أكد خبراء رى أن الحديث عن قدرة مصر استصلاح 1.5 مليون فدان هو ضرب من الخيال , مشيرين إلى أن وزارتى الزراعة والرى ورطا الرئيس السيسى فى هذا المشروع الذى يستحيل تحقيقه فى ظل الفقر المائى الذى تعانى منه الدولة. فى غضون ذلك أكد الدكتور نادر نور الدين الخبير المائى، أن إستصلاح مليون ونصف المليون فدان الذى تم دراسته والتخطيط له من قبل وزير الزراعة المسجون الدكتور صلاح هلال مستحيل تنفيذه ، مشيرًا إلى أن الموضوع بدأ عندما أعلنت مؤسسة الرئاسة عن إستصلاح مليون فدان ، ولكن تطوع وزير الزراعة ، وابلغهم أن لديهم القدرة على إستصلاح 1.5 مليون فدان دون وجود اى دراسات حقيقية عن مخزون المياه ونوعيتها وكيفية توزيع تلك المساحة بما يتناسب مع ظروف المناخ والتربة والمياه ، وتقدم بمجموعة من الدراسات الوهمية كان الهدف منها إثبات أنه يعمل بجد ونشاط والتقرب من الرئيس عبد الفتاح السيسى . وأوضح نور الدين , أنه من الحكمة والعقل عندما يكون لدينا مشروع محدد بمليون فدان يتم تنفيذه اولاً قبل طرح أى مشروع آخر ، نافيًا قدرة مصر على إستصلاح 1.5 مليون فدان فى ظل وجود ندرة مائية فى مصر، التى يبلغ تعدادها 90 مليون نسمة، ومن ثم ينبغى أن يكون لدينا 90 مليار متر مكعب من المياه ، لكى يكون نصيب الفرد 100 متر مكعب .. ولكن مصر لديها 60 مليار فقط حصتها من مياه النيل والمياه جوفية ، بمعنى ادق لدينا نقص مائى 30 مليار متر مكعب ، وهو مايستحيل معه استصلاح هذه الكمية من الأراضى. وقال الخبير المائى : إن إختيار الاراضى المستهدف إستصلاحها أمر خاطئ من البداية ، وكان ينبغى أن يتم إختيار مناطق شمالية ، لأن المناخ بها معتدل وتتساقط عليها الامطار فى فصل الشتاء ، اما التخطيط الذى تم تقديمه عن إستصلاح المليون ونصف المليون فدان جميعها جنوبًا فى توشكي ووادى النقرة والفرافرة واسيوط وسوهاج والواحات والمنيا ، مشيرًا إلى ارتفاع درجاة الحرارة فى تلك المناطق وهو ما يجعل استصلاحها مستحيل ، لحاجتها لمياه كثيرة وهى غير متوفرة من الأساس . وأكد نور الدين أنه طلب منه إعداد مذكرة بها مقترحات مدروسة من اجل مخطط جديد ليرفع لمؤسسة الرئاسة ، قائلاً : قمت بتعديل كل المخطط ، وذهبت إلى الساحل الشمالى الغربى ، لأننا سبق ونفذنا فيه امتداد ترعة الحمام فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، ووصلت إلى مدينة الضبعة بعد العلمين ، حيث ترعة النصر فى النوبارية والتى تكفى لرى 300 ألف فدان ، ولكن نتيجة للاهمال تحتاج فقط للتطهير من الرمال ، وبعد ذلك يتم مد الترعة حتى مرسى مطروح لاستصلاح 2 مليون فدان وليس 1.5 مليون فدان ، صالحة للاستصلاح لأنها تسقط عليها الامطار بغزارة فى الشتاء ، وبالتالى علينا البدء من هذه المنطقة ، لانها ستوفر على الدولة مليارات الجنهات ، فضلاً عن وجود مياه جوفية بتلك المنطقة يسهل إستخدامها فى فصل الصيف عند توقف الامطار فى شهر مايو. وأضاف نور الدين , أن مصر بحاجة للتخطيط الجيد لكى يتم تنميتها بشكل صحيح، لافتًا إلى أن مصر منقسمة شمالا وجنوب ، ولو أردنا التنمية