تعد قطر بمثابة الفائز الأول من مباراة كرة القدم التي أقيمت يوم الثلاثاء الماضي باستاد "بارك دي برينس" بباريس بين نادي باريس سان جيرمان الفرنسي ونادي برشلونة الأسباني في إطار منافسات مباريات الذهاب لبطولة دوري الأبطال الأوروبي، رغم انتهاء المباراة بتعادل الفريقين 2 / 2 . فكل من تابع مباراة باريس سان جيرمان وبرشلونة سواء من مدرجات استاد بارك دي برينس أو على شاشات قناة "بي إن" سبورت القطرية المشفرة أو "الجزيرة" القطرية المشفرة كان يرى اسم قطر عندما ينظر أمامه أو خلفه عن يمينيه أو عن يساره في حملة دعائية غير مسبوقة للإمارة الخليجية الثرية التي تعد ثالث أكبر منتج للغاز في العالم بعد روسيا وإيران . لقد تواجد اسم قطر وشعار مؤسساتها في كل مكان سواء في المقصورة الرئيسية لإستاد بارك دي برينس الذي تمتلكه قطر بوصفه ملعب باريس سان جيرمان الرسمي أو على قميص فريق برشلونة الذي ترعاه قطر أو على الإعلانات التي تحيط بالملعب الذي يقع وسط باريس حيث يرتفع سعر المتر في هذه المنطقة إلى عشرات الآلاف من اليورو. فمباراة باريس سان جيرمان وبرشلونة تجسد في واقع الأمر مدى تأثير ثراء قطر على صناعة كرة القدم في عالم اليوم منذ أن فازت بشرف تنظيم كأس العالم لعام 2022 ثم عقب قيام صندوق قطر للاستثمار بشراء نادي باريس سان جيرمان في منتصف 2011 بنحو 50 مليون يورو في حين دفعت مؤسسة قطر " قطر فاوندايشين " 170 مليون يورو للدعاية لاسمها على قميص فريق برشلونة أشهر وأقوى أندية العالم في الوقت الحالي. وإذا كانت قطر قد سددت 50 مليون يورو للحصول على ملكية نادي باريس سان جيرمان واستاده بارك دي برينس فإنها أنفقت في نفس الوقت 50 مليونا أخرى نظير سداد ديون النادي، ولم تقتصر فاتورة شراء باريس سان جيرمان على المائة مليون يورو بل أضيف إليها نحو 250 مليون يورو مقابل شراء لاعبين على مستوى عال وهو ما ظهر بوضوح من نجاح الفريق فى انتزاع التعادل من برشلونة الرهيب رغم أن حظوظ نادي العاصمة الفرنسية في التأهل للدور قبل النهائي للتشامبيونز ليج باتت صعبة للغاية فيكفي البارسا الفوز على أرضه بكامب نو بأي نتيجة أو حتى التعادل بدون أهداف أو 1/1 ، في مباراة العودة لتخطي باريس سان جيرمان بنتيجة المباراتين . وعلى الرغم أنه من الصعب مقارنة نجوم باريس سان جيرمان بنجوم برشلونة إلا أن جهاز قطر للاستثمار نجح بعد مرور عام ونصف على شراء نادي العاصمة الفرنسية من تدعيم الفريق بصفقات قوية تمكنت من تحدي برشلونة الرهيب مثل تياجو سيلفا (45 مليون يورو) وباستور (42 مليون يورو) ولوكاس (40 مليون يورو) و لافيزي (26 مليون يورو) وإبراهيموفيتش (20 مليون يورو) . ومن جانبها بادرت وزارة السياحة القطرية الممثلة في "قطر توريزم أوثوريتي" بعقد صفقة مجزية مع باريس سان جيرمان لتمكنه من تدعيم صفوفه في المستقبل والارتقاء ببنيته التحتية حتى يرتقي إلى مستوى العمالقة الأوروبيين من أمثال برشلونة وريال مدريد وبايرن ميونيخ و مانشستر يونايتد وايه سي ميلان، وقد بلغت قيمة هذه الصفقة المدوية نحو 