علمونا فى المهنة .. ألا نبيع أقلامنا بحفنة من المال .. ألا نكون غير صحفيين ..همومنا المواطن .. وقضيتنا الوطن .. قلم الصحفى يظل حراً طليقا يغرد فى سماء بلا سقف، ويقاتل على أرض الفساد بلا هوادة أو استسلام .. قالوا لنا: يوم أن تريحوا أقدامكم من الهرولة فى الشوارع بحثاً عن الحقيقة المجردة من الأهواء والمعلومة الصادقة صوتاً وصورة وجسداً نابضا ،وترضون الجلوس على مكاتبكم لتفقد "الإيميلات" ونقل بيانات الحكومة الملكية فى كل العصور المسبوقة بصرح : سيادة المسئول "الفلانى"، وقال : فخامة الوزير"العلانى"، فأعلموا أنكم أضحيتم موتى إكلينيكيين كفنتم أقلامكم وأعميتم عدسات كاميراتكم ومنحتم الظلام فرصة ذبح "الفلاش" الفاضح لوجه مسئول "مشلول" أهمل فى أداء واجبه وترك المواطن "يشق الجيوب" و"يلطم الخدود" ويدعو بدعاء "الثورجية" : "عيش حرية عدالة اجتماعية "لعل يُسمع صوته فى كلمة أو صورة تظل فى ألبوم ذكريات المسئول شاهدةً على فساد منصبه وضمور إرادته .. علمونا وعلمونا.. قليل منهم كانوا لنا أساتذة ب"الورقة والقلم".. وكثير منهم لا يعرفون أبجدية المهنة أو "ألف باء" صحافة، فى زمان أضحت فيه المهنة حاصل عملية ضرب "كام X كام " = كام ، فى جدول حسابات بيزنس المنتمين للمهنة .. كثيرون منا ألقوا أقلامهم وقالوا: فى "عزة" النظام و"عزبته" إنا لنحن الرابحون .. وقليلون ألقوا أقلامهم لتلقف ما يأفك المبطلون وقالوا: بعزة ما آمنا به إنا لنحن المنتصرون ..لم يٌعلموا الشاب الحسينى أبوضيف شهيد الصحافة أن الموت فى سبيل الحقيقة مجد وشرف وخلود .. وعلمهم فنون الفروسية فى الميادين بلا جواد أو سيف غير ورقة وقلم وكاميرا رأت ما لم يبصره غيره . فى مرحلة البحث عن الجاه والسلطان أطل علينا صحفيو ماركة المتحدثون باسم رجال الحكومة فى مهنة المستشار الإعلامى للوزير ..يحمل بعض هؤلاء الصحفيون لقب "الواد حسوكة بتاع الوزير" سفير بلاط صاحبة الجلالة لخدمة الوزير.. وليس عيبا أن يعمل الصحفى متحدثا لوزير .. لكن العيب أن يدافع الزميل الصحفى الذى أضحى متحدثاً باسم وزارة عن وزيره وكأنه قديس لا ينطق عن الهوى ..يجمّل فشله ويزين اخفاقاته المستمره. وهنا لى عتاب على صحفيى الوزراء ممن تناسوا أنهم زملاء قبل أن يصبحوا ناطقين باسم الوزراء .. ودورهم امداد زملائهم بالمعلومات والرد على الاستفسارات .. واحقاقا للحق فإن هناك نماذج عرفتها تعاملت مع منصب المستشار الإعلامى للوزير بكل إحترام ..لم تقصف أقلامها أسفل قدم مسئول لمجرد أن مرتباتهم تخرج من خزينة السيد الوزير..هؤلاء احترموا تاريخهم ..لم يزيفوا حقيقة مسئول مخالف ولم يعادوا زملاء مهنتهم إرضاءاً لمسئول ..لن أذكر أسماء ففى الحكومة ربما يتواجد نموذج أو أكثر .. مستشار إعلامى أعرفه كان المسئولون يلقون عليه باللوم مما أكتب وكان يعاتبنى أحياناً ويساندنى حيناً آخر ..وكان عتابه فى معلومة صغيرة من حقائق كثيرة تنشر عن مسئولين بوزارته، إلا أنه كان دائماً ما يقول: "احنا صحفيين زى بعض والفساد فى كل مكان والمسئول الفاسد يستحمل اللى يجراله علشان يحترم نفس أمه"، و"لن أستطيع أن أعاتبك فيما تنشر بالمستندات لكن كل ما أريده أن تمنحنى وتمنحه فرصة الرد على الاتهامات قبل النشر وإن لم يكن رده مقنعاً فلن أقف فى طريق فضحه أمام الجميع". وأتذكر يوم أن شاهد شاب يبكى على باب الوزير فسأله : ماذا يبكيك؟ فأجابه: اتظلمت ..كشفت فساد فى المكان الذى أعمل به فأحالونى للتحقيق ونقلونى إلى مكان آخر ..وقتها أحمر وجهه وانتفخت عروقه أى المستشار الإعلامى ودخل على الوزير وكان الوزير يحبه جداً وقال له:"أنا ماشى من الوزارة لو الراجل ده مرجعلوش حقه دلوقت حالاً "وقص على الوزير حكاية الشاب المتباكى على بابه .. فاتصل الوزير بالمسئول التابع له الشاب تليفونياً وظل يتمتم "آه آه" وبعدها طلب من المستشار الإعلامى أن يدخل الشاب،فدخل فقال له الوزير: "انت عيل مش جدع ،غور على شغلك ولو حد اشتكى منك تانى أنا اللى هفصلك". وعرف المستشار بعد المكالمة أن الشاب منقطع عن العمل وعندما تكرر غيابه خصموا منه أيام الغياب ،فتظاهر وهدد بكشف المستور والمخالفات بما يمتلكه من مستندات وعندما قال له مرؤسه : قدم ما لديك من مستندات للتحقيق أصر ألا يخرج مستنداته إلا أمام جهات التحقيق فأحالوه للتحقيق بناء على طلبه ولم يجدوا معه غير "رصيد من الكذب ورداء من الشرف المغشوش ".. صديقى المتحدث باسم وزيرك : لا تكن "زير" فى خدمة الوزير .. وخليك "حنفيه" مفتوحه فى خدمة "الصحبجية" لأن هذه مهمتك فى الوزارة وإلا سنقول لك: "خد فى طيرك ..وكل وحدك ..فلن تشبع إلا بالقناعة".