لقد شهدت الفترة التي أعقبت ثورة يناير الكثير من ملفات الفساد التي تم فتحها لأول مرة، خاصة في مجال الأراضي المملوكة للدولة، وأقيمت عشرات الدعاوي القضائية التي تطالب بإعادة تقييم ملايين الأفدنة التي تم توزيعها علي الكبار والمحاسيب من رجال البيزنس وأعضاء لجنة السياسات، ومع مرور الأيام بدأت تلك الملفات تختفي أو تتراجع دون أن يعرف الرأي العام حقيقة الموقف منها ومن أصحابها، كما تم تجاهل تلك الملفات دون أن يعرف المصريون هل لهم حقوق في تلك الأراضي والتي تم بيعها بملاليم لتصبح مليارات بعد ذلك؟!.. وكان من أهم تلك الملفات ملف أراضي السليمانية التي يمتلكها رجل الأعمال سليمان عامر، فعقب الثورة تم تقديم العديد من البلاغات التي تشكك في صحة عقود تملك الأراضي، وقد تم مؤخراً فتح ملف القضية أمام محكمة القضاء الإداري التي كانت تنظر الدعوي التي تقدم بها المحامي شحاتة محمد شحاتة مدير المركز المصري للنزاهة والشفافية وقررت المحكمة برئاسة المستشار حسن سيد عبدالعزيز تأجيل الفصل فيها، وقال المحامي شحاتة محمد للمحكمة إن العقد المبرم بين الحكومة وسليمان عامر نص في بنده الرابع بعدم استخدام الأرض لغير الزراعة مضيفا أن ما حدث أن سليمان عامر قام ببناء منتجعات سياحية علي هذه الأراضي المخصصه للزراعة أطلق عليها منتجع السليمانية باع فيه الفيللا الواحدة بعشرة ملايين جنيه علما بأن سعر المتر لا يجاوز خمسة قروش للمتر. وتم تشكيل لجنة، وبعد شهر تقريبا من البحث والدراسة أكدت اللجنة صحة ما جاء بالبلاغات وقالت اللجنة التي شكلها المستشار محمد عبدالعظيم الشيخ، رئيس هيئة قضايا الدولة، والمكلفة بمراجعة كل عقود تخصيص الأراضي التي أبرمتها هيئة التنمية الزراعية، إن مشروعي السليمانية والريف الأوروبي المقامين بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي تشوبهما وقائع إهدار للمال العام وفساد. وأوضحت اللجنة أن الشركة سجلت العقود التي أبرمتها الهيئة العامة للتنمية الزراعية مع رجل الأعمال المعروف سليمان عامر ممثلا عن شركة مصر للتنمية الزراعية «أميكو مصر» قبل أن يتم سداد كامل قيمتها بالمخالفة للقانون، وأن الشركة غيرت الغرض المخصصة من أجله الأرض وهو الاستصلاح والاستزراع إلي مشروع سكني سياحي باسم مشروع السليمانية. وأبرزت اللجنة أن الشركة قامت ببناء 498 فيللا بمساحات مختلفة وملاعب للجولف وبحيرات صناعية وصالات للبولينج وحمامات سباحة. وأشارت اللجنة إلي أنه في أغسطس من العام 2000 قرر مجلس إدارة هيئة التنمية الزراعية فسخ العقود المبرمة مع شركة «أميكو مصر» علي ضوء قيامها باستغلال الأراضي المخصصة للزراعة في غير الغرض الذي تم التخصيص من أجله، والتصرف فيها قبل سداد كامل قيمتها بالمخالفة للقانون، غير أن الهيئة لم تنفذ قرارها. وأشارت لجنة هيئة قضايا الدولة إلي أن الشركة عرضت الخلاف علي اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، التي أوصت بدورها بتحصيل ألفي جنيه للفدان نظير التغاضي عن المخالفات، بواقع 48 قرشا للمتر المربع وذلك دون أخذ رأي اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة أو إصدار قرار جمهوري!! ولكن الوضع علي أرض الواقع غير ذلك، فرغم كل هذه الاتهامات واللجان التي تم تشكيلها إلا أن المهندس سليمان عامر يتحدث للفضائيات وللصحف ويؤكد أن كل الاتهامات باطلة وأن مشروع السليمانية هو من أوائل المشاريع التي أقيمت في طريق "مصر- إسكندرية الصحراوي" في عام 1985 للبناء والتعمير في وقت كان التواجد في هذه المنطقة يعد ضربا من الخيال، موضحا أن المشروع حصل علي كل الأوراق القانونية لإقامته ومنها تأشيرة الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق. وقال سليمان عامر إن الأراضي غير مصرح باستخراج المياه الجوفية منها إطلاقا، وبالتالي فإنها غير زراعية ولا تصلح للزراعة وهو المبدأ الذي تم علي أساسه تحرير العقد كما نص العقد صراحة علي إقامة قرية سكنية كاملة المرافق والخدمات بمعرفة الشركة حيث لم تقم الدولة بأية مرافق أو إعفاءات خلافا للمشروعات الأخري بالمدن الجديدة، بل إن سليمان عامر يؤكد كل يوم أن البعض يشن حربا ضده، ويؤكد أن الحرب ضده بدأت في عهد النظام السابق واستمرت حتي بعد ثورة 25 يناير بهدف ضرب استثماراته!!.. مشدداً علي أنه ليس مديوناً لأي بنك وقام بتقديم مشروع حضاري بأسعار بسيطة وليست منتجعات سياحية بل مبان محاطة بمساحة خضراء علي أرض اعترفت وزارة الزراعة أنها لا تصلح للزراعة لعدم وجود مياه جوفية. ومن يستمع إلي تصريحات سليمان عامر يشعر أنه بريء وأن كل الاتهامات باطلة!!.. فهل انقلبت الأوضاع في مصر، وهل أصبحنا لا نعرف من المتهم ومن الجاني!!.. ومتي تتوقف الحكومة التي تتغير كل يوم عن أسلوب الغموض وعدم الكشف بصورة واضحة عن حقيقة الفاسدين وعن حقيقة الاتهامات!!.. وعلي الحكومة أن تتخذ إجراءات واضحة تجاه من يثبت تورطه في فساد أو في ارتكاب جرائم في حق الشعب المصري وفي سرقة حقوقه وأمواله وأراضيه، فليس من المعقول أن يخرج المتهمون بالفساد ليتحدثوا في الصحف والفضائيات، فإن حدوث ذلك يؤكد أن هؤلاء ليسوا متهمين أو متورطين بل يجعل الشارع المصري يتعامل معهم باعتبارهم ضحايا وأبرياء وليسوا متهمين بالفساد