جاءت مذكرات سيدة أمريكا الأولى السابقة ميشيل أوباما التي لاقت رواجا كبيرا وحققت مبيعات غير مسبوقة لتذكر العالم بمذكرات سابقاتها التي فتحت الكثير من أسرار البيت الأبيض سواء من الناحية السياسية أو الشخصية، حيث تحدثن عن علاقاتهن بأزواجهن أثناء حكمهم لأكبر دولة في العالم ، كما تحدثت كل منهن عن أبرز القضايا التي أثارت الرأي العام العالمي خلال حكم أزواجهن، فكل من ميشيل وهيلاري كلينتون ونانسي ريجان ولورا بوش كان لهن قصصهن الخاصة داخل أروقة البيت الأبيض . ميشيل أوباما صدر مؤخرا كتاب ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بعنوان «بيكمنج» أو «أصبحت». روت فيه حياتها، ابتداء من طفولتها فى شيكاغو إلى وصولها إلى البيت الأبيض وما بعده، وحقق الكتاب نجاحا كبيرا حيث باع أكثر من 725 ألف نسخة فى اليوم الأول لنشره. وقسمت ميشيل أوباما كتابها إلى 24 فصلا قصيرا ، بدلا من تقسيمه بالطريقة العادية ،وقسمت كل فصل إلى 3 أجزاء هي «تحولي أنا»، و«تحولنا» و«مزيد من التحول». وتحدثت ميشيل بصراحة حول معاناتها مع الفقر في بداية حياتها ، وكيف كانت تحلم بأن تكون حياتها أفضل ، حيث بدأت الفصل الأول بقولها: " عندما كنت صغيرة، كنت أحلم بأن يكون لنا منزل من طابقين، وليس طابقا واحدا مثل المنزل الصغير القديم الذي كنا نسكن فيه. وأن تكون لنا سيارة كبيرة وجديدة، ذات أربعة أبواب، وليس بابين ،مثل سيارة والدي القديمة ،رغم أنه كان فخورا بها ،وكنت أريد أن أكون طبيبة أطفال. لماذا؟ لسببين ،لأني أحب أن يحيط بي الأطفال ،والثاني:، لأن النساء يحسسن براحة عندما تقول لهن امرأة إنها طبيبة أطفال». كما أثارت ميشيل مشاعر القارىء عندما أمعنت في سرد احساسها وهي صغيرة ، وكيف كانت تعيش في ظل أب معاق داخل منزل صغير ضيق تقول في مذكراتها: "لقد نشأت مع والد معاق في منزل صغير للغاية وكان لدينا القليل من المال في حي يكاد ينهار. لكنني نشأت محاطة بالموسيقى في مدينة التناقضات، في بلد يمكنك فيه التعليم من التقدم. لم أكن أملك شيئا وكنت أملك كل شيء، حسب طريقة الحديث عن ذلك". وتحدثت ميشيل أيضأ عن علاقتها بأوباما ، وكيف أحبته من النظرة الأولى، رغم تركيزها خلال هذه الفترة في دراستها وعملها ، حيث قالت " إن أول مرة سمحت فيها لنفسي أن أشعر بشيء تجاه باراك، غمرتني المشاعر وانفجرت داخلي العواطف والامتنان وحصول المعجزة" وسردت ميشيل قصة معاناتها وزوجها عندما قررا الانجاب ، حيث كان الأمر صعبا في البداية، وتعرضت للإجهاض منذ 20 عاما، ولجأت وقتها لعملية أطفال الأنابيب وقالت: " لقد كنت أحاول أن أحمل ولكن لم تسر الأمور على ما يرام، ثم بعدها أجرينا اختبارا واحدا للحمل، وكانت نتيجته إيجابية، الأمر الذي جعلنا ننسى كل قلق ونشعر بالفرح، ولكن بعد أسبوعين من ذلك أجهضت، ما جعلني غير مرتاحة جسديا وتحطمت بداخلي أي مشاعر تفاؤل" . واعترفت ميشيل أنها بعد الاجهاض تأثرت نفسيا وكرهت عمل زوجها رغم اهتمامه بها حيث قالت: "ربما حينها شعرت بالاستياء من السياسة والتزام باراك الشديد بعمله للمرة الأولى. أو ربما أنني شعرت بثقل العبء النسائي. على أي حال فقد كان يغادر وأنا أبقى أتحمل المسئولية." وأضافت: " كان زوجي محبا ومهتما، وفعل كل ما بوسعه, قرأ جميع المؤلفات حول التلقيح الاصطناعي وناقشها معي ليلا, مع أن واجبه الحقيقي الوحيد كان الذهاب إلى عيادة الطبيب وتقديم بعض الحيوانات المنوية" . وأشارت ميشيل أيضا إلى فترة التوتر التي عاشتها حينما قرر زوجها خوض الانتخابات الرئاسية باسم الحزب الديمقراطي ، حيث شن جمهوريون ومعارضون آخرون هجمات