لأول مرة في تاريخ الكونجرس الأمريكي، تكسر نائبة ديمقراطية إجماع حزبها ومنافسها الجمهوري على دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتتحدث عن أسباب دعم المُشرعين الأمريكيين لسياسات إسرائيل، وهو ما كان سببا فى توجيه انتقادات حادة لها قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والنواب الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، مما دفعها لتقديم الاعتذار ولكنه لم يكف من وجهة نظر ترامب الذي استغل الفرصة وطالبها بتقديم استقالتها. وواجهت النائبة المسلمة في الكونجرس الأمريكي، إلهان عمر، انتقادات واسعة لتلميحها من خلال تغريدات على "تويتر"، إلى أن لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك" تستخدم المال لحشد دعم سياسات موالية لإسرائيل. وطالب ترامب، النائبة المسلمة ، بتقديم استقالتها على خلفية الانتقادات التي تعرضت لها بسبب التغريدات التي اعتبرت معادية للسامية. وجاءت تغريدات عمر، ردًا على تغريدة أحد الصحفيين، سأل فيها عن السر وراء الدعم المعتاد الذي يبديه القادة السياسيون الأمريكيون للدفاع عن إسرائيل، فاستخدمت إلهان تعبيرًا عاميًا للإشارة إلى الأوراق المالية من فئة ال100 دولار. وعند سؤالها عن مصدر تلك الأموال، قالت النائبة الأمريكية من أصول صومالية على موقع تويتر: "أيباك". وتعليقًا على اتهامها ب"معاداة السامية" كتبت عمر في تغريدة على موقع "تويتر"، إن الأمر يتعلق بالبينيامينيين في إشارة إلى داعمي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لكن البعض اعتبر تعليقها عنصريًا لكون "بنيامين" اسم يهودي. وأضافت أنها لا تزال تعتقد أن جماعات الضغط تعتبر إشكالية في الساحة السياسية الأمريكية، سواء كانت أيباك أو الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة (إن آر أيه)، أو قطاع الوقود الأحفوري. وقوبلت تصريحات النائبة الديمقراطية المسلمة، بانتقادات من قبل نواب من الحزببين الديمقراطي والجمهوري، ونددت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، بتصريحات النائبة وطالبتها بالاعتذار ودعت إلى التصدي لمعاداة السامية. وقال السيناتور تشاك شومر، الذي يتزعم النواب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ على حسابه في تويتر: "استخدام النائبة لقوالب معادية للسامية مهين وغير مسئول.. مجلس النواب يكفل قيم حرية التعبير والنقاش الديمقراطي التي تتشاركها الولاياتالمتحدة وإسرائيل النقد المشروع للسياسات الإسرائيلية، لكن استخدام النائبة تعابير معادية للسامية واتهامات مجحفة لأنصار إسرائيل مهين بشدة". وأعلن ترامب، أنه يجب على النائبة الديمقراطية ، الاستقالة بعد التصريحات التي أدلت بها عن جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولاياتالمتحدة، مشيرًا إلى أنه لا مكان لمعاداة السامية في الكونجرس الأمريكي. وقدمت إلهان ، اعتذارًا قائلة: "معاداة السامية حقيقية وأنا ممتنة للحلفاء والزملاء اليهود الذين يطلعونني على التاريخ المؤلم للأفكار المعادية للسامية". وأضافت: "لم يكن في نيتي أبدا إزعاج الناخبين أو الأمريكيين اليهود ككل"، وقالت إنها تعتذر "على نحو لا لبس فيه". ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم ينس ثأره القديم معها بسبب انتقاداتها الدائمة لسياساته، فسعى لاقتناص الفرصة واصفًا اعتذارها ب"الأعرج"، وطالبها بالاستقالة من منصبها كعضو بالكونجرس، مبررًا ذلك بأن عدائها لإسرائيل ليس مجرد سقطة كلامية، بل هو شيء مُتجذر بداخلها. وقال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، إن اعتذارها غير كاف، مضيفًا: "معاداة السامية ليس لها مكان في الكونجرس الأمريكي، لا يجب فقط التنديد بأولئك الذين يعادون السامية بل يجب أن يتحملوا النتائج المترتبة على كلماتهم". وكتبت تشيلسي كلينتون، ابنة الرئيس الأسبق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، في تغريدة على تويتر: "نتوقع