده الجميع من مساندة الذراع السلفي للجماعة أثناء الانتخابات السابقة، وما تبع ذلك من فوز الاخوان واكتساحهم المعركة الانتخابية، كان من المفترض أن يجني السلفيين بعد ذلك بعض المكاسب، مكافئةً لموقفهم، مثل تقلدهم بعض الأماكن الحساسة ، وغيرها من الوعود البراقة التي لم يُنفذ منها شيء، تلى ذلك خلافات أخرى بعضها يعلمه الجميع وبعضها الآخر خلف الأبواب المغلقة، ترتب عليه ظهور بعض رموز الفصيلين في مناظرات حادة على شاشات التلفاز، الأمر الذي بدا للجميع في صورة معارك حادة، تغلفها اتهامات ضمنية وجهها كل منهم إلى الآخر، حتى بدت الصورة ضبابية لدى معظم الشعب المصري، خاصة وأننا نلاحظ في هذا الوقت وجود انقسامات داخل الاحزاب السلفية حول تأييدهم لجماعة الاخوان المسلمين، أو معارضتهم، والموافقة على سياسات مؤسسة الرئاسة والحكومة، وكل ما تمثله الكيانات الاخوانية من تواجد في الجهاز العصبي المركزي للدولة، وما يصيب هذا الجهاز من شللٍ بعض الوقت، فبعض السلفيين يروا أن هذا الشلل صنعته الجماعة بنفسها، وإذا لم تكف عن هذا المنهج في قيادة البلاد، فسيجني الشعب نتاج هذه الاعاقة ، والبعض الآخر يرى أن المعارضة الزائفة هي التي تعلق أمالها فوق جثث الجماعة، فتنتظر أن تقضي عليها لتعلو المعارضة وتطفو على السطح، وبين يمين ويسار، يتخبط المشهد، وتزيد ضبابتيه بشكل ملحوظ، عن ماهية العلاقة الحقيقية بين الحزبين، خاصة وانهما يجتمعان تحت قبة البيت الاسلامي . "زفت" الكلمة الأولى التي قرر شريف فراج القيادي السلفي، أن يبدأ بها حديثه حول حكم جماعة الاخوان المسلمين لمصر خلال هذه المرحلة، حيث يرى أنه لا يجب أن يدعي فرد أن وازعه ديني وإسلامي، ثم يضرب النساء، أو يبيح عمل الصكوك الاسلامية، والتي هي بدورها بديل للخصخصة، التي وقف أمامها الجميع في عهد مبارك، ويحلل القروض الاسلامية وغيرها من الأفعال التي لطالما فعلها الاخوان باسم الدين، والتي تكشف عن ضعفهم شيئاً فشيء، وسوء نواياهم وتخطيطهم لمصالحهم الخاصة، فلا ينبغي أن يتحايل أولي الأمر على القانون مرة تلو الأخرى ، ويضيف فراج " الإخوان صدمونا صدمة كبيرة "، لم نكن نتوقعها مطلقاً، فهم السبب الرئيسي فيما تشهده مصر من فوضى الآن . ومن الجدير بالذكر أن وقوع الاخوان المسلمين، وضعفهم في حكم مصر خلال هذه الفترة، سيؤدي إلى وقوع المشروع الإسلامي بأكمله، ففي المستقبل في أي انتخابات قادمة ولو فرضنا جدلاً، أن يتقدم أي رجل من رجال الدين أو من الجبهات الاسلامية بطلب ترشحه للانتخابات امام أي فرد آخر حتى وان لم يكن هذا الفرد على قدر المسئولية فسيكسب الطرف الآخر بالطبع، ويخسر رجل الدين، حتى وان كان رجل الدين هو الاصلح ، أو إن كان الطرف الآخر لا يصلح بشكل فعلي لقيادة المرحلة، مع ذلك سيفوز نظراً لأن الناس لم يعد لديها أدنى ثقة في أي فصيل اسلامي أياً كان نوعه ، فما فعله الإخوان هو تشويه لكل الجبهات الإسلامية . ويعتقد فراج انه بهذا الوضع