600 مليون يورو سيتم تسديدها على 4 سنوات للدعاية لقطر وتحسين صورتها في العالم. كما تعهدت قطر بإنفاق 40 مليون يورو لبناء مركز للتدريب وتنمية المواهب حيث من المقرر أن يتم الانتهاء من بناء هذا المركز في عام 2015 . من جانبه وقع البنك الأهلي القطري عقد شراكة مع باريس سان جيرمان من أجل وضع اسمه على الإعلانات التي تحيط باستاد بارك دي برينس نظير مقابل مادي لم يتم الكشف عن قيمته بعد. وتعتزم قطر تطوير استاد بارك دي برينس لاستضافة جانب من مباريات بطولة الأمم الأوروبية لعام 2016 بفرنسا كمرحة أولى قبل أن يبدأ تنفيذ خطة زيادة السعة الاستيعابية لاستاد بارك دي برينس ليصل إلى 60 ألف مشاهد. وقد تمكن جهاز قطر للاستثمار من زيادة ميزانية نادي باريس سان جيرمان في الموسم 2012 -2013 ليصل إلى 300 مليون يورو وهو رقم لم يعد بعيدا جدا عن حجم أعمال نادي برشلونة والذي يبلغ 483 مليون يورو. وفي نفس الوقت فقد أصبحت "قطر فاوندايشن" التي أسست لتنفيذ مشروعات إنسانية في قطر الراعي الرئيسي لقميص برشلونة منذ ديسمبر 2010 نظير 170 مليون يورو سيتم تسديها على مدار 6 سنوات . الشراكة التى أدت إلى حدوث ثورة حقيقية في برشلونة فالهولندي الطائر يوهان كرويف أحد أبرز نجوم هولندا والعالم والذي لعب في صفوف برشلونة وتولى تدريبه لفترة من الزمن لم يستطع منع نفسه من انتقاد هذه الصفقة بسبب تراجع إعلان اليونيسيف المجاني من على صدر القميص إلى ظهره، لكن الأهم هو ماذا سيقول كرويف عندما يرى علامة شركة الطيران القطرية "قطر إيروايز" على صدر قميص برشلونة اعتبارا من الموسم القادم 2013 -2014؟. وبغض النظر عما سيقوله كرويف ستكون "قطر إيرويز" أول راعي تجاري يظهر اسمه على قميص برشلونة بعد أن ظل قميص الفريق الكتالوني بعيدا عن أي رعاة إلى أن ظهر عليها اسم اليونيسف في عام 2006 ليس بغرض كسب المال ولكن من أجل الترويج للأعمال الخيرية التي تقدمها اليونيسيف للأطفال والطفولة ، والدليل على ذلك أن برشلونة هو الذي يقدم مساعدة سنوية لليونيسيف قدرها 2 مليون يورو. وترد إدارة برشلونة على يوهان كرويف بالقول بأن "قطر فاوندايشن" ستتقاسم مع ذلك قميص لاعبي برشلونة مع "اليونيسيف"، وهو أمر يتوافق تماما مع فلسفة النادي الكتالوني لان المؤسسة القطرية لا تبغي الربح في نشاطها، وهي تأسست عام 1995 بمبادرة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وتتولى زوجته الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئاسة مجلس إدارتها وتقوم بقيادة المؤسسة وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها وبرامجها الخاصة في نواحي التعليم والعلوم وتطوير المجتمع. وعلى الرغم من أن برشلونة ظل لمدة 100 عام يرفض استغلال قميصه تجاريا إلا أن صفقة الشراكة بين برشلونة و"قطر فاوندايشن" تعد أغلى صفقة إعلان يوضع على قميص اللاعبين في التاريخ، بعد أن تخطت الصفقة التي عقدها مانشستر يونايتد الانجليزي مع شركة "اون" لوضع اسمها على قميصه اعتبارا من الموسم الحالي مقابل 23.6 مليون يورو سنويا.