إذا أردنا وصف حال المرأة التركية فلن نجد أدق من أن نساء تركيا "عبيد في حظيرة أردوغان" ورغم إدعائه بأنه من المستحيل التمييز ضد المرأة إلا أن الأرقام تفضح عنصريته ضد النساء، فنجد أن جرائم العنف ضد المرأة في تركيا ارتفعت 4 أضعاف خلال ال14عامًا الأخيرة، بسبب النظرة المتدنية التي يتبناها حزب العدالة والتنمية الحاكم للنساء. تركيا، وفق مؤشر مؤسسة "إنسايدر" الأمريكية، تحتل المرتبة الثامنة في قائمة أسوأ مكان تشعر فيه النساء بالأمان، إذا قمن بزيارتها بمفردهن وتجولن ليلاً، كما حلت بالمرتبة الرابعة لأسوأ بلد يتعرض فيه النساء للعنف من قبل رفقائهن أو أزواجهن بنسبة 38%. كما تحتل تركيا المرتبة 131 من أصل 144 دولة، في مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذى أوضح أن إسطنبول ومرمرة من أكثر المدن التركية التي شهدت جرائم قتل للسيدات، ووقعت أكثر جرائم قتل السيدات خلال شهر أكتوبر 2018. موقع بيانت الإخباري التركي، ذكر أن 255 امرأة و20 طفلًا قتلوا على أيدي الأتراك خلال الفترة من يناير حتى ديسمبر 2018، فيما تم اغتصاب 61 امرأة والاعتداء جسديًا على 188 سيدة. وخلال العام الماضي، أُجبرت 516 امرأة على ممارسة الدعارة، بينهن فتيات لم يتجاوزن ال18عامًا، فيما تعرضت 347 فتاة للتحرش وأصيبت 380 امرأة على الأقل في أحداث عنف منزلي. الموقع أضاف: "في الخمس سنوات الأخيرة قتل 1371 امرأة وأصيبت 2075، فيما يعد العام الماضي الأكثر عنفًا في حوادث الاعتداء على النساء، خاصة في مدن أنطاليا وديار بكر وإلازغ (معمورة العزيز) وإسطنبول وإزمير وقونيا وماردين وكيليس". "بيانت الإخباري التركي" كشف عن أن العنف في تركيا تسبب في قتل 255 امرأة، منهن 147 قتلن في بيوتهن و60 تعرضن للقتل في أماكن عامة، في الطرقات وأمام محاكم ومحال تجارية و10 منهن لقين حتفهن داخل سيارات. وتابع التقرير: " 153 امرأة قتلن في تركيا في 2018 باستخدام مسدسات نارية مختلفة الأنواع مثل ريفليس وبيستولس، فيما أنهيت حياة 76 امرأة باستخدام أداة حادة كالسكين، والقدّوم أو المنجل التي تستخدم في الزراعة إضافة إلى خنق 10 بالأيدي أو بغطاء الرأس، و5 سيدات تم تعذيبهن، وضربت 8 حتى الموت، و5 من المقتولات تزوجن قبل أن يصل عمرهن 18 عامًا وهو الزواج الذي تباركه سلطات رجب إردوغان في تركيا. معارضو النظام التركي يتهمون العدالة والتنمية بالترويج لزواج القاصرات، فيما أصدرت "الشئون الدينية" فتوى نشرتها على موقعها الرسمي، ذكرت فيها أن بداية المراهقة للبنين تبدأ من 12 عامًا، وبلوغ الفتيات من 9 سنوات، مؤكده:"وهو العمر الذي يُمكن للفتاة أن تتزوج فيه". الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديموقراطي سزائي تمللي، كشف عن أنه منذ تولى حزب العدالة والتنمية الحكم تعرضت أكثر من 12 ألف امرأة للاعتداء الجنسي، موضحًا أن الأرقام المفزعة رسمية ومقيدة بالسجلات ومعلومة لدى السلطات التركية. "تمللي" أكد أن 300 امرأة في تركيا يفقدن حياتهن سنويًا نتيجة الجرائم التي تُرتكب ضدهن، فضلًا عن انتشار حالات زنا المحارم، ما يُنذر بتداعيات كارثية. الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديموقراطي، أوضح أن "العدالة والتنمية" أوجد السياسة المسيئة للمرأة بسبب نظرته الذكورية، حتى بات الاعتداء