والأحداث السيئة التي أحدثتها جماعة الاخوان المسلمين في البلاد، فمن المتوقع عدم حدوث انتخابات برلمانية من الأساس، فمصر الأن في حالة عارمة من القصور الذاتي، حولت البلد إلى حرب شوارع، فما يحدث الأن ما هو إلا فوضى على كل المستويات، بداية من نقص الموارد وما نحن فيه من ازمة في البنزين والسولار، تليها نقص المواد التموينية الرئيسية من زيت وسكر وأرز، إلى أن نصل إلى مجاعة ، فمصر تتجه الأن إلى ما يسمى ب "الصوملة" وتعم المجاعات أرض مصر كما هي الأن في الصومال. ويضيف فراج أنه مع ما نشهده الآن من فقدان الدولة، ولو افترضنا عودة الجيش مرة أخرى يحكم مصر ، فسيرى الغالبية العظمى من المواطنون، أن "أسوء بياده للجيش مساوية لأحسن سياسة من الاخوان"، لأن كل الظروف العصيبة التي مرت في مصر الفترات السابقة، بما فيها عصر مبارك ، لم يكن الامر قد وصل إلى ما نحن عليه الأن، فهذه الفترة تجرأت فيها العامة من البلطجية وغيرهم على الجوامع، وأماكن العبادة الطاهرة ، وتتحول إلى نقاط انطلاق نحو العنف، مرحلة تُستباح فيها الاعراض وتنتهك بأبشع صورها، فيتم الاعتداء على النساء، ويضربوهن رجال الجماعة في الطرق العامة ، ولا أحد يتجرأ على ردع المخطئ، ثم يقفوا ويهللون بعدها اعتداء بعض الشباب على أفراد حراسة مكتب الارشاد في الجمعة التي تليها ، فأين إذاً دولة الدين، وحكم الشريعة الذي يزعمونه. جاء ذلك مؤيداً لما قاله عبد الآخر حماد، مفتي الجماعة الاسلامية، حيث يرى أن هناك أيدي خفية تعبث بالنظام الأن، وكل ما يجري من فوضى يؤكد ذلك ، ويجر البلاد ويزج بها إلى مستنقع العنف، فسلبيات الاخوان واخطاءهم لا يمكن اغفالها، والعنف الذي وجهوه إلى المتظاهرين أمام مكتب الارشاد لا يمكن التغاضي عنه، أدى إلى أن يضحك العالم بأكمله علينا، وعلى ما يحدث في مصر الأن . ويضيف عبد الآخر أنه لابد للإخوان من تغير أساليبهم التي يحكمون بها ويبحثوا عن حلول بديلة للمستقبل ، وأن تسعى حكومة قنديل للوصول إلى عمل جاد حقيقي، بدلاً من العبث الذي يصل بنا إلى لا شيء في نهاية المطاف، فمن يعمل يبقى في مكانه ، ومن يعبث يرحل ويترك المكان لمن يصلح . على النقيض جاء رأي يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن ، الذي يرى ان كل الفصائل السياسية في حالة غياب تام عن العمل في الوقت الراهن ومن بعد 25 يناير، خاصة جبهة الإنقاذ ، وما يتبعها من جبهات معارضة ، والفصيل الذي تمكن من السلطة ليس لديه مقومات الحكم الأن، والأن لا يوجد حزب حاكم حقيقي، أو معارض حقيقي، فالمعارضة تريد أن تحكم بالفوضى . كذلك يضيف حماد أن الاخوان وصلوا بسيادة الشعب، ولا احد يستطيع تغير ذلك، وإذا اراد الشعب تقويمهم فعليه ان يفعل ذلك بالأطر السياسية المتعارف عليها بشكل حضاري عن طريق فتح ابواب الحوار معهم، الى ان نصل لحلول قويمة، وإذا كان لديهم اعتراض حول مشروع الاخوان المسلمين فعليهم أن يأتوا بمشروع آخر ، وحلول بديلة، ليس لمجرد