حذرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية , على لسان الكاتب جيمس تروب من تبعات انهيار اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، واشار الكاتب إلى أن ليس ملايين المهاجرين هم الذين سيعانون فحسب، وإنما أيضاً الديموقراطية الليبرالية الأوروبية أيضاً. وتابع حديثه : "حدثت أمور غريبة في بحر إيجه الشهر الماضي. لم يغرق أي لاجئ. هذا الجزء المتواضع من الأنباء الجيدة، طغت عليه كارثة في البحر المتوسط ، عندما غرق 1083 لاجئاً الأسبوع الأخير من مايو غادر هؤلاء الفقراء، معظمهم أفارقة، ليبيا، البلد الذي لا يسيطر على حدوده. لكن عبور بحر إيجه يخضع لسيطرة تركيا، التي حدت من تهريب اللاجئين بموجب اتفاق توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي في مارس . وفي عام 2015، عبر 800 ألف لاجئ من تركيا إلى اليونان. أما في الشهرين الأخيرين فإن عدد الذين عبروا من تركيا لم يتجاوزوا الخمسة الآف". وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مفاوضات خاصة بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن أنقرة ستحصل على 3 مليارات دولار للمساعدة في تحسين أوضاع اللاجئين وكذلك أمن الحدود في مقابل أن توقف تركيا العبور غير الشرعي إلى أوروبا. وتعهد الاتحاد الأوروبي إعادة توطين اللاجئين السوريين الموجودين حالياً في تركيا، بينما وافقت تركيا على استقبال أولئك الذين منحوا اللجوء في اليونان. ونددت جماعات حقوق الإنسان بالاتفاق بوصفه صفقة مثيرة للسخرية صممت من أجل تهدئة الناخبين الأوروبيين الغاضبين. وبعد ثلاثة أشهر، يبدو واضحاً أن الاتفاق حقق نجاحاً مدهشاً في تقليص تدفق اللاجئين من تركيا إلى أوروبا. وفي الوقت ذاته لم يفعل الاتفاق شيئاً لتخفيف معاناة اللاجئين في اليونان. فهل حقاً يشكل الاتفاق كما قيل، نجاحاً سياسياً وفشلاً أخلاقياً؟ ومع ذلك، يحذر تروب من أن انهيار الاتفاق سيتسبب بمزيد من المعاناة لأربعة ملايين ونصف مليون لاجئ سوري منتشرين في أنحاء المنطقة، بما فيهم 55 ألفاً في اليونان. والشهر الماضي كاد حزب من اليمين المتطرف معادٍ للهجرة أن يصل للرئاسة في النمسا التي تستقبل 90 ألف لاجئ لتصير البلد الأوروبي الثاني بعد ألمانيا التي تستقبل لاجئين على أراضيها. وفي السويد التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة إلى عدد سكانها، فإن الحزب المعادي للهجرة هو الأكثر شعبية. وهذا ما حمل رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك على تشبيه الوضع في أوروبا بما كان عليه عام 1913. وحتى الآن، أرسل ما مجموعه 280 لاجئاً سورياً من تركيا كي يعاد توطينهم في أوروبا. وهذا رقم هزيل جداً. وأغلقت تركيا أبوابها في وجه مهاجرين جدد من سوريا بإطلاق النار عليهم وضرب الرجال والنساء والأطفال الفارين من الحرب، ومحاصرة آخرين في مخيمات على الجانب السوري من الحدود. ويقول المفاوضون الأوروبيون إنهم لن يوافقوا على إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرت الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي إذا استمرت أنقرة بانتهاك المعايير الديموقراطية، مثلاً عبر استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لقمع المنشقين المحليين وسجن صحافيين. وفي المقابل هدد اردوغان بالتراجع عن اتفاق الهجرة إذا لم يحصل المواطنون الأتراك على حق الإعفاء من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي في غضون 90 يوماً. ويوجد فريق من الاتحاد الأوروبي في أنقرة لصوغ تسوية. لكن إذا قرر أردوغان أن كرامة تركيا أهم من العلاقات مع أوروبا، ستوقف تركيا عندها استيعاب اللاجئين. وماذا سيحصل عندها؟ وهل تقرر أوروبا التي ستواجه أزمة، قبول أعداد أكبر من اللاجئين؟ طبعاً كلا. وإذا انهار الاتفاق فإن دول البلقان ستبني جدراناً لمنع تدفق اللاجئين إلى أراضيها، وسينحصر التدفق في اليونان. والحل الوحيد يكمن في التزام الاتفاق وجعله ينجح من أجل اللاجئين وأوروبا.