لم تكتفي جماعة "الإخوان" الإرهابية بالزحف وراء استعمار الدول العربية فقط، بل بدأت في التوجه بأحلامها وخيالاتها المريضة نحو القارة العجوز "أوروبا" ساعية للإندساس وسط الحكومات من أجل السيطرة على البلاد، ولكن بالتأكيد قد تفشل كل محاولاتها مثلما فشلت في تجاربها السابقة مثلما حدث في مصر والدول العربية الأخري. وجاءت محاولات "الإخوان" في التخريب والإندساس من أجل الاستعمار في أوروبا، وسط معاناة الدول الأوروبية من العمليات الإرهابية والتفجيرات والتخريب الذي يقوم بها تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو ما جعل القارة الأوروبية منحصرة بين خطرين أحدهما تنظيم إرهابي مُدمر والأخر جماعة إرهابية تسعى للسيطرة والاستعمار والخراب. وكشف مؤخرًا تقرير خطير أعده محللون في موقع "ريفيرانس La Référence"، عن التحركات التي بدأت جماعة "الإخوان" الإرهابية تقوم بها في أوروبا. وكانت أول الدول التي ذُكرت في التقرير هي فرنسا، حيث بدأ تأثير جماعة "الإخوان" الإرهابية يظهر على المدارس والكليات هناك، وذلك من خلال فرعهم الفرنسي ""UOIF، الذي يتحكم في التعليم الإسلامي، ثم إن UOIF تسيطر على المدارس الرئيسية بموجب عقد مع الدولة، ولكن أيضاً بشكل غير مباشر تسيطرعلى نحو أربعين مدرسة خارج العقد، ومعظمها في المرحلة الابتدائية. ويثير "UOIF" الكثير من التساؤلات في فرنسا، وهو ما لخصه عالم الفلسفة الإسلامي جيل كيبل، قائلًا: "من الناحية القانونية، لا شيء يمنع بالطبع إنشاء مدارس إسلامية، على غرار المدارس اليهودية أو الكاثوليكية، لكن مشروع UOIF هو بناء مجتمع يتفاوض على اندماجه في الجمهورية، ويبقى السؤال الحقيقي هو: إلى أي مدى تعزز هذه الحركة منطق القطيعة مع المجتمع الوطني؟". واعتبر أيضًا الكاتب الجزائري الفرنسي محمد سيفاوي، أن تنظيم الإخوان الإرهابي يسعى لتقسيم المجتمعات حول العالم لا سيما الأوروبي، مشيرًا في كتابه الجديد "التقية"، إلى أن الإخوان يحاولون بشتى الطرق اختراق المجتمع الأوروبي عبر المنظمات والأحزاب والمعاهد والجامعات الفرنسية التي تمثل لهم بوابة دخول لأوروبا. وقال سيفاوي: "إنه على مدار الثلاثين عامًا الماضية يقوم الإخوان بالتلاعب والكذب والخداع للتأثير على القرارات السياسية في فرنسا"، منددًا بسلبية السلطات الفرنسية في اتخاذ موقف ضدهم. وفيما يتعلق بخطورة تنظيم "الإخوان" الإرهابي في فرنسا، يرى سيفاوي أن الإخوان لديهم أيديولوجية شمولية تسعى لتوحيد الفكر والمجتمع، موضحًا أن هدفهم ليس نشر الإسلام حول العالم كما يزعمو، بل الاستيلاء على السلطة في المجتمعات الإسلامية والغربية. وأشار الكاتب الفرنسي المنحدر من أصول جزائرية إلى أن التنظيم اخترق بالفعل المجتمع الفرنسي ويمارس أساليبه للضغط على باريس في عمليات صنع القرار السياسي، لافتًا إلى أن لعبتهم هي اختراق المجتمعات عبر بوابات المجالس المحلية. وأشار الكاتب في كتابه الجديد "التقية"، إلى أن "الإخوان" لافتقارهم القدرة على تولي السلطة في فرنسا فإنهم يكتسبون نفوذًا داخل المجتمع المسلم في باريس عبر المنظمات الإخوانية التي يمولونها مثل منظمة "مسلمي فرنسا" والمسؤولين المنتخبين المحليين. وحذر من تمكين التنظيم الإرهابي بتحقيق طفرة في الانتخابات البلدية، موضحًا "نعلم أن هناك بعض القوائم التي يوجد فيها بعض الإخوان بالفعل من المنتمين للمنظمات المحسوبة عليهم مثل "مسلمي