"لأن الخوف هو حليف الظلم" على حد قول اوجستو، فإنه مع تراجع الخوف أصبحنا أكثر قدرة على هزيمة الظلم بالمواجهة، حتى لو كان الطريق يحتاج إلي تدريبات عديدة، وإلي سنوات من المحاولة، لأنه ليس هناك حل واحد للصراع، وليست هناك معادلة نبحث عن الوصول إليها في مسرحنا". بهذه الكلمات عبرت المخرجة "نورا أمين" عن تجربتها في مسرح المقهورين، الذي أسسه المخرج المسرحي البرازيلي "أوجستو بوال"، وبالرغم من نشأته وتطوره بين البرازيل وفرنسا إلا أنه انتشر بعد ذلك في مختلف أنحاء العالم، إلي أن وصل مصر يناير من عام الثورة على يد المخرجة نورا أمين. مضيفة أن فكرة مسرح المقهورين نشأت في مصر بخضم الحالة الثورية، وهو المنهج المسرحي المعني بربط قضايا المجتمع بالمسرح بطريقة مباشرة ومفتوحة لتدخل الجمهور، وكما يدل من اسمه يعبر عن قضايا القهر، سواء القهر القائم على العنصرية، أو الطبقية، أو قهرالمرأة، أوالأطفال، فالعروض ليست من خيال المؤلف، بل هى نتاج لما يعيشه الممثلون. فيدور العمل حول قاهر ومقهور وحالة من الصراع ينبغي علي المتفرج أن يعرفها ويتوصل إلي طريقة يمكنه بها إدارة ذلك الصراع أو معالجته، ومن هنا فإن العروض لا تختتم بنهاية يضعها المخرج، وإنما تتوقف داخل المشكلة، ليطلب "الجوكر"- قائد المسرحية- من الجمهور التدخل، والصعود على خشبة المسرح من أجل ابتكار حلول أفضل لإدارة المشكلة تسمح بتغير الوضع، ولكى يتم ذلك يتعين على المتفرج أن يحل محل الممثل الذي يعاني من الظلم أو القهر، أى شخصية المقهور، وعندها عليه أن يرتجل مقترحات لتغيير الأحداث، ورفع القهر عن المقهور بمواجه القاهر، وهو الشكل الذي يدفع بالمتفرج إلي التفكير والنقد وليس الاندماج أو الاسترخاء. وتوضح نورا أن الفكرة قائمة على تحرير الفعل المسرحي من قيود الخشبة المسرحية، وتسهيل دوره كوسيلة لإعادة بناء الوعي للمواطن العادي، كما أن هذا النوع من المسرح يختلف عن بقية العروض المسرحية، حيث لا يشترط أن يمارسه ممثلون، فالتمثيل والعمل فيه مفتوح لأى مواطن عادي بصرف النظر عن خبرته المسرحية أو ثقافته، كما يعد أسهل المناهج المسرحية في التداول، فهو من ناحية لا يحتاج إلي تعقيدات انتاجية لأن معظم خاماته واكسسواراته من مواد البيئة والعناصر التى يمكن اعادة تدويرها، ومن ناحية أخرى لا يحتاج إلي طاقم إبداعي من مؤلفين ومصممي ديكور، وموسيقيين لأن الممثلين هم الذين يقومون بكل تلك الأدوار في اطار من العمل الجماعي المتكامل. وعن الأماكن التى تمت فيها عروض المسرح قالت: "قمت بتدريب مجموعات في ورش بالإسكندرية وبورسعيد والقاهرة والبحيرة وملوى والمنيا وبني سويف وفي خطتنا الوصول إلي بقية المحافظات، وأنتجنا بعد هذه الورش حوالي 26 عرضاً مسرحياً، والعدد الأكبر من العروض كان في الصعيد".