أوقفت شركة توفاش التركية لصناعة السيارات الإنتاج في مصنعها الرئيسي مع تفاقم احتجاج العمال على ظروف العمل، ما ينذر بوقوع رئيس البلاد رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في حرج شديد قبل أسابيع من الانتخابات التشريعية. وبدأت الاحتجاجات الخميس الماضي في أكبر مصنع لإنتاج السيارات تديره أوياك رينو وهي مشروع مشترك بين رينو الفرنسية وصندوق أوياك لمعاشات تقاعد الجيش التركي بمدينة بورصة بشمال غرب البلاد. وامتدت لاحقا إلى مصنع توفاش المجاور. وقالت الشركة المملوكة لفيات الإيطالية وكوج التركية، إنها أوقفت الإنتاج ريثما يتم حل الخلافات، مضيفة إنها لا تتوقع أن يؤثر هذا التوقف على المبيعات، لكنها لم تخف مخاوفها من استمرار تعطل الإنتاج إذا استمرت الاحتجاجات. ويشكل إنتاج الشركتين معا ما يزيد على 40 بالمئة من إنتاج تركيا السنوي من السيارات، فيما يعمل نحو 40 بالمئة من العمال الأتراك 50 ساعة أسبوعيا أو أكثر وهو المعدل الأعلى بين أكثر من 30 بلدا عضوا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتخشى الحكومة التركية التي واجهت انتقادات حادة بعد الهبوط الحاد لقيمة العملة المحلية (الليرة)، أن تتسع الاحتجاجات لتشمل قطاعات أخرى، في الوقت الذي تستعد فيه لخوض الانتخابات التشريعية. وتلقي الاحتجاجات الضوء على ما يراه المنتقدون تناقضات التقدم الاقتصادي في تركيا وهي أن سنوات من النمو السريع لم يصاحبها تحسن كبير في ظروف العمل. وهبطت أسهم توفاش أول أمس، أكثر من 4 بالمئة في التعاملات الصباحية في بورصة إسطنبول، قبل أن تسترد بعض خسارتها لتغلق منخفضة بنحو 0.8 بالمائة. وقال محللون، إن تفاقم الاحتجاجات العمالية، يعكس في جزء منه اتساع موجة الغضب في الشارع التركي على السياسة الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية، في وقت ارتفع فيه معدل البطالة إلى نحو 11 بالمئة، وهي معضلة أخرى تعجز حكومة أردوغان عن حلّها. وتأتي موجة الاحتجاجات العمالية، في الوقت الذي لم تتعاف فيه الليرة التركية بعد من نكساتها خلال الأشهر الماضية، رغم انتعاشة طفيفة، اعتبرها محللون أتراك غير مطمئنة ولا تشي بإمكانية تعافيها سريعا. وانشغلت الأوساط الاقتصادية والسياسية في أنقرة خلال الأشهر الماضية خاصة في شهر مارس، بانخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار وهبوطها إلى مستويات قياسية، مقابل صعود العملة الأميركية لأعلى مستوى لها في 11 عاما. ومارس أردوغان ضغوطا شديدة على البنك المركزي لدفعه إلى إجراء خفض إضافي لأسعار الفائدة، بحجة أن ذلك سيؤدي إلى تراجع معدلات التضخم وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن عددا من المصرفيين حذّروه من أن اللجوء في كل مرّة إلى خفض جديد في أسعار الفائدة، لا يخدم الاقتصاد، الذي يواجه أزمة سيولة خانقة بسبب موجة هروب رؤوس الأموال. لكن وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، أبقت في تقرير أصدرته منتصف الشهر الجاري على نظرتها السلبية تجاه تركيا وخفّضت درجة التصنيف الائتماني للعملة التركية بسبب حالة الغموض حول الاستقلالية التنفيذية للبنك المركزي.