فرنسا" و"اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا سابقًا". ووفقًا لكتاب "التقية"، فإن الإخوان تمكنوا من اللعب على وتر الديمقراطية لفرض أيديولوجيتهم للاستيلاء على عملية صنع القرار وإملاء أجندتهم في فرنسا، كما أنهم يرتكبون هجمات يومية منتظمة ضد القيم الفرنسية بتغذية الكراهية وحقوق الأقليات الدينية والترويج لمصطلح الإسلاموفوبيا. وسلط أيضًا موقع "أتلنتيكو" الفرنسي الضوء على فعالية لأحد المساجد المرتبطة بجماعة "الإخوان" في فرنسا، قائلًا إن المتحدثين في الفاعلية هم رموز تنظيم الإخوان في فرنسا، بينهم عبدالله بن منصور، الأمين العام لمنظمة "مسلمي فرنسا" ومحاضر في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (IESH) الذي أسسه يوسف القرضاوي. ومن بين المتحدثين في الفعالية نفسها، يبرز محمد باجرافيل، إمام مسجد "إيفري سور سين"، الذي ذكره كتاب "أوراق قطر" للصحفيين الفرنسيين جورج مالبرنو وكريستيان شينو، حول التمويل القطري للمؤسسات التابعة للإخوان في أوروبا، مؤكدين تلقي هذا المسجد ملايين الدولارات من مؤسسة "قطر الخيرية". ويتولى باجرافيل أيضًا منصب سكرتير المجلس اللاهوتي لمنظمة "مسلمي فرنسا"، ومعروف بآرائه المتطرفة، كما يستخدم الخطابة لاستمالة العقول وهو نهج الإخوان في التأثير على عقول الشباب. ولفت الموقع الفرنسي أيضًا إلى أن العديد من هؤلاء المتحدثين في المؤتمر، هم أعضاء في الجمعية الإسلامية في فرنسا، التي تهدف إلى إعادة تنظيم الإسلام السياسي في هذا البلد الأوروبي. وخلص الموقع إلى أن الإسلام السياسي يعتبر أكثر خطورة على المدى الطويل لأمن أوروبا من الإرهابيين والمتطرفين أنفسهم. وجاءت ألمانيا في تقرير "ريفيرانس" كثاني الدول التي يسعى تنظيم "الإخوان" في السيطرة عليها، وطرح المحللين سؤال: "هل بدأت ألمانيا في إعلان الحرب على الإخوان؟"، حيث أنه منذ حوالي عامين بدأت الاستخبارات الألمانية، في أعقاب المخاوف والشكوك، في مراقبة ومتابعة جماعة "الإخوان" الإرهابية التي تعيش في ألمانيا، والتي يتراوح عددها من 1500 إلى 2000 شخص. وأصدر مكتب الاستخبارات الداخلية الألمانية، بعد فترة من مراقبة جماعة "الإخوان" والجمعيات التابعة لها على الأراضي الألمانية، تقريراً يشير إلى أن جماعة الإخوان تشكل تهديداً أكثر خطورة على البلاد من تنظيم "داعش". وأوضح التقرير أن المواقف التي تتبناها جماعة "الإخوان" تتعارض إلى حد كبير مع الدستور الألماني، وأن عدم التوافق بين الاثنين بلغ مستوى يستحيل معه التوفيق بينهما، كما واصلت الاستخبارات الألمانية الداخلية وصفها لجماعة الإخوان بعباراتها الشهيرة: "إنهم مثل الذئاب سرًا، مثل الخرفان علنًا"؛ إنه وصف يعكس تمامًا درجة الخطر الذي تشعر به الحكومة الألمانية تجاه هذه الجماعة الإرهابية. وقد صرح وزير الداخلية البافاري، يواكيم هيرمان، بأن جماعة الإخوان لديها مواقف ضد الدستور الألماني، وأن الدولة يجب أن تكون متيقظة في هذا الصدد. كما أشارت أجهزة الاستخبارات الألمانية من ناحيتها إلى أن مدينة كولونيا أصبحت مقر للجماعة الإرهابية، ومقر أنشطتها، علاوة على ذلك دعا العديد من السياسيين الألمان إلى إغلاق هذه المؤسسة التي تشكل تهديدًا للبلاد. ولفتت عدة صحف ألمانية، بدورها، إلى أن شعبية المنظمات والمساجد التي تنتمي إلى جماعة الإخوان في ألمانيا تتزايد أكثر فأكثر، وأن هذا أمر مقلق للأمن العام!. وأغلقت السلطات