يبدو أن السلفيين أدركوا أخيرا أن فرصة بقاءهم داخل الشهد السياسى ستكون معدومة إذا لم يتصالحوا مع الأطراف التى يعتبرها بعضهم عدوا لهم.. لذلك لم يفاجئ الرأى العام بخدعة اعتذار ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية للأقباط بعد اتهامه بازدراء الأديان بل وقيادته لحملة تحمل اسم "أخي القبطى" لمغازلة الكنيسة. المثير أن هذه المغازلة أثارت جدلا بين الأقباط فالبعض قبلها وأعرب عن استعداده للتحالف مع حزب النور بينما رفضها البعض الآخر مؤكدا أن السلفيين يتخذون موقفا من المسيحيين ويعتبرون مغازلتهم خدعة مفضوحة مؤكدين أن البابا اصدر تعليمات بعدم التحالف مع السلفيين وأن من سيخالف ذلك فسوف تعاقبه الكنيسة. وكان ياسر برهامى قد وصف المسيحيين بالكفار وطالب بمقاطعتهم وعدم تهنئتهم بالأعياد كما طالب بعدم تقلدهم لأى منصب بالدولة. من جانبه أكد نادر الصيرفي، مؤسس رابطة أقباط 38، أن الرابطة تنوى مطالبة البابا بإصدار فتوى توضح عواقب انضمام الأقباط لأى حزب سلفي، خاصة بعد الهجوم الشرس التى تعرضت له الرابطة بعد إعلانها الانضمام لحزب النور ,مشيرا إلي أن فتوى البابا لا تعد تدخلا في السياسة ,لأنه سيطلب رأيه الدينى وليس السياسي. وقال "علي الرغم من أنني أعرف إجابة البابا قبل أن أسال ولكنى اقوم بذلك لقطع الطريق على من يهاجموننى باسم تعاليم المسيحية". وأكد الصيرفي أنه رفض صدور فتوي من قبل أى شخص داخل الكنيسة غير البابا والقس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة، مشيرا إلى أن باقى الأساقفة داخل الكنيسة ليس من حقهم التدخل في هذا الشأن، لأن البابا هو الراعى الوحيد للأقباط في الجانب الدينى فقط وليس السياسى. وأشار إلي أنه فى حال أصدار البابا فتوى تحرم انضمام أعضاء الرابطة الى حزب النور، سيكون هناك نقاشا لمعرفه السبب الدينى الذي يحرم الانضمام لحزب سلفى، وفي حالة الاقتناع بالسبب سيتم الخضوع لفتوى رأس الكنيسة المصرية. وأوضح أن إعتذار برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية للأقباط لا يهمه لأن برهامى لم يخطيء في حق المسيحيين ليعتذر لهم ، مؤكدا أن تصريحات نائب رئيس الدعوة السلفية الآن تؤكد علي حبه للأقباط وعلى العودة عن التصريحات غير المسئولة التي كان يصدرها في الماضى. وأوضح الصيرفي انه لا يهمه الموقف الشخصي لأعضاء الحزب، وكل ما يهمه التوجه العام له، خاصة وانه معروف بالجانب الوطنى حيث شارك مع بابا الأسكندرية في إعلان خارطة الطريق. وفيما يتعلق بحديث نجيب جبرائيل، رئيس الإتحاد المصري لحقوق الإنسان، والتى طالب فيها الأقباط بعدم الإنضمام لحزب النور والترشح علي قوائمه قال "نجيب جبرائيل يبحث عن مصالحه فقط، وتصريحاته لا تمثل لنا أي اهمية". وكشف الصيرفى عن وجود تواصل بين أعضاء الرابطة و ياسر برهامي لبحث سبل مساعدته في الدعوة المقامة منه ضد نجيب جبرائيل عقب هجوم الأخير عليه. وكان نجيب جبرائيل قد قدم بلاغ ضد يأسر برهامى علي خلفية تصريحات تليفزيونية له تطالب فيها بعدم تولي غير المسلمين للمناصب القيادية بالدولة. ومن جانبه أكد القمص سرجيوس سرجيوس، وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس، أنه لا يعرف شيئا عن رابطة 38، وعن أعضائها، ولكن فى حالة طلب فتوى من البابا عن انضمام الأقباط لأى حزب سلفى ستكون الأجابه "هذا أمر شخصى وكل قبطى يفعل ما يريد".. مشيرا إلى أن البابا لن يتدخل في السياسة مره أخري، ولن يعطى أي تصريحات في هذا الشأن. ومن جانبه أكد حزب النور أن مبادرته مع الأقباط ،وحملة "أخى القبطى " لا علاقة لها بالانتخابات ،ونفى وجود أى نوع من المغازلة للأقباط من أجل الموائمات السياسية ،وأوضح أن علاقة الدعوة السلفية وحزب النور مع الأقباط تأتى فى إطار الوحدة الوطنية . أما قيادات حزب النور فقد أكدوا أن اعتذار ياسر برهامى أمر يخصه ولا يعبر عنهم غير أنهم أكدوا أن ذلك لا يعنى معاداتنا للأقباط لاننا أبناء وطن واحد. من جانبه نفى المهندس جلال مرة ،الأمين العام لحزب النور ،مغازلة الحزب للأقباط بسبب الانتخابات البرلمانية ،وقال إن نشر صورة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مع الشيخ ياسر برهامى ،نائب رئيس الدعوة السلفية هى من باب الوحدة الوطنية ،وليس من باب الموائمات السياسية. وأوضح أن الشيخ ياسر برهامى لم يعتذر للأقباط بل أوضح للنيابة حقيقة تصريحاته.. مشيرا إلى أن حزب النور ليس له علاقة بهذه القضية ،وأن النيابة العامة هى المختصة بهذا الأمر . وأضاف أن الحزب يراعى المصلحة العليا للبلاد ،ولا يريد أن ينزلق فى منحدر المناورات السياسية من أجل صندوق الانتخابات ،موضحا أن الحزب ملتزم بالقانون ،وسيتواصل مع بعض القوى السياسية القبطية،ولن يغازلهم . وقال الدكتور عبدالغفار طه ،وكيل حزب النور بالدقهلية ،وعضو اللجنة الإعلامية بالحزب ،إن بعض المبادرات التى يطلقها الحزب الخاصة بالأقباط ليس لها علاقة بالانتخابات ،لأن قانون تقسيم الدوائر لم يصدر بعد . وأوضح أن قضية ازدراء الأديان التى رفعها نجيب جبرائيل ضد الشيخ ياسر برهامى ينظرها القضاء ،ولن تؤثر على العلاقات الوطنية بين الحزب والدعوة السلفية من ناحية والأقباط من ناحية أخرى ، كما أن الشيخ ياسر أوضح موقفه فى النيابة . وأكد طه أن الحزب لا يغازل أحدا ، ولن يسعى لمغازلة الأقباط ، موضحا أن تعامل الحزب مع السياسيين الأقباط تأتى فى إطار التواصل مع الرموز القبطية،وأضاف أن أمر التحالفات لم يتضح بعد سواء مع الرموز القبطية أو القوى السياسية الأخرى .