لم ولن تكن هناك أزمة مع الدين الإسلامي الحنيف، وأبدًا لم يحدث خلاف حول سماحته وبره ورحمته بالعالمين والخلق أجمعين، ومن ثم لا يجوز أن نتعامل بعين الاعتبار مع أي كائن على مر الزمان والمكان أظهر تجاوزًا بحق الإسلام والنبى الكريم، لكن الأزمات والمصائب والكوارث وسفك الدماء، تأتى وتحدث دائمًا بسبب "مولانا". "مولانا".. ذلك الرجل الذي يفتى ولا يعلم.. الذي يقول ما يتماشي مع مصالحه وينكر الحق إذا تعارض معها.. الباحث عن الشهرة فيجد فى العمل الدعوى طريقًا.. الحافظ لبعض قصص الصحابة والسيرة النبوية فيستغلها لكسب المال.. من يمتلك قدرة ما على الإقناع والجذب فيتخذها سبيلًا لتحقيق الثروة. لن نتحدث عن "مولانا" الفيلم السينمائي المعروض حاليًا فى دور العرض السينمائي، وما أثاره من الجدل، مفخخًا العديد من القضايا، والمأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب إبراهيم عيسى، ومن إخرج مجدى أحمد علي، والذى نزل كالصاعقة على رؤوس العديد من الدعاة والأئمة الذين رأوا أن الفيلم يمس جلالتهم وهيبتهم أمام الجماهير، وهاجموا العمل وطالبوا بمنع عرضه بحجة أنه يسئ للإسلام، وهذا غير صحيح، فالفيلم تعرض لشخصية الإمام والداعية التي تسئ للإسلام قبل أن تفيده، ولم يمس الإسلام بسوء، كما أنه يأتى ضمن الأعمال السينمائية الجريئة، بمحاولته فتح ملف تجديد الخطاب الديني، منتقدًا وكاشفًا لنظرية استخدام السلطة للدين والدعاة، وتنبيه المجتمع إلى أن هذه الممارسات فى النهاية تؤدى إلى تطرف ودماء وضحايا وإرهاب. بطولة الفيلم كانت من نصيب الممثل عمرو سعد فى شخصية الشيخ حاتم الشناوى، ذلك الداعية الذى قادته الصدفة إلى إلقاء خطبة مهمة بحضور مجموعة من الشخصيات السياسية والأمنية البارزة بديلاً عن الشيخ فتحى الذى تعرض لأزمة صحية مفاجئة وأدى دوره الممثل الراحل أحمد راتب، وقادته الصدفة للمرة الثانية عندما ظهر كضيفٍ في أحد البرامج التلفزيونية، وتتوالى بعدها الأحداث حتى يصل إلى الشهرة ويكون أهم داعية إسلامى فى البلد. تعرض "الشيخ حاتم" للعديد من المواقف التى لو قورنت بالواقع لوجدنا العديد من الدعاة والمشايخ يشتبكون معه فى أمر ما أو صفة أو مصلحة أو غرض يسعى له، فهو الخطيب بوزارة الأوقاف الذى كان يستخدم "التوك توك" كوسيلة مواصلات فى البداية، وأصبح بفعل الشهرة والمال والمريدين، يقتنى أحدث السيارات ويسكن فيلا فخمة ويرتدى ثياباً فاخرة، ويمتلك شبكة علاقات واسعة ونافذة امتدت لعائلة رئيس الجمهورية. الحب والنساء والمال والشهرة والنفوذ، كلها أمور مغرية تسيّل لعاب الكثير من الدعاة والمشايخ، ففى كل الشخصيات التى يرصدها هذا التقرير سنرى "حاتم" فى كل شخص منهم، هناك تشابه فى مشهد أو صفة أو قول أو مبدأ أو قناعة، فقد حاول العمل الفنى حاول اختزال أغلب دعاة العصر الحديث فى شخصية واحدة ألا وهى "حاتم الشناوى". لا نستطيع أن نقول الدور الذى قام به عمرو سعد شكلاً يشير نوعًا ما إلى مشايخ الدعوة السلفية مثل الشيخ محمد حسان والشيخ حسين يعقوب والشيخ أبو إسحاق الحوينى، لكن بمقارنة الأحداث والتأثير، نستطيع أن نقول أن هناك دوراً متشابهاً بينه وبين هؤلاء، أوله أنهم له مريدين على نطاق واسع وأثناء ظهورهم يجلس الملايين يتابعونهم، ويفتون ويروون القصص والتفسيرات باعتبارهم أساتذتهم، بينما الخلاف يكمن فى ثلاثة أمور فقط أهمهما أن الشيخ حاتم جاء "مودرن" يرتدى الملابس الحديثة بينما هؤلاء لا يؤمنوا بهذا ومنهم يرى "إرتداء البنطلون" حرام، والخلاف الثانى أن "مولانا" يحاول نبذ التشدد، ويتبنى التفسير المعاصر لأحكام الدين، وطبيعة الاقتداء بالنبي محمد، لكن "حسان" وأقرانه لا يؤمنون بالحداثة والعصرية، مبدأهم تطبيق مذهب محمد بن عبدالوهاب وبن تيمية كما هو نصاً وقولًا. الخلاف الثالث والأهم بين "الشناوى" ورموز السلفية والوهابية، هو أنه عندما سألوه عن رأيه فى الشيعة، قال إنه لا يوجد ما يسمى بالسنة والشيعة، وأنه كل من يعتقد فى أركان الإسلام الخمس هو مسلم، ولا فرق بين سنى وشيعى، وهذة المسألة تحديدًا رأى مخالف تمامًا للسلفيين لدرجة أنهم يكرهون كل ما هو شيعى ويعتبروا الشيعة أخطر على الاسلام من الصهاينة، وهنا للشيخ حاتم سبب فى تبنيه هذا الرأى يرجع إلى تكوينه الأزهري، وعلاقته بأحد المشايخ المتصوفين، الذي يلقى تبجيلًا واحترامًا من حاتم ، وحاول مساعدته بعد تعرضه لهجوم من بعض المتطرفين والدولة. حاتم تزوج مرة واحدة ودخل فى علاقة عاطفية مرة واحدة، وهذا لا يحدث فى الغالب بالنسبة للداعية السلفي، فكل من هؤلاء المشايخ أمثال حسان ويعقوب والحوينى متزوج من أربعة أو ثلاث، ولهم زيجات متعددة سابقًا، وفى لقاء سابق مع داعية سلفى –دون ذكر اسمه- قال انه متزوج من 4 سيدات، وجميعهن يجلسن فى منزل واحد، وردًا على نجاحه فى التوفيق بينهن فى منزل واحد، قال الرجل، أنه يحرص دائمًا على اختيار الفتيات الفقيرات غير المتعلمات حيث لا حيلة لهن، غير الامتثال لأوامره وتنفيذ تعليماته، وفى الغالب يتبنى باقى مشايخ وأتباع السلفية هذه الطريقة للجميع بين أكثر من زوجة فى وقت واحد.