يوما بعد يوم تقترب هيلاري كلينتون المرشحة المحتملة للرئاسة الأمريكية من البيت الأبيض بعد أن باتت مرشحة الحزب الديمقراطي خلال هذه المعركة أمام منافسها الجمهوري دونالد ترامب وكلينتون ليست بالغريبة عن عالم السياسة فقد كانت في السابق سيدة أمريكا الأولى ثم وزيرة للخارجية وقد كان لها دورا فعالا في تشكيل سياسية إدارة أوباما حيال الشرق الأوسط ومصر لاسيما وأنها تصدرت المشهد خلال ثورتي 25 يناير و30 يونيو، حيث بات واضحا أنها كانت تعد لمخطط كبير للسيطرة على الوطن العربي بمساعدة الإخوان المسلمين ولذلك دافعت عنهم بشكل كبير ولا زالت تنتهج هذه السياسة حتى الآن غير مبالية برغبة الشعب المصري ويرى المراقبون أن الثورة المصرية كانت أكبر التحديات الخارجية التي واجهت كلينتون خلال فترة توليها منصب وزير الخارجية الأمريكي ،وقد تحول موقفها سريعا من الثورة فبعد تقييمها المبكر بأن حكومة حسني مبارك كانت مستقرة طالبت بضرورة وجود فترة انتقالية منظمة لتشكيل حكومة تشاركية ديقراطية، وأيضا أدانت استخدام العنف ضد المتظاهرين. واستجاب أوباما لنصيحة كلينتون واتصالاتها الشخصية من وراء الكواليس في استجابته للتطورات. وفي غضون الربيع العربي انتشرت المظاهرات في جميع أنحاء المنطقة، وتصدرت كلينتون رد الولاياتالأمريكية الذي كانت تعتبره أحيانا متناقضا، معاونة بعض الأنظمة أثناء دعمها لبعض المتظاهرين ضد آخرين. ووسط محاولاتها الجادة للوصول إلى البيت الأبيض من جديد ولكن هذه المرة كرئيس للبلاد وليس السيدة الأولى فحسب أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية عن قرابة 3 آلاف رسالة من البريد الإلكترونى الخاص بهيلارى كلينتون خلال فترة عملها كوزيرة للخارجية الأمريكية من 2009 إلى 2013، ، حيث تم تصنيف الرسائل إلى 275 رسالة بريد إلكترونى تبادلتها هيلارى كلينتون تحت فئة رسائل سرية نظرا لأنها تحمل رسائل شخصية، ورسائل من الدرجة الثانية من السرية ذات تصنيف ينطبق على المعلومات التى قد تتسبب فى أضرار فادحة للأمن القومى الأمريكى إذا تم نشرها وكثيرا من الرسائل كانت متعلقة بمصر وأوضاعها خاصة فى يناير 2011، ففى يوم 29 يناير 2011 استقبل البريد الإلكترونى لهيلارى كلينتون رسالة من شخص يدعى سيدنى بلومتثال ويعمل مستشارا فى البيت الأبيض، والرسالة كانت تتحدث عن الأوضاع فى مصر فى أعقاب جمعة الغضب وقالت الرسالة إن الرئيس مبارك خسر بالفعل، والمجتمع المصرى اتخذ قراره، واقترح سيدنى أن تقوم الولاياتالمتحدة باتخاذ مجموعة من التدابير لتجنب وقوع مصر فى موجة عنف وكان من أهم تلك التدابير هى أن يعلن مبارك عدم ترشحه هو أو ابنه لفترة رئاسية جديدة، وأن تقوم أمريكا بإبلاغ مبارك بأن مصير المساعدات الأمريكية لمصر متوقف على نزاهة الانتخابات الرئاسية وفى 31 يناير 2011 أرسل سيدنى بلومتثال رسالة لكلينتون يتحدث فيها عن آخر المعلومات بشأن الأوضاع ، مؤكدا أن مبارك عليه أن يرحل لكنه