الأنبا يؤانس يتحدى "تواضروس" ويعلن إقامة احتفالات مولد العذراء بأسيوط في موعده

المؤيدون: قرار صائب ورسالة طمأنة للعالم.. والمعارضون: ليس له مبرر ويهدد بكارثة
بولس حليم: الكنيسة لم تتلقي تعليمات أمنية جديدة بشأن إلغاء رحلات الأديرة
---------------------------------------------------------------------------
يشهد الشارع القبطي حالة من الجدل والقلق، بعد إعلان الأنبا يؤانس أسقف أسيوط وتوابعها عن عقد الاحتفالات السنوية في دير العذراء بجبل درنكة بأسيوط في موعدها اعتبارًا من 7 حتى 21 أغسطس الجارى والذي يستقبل ألاف الزائرين من شتي أنحاء الجمهورية ، ضارباً بذلك عرض الحائط بقرار الكنيسة بوقف الرحلات بين الكنائس والأديرة بسبب العمليات الإرهابية الأخيرة.
وقال أسقف أسيوط، فى عظته الأسبوعية الأخيرة إن الموسم الاحتفالي للعذراء مريم بجبل أسيوط لن يتوقف، وسيفتح الدير أبوابه ليستقبل الزائرين والمصلين والوافدين من أنحاء مصر والعالم.
وعن التسهيلات التي يقدمها الدير لزواره قال الأنبا يؤانس: نعمل على توفير 20 أتوبيسًا ومينى باص لصعود كبار السن والمرضى إلى الموضع المقدس، كما سيتم تركيب 17 بوابة إلكترونية عند بدايات الطريق للدعم الأمني، مشددًا على منع صعود السيارات العامة والخاصة نحو الطريق الصاعد المؤدى لكنيسة الجبل أو استراحات الدير.
وكانت الكنائس المصرية قد أعلنت الشهر الماضى إيقاف الرحلات والمؤتمرات القبطية، وقال المتحدث باسم الكنيسة القبطية، القس بولس حليم، إنه من غير الملائم تنظيم فعاليات كهذه فى الظروف الأمنية الحالية، مؤكدا إلغاء جميع الرحلات والمؤتمرات الكنسية، وذلك بالتنسيق الكامل مع الأجهزة الأمنية المصرية.
وأكد حليم أن الكنيسة لم تتلقى أي تعليمات جديدة بهذا الشأن منذ ذلك الوقت، مشيراً إلي أن أي تفاصيل تتعلق بتنظيم هذه الاحتفالات يسأل عنها الأنبا يؤانس نفسه.
ويعتبر مولد السيدة العذراء بأسيوط واحداً من أهم المناسبات الدينية، والاحتفالات التي يحتفل بها المسلمون والمسيحيون على حد سواء حيث يبدأ الاحتفال يوم 7 أغسطس، وينتهي يوم 21 من نفس الشهر وهو يواكب لجوء العائلة المقدسة إلى جبل درنكة فى أسيوط.
ويحظى الاحتفال بنسبة حضور عالية من كل فئات المجتمع تصل إلى مليون شخص يحرصون على الحضور للمشاركة فى "الدورة" كأبرز مظاهر الاحتفالات والتي تنطلق فى تمام الساعة السادسة مساءً من كل يوم خلال الاحتفالات ويخرج فيها الشمامسة من كنيسة المغارة يحملون أيقونة كبيرة للسيدة العذراء، وخلفها المئات من الأطفال يرتدون أيضا ملابس الشمامسة البيضاء، ثم يأتي الرهبان والقساوسة خلف الأيقونة مباشرة، يصطفون فى صفين ومن بعدهم فى الخلف يأتى شمامسة منتهجين نفس المنوال وتتعالى أصوات الترانيم والتسابيح.
