صدرت المجموعة القصصية الخامسة للكاتب الأردني صبحي فحماوي، بعنوان "فلفل حار" تضمنت اثنتين وعشرين قصة قصيرة، كانت قد نشرت في بعض الصحف والمجلات العربية. يقول فحماوي في مقدمة الكتاب بعنوان: مادمت قد أهديت هذه المجموعة القصصية إلى فيروز والرحابنة، فلا زلت أذكر قصصها الغنائية، والتي إحداها تقول: "تجي هيك البنت، من بيتها العتيق، ويقولها انطريني ، تنطر عالطريق ويروح وينساها ، وتتبلّ بالشتي...." هذه القصة من أجمل القصص التي سمعتها في حياتي، وهي التي جعلتني ألتفت إلى فن القصة القصيرة، وأعشق قراءة الجميل منها، حتى تراكم لديّ مخزون هائلٌ منها، فجعل ذاتي تطفح بها، فتتدفق بكتابة القصة القصيرة. ويضيف فحماوي في مقدمته: لعل أهم أستاذ تعلمت منه فن القصة القصيرة هو الكبير "رشاد رشدي"، الذي عرّفني على أن "القصة هي بؤرة جمالية لحدث يتم في مكان محدد، وخلال زمان محدد، وتقدم فكرة محددة، وبذلك فهي تحافظ على وحدة (الزمان والمكان والحدث). والحكاية في القصة القصيرة، هي روحها وبؤرتها، التي تشع من داخلها معالم القصة وحيثياتها، والتي عليها تُحمّل الفكرة المقصودة. وإن أية قصة تخلو من الحكاية، لا تعدو كونها جسداً بلا روح. صحيح أن القصة المتمتعة بهذه المواصفات صارت تتحايل على الزمان والمكان، فيشطح بها السارد أو القاص، شطحات خيالية أو واقعية، أو بهما معاً، لتعزيز غموض الأدب، فيخرج عن إطار المكان والزمان المحددين، ولكنه يبقى يقدم هذه الصور المتباعدة، بينما إطار القصة لاا يزال يراوح مكانه في الزمان والمكان المحددين، لدرجة أن حدث القصة قد يعود في نهايته، ليُثبِّت أقدامه في الموقع الذي ابتدأ منه. وحيث أنني أكتب القصة والرواية (خمس مجموعات قصص، وسبع روايات حتى الآن) فلقد سألني البعض عن الفرق بينهما، فقلت: "بينما تكون القصة القصيرة الرومانسية زهرة، فإن الرواية هي حديقة متكاملة الأزهار والنباتات، وإذا كانت القصة البوليسية طلقة، فإن الرواية الأيدولوجية معركة مترامية الأطراف، وإذا كانت القصة القصيرة صورة، فإن الرواية فيلم سينمائي أو مسلسل تلفازي، وإذا كانت القصة الجميلة شطيرة لذيذة، فإن الرواية الممتعة وليمة كبيرة، وإذا كانت القصة القصيرة محدودة بزمان ومكان وحدث واحد، وقليلة الشخصيات، فإن الرواية مفتوحة (الزمكان)، ومتعددة الشخصيات، وإذا كانت القصة محدودة بقضية أو فكرة، أو بجماليات صورة واحدة، فإن الرواية تجمع بداخلها عدداً كبيراً من القصص الجميلة، ولكن الوقت المتاح للقارئ، هو الذي يجعله يفاضل بين قراءة قصة أو رواية". ويوضح فحماوي أن جماليات القصة ليست بالضرورة مصقولة فائقة الجمال، بل قد تكون شديدة القبح والبشاعة، ولكن تصويرها بطريقة فنية مؤثرة، يخلق المفارقة، وينبه المشاعر إلى "جمالية القبح" ، أو "شدة القبح" الذي قد يهدف القاص إلى إبرازه. وقال: تحت هذا المفهوم فإنني وحسب الوقت المتاح لي، لا أفرِّق بين قراءة قصة فنية تشبه شطيرة شهية، أو قراءة رواية مُعبِّرة تشبه وليمة كبيرة ممتعة، ما دمت أشتهي الثقافة الفنية الجمالية المدهشة، والملتزمة بالقضايا الإنسانية، والتي ترسم التحديات التي تجابه الوطن، فتصورها خير تصوير، وتفتح حولها أسئلة، تنبه القارىء، بدل أن تبحث لها عن حلول جاهزة، تجعل القارىء يعرف الحل، فيطمئن وينام، والتي تفتح عليّ أبواب المعرفة، وتنبهني لقضايا نابضة وحساسة، مَخفيّة في الزوايا المعتمة، والتي لا يراها أحد غير الكاتب المبدع ، المفكر النبيه، القائد فنياً. وعن مجموعته القصصية الجديدة قال الكاتب الأردني: لا أعرف ما إذا كنت قد أضفت شيئاً جديداً، أو أسلوباً جديداً في هذه المجموعة القصصية الخامسة، والتي أعتقد جازماً بأنها ليست تكراراً لأي مجموعة قصص لي قد سبقتها. وأما تبيان هذا التمايز، فيرجع للقارئ الناقد، الذي يرى بعقله الفذّ ما يجول بخاطري. وإذا كانت قصة من هذه المجموعة منقولة من جحيم رواية سابقة لي، فإنني قد فعلت ذلك، لأؤكد أن الرواية هي مجموعة قصص مترادفة، يحكمها طريق واحد، أو عمود فقري واحد، لجسد جمالي متكامل. وأضاف: نتيجة لهذا الخروج على إطار القصة القصيرة المذكور أعلاه، بسبب تشعب قضايا الحياة وتعقيدها، فأعتقد أن التعبير القادم لهذا الفن الجميل هو "الرواية القصيرة" بدل "القصة القصيرة"، والتي إذا تمدّدت وتشعبت فسوف تكون "رواية". يذكر أن المجموعة القصصية" فلفل حار" صدرت في عمَّان عن دار مجدلاوي للنشر والتوزيع. وستعقد لها ندوة نقدية في مركز الحسين الثقافي، برأس العين مساء السبت 29/9/2012، يتحدث فيها بالإضافة لصبحي فحماوي كل من الناقدين؛ الدكتور الروائي القاص عصام سليمان الموسى، والشاعر الدكتور راشد عيسى.