فيما تتوالى الأنباء عن وقائع التعري في دول عربية بمسميات ولافتات احتجاجية بدا ان "العدوى تنتشر" وكأن الاحتجاج لا يكون الا بالتعري!. وفي الآونة الأخيرة بدا ان هناك نوعا من الالحاح على نشر ثقافة التعري في دول عربية ومسلمة بصورة تدعو لكثير من التساؤل بقدر ما تعكس الحاجة لإضاءة ثقافية والتأكيد على حقائق حضارية. فقد نشطت منظمات وحركات غربية لما يسمى "بالنساء المتعريات" مثل "حركة فيمن" في العالم العربي لتأسيس أفرع عربية لهذه الحركات و"التضامن بتعرية الأجساد" مع فتيات عربيات قمن بتعرية انفسهن في سلوك مرفوض ولا ينتمي بأي حال للثقافة العربية. وينطوي هذا السلوك المرفوض على نوع من التقليد الأعمى ثقافيا وحضاريا لممارسات قد تكون وليدة ظروف مغايرة في الغرب وجديد ثقافة التعري هناك وبما يعبر عن هيمنة اليات السوق والسعي لتسليع المرأة او التستر وراء شعارات جذابة مثل "الجمال الطبيعي" مثلما حدث مؤخرا عندما تعرت عارضة الأزياء الروسية ايرينا شايك صديقة لاعب الكرة البرتغالي الشهير كرستيانو رونالدو بزعم ان صورها العارية ستستخدم لدعم مشروع اجتماعي غير هادف للربح!. واذا كان من الصحيح لحد كبير ما يذهب اليه البعض من ان قضايا المرأة لا تختلف عن قضايا الرجل في مجتمع مثل المجتمع المصري فمن الطريف ان تتحقق صحة المقولة على نحو قد يبعث على السخرية فيما يتعلق بثقافة التعري!. فها هم بعض الشباب من النشطاء سياسيا يتظاهرون مؤخرا "بالملابس الداخلية" وسط حالة من الاستهجان والاستنكار العام لهذا التصرف سواء على مستوى الشارع المصري او وسائل الاعلام فيما حق للبعض القول بأن هذا السلوك يفقد اي قضية مغزاها ناهيك عن التأييد الشعبي لها!. وبصرف النظر عن مغزى اهتمام صحيفة غربية في حجم "الأوبزرفر" البريطانية بكتاب "الجنس والقلعة" لشيرين الفقي والترويج للكتاب باعتباره "استكشافا متبصرا ويبعث على التفاؤل للسياسات الجنسية في العالم العربي" فان قضايا المرأة المصرية والعربية اكبر بكثير من مجرد اختزالها في قضايا الجسد والمخادع كما ان لهذه المرأة تاريخها الوضيء في القضايا الكبيرة للوطن جنبا الى جنب مع الرجال. وصحف مطلع ثلاثينيات القرن العشرين حافلة بأخبار مظاهرات النساء المصريات احتجاجا على الغاء دستور 1923 فيما يرددن الهتافات ضد اسماعيل صدقي رئيس الحكومة الموالية للسراي وقبل ذلك كان دور المرأة في ثورة 1919 مشهودا . بل ان ظاهرة "المرأة المعيلة" اي القائمة بتلبية متطلبات المعيشة لأفراد عائلتها تتصاعد الآن في مصر وعلى نحو يشير بأصبع الاتهام لكسل الرجال واستسلام البعض منهم لراحة ثرثرة المقاهي!. ويقول الكاتب والباحث المرموق وحيد عبد المجيد إن "النساء المعيلات في مصر في ازدياد وتقوم كل منهن بما يعجز عنه أي رجل لأنها تعمل اما وابا في الوقت نفسه واحيانا في وجود زوج لا يستحق حتى وصف ضل حيطة"!. واعتبر الدكتور وحيد عبد المجيد الهجوم على الوثيقة الختامية للدورة ال57 للجنة المرأة بالأمم المتحدة بشأن العنف ضد المرأة "حلقة في هجمة شرسة ضد المرأة المصرية وحقوقها الأساسية" فيما ذهب الى ان هذه الهجمة تستهدف مستقبل مصر اكثر مما تستهدف "اعادة المرأة الى عصر الحرملك". واعربت الكاتبة سكينة فؤاد عن شعور بالقلق حيال "ما كشفت عنه مجموعة من الدراسات والاستقصاءات الحديثة عن تراجع اوضاع المرأة المصرية الى الأسوأ بعد ثورة يناير " مضيفة ان "عام 2012 شهد علاوة على تزايد فقر المرأة واحساسها تماما بافتقاد الأمان المادي وعدم توافر فرص العمل استمرار العنف ضدها من عنف منزلي وتحرش وتزويج الصغيرات".