عملا بالمثل الإنجليزي " المال يتحدث".. تقوم قطر باستغلال أموالها لشراء وتغيير مواقف زعماء أكبر دول العالم لصالحها، أملا في تحويل أزمتها الأخيرة مع الدول العربية لصالحها، ويبدو أن خطة الأمير الشاب ناجحة حتى الآن، فلم يتخذ كل من إيمانويل ماكرون، أو فلاديمير بوتين، أو أنجيلا ميركل ،أو تيريزا ماي، وحتى دونالد ترامب ،أي مواقف ضد الدوحة خلال إعلانهم مواجهة الإرهاب، بل على العكس تحول موقفهم من رافض للدولة الصغيرة إلى مؤيد لها بسبب خوفهم على ضياع الاستثمارات القطرية من بلادهم. تعد بريطانيا من الدول التي تهتم قطر بالاستثمار بها بشكل كبير، ولذلك تحرص لندن دائما على دعم الدوحة في كل أزماتها، ووضح بشكل خاص تطور العلاقات الاقتصادية وأيضا العسكرية في الآونة الأخيرة , ومؤخرا تم انهاء تدريب جوي في الدوحة بين القوات الجوية القطرية ونظيرتها البريطانية ، كما أجرت كل من قطروبريطانيا؛ تمرينان بحريان مشتركان، في يوليو الماضي ،الأول بين القوات البحرية الأميرية القطرية والقوات البحرية الملكية البريطانية، والثاني بين الأخيرة والقوات البحرية الخاصة القطرية؛ في المياه الإقليمية لقطر. وإلى جانب التدريبات العسكرية ،كان هناك صفقات ضخمة ،حيث وقع وزير الدفاع القطري خطاب نوايا، لشراء 24 طائرة حربية من طراز تايفون من شركة بي إيه إي سيستمز BAE Systems العسكرية البريطانية، في خطوة قد تثير غضب دول الخليج المقاطعة لقطر. من جانبها قالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان ،عقب توقيع الصفقة إن هذه الصفقة ستكون الأكبر مع قطر، إحدى الشركاء الاستراتيجيين لبريطانيا، مضيفة أن المفاوضات حول الصفقة استغرقت سنوات. وتعد المقاتلات الأوربية تايفون نتاج مشروع مشترك، بين شركة بي إيه إي البريطانية وشركة إيرباص الفرنسية وشركة فينميكانيكا الإيطالية، ويوفر المشروع نحو 40 ألف وظيفة في بريطانيا، ولم يذكر أي من البيانين القيمة المالية للصفقة. وأكد السفير البريطاني في الدوحة، أجيا شارما، عبر موقع تويتر الصفقة، ووصفها بأنها خطوة مهمة في العلاقات العسكرية بين البلدين. إلى جانب هذه العلاقات العسكرية ،فإن قطر لديها استثمارات بمليارات الدولارات في بريطانيا، تسهم بشكل كبير في اقتصاد الدولة الأوروبية الكبرى، لدرجة أن وسائل الاعلام في لندن وصفت الدوحة بالمنقذ للبلاد بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي. ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا تعهدت فيه قطر باستثمار ما يصل إلى 6.3 مليار دولار أمريكي, حيث تخشى بريطانيا كثيرا من خروجها من الاتحاد الأوروبي من انهيار اقتصادي، خاصة بعد تهديد دول الاتحاد الأوروبي وشركات كبرى عديدة بسحب مقراتها الرئيسية من لندن في أعقاب تنفيذ داونينج ستريت عملية الخروج. وتعد قطر أحد أكبر المستثمرين في بريطانيا بميزانية تصل إلى 40 مليار جنيه استرليني، وفقا لوسايل الإعلام البريطانية. وقال الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار إن صندوق الثروة السيادي البالغة قيمته 335 مليار دولار يتوقع فرصا في بريطانيا، ويتطلع إلى قطاعات البنية التحتية والرعاية الصحية والتكنولوجيا, إضافة إلى ذلك قال رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني في بيان رسمي، إن قطر تتوقع استثمار خمسة مليارات استرليني في بريطانيا على مدى السنوات الخمس المقبلة. وقال وزير الطاقة القطري، محمد بن صالح السادة, في تصريحات له في مارس الماضي: إن المملكة المتحدة ،ستبدأ حقبة جديدة بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. موضحا أن المفاوضات ستبدأ بين الأوروبيين ولا أحد يعلم الوجهة التي ستفضي إليها المفاوضات، لكن بوسعنا استشعار إمكانية أن تزيد القدرة التصنيعية البريطانية، وأن تزيد معها الحاجة للطاقة. وقال "السادة" إن انتعاش القطاع الصناعي البريطاني ونموه أمر محتمل، ولهذا ستكون قطر حاضرة على الدوام لتوفير الطاقة الضرورية. ومضيفا نستطيع بلا ريب المساهمة في تلبية حاجات المملكة المتحدة. وفي المقابل لم تخف رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، رغبتها في التقرب من الدوحة قائلة إنها ستعزز العلاقات مع قطر فيما يتعلق بالدفاع والتعليم والرعاية الصحية والعلوم والسياحة والطاقة والخدمات المالية. وأشارت رئيسة وزراء بريطانيا إلى أنها ستؤسس لجنة تجارية مشتركة جديدة لتمهيد الطريق لاتفاق تجاري مع قطر، بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي. وجدير بالذكر أن قطر تزود بريطانيا بحوالي 90% من وارداتها من الغاز الطبيعي ،الأمر الذي يعني أن اقتصاد لندن في يد الدوحة تقريبا.