انتهي شهر العسل بين الدكتور محمد مرسي ومعظم قيادات الجماعة، وانفصل كلاهما عن الآخر وبدأت مرحلة الصراعات والصفقات السياسية، وشهدت الأيام الأخيرة أقوي حلقات الصراع الذي كان يتصاعد خلف الكواليس، والسبب الرئيسي في اشتعال الصراعات وخروجها إلي العلن بعد أن كانت تدور في أروقة قصر الرئاسة هو اقتراب أعنف انتخابات في تاريخ الجماعة لاختيار رئيس للحزب الذراع السياسية للجماعة، ويتنافس علي المقعد اثنان من كبار قيادات الإخوان هما عصام العريان والدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل، وكشفت الأيام الماضية عن دعم واضح لجبهة العريان من الرئيس محمد مرسي ووقف المهندس خيرت الشاطر النائب الأول للجماعة بجانب جبهة الدكتور سعد الكتاتني وهو ما أشعل الصراع بين الطرفين، وأصبح الموقف في منتهي الخطورة خاصة أن المهندس خيرت الشاطر يعتبر تلك المعركة هي آخر الجولات الباردة مع الرئيس محمد مرسي الذي رفض الكثير من طلبات المهندس خيرت الشاطر في أثناء تعيين المحافظين واختيار الوزراء، وتسربت أنباء من داخل حزب «الحرية والعدالة» تؤكد أن الصراعات بين الطرفين بدأت منذ تولي الرئيس مرسي منصبه وأن المهندس خيرت الشاطر طلب الاستعانة ببعض القيادات الإخوانية التي يراها صالحة لتولي المناصب السياسية ومن المحسوبين علي جبهته داخل مكتب الارشاد وحزب «الحرية والعدالة»، وقيل في ذلك الوقت إن المهندس الشاطر طلب بالتحديد تعيين 6 محافظين و8 وزراء وأرسل أسماءهم إلي الرئيس ولكن مرسي تجاهل كل تلك الطلبات واكتفي باختيار رئيس الوزراء هشام قنديل كترضية للشاطر في المقام الأول وباعتباره شخصية قيادية تستطيع إدارة الحكومة في المرتبة الثانية. ومع اقتراب انتخابات حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر والتي سيتم إجراؤها يوم 19 من الشهر الحالي، بدأت الصراعات تشتعل أكثر وأكثر، وتم الإعلان عن أسماء المرشحين لتولي منصب رئيس الحزب وكان من بينهم اسما الدكتور سعد الكتاتني والدكتور عصام العريان وانضم الرئيس كما قلنا إلي جبهة العريان فيما يدعم الشاطر جبهة رئيس مجلس الشعب «المنحل» د.محمد سعد الكتاتني. وتسربت تلك الأنباء إلي الصحف الأجنبية والوكالات العالمية وتناولت التقارير الأمريكية الجوانب الخطيرة في الصراع الداخلي الذي سوف يخرج إلي العلن، وتناولت تلك التقارير حلقات الصراع بين الطرفين والتي وصلت إلي قمتها في أثناء زيارة الرئيس مرسي إلي الصين حين اصطحب معه في تلك الزيارة رجل الأعمال حسن مالك من دون أن يصطحب الشاطر، واعتبرها خيرت الشاطر ضربة غير متوقعة خاصة في ظل التنافس بينه وبين رجل الأعمال حسن مالك، وكان الشاطر لا يتوقع ذلك فهو يعد أقوي رجل اقتصادي داخل الجماعة وكان يجب أن يكون هو مع الرئيس في الزيارة وليس مالك الذي احتل منصب مستشار الرئيس للشئون الاقتصادية. وجاء رد فعله علي ذلك ليكشف أن الصراع قد اشتعل حيث خرج المهندس "خيرت الشاطر" بتصريحات إعلامية وفيديوهات مصورة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد فيها أن مشروع النهضة الذي يعد البرنامج الانتخابي لمرسي ووضعته جماعة الإخوان المسلمين، غير موجود في الأساس أو لاتزال أهدافه وخطواته مجرد مجموعة أفكار حتي الآن!!.. وهو الأمر الذي أثار الغضب علي الرئيس مرسي وأسهم في بدء سلسلة من الهجوم المتواصل علي الرئيس. وأصبحت حلقات الصراع الذي يدور خلف الكواليس بين المهندس الشاطر والرئيس مرسي هي حديث الشارع السياسي داخليا وخارجيا خاصة أن الشاطر يتدخل في قرارات رئاسية ويعترض علي تلك القرارات من دون أن تكون له صفة محددة أو منصب سياسي يحق له أن يبدي الرأي أو يبدي الاعتراض، ولكن علي الجهة الأخري يري المساندون لجبهة خيرت الشاطر أنه جدير بثقة الرئيس ويستحق أن يكون من المقربين باعتباره الرجل الأقوي في تنظيم الجماعة وفي داخل حزب «الحرية والعدالة»، كما يري