على النساء ثقافة مجتمعية، مشيرًا إلى أن السلطة نشرت فكرة نبذ بنات حواء برفضها عملهن السياسي. وفي حلقة جديدة من حلقات تهميش المرأة كشف جهاز الإحصاء التركي ارتفاع نسبة بطالة النساء ب11 مليوناً و188 ألفا نسمة، حيث أن من بين كل 100 سيدة 70 منهن لا تعمل، ليُصبح بذلك كل 29 امرأة تعمل يقابلها 65 رجلاً عاملاً، حيث بلغ عدد سيدات الأعمال نحو 133 ألفًا في حين بلغ عدد رجال الأعمال نحو 155 ألفًا. معهد الإحصاء التركي أعلن عن أن تركيا تحتل المركز الأخير في مؤشر المرأة العاملة، ووفقاً لبيانات المعهد تبلغ نسبة الإناث بين العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات 17.4%، مقابل 9.9% للذكور. ارتفاع البطالة بين النساء يرجع إلى خوف أرباب الأعمال من توظيف المرأة لتجنب إجازة الوضع وامتيازات فترة الرضاعة، فيما يكشف مدافعون عن حقوق المرأة إمكانية تجاوز المشكلة بتفعيل الحضانات الحكومية. صحيفة أفرنسال التركية ذكرت أن 44% من النساء في البلاد ليس لديهن ضمان اجتماعي، فيما تصل نسبة البطالة بين النساء إلى 14.6%، إضافة إلى 43.4% يعملن بدون تصريح، وترتفع نسبة غير الراضيات عن حياتهن إلى 63.9%. وتُلاحق الأزمات المرأة التركية في محيط العمل، وفي مقدمتها الأجور الضعيفة والبطالة والعمل دون تأمينات، حيث تُعاني 23.2% منهن من التمييز في اختيار الوظائف، فضلًا عن الحصول على أجور أقل بنسبة 17.8% عن الرجال، بينما تعمل 92% منهن بدون الانتماء لأية نقابة. وإلى هنا لم تنتهى سياسة إدوغان العدائية ضد المرأة، حيث تصدرت تركيا دول العالم في معدلات التحرش والاعتداء على النساء في أحدث إحصاء لمنظمة "كير" الحقوقية الدولية، التي أرجعت الوضع السييء إلى غياب القوانين الكفيلة بحماية المرأة من العنف والاستغلال. المنظمة - مقرها جنيف- أكدت أن 51% من التركيات تعرضن للتحرش، مقابل 50% من الرجال، وطالبت أنقرة بالالتزام بالمواثيق الدولية لمكافحة هذه الجريمة. وخلال عام 2018، تم اغتصاب 61 امرأة في تركيا، منهن 4 حالات اغتصاب تحت تهديد السلاح، فيما تم ضرب 11 امرأة بعد اغتصابهن وتهديد 2 بالقتل إذا أخبرن أحدًا عن هوية الفاعل، وأصيبت واحدة منهن باختلال عقلي بعد أن اغتصبت وهي حامل في الشهر الخامس. كارولين كيند روب السكرتيرة العامة للمنظمة قالت، خلال كلمتها في المنتدى الاقتصادي العالمي، إن الأممالمتحدة اقترحت استخدام لافتة "اسمعني" لحث الأوساط الفنية على تناول الظاهرة، موضحه أن الجنسين لن يسلما من الاعتداءات دون الالتزام بالاتفاقيات الدولية. "كارولين" أضافت الاتفاقيات الدولية من شأنها أن "توحد جهود السلطات وجهات العمل والمجتمع ككل لحل المشكلة التي تتفاقم في تركيا"، حسب موقع هابردار التركي. هيومن رايتس ووتش أكدت، في تقرير لها، أن نظام الحماية التركي المعيب ضد العنف الأسري يترك النساء والفتيات في جميع أنحاء البلاد دون حماية. أحدث ضحايا العنف التركي ضد المرأة، تمثل في مقتل أمينة بولوت، التي قُتلت أمام ابنتها، بعدما طعنها زوجها السابق، بسبب خلافات على حضانة الابنة. وانتشر فيديو الحادثة كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُظهر الأم وهي تصرخ وتمسك برقبتها، قائله: "لا أريد أن أموت"، فيما تبدو علامة الفزع جلية على وجه ابنتها البالغة من العمر 10 