بشكل صحيح لخصصنا الشمال للزراعة بما يملكه من خصائص مناخية والجنوب للصناعة للحد من هجرة أهل الصعيد للقاهرة والدلتا ورفع مستواهم الاجتماعى ، مؤكدًا أن ما يتكلفة الفدان فى الجنوب يوازى تكلفة إستصلاح 4 أفدنة فى الشمال . وأكد الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الرى الاسبق ، صعوبة تنفيذ مشروع إستصلاح 1.5 مليون فدان وذلك بسبب ندرة المياه. وأوضح علام أن مرض الفتوى متفشى فى المجتمع المصرى بطبيعة الحال ولا يستطيع أحد التخلص منه، ومن ثم أصبحت الفتاوى فى مجالات المياه كثيرة والكل أصبح خبير موارد مائية، مما ضلل الرأى العام فى قضايا رئيسية مثل استصلاح 1.5 مليون فدان كمرحلة أولى من استصلاح 4 ملايين فدان ، لافتا إلى أن المسئولين عن وزارتى الرى والزراعة ورطا الرئيس فى مشروع غير مدروس وغير مخطط يصعب تنفيذه . وأضاف علام أن المسئولين عن الرى والزراعة يتحدثان عن تطوير الرى السطحى وترشيد استخدامات المياه فى الزراعة دون دراسة او تخطيط ، زاعمين توفير 10 مليارات متر مكعب من المياه سنويا واستصلاح 4 ملايين فدان، مشيرًا أن الحكومة تتلاعب بأحلام الشعب. وتابع حديثه: 95% من مياه مصر تأتى من حصتها من نهر النيل وهى ثابتة منذ 1959، بالرغم من زيادة عدد السكان من 26 مليون نسمة إلى حوالى 90 مليون نسمة حالياً، وزيادة الرقعة الزراعية من أقل من 6 ملايين فدان إلى حوالى 8.4 ملايين فدان، والتوسعات الصناعية والعمرانية الضخمة، ومع كل هذه التغيرات لازالت مصر صامدة وتحاول التعايش مع مواردها المائية المحدودة. وقال : لقد نقص نصيب الفرد المصرى من المياه فى مصر إلى أقل من 625 متراً مكعباً سنوياً، وهو أقل كثيراً من حد الفقر المائى الذى يقدر بألف متر مكعب سنوياً، ونتيجة مباشرة للفقر المائى كان هناك أيضا نقص فى نصيب الفرد من الأراضى الزراعية إلى 0.1 فدان، فى حين أن نصيب الفرد من الأراضى الزراعية حتى فى الدول الصناعية الكبرى مثل الولاياتالمتحدة يصل إلى فدان، وفى فرنسا إلى 1.4 فدان. وأكمل علام أن المياه الجوفية في مصر لا تستوعب استصلاح أكثر من مليون فدان فقط بشروط وتكاليف ضخمة ، كما أن اللجوء إلى سياسة الترشيد في المياه سيأخذ سنوات، مؤكداً أن ما ورد عن لسان المسئولين بهذا الشأن كلام نظري غير قابل للتطبيق ، وأضاف : أذا ارادت الحكومة الترشيد عليها تخفيض مساحات الأرز التى زادت من 1.25 مليون فدان عام 2010 إلى ما يزيد على 2.6 مليون فدان حالياً، فضلاً عن أن هناك أكثر من مليون ونصف مليون فدان ما زالت تنتظر المياه فى مشروعات تم إنفاق مليارات الجنيهات على بنيتها الأساسية، مثل مشروع ترعة الحمام وامتداد الحمام ومشروع ترعة السلام فى سيناء ومشروع توشكى. وأشار علام إلى أن التصريحات المغلوطة التى يطلقها المسئولين والخاصة بالوفرة المائية والتوسعات الزراعية الخيالية لا تتناسب مع امكانيات مصر المائية ، مطالبًا الرئيس عبد الفتاح السيسى باعادة النظر ودراسة الامر بشكل جيد واعادة توزيع الاراضى المزمع استصلاحها طبقًا لوجود المياه الجوفية المناسبة لها .