جاءت الزيارة الأخيرة التى يقوم بها الرئيس السيسى فى الوقت الراهن إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتفتح الباب مجددا حول علاقة رؤساء مصر بقادة الأبيض على مختلف العصور بدءا من الرئيس جمال عبدالناصر مرورا بالرؤساء أنور السادات وحسنى مبارك ومحمد مرسى وأخيرا الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يحل ضيفا هذه الأيام على بلاد العم سام فى زيارة هى الأهم له.. علاقة رؤساء مصر بقادة أمريكا شهدت العديد من حالات المد والجذر ففى الوقت الذى شهدت العلاقة بين البلدين حالة عداء شديدة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان هناك حالة من الغرام المتبادل فى عهد الرئيس أنور السادات .. لكن يمكن وصف العلاقة فى عهد مبارك ب "الدبلوماسية" والتى تحولت إلى علاقة مصالح فى عهد الرئيس الإخوانى محمد مرسى لكنها لم تستمر طويلا بعد الإطاحة به وتولى الرئيس السيسى حكم مصر والذى قادت إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما حربا شرسة ضده قبل أن تتبدل هذه العلاقة بعد تربع الرئيس دونالد ترامب على سدة الحكم فى بلاده. بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 وكونه نائبا للرئيس أصبح محمد أنور السادات رئيسا للجمهورية , الذى قام في عام 1972 بالاستغناء عن ما يقرب من 17000 خبير روسي في أسبوع واحد، حيث كان السوفييت عبء كبير على الجيش المصري، وكانوا من قدامى العسكريين السوفيت المحالين على التقاعد، ولم يكن لهم أي دور عسكري فعلي خلال حرب الاستنزاف على الإطلاق، وكان الطيارون السوفييت برغم مهمتهم في الدفاع عن سماء مصر من مطار بني سويف، إلا أنهم فشلوا في تحقيق المهمة بالكامل، والدليل خسارتهم ل 6 طائرات ميج 21 سوفيتية بقيادة طيارين سوفيت في أول وآخر اشتباك جوي حدث بينهم وبين الطائرات الإسرائيلية، وقد أقدم السادات على اتخاذ القرار المصيري وهو قرار الحرب ضد إسرائيل التي بدأت في 6 أكتوبر 1973 عندما استطاع الجيش هدم خط بارليف وعبور قناة السويس , بعدها حاول السادات التقرب من أمريكا وهو صاحب العبارة الشهيرة :"خيوط اللعبة كلها أصبحت في يد أمريكا", والأمر بالنسبة للسادات لم يكن مجرد تصريح فقط، لكنه بالفعل كان يريد أن يضع العلاقة بين القاهرة وواشنطن في مرتبة الإستراتيجية. ففي مارس 1974 وخلال سنوات قليلة استطاعت مصر أن تطور علاقات خاصة مع الولاياتالمتحدة ومنذ عام 1978 أصبحت الولاياتالمتحدة بمثابة شريك كامل في العلاقات المصرية الإسرائيلية والمصدر الرئيسى للأسلحة وأكبر مانح للمساعدات الاقتصادية لمصر الأمر الذي زاد من حدة الانتقادات الداخلية والعربية للنظام المصري من جراء ذلك إلى حد وصفه بالعمالة للولايات المتحدة. ومنذ إعلان السادات أن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا، تم النظر لتلك العلاقات ليس من المنظور الثنائي بين الدولتين بل من منظور علاقة ثلاثية وهى الولاياتالمتحدة وإسرائيل ومصر بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى إذ برزت دولة الاحتلال كطرف ثالث ربما كان هو المحدد الرئيس في مستوى العلاقات بين الدولتين. وفي عهد السادات تطورت أيضا العلاقات الاقتصادية بين الطرفين ففى عام 1974 ومع عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولاياتالمتحدة طلب الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون من الكونجرس اعتماد مبلغ 250 مليون دولار كمعونة اقتصادية لمصر توزع بين تطهير قناة السويس وتعمير مدن القناة وأيضا لشراء المنتجات الغذائية والصناعية, وفي عام 1975 وبعد فض الاشتباك الثاني بين القوات المصرية والإسرائيلية، تم إدراج مصر في برنامج المساعدات الأمريكية الخارجية، وتم التأكيد علي الالتزام الأمريكي لتقديم المساعدات الأمريكية لمصر مع توقيع مصر وإسرائيل علي معاهدة سلام بينهما عام 1979 حيث تعهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بتقديم ما قيمته مليار دولار سنويا كمساعدة اقتصادية لمصر.