يحتاج لعدة أسابيع حتى لا يضطر للهروب، والجيش يعلم أن مبارك يجب أن يرحل، أما فى 10 فبراير 2011 قبل يوم واحد من تنحى الرئيس الأسبق كتب سيدنى إلى كلينتون، رسالة بعنوان ما وراء خطاب مبارك، مؤكداً وجود خلاف بين أعضاء المجلس العسكرى، ومبارك مما أدى لتأخر خطابه، بسبب رغبة الرئيس الأسبق فى الحصول على ضمانات بشأن خروج مشرف من السلطة، وإصراره بحسب الرسالة على أن يكون اللواء عمر سليمان خليفة له، لكن المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع وقتها واللواء حسن الروينى قائد المنطقة المركزية اعترضا على الأمر باعتبار أن عمر سليمان امتداد لمبارك. وخلال مذكراتها التي نشرتها تحت عنوان "خيارات صعبة " تحدثت كلينتون عن الطريقة التي تعاملت بها إدارة أوباما مع الثورة المصرية، حيث كشفت وجود تيارين داخل الإدارة الأمريكية، أولهما يقول بضرورة دعم الثوار، والثاني يدعو للتريث وعدم التسرع، واصفة مبارك بأنه حكم مصر "كالفرعون"، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية طلبت من الرئيس المصري حسني مبارك الاستجابة لمطالب المحتجين، والتعهد بعدم ترشح ابنه للرئاسة. وأشارت كلينتون إلى أن أوباما غضب من الخطاب الأخير لمبارك واعتبر أنه غير كاف ولن يوقف الاحتجاجات، واتصل بمبارك ليعبر له عن الأمر نفسه، وهنا تثير كلينتون تصريحا غريبا لوزير خارجية مبارك، أحمد أبو غيط، الذي قال لها في اتصال هاتفي إنه جد مرعوب من سيطرة الإسلاميين على الحكم وخلال مذكراتها ذكرت أيضا رأيها في الرئيس المصري السابق محمد مرسي، حيث احتكت به خلال العدوان الإسرائيلي على غزة سنة 2012، مؤكدة أن مرسي كان حريصا على عدم تكرار إسرائيل لاعتداءاتها على غزة وفك الحصار عنها، مضيفة أنها تعتبر حركة المقاومة الإسلامية حماس حركة متطرفة ترغب في إزالة إسرائيل من الوجود وعلى عكس كل المحللين السياسيين تقول هيلاري عن مرسي إنه سياسي استثنائي، قذفه التاريخ من الغرفة الخلفية إلى كرسي الرئاسة وكان منكبا بطرق كثيرة على تعلم سبل الحكم من النقطة الصفر، مضيفة أنه كان يميل إلى صنع الحلول أكثر من ميله إلى الغوغائية، مبرزة أنه خلال تباحثها معه حول إيقاف العدوان على غزة كان حريصا على جميع التفاصيل ويتحدث معها بلغة إنجليزية سليمة. واعترفت كلينتون أيضا خلال مذكراتها بأن الادارة الامريكية قامت بتأسيس ما يسمى بتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المعروف اختصارا ب"داعش" بمباركة الإخوان والرئيس الأسبق مرسي ، لتقسيم منطقة الشرق الاوسط حيث قالت "دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وکل شيء کان على ما يرام وجيد جدا وفجأه قامت ثورة 30 / 6 - 3 / 7 في مصر وکل شيء تغير خلال 72 ساعة" . وأضافت بأنه تم الاتفاق على اعلان الدولة الاسلامية ، وکنا ننتظر الاعلان لکي نعترف نحن واوروبا بها فورا لكن الإطاحة بالإخوان غير كل شيء وقالت " کنت قد زرت 112 دولة فى العالم.. و تم الاتفاق مع بعض الاصدقاء بالاعتراف ب"الدولة الاسلامية" حال اعلانها فورا وفجأة تحطم کل شيء" وتابعت القول "کل شيء کسر امام اعيننا بدون سابق انذار، شيء مهول حدث!!