أكد موقع "ورلد سيتزن ريفيو" الأمريكي في تقرير له أن دعم دولة قطر لجماعة الإخوان المسلمين في مصر ليس حبا في الجماعة بقدر ماهو مخطط عام للقضاء علي النظام الملكي في السعودية. وأشار الموقع إلي أن حال قطر حالياً يشبه المقامر الذي راهن رهاناً كبيراً ولكنه خسر فجأة، ولكن يحاول حالياً خفض خسائره أملا في أن تأتي لعبته بثمارها في النهاية. وأضاف الموقع أن قطر اختارت أن تقامر في مقامرة عالية المخاطر بدعمها للإخوان المسلمين ،علي الرغم من أن الإخوان تراجعوا تراجعا كبيرا بعد عدد من الانتصارات التي حققوها من خلال ما يعرف بالربيع العربي، وأصبحت الدوحة حاليا عالقة مع إستراتيجيتها وتدفع تكلفة عالية علي نحو متزايد نتيجة لترددها في تغيير المسار. وتساءل الموقع لماذا بعد هذا التراجع الكبير للجماعة لا تزال قطر تدعم الإخوان؟ مشيرا إلي أن جيرانها بدأوا يفقدون صبرهم بشكل كبير حيال احتضانها للجماعة، ونستطيع أن نقول إن وقت الدبلوماسية الهادئة في التعامل مع هذا الأمر انتهي منذ أعلنت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سحب سفرائهم من الدوحة. ولفت الموقع إلي أن باراك أوباما خلال زيارته المرتقبة للسعودية هذا الشهر سيلحظ شرخا داخل حلفائه التقليديين بمجلس التعاون الخليجي بشأن الموقف من جماعة الإخوان المسلمين وحماس فدول الخليج تري أن جماعة الإخوان تشكل تهديداً خطيراً عليها، الأمر الذي دفع السعودية إلي إعلانها جماعة إرهابية، أما الإمارات فقد سجنت أعضاء مشتبهين في انتمائهم لهذا التنظيم، الذي تعتبره السلطة الحالية في مصر عدوا يجب تدميره، وفي نفس الوقت أصبحت قطر أفضل صديق للإخوان واستضافت عدداً من قياداتهم وقدمت لهم الدعم والتمويل إضافة إلي دعم جهود حلفائهم في سوريا. إضافة إلي ذلك هناك غضب شديد من قبل دول الخليج علي الدوحة بسبب قناة الجزيرة القطرية التي تبث خطب بواسطة يوسف القرضاوي الذي يعد المرجعية الدينية للإخوان ينتقد خلالها الأنظمة الحاكمة في السعودية والإمارات ومصر. وأشار الموقع إلي أن دول الخليج بقيادة الرياض طالبت الدوحة بوقف دعمها للإخوان، وهو الأمر الذي رفضته الإمارة الصغيرة بشدة، موضحة أنه أحد مبادئ سياستها الخارجية التي تدعم السعي من أجل الحرية والعدالة في العالم العربي. وأوضح الموقع أن دعم قطر للإخوان ليس بالأمر الجديد فمنذ سنوات قرر الأمير المتقاعد حمد بن خليفة آل ثان ورئيس وزرائه حمد بن جاسم دعم الحركة الإسلامية في رهان محفوف بالمخاطر، ومنذ هذا الحين والجماعة تريد أن تقلب كل الأوضاع في العالم العربي، حيث كان يظن النظام القطري أن الإخوان يمكن أن يكونوا بديلا عن الأنظمة العربية. وحتي الآن يعتقد "حمد" فيما يبدو أن فكره متجها للنجاح بقوة في كل المنطقة، وبالتالي يستطيع أن يحمي إمارته من غضب الإخوان وتعزيز قوة الدوحة في منافستها مع الرياض. ففكر "حمد" بحسب الموقع يقول إنه إذا نجحت جماعة الإخوان في الهيمنة علي الشرق الأوسط في نهاية المطاف، وبما أن قطر هي الممول والحامي لها فسوف تستفيد من امتنان الإخوان للدور الذي قامت به معهم، وربما تضع الدوحة في اعتبارها تصور بأن هذا الفكر في السعودية جعل لرجال الدين الوهابيين مكانة قوية في إطار اتفاق الحماية المتبادلة بعد وصول عائلة آل سعود للحكم. وأكد الموقع أن خطر الإخوان سوف