بعد عام من توليه رئاسة جامعة القاهرة قدم الدكتور محمد عثمان الخشت كشف حساب لما أنجزه خلال هذا العام مستنداً فى ذلك إلى جهوده في تحديد هوية الجامعة العقلانية والمدنية من خلال مجلس الثقافة والتنوير الذى أعلن عن تشكيله بداية العام الدراسى المنقضى.. وفى حواره ل"الموجز" كشف عن استعدادات الجامعة للعام الدراسى القادم وعن خطته لتطوير المناهج ونظم الامتحانات والتحول للجامعة الذكية وكذلك أعمال إحلال وتجديد مبنى القبة وبرج الساعة.. وإلى نص الحوار. الجامعة انتهت من ترميم مبنى القبة وبرج الساعة وراعت في ذلك طرازهما المعماري.. كيف تحقق ذلك؟ أول ما قمت به فى هذا الشأن هو أننى شكلت لجنة من كلية الآثار لوضع خطة لطريقة ترميم القبة التى تعتبر رمزاً للمصريين ثم اتفقنا مع شركة كبرى ووقعنا العقد وبدأ العمل وانتهى إلى هذه النتيجة العظيمة التى ظهرت بها القبة فى مؤتمر الشباب السادس وهذه أول مرة يتم فيها ترميم قبة جامعة القاهرة بهذه الطريقة منذ إنشائها وكذلك برج الساعة. وحدث ذلك بعد أن اتفقت اللجنة على استخدام طريقة " الترميل" بدرجة واحد ونصف بوصة لتجديد مبنى القبة داخلياً وخارجياً ومبنى الساعة إضافة إلى الملاعب والمدن الجامعية واعتبرنا أن التطوير الذى تم لاستقبال الجامعة لمؤتمر الشباب هو المرحلة الأولى والمرحلة الثانية ستكون لرفع كفاءة المظهر الحضارى لكليتى الآداب والحقوق وسنستمر فى العمل حتى ننتهى من تطوير سور الجامعة وأبوابها إضافة إلى المسلة والمبانى المحيطة بالجامعة. ماذا قال لك الرئيس السيسى عن استضافة الجامعة لمؤتمر الشباب السادس؟ الرئيس السيسى فى خطابه شكر جامعة القاهرة مرتين على حسن التنظيم والاستعداد للمؤتمر وهذا أسعدنى كثيراً وعندما صافحته عقب انتهاء المؤتمر شعرت بأنه سعيد وراضٍ عن أداء الجامعة خاصة وأن هذا أكبر مؤتمر للشباب منذ بدايتها وكان يحضره الطلاب وقد استضافتهم الجامعة فى المدينة الجامعية وكنا نؤمّن انتقالهم على مدار يومين من المدينة إلى مبنى القبة حيث انعقاد المؤتمر ولم يشكو أحد منهم من شيء.. وقد استضافت الجامعة هذا العدد الهائل من الطلاب ومن رجال الدولة ولم يحدث حادث إصابة واحد على مدار اليومين وهذا يدل على نجاحنا فى تنظيم المؤتمر مع عدد من مؤسسات الدولة. المناهج والامتحانات وما مدى جاهزية الجامعة لاستقبال العام الدراسى الجديد ؟ الجامعة استعدت للعام الدراسى الجديد بشكل كامل، وليس لدينا أية مشكلة حيث تأكدنا من سلامة المدرجات والكهرباء والمكيفات وتجهيز الجداول الدراسية وتوزيع المحاضرات على الأساتذة كما أن الكشف الطبى للطلاب تم الانتهاء منه بشكل جيد وبدون أى مشكلات وبطريقة جديدة من خلال التسجيل الالكتروني وعمل "انفوجراف " يوضح للطالب كيف يقوم بذلك. هل صحيح أنك طورت المناهج الدراسية بالجامعة؟ نعم .. طورت المناهج الدراسية بما يعادل إنشاء جامعة جديدة فقد استحدثت 23 لائحة دراسية و27 برنامجاً دراسياً جديداً و62 دبلومة وماجستير ودكتوراه أي ما يساوى 112 برنامج جديد أعدت جميعها لتكون مطابقة لسوق العمل ولاحتياجات الدولة ولكى نخرج طالباً قادراً على التنافسية العالمية وقد تم العمل على إعداد هذه البرامج طيلة العام الماضى لنبدأ العمل بها هذا العام.. وتضمنت خطة التطوير أيضاً طرق التدريس. ولكن ماذا عن تطوير نظم الامتحانات وتقييم الطلاب؟ أفضل النظم التعليمية فى رأيي هى ما يسمى بالتقويم المستمر فالطالب الذى نتركه طوال العام ثم نعطيه امتحاناً فى آخر السنة الدراسية ونقيمه على أساسه يكون طالباً فاشلاً لأنه فى واقع الأمر لا يذاكر شيئاً من دروسه طوال العام لكن التقييم المستمر للطالب بمعدل كل أسبوع أو أسبوعين يمنحه محصله عامه كبيرة ولذلك فإننا سنلجأ لأسلوب التقويم المستمر للطلاب هذا العام فهذا يعطى الطالب القدرة على التركيز فى دراسته ومعرفة مستواه الحقيقى والتحسين منه. وما هو السبب وراء استحداث أسئلة حل المشكلات فى الامتحانات وعلاقته بتغيير نظام الامتحانات؟ فى الحقيقة أنا لا أفضل التغيير المفاجئ وإنما أفضل الإصلاح التدريجي فالطالب قديماً كان يحفظ المعلومات ويضعها فى ورقة الإجابة فى الامتحان وهذا النظام لا يخرج طالباً يعتمد على الفهم وإنما طالباً عبارة عن جهاز تسجيل أو "هارد ديسك" لكني أرغب فى تخريج طالب قادر على التفكير و لذلك أزدنا على الامتحانات "سؤال حل المشكلات" ووجهت الأساتذة قبل الامتحانات لتدريس المنهج العلمى فى التفكير والذى يعلم الطالب كيفية حل المشكلات من خلال فرض الفروض واختيار الفرض الأقرب للصحة وتطبيقه وافتراض نجاحه وهذا السؤال يأتى للطالب بطرق مختلفة وله أنماط متعددة بمعنى أن سؤال حل المشكلة الذى يأتى لطالب فى علم الاجتماع يختلف عن سؤال طالب الهندسة فى الفيزياء أو المحاسبة أو العلوم والتفسير. وماذا عن نظام "بابل شيت".. هل سيتم إلغاؤه هذا العام؟ هذا العام نحن نتجه لتطوير أساسي لنظام الامتحانات بشكل عام لكننا لن نلغى "بابل شيت" فهو عبارة عن امتحان قائم على نظام الاختيار المتعدد وهذا يقيس القدرة على الفهم لكنه لا يقيس باقى القدرات لدى الطلاب لذلك سنطبق هذا العام "الامتحان الموضوعى" وهو الذى يأتى بأسئلة من خلال طرق متنوعة جزء منها "بابل شيت " وجزء آخر خاص بحل المشكلات وجزء للسؤال القصير وجزء للسؤال المقالى حتى نتعرف على طريقة الطالب فى الكتابة هل يعنى ذلك أن فكرة الاجابة النموذجية قد انتهت؟ أنا لا أؤمن بفكرة الاجابة النموذجية وللأسف هذه الطريقة أضاعت أجيالاً حيث جعلت الجميع يحفظون إجابة واحدة وهى تخلق العقلية "الدكيوماطيقية" التى تؤمن بأن رأيها هى فقط الصحيح والباقى كله خطأ وهذا يخلق الإرهاب فى عقول أبنائنا. مصروفات وشائعات تحدث بعض الطلاب عن فرض زيادة على الرسوم الدراسية بالجامعة هذا العام.. ما مدى صحة ذلك؟ لا توجد أي زيادة فى المصروفات على طلاب الانتظام والانتساب هذا العام والمصروفات كما كانت فى الأعوام الماضية بالرغم من كل التغيرات الاقتصادية التى تحدث لكن هناك برامج أخرى ذات طبيعة خاصة وبمصروفات وهى مطروحة أمام الطلاب لمن يرغب فى دراستها بأجر. دائماً ما تتعرض الجامعة خاصة مع بداية العام الدراسى .. كيف تتعامل مع الأمر؟ هذا صحيح.. فمنذ فترة خرجت شائعة تقول أن دخول الجامعة من العام القادم بجنيه وهذا خلق ضغطاً وتوتراً لدى الطلاب خاصة وأنها انتشرت وقت انعقاد امتحانات العام الماضى فاضطررت إلى الدخول على صفحات الطلاب على "فيس بوك" لتكذيب تلك الشائعة وبعد أن تمكنا من القضاء على الشائعة وامتصاص حالة التوتر لدى الطلاب اكتشفنا أنها ذهبت لجامعات أخرى. مجلس الثقافة ماذا أضاف مجلس الثقافة والتنوير لجامعة القاهرة خلال العام الماضى؟ المجلس أضاف الكثير.. فعندما وضع وثيقة التنوير حسم المعركة حول هوية الجامعة وأكد أنها جامعة مدنية وعقلانية وضد التطرف والإرهاب وتؤمن بالمساواة وتكافؤ الفرص وتعمل على إنشاء تيار عقلانى نقدى مقاوم للإرهاب والتطرف وللأسف مازلنا فى العالم العربى ومصر نتساءل حول هويتنا ونختلف عليها فهناك من يرى أنها عربية ومن يرى أنها اسلامية لكن الفاهم للوضع سيرى أن مصر لها دوائر تتحرك بها ولذلك فإن هويتنا عربية إسلامية قبطية ولذلك نحن حسمنا هذا الأمر فى جامعة القاهرة وحددنا هويتنا وهذا تجلى واضحاً فى الفعاليات طوال العام الماضى فقد استضفنا أكبر فعاليات ثقافية فى الجامعة شارك فيها عدد كبير من المفكرين وقادة الرأى ولم ينتهي الأمر بنهاية العام الدراسى وإنما مع بداية أجازة الصيف حيث أعلنا عن مشروع تطوير العقل المصرى وهو مشروع ضخم جداً. كيف تتعامل مع أصحاب الآراء المعارضة داخل الجامعة ؟ لم أقف أمام أى صاحب رأى معارض فى الجامعة ودائماً أعلنها أنه لا حجر على حرية الرأى لكنى أميز بين أمرين فهناك فارق بين الديموقراطية والفوضى وحرية الرأى وتجاوز الآداب العامة وهناك فارق بين النقد والتجريح الشخصى و" الشتيمة" وهذه مسألة مرتبطة بتطور العقل الديمقراطى فنحن لم نحجر على رأى طالب أو أستاذ طالما كان ملتزماً بالآداب العامة و القانون. دائما كانت جامعة القاهرة تشكل الوعى السياسى والحزبى لدى الطلاب.. كيف سيسهم مجلس الثقافة ولتنوير فى ذلك؟ لدينا رسالة وضحة فنحن نرحب بالوعى السياسى وتنمية الوعى العام لكن لا مجال للحزبية والطائفية داخل جامعة القاهرة لأن هذا يؤدى إلى انشقاقات وصراعات والجامعة ملك لكل المصريين ومجال العمل فيها هو مجال التوعية السياسية وليس العمل الحزبى أو الطائفى. الموقف المالي أثار الحديث عن ميزانية جامعة القاهرة عند تسلمك لرئاستها جدلاً كبيراً خاصة أنك أكدت وجود عجز مالى بينما أعلن سابقك الدكتور جابر نصار عن فائض قيمته مليار و300 مليون جنيه.. ما ردك؟ تسلمت جامعة القاهرة وهى تعانى من عجز مالى حوالى 500 مليون جنيه وعلى الفور قمت بتشكيل لجنة لمراجعة الحسابات المالية للجامعة فى البنوك لمعرفة الموقف المالى وكان من بين أعضائها وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات بهدف التأكد من دقة الحسابات والعمل وقد وجدت اللجنة أن حساب الجامعة به نحو 1,3 مليار جنيه مع وجود التزامات بنحو 1,8 مليار جنيه وهذه الأرقام ليست لها علاقة بأشخاص وإنما مثلت واقع الجامعة عندما تسلمت رئاستها فمثلاً كان فى حساب مستشفى قصر العينى الفرنساوى 200 مليون جنيه بينما كانت قيمة الرواتب 240 مليون جنيه. وكيف واجهت هذا العجز؟ اتخذت عدة تدابير لمواجهة هذا العجز وزيادة الموارد المالية للجامعة وعلى رأسها جدولة بعض المستحقات خاصة مع وزارة الإنتاج الحربى ووقف بعض المشروعات غير المهمة مع زيادة عدد الوافدين وزيادة أعداد الطلاب المصريين فى البرامج المميزة بلا سقف عدا برامج الهندسة والطب وطب الأسنان والتى تمت زيادتها 25% فقط كما تم الاهتمام بالمراكز ذات الطابع الخاص فى الهندسة والطب والليزر ما أسهم فى رفع موارد الجامعة الذاتية إضافة إلى الاهتمام بتحصيل الرسوم الدراسية ومصروفات المدن الجامعية. وما الذى تقوم به الجامعة للحفاظ على تواجدها فى التصنيف العالمي للجامعات ؟ الجامعة حافظت على تواجدها بجميع التصنيفات الدولية هذا العام خاصة التصنيف الصينى الذى يرتب أفضل 500 جامعة فى العالم وقد شهد العام الماضى زيادة فى معدل النشر الدولى 17% مقارنة بالعام السابق كما دخلت بعض التخصصات فى مراكز متقدمة مثل الصيدلة ضمن أفضل 150 كلية والهندسة أفضل 250 كلية فى العالم كما تم تخصيص 10 ملايين جنيه مكافأة للكلية التى تستطيع أن تكون ضمن أفضل 100 تخصص فى العالم. وهل أنت راضٍ عن ما أنجزته خلال العام الماضى فى الجامعة؟ نعم.. أنا راضٍ عن ما أنجزته فى العام الماضى لكنى لم أنجزه بمفردى فقد كان لدى فريق يعمل معى ويكفينى شهادة الرئيس السيسى للجامعة بعد استضافتها لمؤتمر الشباب السادس لكنى مازالت أعمل وأطمح لتحقيق المزيد.