، فکرنا فى استخدام القوة ولکن مصر ليست سوريا او ليبيا، فجيش مصر قوي للغاية وشعب مصر لن يترك جيشه وحده ابدا". واستكملت "وعندما تحرکنا بعدد من قطع الاسطول الامريکي ناحية الاسکندرية تم رصدنا من قبل سرب غواصات حديثة جدا يطلق عليها ذئاب البحر 21 وهي مجهزة بأحدث الأسلحة والرصد والتتبع وعندما حاولنا الاقتراب من قبالة البحر الاحمر فوجئنا بسرب طائرات ميج 21 الروسية القديمة، ولکن الأغرب أن رادارتنا لم تکتشفها من أين اتت وأين ذهبت بعد ذلك ، ففضلنا الرجوع مرة أخرى ازداد التفاف الشعب المصري مع جيشه وتحرکت الصين وروسيا رافضين هذا الوضع وتم رجوع قطع الأسطول وإلى الآن لانعرف کيف نتعامل مع مصر وجيشها". واعترفت ضمنا بأن الجماعة كانت إحدى أدوات واشنطن للسيطرة على القاهرة وباقي الدول العربية حيث تقول هيلاري " اذا استخدمنا القوة ضد مصر خسرنا، واذا ترکنا مصر خسرنا شيئا في غاية الصعوبة، مصر هي قلب العالم العربي والاسلامي ومن خلال سيطرتنا عليها من خلال الاخوان عن طريق مايسمى ب «الدولة الإسلامية» وتقسيمها ، کان بعد ذلك التوجه لدول الخليح الفارسي وکانت أول دولة مهيأة الکويت عن طريق أعواننا هنا , من الاخوان فالسعودية ثم الامارات والبحرين وعمان وبعد ذلك يعاد تقسيم المنطقة العربية بالکامل بما تشمله بقية الدول العربية ودول المغرب ولعل هذه الاعترافات من المرشحة المحتملة للرئاسة الأمريكية تؤكد أن دعمها للجماعة نابع عن استراتيجية انتهجتها وقد تستمر فيها إذا ما حدث ونجحت في الوصول للبيت الأبيض ولدت هيلاري كلينتون في 26 أكتوبر 1947 و تولت منصب وزير الخارجية الأمريكي السابع والستين، في عهد الرئيس باراك أوباما في الفترة منذ عام 2009 وحتى عام 2013. وهي زوجة بيل كلينتون، رئيس الولاياتالمتحدة الثاني والأربعين، كما كانت هي السيدة الأولى للولايات المتحدة خلال فترة حكمه التي استمرت منذ عام 1993 وحتى عام 2001. وقد عملت كلينتون في مجلس الشيوخ الأمريكي بنيويورك في الفترة من 2001 وحتى عام 2009. ولكونها مواطنة من شيكاغو، تحديدا من ولاية إلينوي، فقد تخرجت في كلية وليسلي عام 1969 حيث كانت أول الطلاب المتحدثين في حفل التخرج. وانتقلت بعد ذلك إلى كلية ييل للحقوق لتحصل على شهادة الدكتوارة عام 1973. وبعد قضائها فترة كمستشارة قانونية بالكونجرس الأمريكي، انتقلت إلى ولاية أركنساس حيث تزوجت من بيل كلينتون عام 1975. وفي عام 1977، شاركت كلينتون في تأسيس مؤسسة دعاة أركنساس للأسر والأطفال، وأصبحت أول سيدة تشغل منصب رئيس الخدمات القانونية بالمؤسسة في عام 1978 ولقبت بالشريكة النسائية الأولى بالمؤسسة عام 1979. وباعتبارها السيدة الأولى لولاية أركنساس منذ 1979 ل 1981 ومنذ 1983 ل 1992، قادت كلينتون مهمة