الاعتراض فقط، كذلك فجماعة الاخوان المسلمين عليها أن تعد العدة للنهوض بالدولة بتطبيق شرع الله، وبالاستعانة بالكفاءات المختلفة. ويضيف حماد انه يرى الصراع بين الاخوان والسلفيين نابع من تراكم فكري، كان من المفترض ان يضيع خلال السنوات السابقة الماضية، خاصة وان مبدأهم واحد وهو الاحتكام إلى الشرع، لكن ما يفرقهم هو ان الاخوان يتخذوا السياسة وسيلة للحكم ، أما السلفيين فيهتمون بتربية المجتمع وتعليمه أصول الدين ، ولكن للأسف فالبعض ما زال يحمل ضغائن قليلة، خاصة وأن الإخوان يتفننوا في إقصاء أي طرف آخر يحاول مزاحمتهم في الحكم الوعد بالوزارات يرى حماد أنه بشان تحكم الاخوان في الوزارات المُشكلة داخل حكومة قنديل ، والتي لم يفز حزب النور منها سوى بوزارة البيئة فقط، فهذا لم يكن عيباً من الاخوان ، بل لابد من إلقاء اللوم على السلفيين لانهم هم اللذين لم يقدموا كوادر تصلح لتولي تلك المناصب ، بالرغم من امتلاء الحزب بالكوادر ، فليس من حقنا إذاً الشكوى ، إذا كان التقصير أساسه عندنا . يشاركه الرأي مصطفى سلامة الداعية السلفي، فيرى أنه لا يمكن الاعتراض على الحكومة أو على الرئاسة، ومن يقول خلاف ذلك لا يريد سوى افشال الدولة واسقاطها، ويضيف سلامة ان الاسلاميين إذا اخذوا فرصتهم بشكل كامل وكافي ، سيأكل الشعب المصري الرغد طيلة حياته، وذلك لانهم ليسوا في حاجة إلى نهب البلد، فلن يلجؤوا إلى سرقتها كما كان يفعل النظام السابق، فلديهم من العز والتربية، ما يكفيهم للمحافظة على البلد من السرقة وغيرها ، أما الأن فالإخوان لا يستطيعون الانجاز لأن اقدامهم مكبلة بالفوضى والبلطجة ، بمجرد ان يتركهم البلطجية ومدعي الثورة، وينزعوا الاغلال التي وضعوها في حول اقدامهم ستكمل الدولة والحكومة عجلة الانتاج، أما ما يحدث الان من عنف وبلطجة فليس له أي فائدة الا انه سيؤدي إلى انتاج "دولة فاشلة" وهي الدولة التي يمر الزمن عليها ، دون انجازات . "انتهى شهر العسل بين السلفين وجماعة الاخوان المسلمين، وطلاقهما بائن " الجملة التي بدا بها ثروت الخرباوي القيادي المنشق عن جماعة الاخوان المسلمين حديثه، حيث يرى أن مبدأ الاختلاف بين جماعة الاخوان المسلمين وحزب النور السلفي ، خلافات قديمة الأذل، نابعة من عدة أسباب أولها، الخلاف الفكري بشأن الدين ، فمن الممكن ان يتهاون الاخوان في بعض الامور الدينية ، أما السلفيين فلا يمكن أن يتهاونوا، بالرغم من ذلك فلا احد يستطيع ان ينكر ان بعض من كبار المشايخ السلفيين، استطاعوا ان يؤثروا في الفكر الإخواني، وتربوا دينياً على ايديهم، أمثال الشيخ الحويني، الذي آثر كثيراً في عقيدة الاخوان المسلمين، كذلك أراد الاخوان صناعة جسر بينهم وبين السلفيين، فنجد ان عدد كبير منهم يسلك النهج السلفي أمثال الشيخ جمال عبد الهادي، الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل، اللذين عملوا كثيرا جاهدين في محاولات لتقريب وجهات النظر وخلق مساحة بين التيارين ، ولكن الامر قد تأزم واختلف كثيراً في وقت الانتخابات ، وذلك بخروج ابو الفتوح من جماعة الاخوان المسلمين، وهناك جملة شهيرة للشيخ عبد المنعم الشحات وقت هذا الخروج وجهها إلى جماعة الاخوان المسلمين هنئ فيها الجماعة بخروج مثل هؤلاء من مكتب ارشادها . استخدام الاخوان للسلفين يضيف الخرباوي أنه بعد الثورة حاول خيرت الشاطر إيجاد تواصل مع السلفيين ، بهدف استخدام السلف في المعارك الانتخابية والسياسية، فمن المعروف ان السلفين ليس لديهم خبرة بالعمل السياسي، مما دعا الاخوان إلى استخدامهم في الوصول للحكم، وذلك كان باتفاق معين مفاده بعض المكتسبات، منها مثلا تمكين بعض القيادات السلفية من بعض الوزارات وغيره من الوعود ، ولكن هذا لم يحدث تماما، ومع الوقت شعر السلفيين انهم اداة في يد الاخوان، بدأوا يتمردوا ، ففكروا في الاستقلال عنهم، وعندما شعر الاخوان بذلك ، قرر الشاطر تفتيتهم، فقسم حزب النور وخرج منه حزب الوطن . ويضيف الخرباوي أن الصراع بين الاخوان والسلفين، صراع حقيقي لأنه قائم على إثبات حق ، وفيه حاول السلفين توصيل رسالة للإخوان مفادها "لن تصعدوا إلا من خلالنا"، ولا يُخفى على أحد انه بالرغم من التواجد القوي للفصيل السلفي في الشارع المصري، إلا أنهم يفتقدون الهرم التنظيمي، الذي يساعدهم في الوصول لما يتمنوه . البرلمان يستكمل الخرباوي حديثه بخصوص الانتخابات البرلمانية القادمة، حيث يرى أن السلفين سيبذلون مجهوداتهم للحصول على اكبر قدر ممكن من الأصوات لكنهم لن يطمحوا الى كسب ال 100% من الأصوات، فهم يروا انهم دعاة، والداعي لا يجب أن يزاحم الشعب في العمل السياسي، فدورهم اقرب إلى الضمير منه إلى السياسة، لذلك فالفرصة ستكون سانحة امام الاخوان بشكل اكبر، خاصة وهم يعتمدون على مبدأ الضرورات تبيح المحذورات، فمن يدري بما سوف يعملون خلال الانتخابات البرلمانية القادمة، فكل ما سيهتمون به هو الحصول على ما يريدون . بينما يرى محمد غنيم المحلل السياسي، أنه فيما يتعلق بالصراع الاخواني السلفي، والاختلافات الداخلية بينهم الان، فهو أمر طبيعي جداً لأن الاخوان يعلموا جيداً أن السلفيين هم المنافس الاكبر والاعظم لهم، فكان من الطبيعي البحث وراء تفكيكهم، فبالرغم من القلق الذي تمثله جبهة الانقاذ بالنسبة للإخوان المسلمين، مع ذلك فالجماعة تخشى السلفيين أكثر من خشيتها من جبهة الانقاذ وجبهات المعارضة، وفي زخم الأحداث السياسية نجد مثلاً منذ فترة وجيزة اقالة محمود علم الدين من مكتب الرئاسة، الامر الذي يعد بمثابة إهانة متعمدة لحزب النور، وفي نفس الوقت ظهرت النوايا بينهما بعض الشيء، فمن عظمة خوف الاخوان من جماهيرية وشعبية النور العريضة، كان لابد من تفتيتها، لان الجبهة المفككة ليس من الممكن أن تأخذ قاعدة جماهيرية واسعة. مع ذلك فالخلاف بين الاخوان والسلفين لن يستمر كثيراً وسيعودون مرة أخرى، لأن مصائرهم واحدة، ومهما حدث من تصعيد سينتهي إلى تحالف في أي وقت من الأوقات .