قرار احترازي
شهد قرار الأنبا يؤانس حالة من الجدل بين النشطاء الأقباط بين مؤيدين ومعارضين، حيث أكد الكاتب السياسي والحقوقي جرجس بشرى أن مولد السيدة العذراء بأسيوط يعتبر من الموالد المهمة للأقباط والمسلمين حيث يزوره الجميع ويستقبل الملايين وذلك للأهمية الدينية والتاريخية للدير، حيث يعتبر من المعالم المسيحية المهمة حول العالم لأنه تبارك بزيارة العائلة المقدسة، موضحاً أن إصرار الأنبا يؤانس على عقد المولد في موعده جاء انطلاقاً من هذه الأسباب.
وقال إن عقد المولد في موعده وزيارة السياح الأجانب له سيعطي انطباعاً للعالم بأن مصر مستقرة وآمنة وأن المصريين الأقباط يؤدون شعائرهم بحرية وأمان وأن الأمن المصري كفء وقادر على تأمين وحماية دور العبادة بمختلف أنواعها.
وتوقع بشرى أن يكون هناك تنسيق بين الجهات الأمنية وأسقف أسيوط لتأمين هذا الحدث واتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية لمنع الجريمة قبل وقوعها من خلال تأمين مداخل وحدود المحافظة والمسارات المؤدية إلى الدير بنقاط أمنية كثيفة .
وقال إن قرار الأمن بمنع الرحلات للأديرة والكنائس لاستهدافها من قبل عناصر إرهابية كان منذ فترة كبيرة نسبياً وهذه الفترة كافية لتأمين مسارات الأديرة المهمة كدير السيدة العذراء بأسيوط والأديرة الكبيرة مثل دير الأنبا بيشوي وأبو مقار وغيرها.
وأوضح الناشط الحقوقي أن قرار منع الرحلات كان قراراً احترازياً كوسيلة لمواجهة الجريمة قبل وقوعها، مؤكداً أن إطالة المدة سيترتب عليها نتائج سلبية منها فشل الأمن وعدم استقرار الأوضاع في مصر وبالتالي تقييد حرية العبادة وممارسة شعائر الأقباط – علي حد قوله.
حديث عهد
وقال هاني الجزيري مدير مركز المليون لحقوق الإنسان إن الانبا يؤانس حديث العهد بإيبارشية أسيوط حيث جاء خلفاً للأنبا ميخائيل الذي كان يحظى بحب وشعبية كبيرة هناك لذلك يحرص الأسقف الجديد علي بذل قصارى جهده لتكون الايبارشية وشعبها فى أفضل حال وبالتالي لا يستطيع أن يقطع عادة وطقس ينتظره الآلاف من المسيحيين والمسلمين وهو مولد العذراء.
وتابع أن الأنبا يؤانس لديه من الحس الروحي ما يكفي لاستشعار الخطر وأعتقد أنه لو كان يري أن الأمر يمثل تهديداً وخطراً علي أبنائه كان سيبادر بالاستجابة للتحذيرات ويلغي الاحتفالات.
وأشاد الجزيري بقرار الكنيسة بإلغاء الرحلات الذي جاء بعد حادث دير الانبا صموئيل بمحافظة المنيا استجابة لمطالب كثير من الأقباط لحين توفير الحماية والتأمين الكافيين لهذه الأماكن.
وقال إن الموالد والاحتفالات الدينية من الموروثات الفرعونية وقام المصريون بتطويعها فى المسيحية والإسلام والدولة لا تجد غضاضة في توفير الحماية لتلك العادات المحببة لدي المصريين، والكنيسة تبجل تلك الاحتفالات وتضع لها شكل من أشكال الطقوس وهى تعبير حي عن ارتباطنا بقديسينا وآباءنا الأوائل.
تشجيع للإرهاب
وأبدى أمير عياد، الناشط القبطي ترحيبه بقرار الأنبا يؤانس بإقامة احتفالات مولد السيدة العذراء دون الاهتمام بالتهديدات التي توجه لهم.
وقال "لو امتثلنا لأي تهديد وخشيناه لصار هذا تشجيعاً كبيراً للإرهاب للتمادي في تهديداته لأن هذا غاية ما يرجوه وسنجد أنفسنا ممنوعين من أي مراسم احتفالية في الكنائس ومن أي تجمعات".
