مشروع “حكايتنا” نشاط إنساني يمد الذاكرة ويعبر عن الهوية والتواصل حوار: هبة صلاح عندما يتحول الجمهور من متفرجا إلي بطل في عملا فنيا ويتدخل بطرحة حلولا مبتكرة للمشكلة المعروضة ، او يتحول المواطن الي قصاص ليروي موقفا او حكاية ويسمعه الاخرون ويتبادلون النقاش حول حكايته ، فينتج هذا نوعا جديدا من الفن يشارك فيه المواطن بشكل مباشر ويتفاعل معه ويؤثر في نفسه وعقله بشكل ايجابي ، هذا بأختصار مضمون المبادرات الفنية “المشروع المصري لمسرح المقهورين” ومشروع “حكايتنا” التي بادرت بتقديمهم . الفنانة نورا امين ، الكاتبة والمخرجة والممثلة ، كشكل جديد للفن والمسرح في المجتمع المصري والذي يقترب من هموم واوجاع المواطن بشكل مباشر ويحاول تغيير نظرته لمشكلته والقدرة علي حلها بطريقة غير تقليدية… “الاهالي” في حوار خاص مع الفنانة “نورا امين” .. - متي بدأت مبادرتي مسرح المقهورين ومشروع حكاياتنا ، وما الرابط بينهما ؟ أطلقت مبادرة “المشروع المصري لمسرح المقهورين” منذ نوفمبر عام 2011 أما “حكاياتنا” فبدأت منذ يناير 2009 والهدف من المبادرتين يكاد يكون متشابه الا وهو اتاحة دور الفن في الشارع المصري، ففي “حكاياتنا” (وهي مبادرة الحكي الشخصي بالتعاون مع شبكة “حكايا” بالأردن” يقوم المواطنين العاديين بحكاية حكاياتهم الشخصية والحقيقية في المقاهي العامة حيث يتحولون هم أنفسهم الي حكائين بارعين بينما يظلون جمهورا لبعضهم البعض. وعادة ما تكون الحكايات صادمة أو تعبر عن لحظة فاصلة في حياة الفرد أو مواجهته للجماعة أو للسلطة أو للحظة الاختيار. و المذهل كما تقول “نورا” هو قدرة تلك الأمسيات علي خلق روح جماعية تدعم الخبرات الشخصية للأفراد وتشعر المواطن العادي أن له صوتا مسموعا وأن حكايته جديرة بالاهتمام والمشاركة الي جانب العودة إلي الاحساس الأصلي بالحكاية كنشاط إنساني يمد الذاكرة ويعبر عن الهوية والتواصل. أما “المشروع المصري لمسرح المقهورين” كما تصفه الفنانة فهو قائم علي “منهج مسرح المقهورين” للبرازيلي أوجستو بوال، وتحديدا تقنية مسرح المنتدي، وهو مسرح لكل المواطنين وليس فقط للممثلين، كما أنه لا يعرض مسرحيات مؤلفة بل يعرض القضايا التي يعيشها الناس في بيئتهم ويرون أنها بحاجه للنقاش وبالتالي فهم أيضا الذين يصيغونها ويرتجلون أدوارهم داخلها. - ما دلالة تسميته بمسرح المقهورين؟ أنه مسرح -كما يدل اسمه- يعبر عن قضايا القهرحيث هناك قاهر ومقهور وحالة من الصراع ينبغي علي المتفرج أن يعرفها ويتوصل إلي طريقة يمكنه بها إدارة ذلك الصراع أو معالجته، ولا يتم ذلك من خلال الحوار مع قائد الأمسية “الجوكر” فحسب بل من خلال صعود المتفرج صاحب المقترح إلي حلبة المسرح وإتخاذه لأحد الأدوار لكي يتفاوض ويرتجل من خلاله مع باقي الشخصيات لتغيير نهاية المشهد. - ما الاماكن التي وصل اليها العروض وما الجهات المشاركة ؟ لقد قمنا بتدريب مجموعات في ورش بالإسكندرية وبورسعيد والقاهرة والبحيرة وملوي والمنيا وبني سويف وفي خطتنا الوصول إلي بقية المحافظات بنهاية عام 2012، وكان التعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة دعما كبيرا لمنهجنا، وقد أنتج هؤلاء المتدربين حوالي 26 عرضا مسرحيا وفقا لهذا المنهج، والعدد الأكبر من العروض هو في الصعيد. مسرح الثورة - ما ملاحظاتك عن تجربة مسرح المقهورين ؟ وكيف كان رد فعل الجمهور ؟ الجمهور دائما ما يفاجئنا لاسيما أنه مشارك معنا في صناعة العرض بشكل فوري أمام الجميع وغالبا في الشارع، إنه يفاجئنا بتفكيره وحماسه للمشاركة، كما يذهلنا ترحاب الشارع . وبعد كم كبير من أمسيات العروض بالشارع والمقاهي الشعبية والمدارس والجامعات ومراكز الشباب والمكتبات والحدائق العامة وغيره، أستطيع أن أقول إن هذا النوع من المسرح هو مسرح الثورة بالنسبة لنا، وأن الشارع هو المكان الطبيعي لمن يريد الوصول الي الناس، وأنا فخورة أن مسرحنا هو للممثلين ولغير الممثلين لذلك فنحن نسمي من يعملون في فريقنا ب”نشطاء المشروع المصري لمسرح المقهورين”. المشروع يهدف إلي إعادة التربية للمواطن لذلك فنحن جميعا في حاجة إلي تربية جديدة وإلي إدراك ذواتنا وحريتنا وإرادتنا من جديد. الحكاية - وماذا عن تجربة مشروع حكاياتنا؟ وردود الأفعال حوله؟ “حكاياتنا” كانت ناجحه للغاية وهي الخطوة التي أدت بنا إلي “مسرح المقهورين” بعد ذلك ، فلولا “حكاياتنا” ما توطدت صلتنا بالشارع ولما اكتسبنا تلك الخبرة التي دعمتني أنا شخصيا كمخرجة في تأهيل فريقي فيما بعد. وقد أنتجنا فيلما توثيقيا قصيرا من مجموعة مختارة من تلك الحكايات وكذلك قرصين مدمجين مدتهما ثلاث ساعات يتضمنا ثلاثين حكاية، ومنها العديد المرتبط بالثورة. -كيف يمكن للفن ان يكون عنصرا مؤثرا في حياة المواطنين ومدي احتياجنا له في هذه المرحلة؟ أن الفن لا يمكن أن يظل حبيس المباني المغلقة وينبغي أيضا تحريره من القيود الفيزيقية ويصل إلي جميع أنحاء مصر، وهذا هو هدف “المشروع. التأثير في الجمهور -من خلال تجربتك ، ما مدي تأثير مشاركة الجمهور في العمل الفني بشكل مباشر في نفوسهم ؟ أعتقد أن المتفرج الذي يشارك بالفعل في عروضنا يعود إلي بيته وقد تغير فيه شيء أو أدرك شيئا جديدا عن نفسه وعما يمكنه فعله حيال القهر الذي يعيشه في حياته الخاصة ، لقد شهدنا أيضا لحظات مؤثرة للغاية، حيث كان بعض المتفرجين يبكون من التأثر لأنهم يستدعون لحظة قهر حقيقية مروا بها أثناء وجودهم داخل المشهد، وهناك لحظات أبكتنا نحن من السعادة مثل يوم العرض في الفن ميدان بمركز شباب الصفا حيث كان هناك كم كبير من المتفرجات الأطفال البنات وكلهن كانت لهن قدرة مذهلة علي الحلول الابداعية ومواجهة القهر بلا خوف. -هل تعتقدين ان الفن بهذه الطريقة سيكون مؤثرا ويستطيع مواجهة الفكر الظلامي الذي ينشر الان بين المواطنين ؟ أكيد..تحديدا الفن الذي يعمل العقل ويفتح القدرات الذهنية للمتفرج ويدعم حريته وقدرته علي الفعل. -ما الخطوة القادمة التي يتم التجهيز لها؟ نحضر لورش تدريبية بالتعاون مع مؤسسة مبادرون للتنمية الثقافية والاعلام (بورسعيد) في محافظات بورسعيد والاسماعيلية والدقهلية ودمياط وبدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) ، ولدينا مشروعا للتعاون مع الأردن والمغرب وتونس إما لتدريس ورش وإعدادا نشطاء لهذا النوع من المسرح أو لتقديم عروضنا.