جاء مؤتمر باليرمو حول ليبيا الذى عقد مؤخرا فى ايطاليا , ليضع حدا لكل من دولتى تركياوقطر فى الملف الليبى وذلك عقب إصرار الرئيس السيسى على عدم حضور المؤتمر فى ظل وجود ممثلى الدولتين وهو ما كان سببا فى انسحاب الوفد التركى من المؤتمر. عزز موقف "السيسى" القرار الذى اتخذه القائد العام للجيش الليبى المشير خليفة حفتر بعدم حضور المؤتمر فى ظل وجود هاتين الدولتين وهو ما كان سببا فى سفر رئيس وزراء ايطاليا جوزيبى كونتى إلى ليبيا ولقاء المشير خليفة حفتر ومحاولة اقناعه بحضور المؤتمر وتمخض اللقاء عن موافقة "حفتر" على السفر إلى ايطاليا وحضور لقاء أمنى مصغر حول الوضع فى ليبيا وليس حضور المؤتمر العام الأمر ذاته أكده رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الإخواني خالد المشري، الذى أوضح أن انسحاب الوفد التركي من مؤتمر باليرمو الأخير، جاء بسبب اشتراط الرئيس السيسي، ضرورة عدم حضور الوفد التركي للقاء المصغر الذي سبقَ المؤتمر. كما أوضح أن المشير خليفة حفتر اشترط في الاجتماع المصغر في باليرمو، أن تؤول له القيادة العليا للجيش الليبي، موضحا أن المجلس الرئاسي الليبي والمجلس الأعلى للدولة يرفضان ذلك. ووفقا لمصدر عسكري ليبي كان القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر قد اشترط منع قطروتركيا في الاجتماع الأمني الرئاسي في إيطاليا. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قد طالب رئيس الوزراء الإيطالي، بأنه لا يرغب في حضور الوفد التركي بالقمة المصغرة، في الوقت الذي وافق فيه رئيس الوزراء الإيطالي على طلب السيسى، وعلى إثره غادر الوفد التركي إيطاليا بعد تنسيق الوفد مع أردوغان. ورأت القاهرة أن كل من قطروتركيا يعملان على زعزعة الأمن المصري، وبما أن الشأن الليبي يأتي في صميم هذا الملف الأمني فإن التواجد القطري التركي لن يفيد. وكان من بين الأمور التي أثارت الجدل خلال مؤتمر باليرمو هو غياب الرئيس السيسي وكذلك خليفة حفتر ، عن الصورة الرسمية للمؤتمر الأمر الذي دفع جوزيبى كونتي رئيس الحكومة الإيطالية إلى القول إن الزعماء والساسة والشخصيات الذين حضروا المؤتمر لم يأتوا من أجل الصورة الجماعة بل للعمل على حل سلمي للأزمة الليبية وتحقيق الاستقراربها . كذلك كان امتناع حفتر عن حضور مؤتمر باليرمو في البداية من الأمور اللافتة ، والتي كادت أن تفشل المؤتمر قبل بدايته ،ورأى المراقبون أن امتناعه كانت وسيلة ضغط أدت إلى انسحاب تركيا وإزعاج قطر بعد استجابة إيطاليا لطلب حفتر بعدم حضور ممثليهما في الاجتماع المصغر الذي شارك فيه بحضور السيسي ورئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيدف ورئيس الوزراء الجزائري أحمد أو يحيى، وجان إيف لودريان ، وزير الخارجية الفرنسي ، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك والمبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة. ورأى المراقبون أن امتناع حفتر في البداية مع اشتراطه عدم وجود الوفدين التركي والقطري ، يدل على أن لا حل في ليبيا سوى حل حفتر والسيسي وكذلك حلفائهما في السعودية والإمارات. وأوضح الخبراء أن تفسير موقف حفتر الذي رفض الحضور دون وجود السيسي يأتي من خلال تصريحاته، خلال وبعد المؤتمر، حيث أكد أنه يدعم جهود مصر لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، الأمر الذي تم ترجمته بوضع كل القوى العسكرية في ليبيا تحت إمرة حفتر. وأشاروا إلى أن تواجد الرئيس السيسي ساهم بشكل كبير في نجاح المؤتمر ، حيث أوضح محمد الزبيدي أستاذ القانون الدولي والمحلل السياسي الليبي أن حضور الرئيس عبد الفتاح السيسى للؤتمر قلب الطاولة رأسا على عقب فحضوره أدى إلى تغير موازين القوى ومسار المؤتمر،موضحا أن الموقف الايطالى أخذ منحى جديدا تجاه توحيد ليبيا والقوى العسكرية والبعد عن الجماعات المتشددة. وأشار إلى أن هذا الأمر جاء فى مصلحة ليبيا والجيش الليبى،مشيرا إلى أنه تم إبعاد قطروتركيا عن مؤتمر القمة المتعلق بالحالة الليبية ما دفع نائب الرئيس التركى إلى الإنسحاب من القمة وتهديده بتفاقم الأزمة جهرا،في إشارة منه إلى أن وجود هذين الوفدين كان من شأنهما أن يدعما وجود الجماعات المتشددة في الحل الليبي. وظهرت قوة السيسي وأهمية وجوده أيضا بعدما استطاع أن يجمع قادة الصراع الليبي للمرة الأولى منذ أكثر من خمسة شهور في مؤتمر للمصالحة الذي استضافته إيطاليا، حيث كان حفتر يرفض في السابق حضور مثل هذه الاجتماعات، الأمر الذي كان يهدد بتفاقم الصراه في ليبيا يوما بعد يوم. ولذلك اعتبر الخبراء أن اجتماع باليرمو بصقلية ناجح في مثل هذه البيئة المشحونة التي تعيشها ليبيا، والتي نادرا ما تشهد اتفاقا بين الفصائل المتناخرة في ليبيا وحلفائها الأجانب. واجتمع فايز السراج الذي تتمركز حكومته المعترف بها دوليا في غرب ليبيا مع خليفة حفتر القائد الذي يحكم غالبية شرق البلاد في باليرمو بصقلية . ولكن مع ذلك لم يتم الاعلان عن انفراجات دبلوماسية كبيرة لكن المتحدث باسم السراج كتب على تويتر يقول إن رئيس الوزراء ملتزم بخارطة الطريق التى ضعتها الأممالمتحدة لإجراء انتخابات في الربيع بعد وضع إطار دستوري. وقال دبلوماسي إيطالي إن حفتر من جانبه أيد بقاء السراج في السلطة رئيسا للوزراء لحين إجراء الانتخابات ،ونقل الدبلوماسي عن حفتر قوله: "لا تغير الحصان قبل أن تعبر النهر". وحاولت تركيا من جانبها تبرير استبعاد وفدها من مؤتمر باليرمو، وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي إن تركيا انسحبت ولديها خيبة أمل كبيرة بعد استبعادها من بعض الأنشطة. وأضاف أن أي اجتماع يستبعد حضور تركيا ستكون له نتائج عكسية على حل هذه المشكلة، ولم يذكر أن حفتر هو الذي اشترط عدم مشاركة الوفد التركي حتى يتسنى للرئيس المصري الحضور كذلك ادعى حزب العدالة والتنمية التركي، بأن قرار الانسحاب الذي اتخذه وفد بلاده، جاء اعتراضا على المعاملة التي تلقاها. وقال المتحدث باسم الحزب الحاكم عمر جليك، في مؤتمر صحفي بالعاصمة أنقرة، إن الوفد انسحب من المؤتمر اعتراضا على المعاملة التي تلقاها، وذلك بعد مشاورات مع الرئيس رجب طيب أردوغان.