بدأت منظمة الصحة العالمية الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية عام 1992، وطرحت سؤالا حول حماية حقوق المرضي ومنع انتهاكاتهم فقالت المنظمة إن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية في جميع أنحاء العالم يتعرضون لطائفة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان. ويعني وصم هؤلاء أنهم غالباً ما يُنبذون من المجتمع ولا يحصلون على ما يلزمهم من الرعاية أو الخدمات والدعم ليعيشوا حياة حافلة في المجتمع المحلي. ويُبعد في بعض المجتمعات المحلية الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية إلى أطراف المدينة حيث يُتركون فيها شبه عراة أو يرتدون ثياباً ممزقة، كما يُربطون ويُضربون ويُتركون فيها جياعاً. ويكون وضع الأشخاص في العديد من مستشفيات الأمراض النفسية أفضل من ذلك بقليل، حيث يُكبّلون فيها بالقيود الحديدية ويُحبسون في أسرّة تتخذ شكل أقفاص ويُحرمون من اللباس أو الفراش المحتشم أو المياه النظيفة أو المراحيض الملائمة كما أنهم يخضعون لإساءة المعاملة ويتعرضون للإهمال. ويواجه أيضاً الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية التمييز بشكل يومي، بما في ذلك في مجالات التعليم والتوظيف والسكن. وتقوم بعض البلدان حتى بمنعهم من التصويت أو الزواج أو إنجاب الأطفال. كيف يمكن منع هذه الانتهاكات؟ التصديق على اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إن دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ معلم رئيسي فيما يتعلق بالجهود الرامية إلى تعزيز تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان على نحو كامل ومتساو وحماية تمتعهم بها وضمانه. ويجب أن تسعى البلدان إلى مواءمة سياساتها وقوانينها مع الاتفاقية وأن تكفل تعزيزها لاستقلالية الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية وحريتهم وأهليتهم القانونية ومشاركتهم، وكذلك مجموعة الخدمات اللازمة ليعيش المجتمع المحلي بشكل مستقل. تغيير المواقف وإذكاء الوعي يجب أن تقوم وزارات الصحة ومنظمات الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية والمهنيون الصحيون والمنظمات غير الحكومية، بما فيها منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات المهنية وغيرها من الجهات صاحبة المصلحة بتوحيد جهودها فيما يتعلق بتثقيف الجمهور وحمله على تغيير مواقفه تجاه المرض النفسي وبالدفاع عن حقوق الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية. تحسين اعمال حقوق الإنسان في مرافق الصحة النفسية ينبغي تحديد طرق لتقييم نوعية الرعاية وأوضاع حقوق الإنسان من أجل حماية الأفراد من المعاملة اللاإنسانية والمهينة وظروف العيش السيئة وإدخالهم إلى المرافق وعلاجهم كرهاً. ويجب أن يكون الأشخاص قادرون على تقديم الشكاوى في حالات تعرضهم لانتهاك حقوق الإنسان. تمكين الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية وأسرهم ينبغي أن تدعم الحكومات إنشاء و/ أو تعزيز منظمات الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية وكذلك المنظمات المعنية بشؤون الأسرة. وتتمتع تلك المجموعات بأفضل وضع يمكنها من تسليط الضوء على مشاكلهم وتحديد احتياجاتهم والمساعدة على إيجاد حلول بهدف منع الانتهاكات وتحسين الصحة النفسية وتوفير الخدمات الأخرى في البلدان، كما تؤدي تلك المجموعات دوراً حاسماً في صياغة السياسات والخطط والقوانين والخدمات وتنفيذها. استبدال مؤسسات الأمراض النفسية بالرعاية المجتمعية ينبغي أن تُستبدل المؤسسات الكبيرة التي غالباً ما تربطها علاقة بانتهاكات حقوق الإنسان بخدمات الرعاية المجتمعية الخاصة بالصحة النفسية، وأن تُدعم بتوفير أسرة للأشخاص المصابين بالأمراض النفسية في المستشفيات العامة والدعم في إطار الرعاية المنزلية. ويلزم أن ترتبط خدمات الصحة النفسية بخدمات المجتمع المحلي ودعمه لتمكين الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية من التمتع بفرص التعليم والتوظيف والخدمة الاجتماعية والسكن على قدم المساواة مع الآخرين. زيادة الاستثمار في الصحة النفسية يلزم أن تخصّص الحكومات حصة أكبر من ميزانيتها الخاصة بقطاع الصحة للصحة النفسية. وإضافة إلى ذلك، يلزم تطوير وتدريب القوى العاملة في مجال الصحة النفسية على كل مستوى من مستويات نظام الرعاية الصحية، وذلك لضمان إتاحة خدمات الصحة النفسية الجيدة النوعية التي تعزز التعافي واحترام حقوق الإنسان لجميع الأشخاص. ويرمي مشروع المنظمة المعنون Quality Rights إلى مساعدة البلدان على تحقيق هذه الأهداف. ويدعم المشروع الحكومات في تقييم وتحسين النوعية وأوضاع حقوق الإنسان في إطار خدمات الصحة النفسية. وهو يقوم أيضاً ببناء قدرة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية على التمتع بحقوق الإنسان وعلى التعافي وتمكينهم من خلال تعزيز منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة وإصلاح السياسات والتشريعات الوطنية بما يتناسب مع معايير حقوق الإنسان الدولية.