إصلاح نظام التعليم في أركنساس، وعملت في مجلس إدارة وول مارت من بين شركات أخرى. وقد أدرجت مجلة القانون الوطنية اسم هيلاري كلينتون بقائمة المئة محامين الأكثر تأثيرا في أمريكا عن الفترة من عام 1988 وحتى عام 1991 وأثناء كونها سيدة الولاياتالمتحدة الأولى، فشلت مبادرتها الأولى الخاصة بخطة كلينتون للرعاية الصحية لعام 1993 في الحصول على أية أصوات بالكونجرس. وفي الفترة من 1997 وحتى 1999، لعبت هيلاري دورا رائدا في الدعوة لإنشاء برنامج التأمين الصحي للأطفال، وقانون التبني والأسر الآمنة، وقانون فوستر للعناية المستقلة. ومن بين الخمس سيدات اللاتي تم استدعائهن، فقد أدلت كلينتون بشهادتها أمام هيئة المحلفين الإتحادية الكبرى عام 1996 بشأن الجدل المثار حول فضيحة وايت ووتر وذلك على الرغم من عدم توجيه أية اتهامات لها بخصوص تلك القضية أو أي قضايا أخرى خلال فترة حكم زوجها. وقد خضع زواجها من الرئيس كلينتون لمناقشة عامة كبيرة في أعقاب فضيحة لوينسكي عام 1998 وبعد انتقالها لنيويورك ، تم انتخابها عام 2000 كأول عضو أنثوي بمجلس شيوخ الدولة، كما أنها تعتبر أول من امتلك مكتب بحث ، وفي أعقاب أحداث 11 سبتمبر، أدلت كلينتون بصوتها ودعمت العمل العسكري بحرب أفغانستان وقرار العراق، ولكنها اعترضت بعد ذلك على إسلوب إدارة جورج دبليو بوش لحرب العراق، فضلا عن اعتراضها على معظم سياسات بوش الداخلية. وتمت إعادة انتخاب هيلاري كلينتون بمجلس الشيوخ عام 2006. وسعيا وراء الانتخابات الديمقراطية خلال الإنتخابات الرئاسية لعام 2008، فقد اكتسحت كلينتون الإنتخابات التمهيدية متفوقة على جميع السيدات المرشحات في تاريخ الولاياتالمتحدة ولكنها خسرت في النهاية أمام باراك أوباما. وبسبب كونها وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة في عهد أوباما في الفترة منذ عام 2009 وحتى عام 2013، فقد تصدرت كلينتون مشهد الرد الأمريكي على ثورات الربيع العربي وأيدت التدخل العسكري في ليبيا. وقد تحملت مسئولية الثغرات الأمنية في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012 الذي أسفرعن مقتل أفراد من القنصلية الأمريكية، ولكنها دافعت عن نفسها فيما يخص تلك المسألة. وقد قامت كلينتون بزيارة بلدان عديدة أكثر من أي وزير خارجية أمريكي سابق. وكانت تعتبرالقوة الذكية هي خطة تأكيد قيادة الولاياتالمتحدة وقيمها عن طريق الجمع بين القوى العسكرية والدبلوماسية، والقدرات الأمريكية فيما يخص الاقتصاد، والتكنولوجيا، وغيرهم من المجالات. كما شجعت على تمكين المرأة في كل مكان واستخدمت وسائل التواصل الإجتماعي لتوصيل رسالة الولاياتالمتحدة عبرالبلاد. وقد تركت كلينتون منصبها بنهاية الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما وتفرغت لتأليف كتابها الخامس وإقامة المنظارات قبل إعلانها في الخامس من إبريل لعام 2015 عن خوضها للمرة الثانية لمراسم الترشح للإنتخابات الرئاسية لعام 2016.