هؤلاء أن المهندس خيرت الشاطر قام بدور كبير في وصول الرئيس محمد مرسي إلي منصبه وأنه كان يسعي بكل قوة ونشاط لكي يقيم علاقات جديدة بين الخارج والإخوان المسلمين، خاصة في ظل التخوفات التي كانت تعلنها الدول الأجنبية من وصول الإخوان إلي الحكم ولعب الشاطر دورا كبيرا في تهيئة الرؤساء والمسئولين الغربيين لفكر الإخوان وفي عدم الخوف منهم وأنهم ليسوا جماعات إرهابية كما يشاع في الخارج، ولكن كان للرئيس محمد مرسي وجهة نظر أخري حتي لا يتم اتهامه بتوزيع المناصب علي المقربين منه وبخاصة توزيع تلك المناصب علي المهندس خيرت الشاطر الذي كان هو المرشح الأول للحزب لخوض انتخابات الرئاسة ولكن تم استبعاده في آخر لحظة ليتم الدفع بالرئيس الحالي وتلقي الرئيس محمد مرسي الدعم الكامل من الشاطر الذي كان حريصا علي وصول الإخوان مهما كانت التضحيات وبذل الشاطر مجهودات لا يستطيع أحد داخل الجماعة أو الحزب أن ينكرها. ولكن فاته وكما سبق وأكدنا أن القرارات الرئاسية تظل خاصة بالرئيس ولا يحق لأحد أن يتدخل فيها، وبحسب تقارير سربت فإن هذه الخلافات برزت بعد قرارات اتخذها الرئيس وعارضه الشاطر وكان آخرها تفويض مرسي صلاحياته بعد مغادرته البلاد في إحدي الزيارات الخارجية إلي وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي وليس رئيس الوزراء هشام قنديل كما كان يرغب الشاطر. وأشارت المصادر إلي أن المرشد العام للجماعة محمد بديع تدخل لتسوية الخلافات أكثر من مرة كما سعت أطراف كثيرة لعقد جلسة تصالح بين الطرفين ولكن لم يتم هذا الصلح، خاصة بعد اعتراض الشاطر علي تفويض «مرسي» للفريق عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، لإدارة البلاد أثناء سفره للخارج وكان المهندس الشاطر يري أن الأحق بهذا التكليف هو الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء وليس السيسي. ومنذ أيام وقبل أن يبدأ صراع انتخابات الحزب نجحت بعض الشخصيات البارزة وعلي رأسها الدكتور يوسف القرضاوي في تقريب وجهات النظر وكشفت معلومات عن أن الرئيس محمد مرسي وعد الشاطر بمنصب كبير وهو ضمه إلي مستشاري الرئيس وإسناد الملف الاقتصادي إليه، وتسربت المعلومات من داخل قصر الرئاسة لتؤكد أن "مرسي" سيخصص ل"الشاطر" مكتبا في قصر الاتحادية، وسيكون التعامل بينهما مباشرة، دون تدخل المستشار محمود مكي نائب الرئيس أو أي من المساعدين، وكان الرئيس قد سبق له أن منح عصام الحداد نفس هذه الصلاحيات ونقل جزءاً من اختصاصات نائب الرئيس إليه، ونفت الجماعة والمصادر داخل الرئاسة تخصيص هذا المكتب للمهندس الشاطر، كما نفت من قبل كل ما حدث من صراعات بين الطرفين، ولكن مع اقتراب انتخابات حزب «الحرية والعدالة» انتقل الصراع إلي العلانية وسوف تشهد الأيام القليلة المقبلة أعنف حلقات الصراع بين الطرفين لو ظل المهندس الشاطر علي موقفه من دعم الكتاتني في مواجهة عصام العريان المدعوم من الرئيس كما يقال، ولذلك فإن العشرات من قيادات الجماعة في الخارج والداخل بدأت تدخل في محاولات لإقناع أحد الطرفين بالتنازل للآخر حتي لا يتم تفريق الجماعة وتشتيتها، وجلست قيادات إخوانية مع الدكتور عصام العريان قبل مثول الصحيفة للطبع في اجتماع مطول لكي يعلن تنازله للكتاتني، وسوف تكشف الأيام القادمة عن الكثير من المفاجآت سواء عقب الانتخابات الحزبية ل«الحرية والعدالة» أو قبل إجرائها واذا كان الصراع سوف يكون مشتعلا بين الكتاتني والعريان إلا أن الدفع بسيدة كمنافس لهما علي مقعد الحزب هو نوع من مغازلة الغرب لا أكثر ولا أقل، فالسيدة المرشحة رغم كل الاحترام لا تحظي بأي جماهيرية ولم تدخل المنافسة لكي تفوز بالمقعد ولكن لتوجيه رسالة إلي الغرب وإلي القوي الليبرالية حتي يقال إن الجماعة تؤمن بدور المرأة في ممارستها الحياة السياسية.. وسوف ننتظر الكثير في المرحلة المقبلة مما يكشف كواليس السياسة الجديدة في مصر.