كيف ساهمت شخصية البابا شنودة في وأد كثير من الفتن على مدار أكثر من 40 عاماً جلس فيها على كرسى البابوية؟.. تساؤل يجيب عليه كتاب "الأسطورة.. البابا شنودة الثالث" للمؤلف أحمد السرساوى الذى يرصد في كتابه أسرار من حياة البابا السابق. ويَصدر الكتاب متزامناً مع توتر طائفي شهدته مصر، خلال الأيام الماضية، على خلفية مقتل أربعة مسيحيين في اشتباكات مع مسلمين بمنطقة الخصوص في محافظة القليوبية يومي الجمعة والسبت، أعقبها اشتباكات، أمس الأحد، في محيط الكاتدرائية القبطية بالقاهرة بعد تشييع جثامين الأربعة. ويقول الكاتب في مقدمته إن الكتاب يتناول قصة حياة البابا شنودة منسوجة بأهم أحداث الوطن، حاولت أن أرسم ملامحه الإنسانية والكشف عن جوانبها الخفية فضلا عن شخصيته الدينية ومكانته الوطنية.. ويضم الكتاب عدداً من الفصول التي تعرض لأسرار في حياة البابا شنودة لم يكشف عنها قبل ذلك؛ منها حكايات البابا مع الجيش المصري وأسرار الأملاك القبطية بالقدس، وكنائس المهجر وخروجها خارج أسوار الكاتدرائية، ومواقف جمعته بمشايخ وساسة ومفكرين، وحب البابا للصحافة وعضويته لنقابة الصحفيين المصريين، وأسرار قراره بدخول أول امرأة قبطية للمجلس. كما يتناول الكتاب أهم الأطعمة التي كان يحبها البابا السابق، وصولا إلى مظاهرة الحب التي جمعت مصريين مسلمين ومسيحيين، في رحلة الوداع إلى مثواه الأخير. ويأتي الكتاب في 128 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 9 فصول تتناول مسيرة حياة البابا، ويحوي أكثر من 100 صورة نادرة للبابا تنشر لأول مرة، والكتاب صادر عن دار أخبار اليوم الحكومية المصرية، ضمن سلسلة شهرية تصدرها الدار بعنوان "كتاب اليوم". ويقول السرساوي مؤلف الكتاب عن شخصية البابا شنودة: "لم يستطع سياسي في حجم الرئيس المصري الأسبق أنور السادات أن يراوغه ويحجمه داخل أسوار الدير، بل العكس اتسعت في عهده الكنيسة القبطية أكثر مما كانت عليه". وكان الرئيس المصري الراحل قد اصدر قرارا في سبتمبر عام 1981 بتحديد إقامة البابا شنودة في دير وادي النطرون بمحافظة البحيرة شمال مصر وذلك على في حملة اعتقالات اشتهرت في هذا الوقت ب"حملة اعتقالات سبتمبر" والتي طالت عددا من الشخصيات العامة والسياسية المعارضة لسياسة السادات تجاه توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل. وعن علاقته بالرئيس السابق حسني مبارك يقول:" تمدد اتساع الكنيسة القبطية في عهد مبارك، والذي ناوره أيضا البابا شنودة وتماهى ظاهريا مع سياساته، فاتسعت الكنيسة القبطية في الداخل والخارج كما لم تتسع من قبل، بل أصبحت كنائسها هنا وهناك بمثابة سفارات دينية او امتدادا لسلطة الكنيسة خارج الحدود". وعن حكايات البابا شنودة مع الجيش المصري يقول السرساوي: أثناء حرب أكتوبر في عام 1973 كان دائم التردد على المستشفيات لزيارة الجرحى من أبطال المعارك، ويتجول في ربوع مصر لحث رجال الدين ولجان الكنائس والجمعيات القبطية على مساندة الجيش بالمال والدم والروح من أجل نصرة الجيش في حربه مع إسرائيل. ويرى السرساوي أن قضية القدس تجسد وطنية البابا وعروبته، وأنه رهن زيارته للقدس بحل القضية الفلسطينية حلا شاملا وعادلا كما تراها الدولة المصرية.. وفيما يخص حفريات إسرائيل تحت المسجد الأقصى وقبة الصخرة يقول الكاتب: "كان للبابا شنودة آراء معروفة وصريحة حول هذا الأمر، حيث صرح البابا أكثر من مرة، أن الاعتداءات على المسجد الأقصى أمر خطير وغير انساني وغير مقبول لأنه يثير شعور المسلمين في أرجاء المعمورة. ويلفت السرساوي إلى أن البابا كان يفرق بين اليهودية والصهيونية، معتبرا أن ما تقوم به إسرائيل هو عمل سياسي بحت لا علاقة له بالدين، وأن ربط سياساتها بنصوص وشعارات دينية..باطل.. ويعتبر الكاتب أن مشاهد جنازة البابا شنودة الثالث، والحشود من المسلمين والمسيحيين الذين خرجوا في وداع البابا بشكل عفوي غير مخطط له، أبلغ دليل على شخصيته الوطنية.