سنوات، والتي تلطخت ملابسها بدم والدتها. زوج أمينة، برر جريمته بقتل زوجته بكل بساطة أثناء إدلاء شهادته أمام المحكمة، قائلاً: "بعد أن أهانتني أثناء حديثنا عن حضانة طفلتنا، طعنتها بالسكين الذي كنت قد أحضرته معي، ثم خرجت من المقهى وعدت إلى المنزل". ارتفاع معدل الجرائم وغياب الأمن بالداخل التركي، دفع نائب حزب الخير، علي أوغلو، إلى التقدم بطلب إحاطة إلى البرلمان ضد وزير الداخلية سليمان صويلو، يُدين أعمال الشغب وانتشار حوادث الأمن العام والإرهاب منذ تولي صويلو مسئولية الوزارة. نائب حزب الخير، قال :"إنه يُطالب البرلمان بضرورة التحقيق في الأسباب التي أدت إلى عدم وفاء وزير الداخلية بواجباته من أجل ضمان عيش المواطنين في سلام وأمان، بمقتضى المادتين 104 و105 من الدستور"، لكن الجلسة البرلمانية رفضت الطلب بتصويت من تحالف الأغلبية الذي يضم نواب حزب العدالة والتنمية، والحركة القومية. سياسات أردوغان التى جعلت المرأة التركية تعيش أسوأ أوضاعها دفعت اتحادات الشباب في تركيا، إلى دعم ومؤازرة السيدات في مواجهة الجريمة، وأعلنت الاتحادات:"طالما استمر النظام الفاسد، نعتقد أن العنف والمذابح ضد النساء لن ينتهي، نحن نهدف إلى أن نكون صوت جميع النساء اللائي تعرضن للعنف وجميع اللاتي تم ذبحهن". كما أثار قتل السيدات احتجاجات ضخمة في جميع بلدات ومدن تركيا، حيث حذرت النساء من أن هذا الأمر لا يتعلق فقط برجل واحد، بل هو نظام سياسي يتسم بالتمييز والكراهية. أعضاء اتحاد الشباب الثوري (DGB) واتحاد الطلاب الثوريين (DLB)، نظموا احتجاجًا بالعاصمة التركية أنقرة، للتعبير عن غضبهم من جراء مقتل بولوت. غولسوم كاف، ممثل منصة "سنضع حدًا لجرائم قتل النساء"، قالت لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "إن صرخة أمينة بولوت الأخيرة التي طلبت فيها ألا تموت، تدل على مدى ضآلة ما نريده نحن النساء في تركيا إذ تقلصت أحلامنا إلى ألا نُقتل فحسب". جادل إيلك إيسيك، عضو منتدى أنقرة النسائي، قالت: "إن الدولة التركية ظلت تُغذي عنف الذكور لسنوات، كما قالت أمينة، نحن لا نريد أن نموت، هذا ما نشعر به جميعًا، هذا هو الحق في الحياة، سنحمي حقوقنا القانونية في العيش ومكافحة القوة التي يُهيمن عليها الذكور". المؤسف فى الأمر أنّ تركيا كانت من أوائل الدول التى صدّقت على "اتّفاقيّة مجلس أوروبا لعام 2011 في إسطنبول" التي دخلت حيز التنفيذ مطلع أغسطس 2014، والّتي تهدف إلى منع ومكافحة العنف ضدّ المرأة، مثل كافّة الدّول الأعضاء البالغ عددها 47 دولة، ومع ذلك، فشلت الحكومة التّركيّة منذ ذلك الحين في تنفيذ التّدابير العديدة الّلازمة لحماية المرأة من العنف على النّحو المنصوص عليه في الوثيقة. رئيسة اتحاد الجمعيات النسائية في تركيا، كانان غولو، قالت لموقع "المونيتور" الأمريكي: "إن الأحكام القانونية التي تسمح بمزيد من الاستقلالية لأفراد الأسرة من النساء يُنظر إليها على أنها تُهدد الأدوار الإنسانية القائمة منذ فترة طويلة في بعض شرائح المجتمع التركي". غولو، أضافت: "هذه الحجة توسع عدم المساواة بين الجنسين في تركيا، ينظر إلى المرأة على أنها كائن جنسي، فبدلاً من رؤية المرأة على أنها جزء مهم من الأسرة، ينظرون إليها كقطعة صغيرة كل دورها التكاثر والحمل وتكوين المزيد من الأفراد".