من كافة المسئولين المنتخبين، بغض النظر عن الحزب ومن كافة الشخصيات العامة عدم الخوض في معاداة السامية". وردت "إيباك" على إلهان عمر، في تغريدة على صفحتها على موقع "تويتر"، قائلة: "جهود حزبينا الجمهوري والديمقراطي تمثل انعكاسًا للقيم والمصالح الأمريكية". وتنفق "أيباك" ملايين الدولارات سنويًا في الضغط على المشرعين والحكومة الفيدرالية الأمريكية لكي تتبنى سياسات موالية لإسرائيل، بحسب مراقبين لتمويل الحملات. وتظل "أيباك" مع ذلك، إحدى جماعات لا تُحصى للمصالح الخاصة في واشنطن العاصمة تتولى الدفاع عن قضايا تغطي كل شيء, من الإجهاض إلى السيطرة على الأسلحة، والنقابات، والطاقة، والدفاع، والرعاية الصحية وغيرها. يذكر أن إلهان عمر، منذ انتخابها في نوفمبر الماضي، واجهت انتقادًا جراء هجومها على إسرائيل، بعد إعلانها دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات لعزل إسرائيل اقتصاديًا لإرغامها على تغيير سياستها تجاه الفلسطينيين. وكانت إلهان عمر، فازت بمقعد في الكونجرس الأمريكي بعد منافسة شرسة مع ستة مرشحين آخرين، وتمكنت الشابة المنحدرة من أصول صومالية من تحقيق رقما قياسيا، لتكون أول عضو كونجرس محجبة، وتتوج قصة نجاحها كسياسية أمريكية بارعة، وكانت بدأت حياتها كلاجئة قضت سنوات فى مخيمات اللجوء بعد اشتعال الحرب الأهلية فى بلادها. ويذكر أن مجلس النواب المنتخب حديثًا في الولاياتالمتحدة، شهد لأول مرة عضوية سيدتين مسلمتين، وهما إلهان عمر ذات الأصول الصومالية، ورشيدة طليب فلسطينية الأصل. بدأت إلهان عمر، تُحقق شهرة على المستوى المحلي في الداخل الأمريكي منذ عام 2016، خلال انتخابها من قبل الحزب الديموقراطي كعضوة في مجلس النواب عن مدينة مينيسوتا، مما يجعلها أول صومالية أمريكية تُنتخب في هذا المنصب في الولاياتالمتحدة. وُلدت في أكتوبر عام 1981، في مدينة مقديشو ولكنها نشأت في بيدوا بدولة الصومال، وهي فرد من عائلة مكونة من سبعة أشقاء إلى جانب والدتها ووالدها الذي كان يعمل مدرسًا، وتوفيت والدة إلهان حينما كانت هذه الأخيرة طفلة، فعمل والدها وجدها على تربيتها منذ ذاك الحين. بعد بدء الحرب الأهلية في عام 1991، فرت وعائلتها من البلاد ثم قضوا أربع سنوات في مخيم للاجئين في كينيا بحلول عام 1995، بعدها هاجرت عائلتها إلى الولاياتالمتحدة حيث استقروا في البداية في مقاطعة أرلينجتون بولاية فيرجينيا، لكنهم سرعان ما انتقلوا في نفسِ العام إلى مينيابوليس. تعلمت إلهان اللغة الإنجليزية في ثلاثة أشهر فقط حسب ما صرحت به في أحد لقائتها، التي أكدت فيه أيضًا على أن والدها وجدها قد عملا على تنشئتها على مبادئ الديمقراطية، حتى باتت تعقد رفقة جدها اجتماعات وهي في سن الرابعة عشر بوصفها مترجمة فورية له. درست عمر في مدرسة أديسون الثانوية، كما تطوعت هناك كطالبة منظمة للأنشطة المدرسية، وتخرجت من جامعة نورث داكوتا مع درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والدراسات الدولية في عام 2011. بدأت حياتها المهنية بوصفها ناشطة في جامعة مينيسوتا وذلك منذ عام 2006 إلى عام 2009، ثم انتقلت في وقت لاحق للعمل في منيابولس سانت بول بحلول عام 2012، وشغلت منصب مديرة حملة كاري دزايدزيك لإعادة انتخاب ممثل عن ولاية مينيسوتا في مجلس الشيوخ، ثم شغلت بين 2012 و2013 منصب منسقة عامة في وزارة التعليم، وعملت في عام 2013 لصالح حملة أندرو جونسون في مجلس المدينة وبعد انتخاب الأخير، عملت كمساعدة شخصية له من عام 2013 إلى 2015. نافست عمر مرشح الحزب الجمهوري عبد المالك عسكر، وهو ناشط صومالي في المجتمع الأمريكي، لتفوز بذلك في نوفمبر 2016 وتصبح أول مشرعة صومالية أمريكية في الولاياتالمتحدة، بدأت عملها رسميًا في الثالث من يناير 2017. زادت شهرتها على المستوى العالمي حينما ترشحت للمنافسة على عضوية مجلس النواب الأمريكي عن مينيسوتا في الانتخابات النصفية يوم 14 أغسطس من عام 2018، ثم انتُخبت رسميًا في 6 نوفمبر من نفسِ العام.