قاسية عليها، لاسيما حول رأيها في العلاقة بين السود والبيض. فلسوء حظها، كانت قد كتبت رسالة الماجستير عن هذه العلاقة، وانتقدت فيها الأكثرية البيضاء، رغم أنها لم تصفها بالعنصرية، لكنها كادت تقول ذلك، وقصت قصصا شخصية عن معاناة قالت إنها قابلتها بسبب لونها. لكن بعد أن فاز زوجها، وبعد أن صارت سيدة أمريكا الأولى، برزت بصفتها واحدة من أكثر السيدات الأوائل إبداعا، ولطفا، وقدرة على التقرب والتبسط مع الناس. وكانت هذه إنجازات مهمة لأنها أول سيدة أولى أمريكية سوداء. وعبرت ميشيل عن فخرها بنفسها وبلونها بعد وصول زوجها للرئاسة، وكتبت في الكتاب أنها تفتخر بما فعلت في البيت الأبيض، لأنها جعلته أكثر ترحيبا، وأكثر شعبية من أي وقت مضى في تاريخه، وأشارت إلى أنها تعمدت فتح أبوابه لأعداد خيالية من السود؛ كبار في السن، وأطفال، ورسميين، وطلاب، وعسكريين، وأدباء، وفنانين. وقالت إنها لم تفعل ذلك لانحيازها إلى بني لونها، ولكن لأن بني لونها صاروا يستحقون هذا الترحيب الذي لم يكونوا يتوقعونه أبدا. ورغم أن ميشيل تحدثت عن الكثير من الأمور الشخصية وعن حياتها الزوجية ، إلا أنها تحاشت، خلال 8 سنوات في البيت الأبيض، الحديث عن المشكلات الشخصية. وبينت وكأن حياتها خلال هذه الفترة كانت خالية من الفضائح، والفساد، وحتى التهكم، وفضلت أن تكتب عن نفسها، وعن تطورات حياتها، خلال هذه الفترة. وتحدثت ميشيل في كتابها عن الوقت الحاضر،وأنها تسكن في واشنطن مع زوجها، لكنها تعود معه إلى شيكاغو، من وقت لآخر، وتدرس أحيانا في جامعة شيكاغو، وأسست فرع شيكاغو لمنظمة الحلفاء ،التي تركز على إعداد الشباب لشغل وظائف في الخدمة العامة. وتشارك زوجها في إدارة مؤسسة أوباما الخيرية. كذلك تحدثت ميشيل عن بنتيهما ماليا، وساشا، اللتين نجحتا في الخروج من البيت الأبيض دون مشكلات أو فضائح، واتجهتا نحو الدراسة الجامعية، واحدة منهما في جامعة هارفارد ، وهي الجامعة التي لا تقبل غير الطلاب المتميزين. وبعد تجربة زواجها الناجحة وجهت ميشيل حديثها للنساء قائلة: إنها كانت تعتقد في البداية، أن الزواج هو تحالف حب بين شخصين يسير كل واحد منهما على طريقه الخاص به، لكن من دون أحلام مستقلة، ومن دون طموحات مستقلة, ورأيت أنا أن الزواج اندماج وذوبان كامل, حياتان في حياة واحدة، لكن السنوات علمتهما أن هناك حلولا وسطا لكل شيء، بما في ذلك رأييهما في الزواج. وهاجمت ميشيل خلال كتابها الرئيس الحالي دونالد ترامب، حيث عبرت عن استيائها منه بسبب الشائعات التي أطلقها على زوجها، كما انتقدت طريقته الهجومية في التعامل مع معارضيه واندفاعه السياسي غير المحسوب وتساءلت ميشيل في كتابها، قائلة: "ماذا لو أن شخصا لديه عقل غير مستقر حمل بندقية وسافر إلى واشنطن؟ وماذا لو ذهب هذا الشخص للبحث عن فتياتنا؟"، في إشارة منها إلى تهور ترامب ، مضيفة أنه "كان يعرض سلامة عائلتي للخطر، ولهذا فإنني لن أسامحه أبدا" . كما انتقدت في مذكراتها، الفيديو الذي عرضه برنامج "أكيسي هوليوود" عام 2005، ويكشف عن تحرش ترامب بإحدى مذيعات البرنامج، وانتقدت أيضا لغة الجسد التي استخدمها ترامب خلال المناظرة الرئاسية لعام 2016 مع منافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، وأشارت إلى أنها كانت ترقى إلى مستوى المطاردة من جانبه، حيث كان يتبع الأخيرة أينما ذهبت على المسرح، بل ووقف على مسافة قريبة جدا منها، من أجل تقليل حضورها أمام الجمهور. وأكدت ميشيل أنها لا تفكر أبدا بالعمل في السياسة أو الترشح للرئاسة، وأنها سعيدة بالأدوار التي تقوم بها في الوقت الحالي مع زوجها .