كارثة كبرى
من جانبه وصف المهندس نادر صبحي سليمان مؤسس حركة "شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس" قرار الأنبا يؤانس بالمخاطرة التي تنذر بكارثة .
وقال صبحي إن قرار أسقف أسيوط بفتح الدير واستقبال الزوار ووضع بوابات إلكترونية للتفتيش وعدم صعود السيارات إلي أعلي الدير يحتاج إلي مراجعة، مضيفاً "نمى إلي علمنا من مصادر أمنية علي أعلي المستويات أنه تم تحذير نيافاته بالرغم من كل الاستعدادات التي قام بها".
وتابع: مهما بلغت التأمينات الأمنية فإنها غير كافية نظراً لكثرة الازدحام في هذا الموسم الذي يستقبل أكثر من مليون زائر من مختلف أنحاء الجمهورية و من خارجها .
واستنكر مؤسس كريستيان إصرار الأنبا يؤانس علي عقد الاحتفالات هذا العام علي الرغم من التهديدات الإرهابية واستهداف الأقباط خلال الفترة الأخيرة .
وقال "عفواً نيافة الانبا يؤانس! علي الرغم أن مولد السيدة العذراء هو الموسم الوحيد الذي ننتظره من السنة للسنة للنذور والتبرعات من أبناء الكنيسة، إلا أن الحكمة مطلوبة كما سبق وتصرف الأنبا ميخائيل في أيام مظاهرات الإخوان وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي حين قام بتجميد ووقف كافة الأنشطة بالدير"، مؤكداً أن أرواح المواطنين أهم بكثير جداً من النذور وجمع التبرعات للدير.
تهديدات إرهابية
وقال مينا كمال، عضو لجنة المواطنة المركزية بحزب الوفد، "قرار الأنبا يؤانس بإقامة مولد العذراء في موعده سيعرض حياة المواطنين للخطر في ظل التهديدات الإرهابية وفي ظل القرار السابق من الداخلية والكنيسة بإلغاء الموالد مؤقتاً".
وأشار كمال إلي انه لا يعرف المغزى من مخالفة الأنبا يؤانس لقرار الكنيسة والداخلية، متسائلاً "هل الأنبا سيقيم الاحتفال في موعده للحفاظ علي الكسب المادي الكبير الذي يأتي في هذه الاحتفالات؟".
وتابع "هذا هو التفسير الوحيد لما يقوم به يؤانس خاصة أن كنيسة أسيوط فقيرة وهذا يعتبر مورداً مالياً مهماً لها ولكن إن كان هذا هو السبب فهذا غير مقبول أن تتعرض الأرواح للخطر للحصول علي الأموال، ومن الممكن أن يكون الأمر مقبول لحد ما إن كان هناك تنسيق كبير مع الأجهزة الأمنية".
وأوضح كمال أن هناك خطراً كبيراً يهدد المشاركين في الاحتفال نظراً للإعداد الكبيرة التي تشارك في المولد والظروف الأمنية بشكل عام في البلد والاضرابات في الصعيد وطبيعة المدقات الجبلية في أسيوط وسوء التنسيق بين الكنائس وكل هذا يصب في تأييد قرار إلغاء الاحتفالات علي الأقل هذا العام.
وأكد "كمال" علي أنه ضد القرار، مضيفاً "أعلنت مسبقاً تأييدي لتأجيل الاحتفالات والموالد والمؤتمرات نظراً لظروف الدولة الصعبة وتلك ضريبة ندفعها كلنا من أجل الوطن وإلغاء حفل أو مؤتمر أفضل من جنازة عشرات الشهداء".
وطالب كمال قيادات الكنيسة بتفسير مخالفة الأنبا يؤانس للقرار الكنسي وقرار الدولة، وتابع "هذا الأمر له إبعاد خطيرة جداً علي مستوي الخلافات الداخلية للكنيسة وعلي مستوي الدولة".