يتحول في نهاية المطاف علي حماتها، حتي لو ساعدتها قطر علي الوصول للسلطة ،ولكن هذا الخطر هو مرحلة لاحقة علي الأقل حتي الآن، ورغم ذلك قطر تتناسي كل ذلك ولا تتصرف سوي نتيجة لغضبها علي حلفائها - الإخوان-. ولفت الموقع إلي أن في الماضي تمكنت الدوحة من انتهاج أجندات متعارضة مع الدول العربية ونجحت بالفعل في أهدافها ولكن يبدو أن حظها قد نفد. ووفقا للموقع حلم "حمد" ويده اليمني بن جاسم في تحويل الإمارة الصغيرة إلي لاعب رئيسي في السياسة الخارجية العالمية وأن يكون لها نفوذ ضخم من خلال انتهاج سياسات جريئة وأطلق الأمير السابق شبكة الجزيرة والتي أغضبت الحكام العرب غير المنتخبين في حين أنها كانت تظهر الود مع الحكام بالدول العربية الملكية ،وقدمت الدوحة دعما قويا لحماس التي سيطرت علي قطاع غزة، والتي أدرجتها واشنطن في قائمة الإرهاب، علي الرغم من تحالفها مع أمريكا والذي أدي إلي وجود أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط والتي تعد مركزا ضخما للمناورات الجوية المشتركة بالمنطقة ولفترة من الوقت بدا أن سياسة قطر مجدية خلال المرحلة الأولي من الثورات ،حيث حصلت الدوحة علي دعم كبير من الشعوب العربية ظنا منهم بحسن نواياها ودعمها للثورات والديمقراطية، من خلال إعطائها الحرية لقناة الجزيرة لمتابعة ما يحدث في ميدان التحرير بالقاهرة وأماكن أخري دعما لمطالب المحتجين. وفي المرحلة الثانية من الثورات واصلت الجزيرة نشاطها ولكن أصبح دعمها لجماعة الإخوان، وأصبحت بذلك مصدرا للقلق بالنسبة للقنوات الليبرالية واليسارية المشاركة في الثورة، وما حدث هو انتقال الإخوان المسلمين سريعا إلي السلطة في مصر والتي تعد بؤرة الثورات. وتقدمت الجماعة فترة ما بعد الديكتاتورية في مصر بعد انتخاب محمد مرسي وحصولها علي أغلبية البرلمان وأسرع رجال الأعمال القطريين في تقديم الدعم القوي له. ولم تكتف الدوحة بدعم الإخوان في مصر فقط بل دعمت فروعهم في كل المنطقة، وساعدتهم علي الفوز في الانتخابات بعد إسقاط الطغاة. وعندما قرر "حمد" في العام الماضي التنازل عن الحكم لصالح ابنه "تميم" كان لدي دول الخليج أمل في أن يغير الشيخ الشاب من توجه قطر الداعم للإخوان وتزامن مع صعود "تميم" عبور الإخوان للخطوط الحمراء وأصبح منحني صعودها سلبيا، الأمر الذي أسعد كل حكام الخليج، وبالفعل سقط حكم مرسي وفتحت دول مجلس التعاون الخليجي خزائنها لمصر لكن تميم لم يرض بهذا الوضع ولم يهدأ، فاليوم تحول دعمه وامتنانه للإخوان إلي مرارة في كل من مصر وليبيا وتونس وأماكن أخري ،حيث تحول دعم قطر للجماعة والذي سوقته علي أنه دعم للإسلام إلي تدخل غير مرغوب به في شئون الدول من قبل الملايين. ومع كل ذلك فإن الدوحة لاتزال تأمل وتعتقد بأن سياستها لا تزال ذات جدوي وأنها ستكسب رهانها علي المدي الطويل، حيث يدخل في إطار هذا الدعم فكرة تنافسها مع السعودية كقوة إقليمية، فحتي الآن لم ينس الأمير الشاب ووالده أن الرياض عارضت انقلاب حمد عام 1995 علي أبيه ويزيد من أمل القطريين بأن رهانهم علي الإخوان قد يربح في النهاية وجود حالة من الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط حيث إن نجاح المفاوضات حول الملف النووي الإيراني غير مؤكد، ومصر وسوريا لا تزالان تمران بمرحلة انتقالية والقتال بهما لا يزال محتدما.