الألمانية، روضة أطفال تمولها جمعية تابعة لجماعة الإخوان، والتي أنشئت قبل 10 سنوات، وبالتحديد في العام 2009، حيث كانت روضة الأطفال هذه متهمة بتطبيق طريقة دينية متطرفة وفقًا لأيديولوجيا الجمعية التي ترعاها، والتي تعكس أيديولوجيا جماعة الإخوان الإرهابية، والتي تتعارض مع القيم الدستورية الألمانية. ويعتبر يوم 16 مارس 2019، هو تاريخ أول ضربة فأس في قبر الإخوان في ألمانيا، لقد قدم حسين خضر، وهو عضو في الحزب الاجتماعي الديمقراطي، وهو من أصل مصري، طلبًا إلى الجمعية العامة للحزب مطالبًا بالنقاط التالية: حظر جماعة الإخوان في ألمانيا مع كل شعاراتهم الراديكالية والإرهابية، وتعديل قانون التمويل الأجنبي، وإنشاء قائمة محلية بالمنظمات الإرهابية، حتى لا يظل الأمر مقتصرًا على القائمة الوحيدة للاتحاد الأوروبي، وكافية للكشف عن تهديد الإخوان الذين بات يثقل كاهل البلاد. ومع وجودها القوي والمتنامي في ألمانيا، حيث تسبب قلقًا كبيرًا لأجهزة الاستخبارات، تتتهج جماعة الإخوان استراتيجية للتوسع في أوروبا، مع إخفاء أهدافها الحقيقية كإنشاء دُول إسلامية خاضعة للشريعة. وتسعى الجماعة الإرهابية في ألمانيا إلى تحقيق هدف إنشاء دُولٍ تابعة لها في أوروبا، وفقًا لجهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية، وهو تهديد يؤخذ على محمل الجد، حيث يقدر جهاز الاستخبارات الألماني أن هذه الجماعة أكثر خطورة من تلك التي تمثلها المنظمات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة أو داعش. وفي الواقع، إذا بقيت ألمانيا مركز الإخوان في القارة، فإن الدول الأوروبية الأخرى لن تنجو من تطورها، وهكذا، فبالنسبة للكاتبة سيلين بينا، في حوار أجرته معها صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، فإن فرنسا تشهد محاولة غير مسبوقة لترويج مجتمع إخواني معادٍ للمبادئ الديمقراطية، والتحرر والعلمانية، لا سيما وأن سذاجة الحكومة الفرنسية أعطت الأخوان قوة سياسية هائلة. ويمول الإخوان أكثر من 250 جمعية في منطقة باريس وحدها، بدعم من قطر وتركيا، "هل تعلمون أن المدارس الخاصة بالإخوان في فرنسا تُقدم دورات في الجهاد؟" هكذا قال الدكتور عبد الرحيم علي، الذي أشعل فتيل في نادي الصحافة السويسري. وفي غارة تفتيش جرت على ضفاف بحيرة سويسرية في نوفمبر 2001، لفيلا مصرفي يشتبه في أن له صلات بتنظيم القاعدة، اكتشفت الشرطة وثيقة بعنوان "المشروع"، ويذكر هذا المشروع بوضوح إلى غزو الإخوان لأوروبا ثم الولاياتالمتحدة، من أجل وضع حد لهيمنة الحضارة الغربية. ويقول عبد الرحيم علي: "إن الإخوان يسعون إلى إقناع الغرب بشكل أفضل بموقفهم المعتدل الجديد، ولقد اختاروا فرنسا، حيث تمكن ممثلوهم من إقامة روابط في الأوساط السياسية والثقافية والجمعيات"، مضيفًا أن الإخوان يمكنهم نقل مقرهم من لندن إلى باريس. وقالت إذاعة "إر.تي.إل" الفرنسية: "إن الإخوان الذين يدعون لقبولهم كنوع من أنواع الديمقراطية، فإنهم في حقيقة الأمر يدمرون كل صور التعددية من خلال مفهومهم الفكري الذي تسبب في نشر الإرهاب". وأضافت "إر.تي.إل"، أن تنظيم "الإخوان" الإرهابي ولد في مصر عام 1928، ووصل إلى أوروبا في الفترة بين 1950 إلى 1960، عبر هجرة أبناء حسن البنا مؤسس الإخوان من مصر إلى سويسرا وأسسوا منظمات في الدول الأوروبية الأخرى، موضحة أنهم تمكنوا من نشر شبكة عنكبوتية الخاصة بهم من خلال الوعظ الديني.