مع إعلان حزب "تحيا تونس"، الذي يعدّ أحد مكوّنات الائتلاف الحاكم في البلاد، عن انتخاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد كرئيس للحزب الذي أسّسه برفقة مجموعة من الشخصيّات المنشقّة عن حركة "نداء تونس"، أثير تساؤل هامًا وهو هل يخوض "الشاهد" الانتخابات الرئاسية تحت مظلة "تحيا تونس"؟ وكما هو معروف فإن المجلس الوطنيّ لحركة "تحيا تونس" انتخب، بشكل رسميّ، رئيس الحكومة يوسف الشاهد كرئيس للحزب في 1 يونيو من عام 2019، فيما أعلن الأمين العام للحركة سليم العزابي بالتوازي عن انطلاق الاستشارات لتحضير قوائم الحزب لخوض الانتخابات التشريعيّة. وفي المقابل، لم يُعلن يوسف الشاهد عن استقالته من رئاسة الحكومة، الأمر الذي زاد من حدّة التكهّنات حول طبيعة الخيارات التي سيذهب إليها قبل أشهر من موعد الانتخابات التشريعيّة في 6 أكتوبر والرئاسيّة المقرّر عقدها في 17 نوفمبر 2019. النائب عن كتلة "الائتلاف الوطنيّ" والعضو في حركة "تحيا تونس" وليد الجلاّد اعتبر أنّ خيار الشاهد للترشّح للانتخابات الرئاسيّة قرار يعود إليه في الدرجة الأولى، ثمّ إلى هياكل الحزب، لكنّه لم يستبعد في المقابل إمكانيّة ترشيحه لخوض الانتخابات الرئاسيّة، وقال: "لا مانع قانونيًا ودستوريًا من ترؤس الشاهد لحزبه بالتوازي مع منصبه كرئيس للحكومة. وأضاف: "التسيير العام لحزب تحيا تونس يعود أساسًا إلى الأمين العام للحزب وأعضاء المكتب التنفيذيّ، وأولويّة الشاهد اليوم تسيير دواليب العمل الحكوميّ، وبعد ذلك، لكلّ حادث حديث". رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، ولم يستبعد في 26 مارس من عام 2019، فرضيّة ترشيح حزبه للشاهد للانتخابات الرئاسيّة، لكن يبدو أنّه عاد وغيّر موقفه، بعد إعلان انتخاب الشاهد كرئيس ل"تحيا تونس"، إذ قال فى 2 يونيو من عام 2019: "في حال أعلن يوسف الشاهد ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة ستُعيد حركة النهضة النظر في علاقتها به وبحكومته". ترؤس الشاهد لحزب "تحيا تونس" بالتوازي مع منصبه كرئيس للحكومة، خلف موجة انتقادات من خصومه السياسيّين الذين اعتبروا في ذلك تضاربًا في المصالح واستغلالًا لمؤسّسات الدولة لخدمة أهداف حزبيّة ضيّقة. ودعا الأمين العام السابق ل "التيّار الديمقراطيّ" والناطق الرسميّ الحالي باسمه غازي الشواشي "الشاهد" إلى تقديم استقالته من رئاسة الحكومة، مؤكّداً تنامي المخاوف بين الأحزاب السياسيّة حول استغلال الشاهد إمكانيّات الدولة لدعم الحملات الانتخابيّة لحزبه ولشخصه تحت غطاء العمل الحكوميّ، على غرار الزيارات الميدانية للمناطق الريفية وتصويره في موائد إفطار الصائمين في رمضان وقال: "لا مانع دستوريّاً من ترشّح الشاهد للانتخابات الرئاسيّة، وطموحه مشروع، لكن ما نعيّبه عليه استعمال وسائل الدولة لدعم حزبه تحيا تونس، وهو ما حدث فعليّاً خلال الانتخابات البلديّة الجزئيّة عن دائرة سوق الجديد، والتي عقدت في 26 مايو 2019 حيث تمّ تسجيل مخالفات وصفت بالخطيرة من قبل هيئة الانتخابات". أما رئيس مجلس شورى "حركة النهضة" عبد الكريم الهاروني، دعا "الشاهد" إلى توضيح موقفه من الترشّح للانتخابات الرئاسيّة من عدمها، وقال: "إنّ الشاهد عليه توضيح موقفه فإمّا التفرّغ لرئاسة الحكومة وتحسين الأوضاع الاقتصاديّة والحرب على الفاسدين والمحتكرين والمجرمين بأنواعهم وتهيئة البلاد لأحسن ظروف للانتخابات، وإمّا التفرّغ لمشروعه السياسيّ ومستقبله السياسيّ في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة". ورفض الشاهد في أكثر من لقاء إعلاميّ الإجابة عن سؤال نيّته الترشّح للانتخابات الرئاسيّة من عدمها، في ظلّ استطلاعات للرأي أشارت إلى تواصل تواجده، برفقة حزبه "تحيا تونس" في المراتب الأولى لنوايا التصويت في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة المقبلة، كما تصدّر الشاهد نوايا التصويت للانتخابات التشريعيّة بنسبة 9.8 في المائة، في استطلاع للرأي في 2 مايو من عام 2019. وفيما رأى مراقبون أنّ الطريق باتت مفتوحة للشاهد لإعلان ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة، بعد انتخابه رسميًّا على رأس "تحيا تونس"، اعتبر آخرون أنّ "الشاهد" قد يكتفي بخوض الاستحقاق الانتخابيّ، ضمن قوائم حزبه في الانتخابات التشريعيّة لنيل منصب رئاسة الحكومة مجدّدًا.