قيام قطروتركيا بالتجسس علي تلك الدول كان عنصرا أساسيا من عناصر غضب السعودية والإمارات والبحرين كاراسيك: قطر لن تتبرء من القرضاوي وستستمر في دعم قيادات الإخوان كشف د. تيودور كاراسيك مدير البحوث والاستشارات في معهد الشرق الأدني للتحليل العسكري، عن سر جديد من أسرار قيام الدول العربية الثلاث، السعودية والإمارات والبحربن، بسحب سفرائهم من قطر، وقال كاراسيك إن هناك مسئولين عرباً أكدوا أن قطروتركيا قاما بإنشاء شبكات تجسس في دول مجلس التعاون الخليجي مهمتها أن تقدم تقارير عن أي خطط لدي تلك الدول للتحرك ضد جماعة الإخوان المسلمين. وأكد كاراسيك خلال مقابلة مع موقع أريبيان بزنس ان قيام قطروتركيا بالتجسس علي تلك الدول كان عنصرا أساسيا من عناصر غضب السعودية والإمارات والبحرين ضد قطر، مضيفا أن حالة التوتر بين تلك الدول بدأت في الخروج إلي العلن عندما استدعت الإمارات السفير القطري لاستيضاح ما أذاعته قناة الجزيرة التي اتهمت دولة الإمارات بأنها ضد الحكم الإسلامي. ثم وصلت درجة الغليان عندما سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفرائهم من الدوحة وهددت السعودية بغلق الحدود البرية والبحرية والجوية أيضا مع قطر إلا إذا قامت بتنفيذ عدة مطالب رئيسية، بما في ذلك إنهاء العلاقات مع الحركات الاسلامية المتطرفة وخاصة جماعة الاخوان المسلمين، بالإضافة لإغلاق قناة الجزيرة التي تراها الدول العربية مصدرا لكل الشرور التي تجتاح الدول العربية. وقال كاراسيك إن الصراع المتصاعد بين تلك الدول يمكنه أن يغير بشكل كبير العلاقات الامنية في المنطقة، ولا نريد القول إن هناك حرباً باردة تجري في المنطقة، لكن هناك حرباً "ناعمة" تجري هناك، وهذا النزاع الكبير سيكون له عواقب هائلة علي مستقبل البنية الأمنية في المنطقة؛ فالسعودية والإمارات والبحرين غاضبون بشدة من التدخل القطري في شئونهم الداخلية وعلاقة قطر الوثيقة والمتزايدة مع تركيا وإيران؛ وقد اعتقدت السعودية والإمارات والبحرين أنه مع قدوم الأمير الجديد في قطر - تميم- فسوف يكون هناك تغيير في الموقف القطري، لكن بدلا من ذلك، خلقت قطر ملاذا آمنا لجماعة الإخوان التي تواصل للحصول علي المال والدعم من الحكومة القطرية، أي العكس تماما، بينما السعودية والإمارات والبحرين ينظرون إلي جماعة الإخوان باعتبارها منظمة إسلامية سياسية تسعي لتمزيق تلك الممالك، ومن هنا فيمكن لدول الخليج الثلاث مواصلة اتخاذ إجراءات أشد وأقسي ضد قطر حتي يتغير الحال، وقد هددت السعودية بالفعل بإغلاق حدودها البرية مع قطر، والتي تأتي من خلالها كميات كبيرة من المواد الغذائية والصادرات الأخري إلي قطر، كما أن المملكة السعودية يمكنها أيضا تقييد حركة دخول الطائرات القطرية إلي مطاراتها ومجالها الجوي، مما يمكن أن يسبب خسائر هائلة للشركة القطرية. ويضيف كاراسيك أن هناك أيضا دوراً كبيراً لوسائل الإعلام السعودية وما يمكنها قوله عن قطر، فيمكن للحكومات أن تهاجم قطر من خلال وسائل الإعلام التي تؤثر علي سمعة قطر سلبا، فعلي سبيل المثال، كانت وسائل الإعلام الخليجية منخفضة نسبيا عن وسائل الإعلام الغربية في تقريرها لكيفية فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022، خاصة فيما يتعلق بذكرها لمزاعم الفساد، وكذلك الكشف عن موت الآلاف من العمال الأجانب خلال بناء البنية التحتية لهذا الحدث، والآن يمكن لهذه القصص أن تظهر مرة أخري في الخليج، كما أن دولاً مثل عمان، التي ظلت لسنوات تنأي بنفسها عن تحالفات وصراعات دول مجلس التعاون الخليجي، والكويت حيث تتمتع جماعة الإخوان بوجود حزب سياسي خاص بها، حتي الآن لم يتحدثا علنا عن الخلاف بين جيرانهم، علي الرغم من أن الكويت أعربت سرا عن خيبة أملها في قطر بعد سحب السفراء، لكن لا يرجح أنهم سيبقون صامتين أكثر من ذلك. لكن مع كل ذلك، فقد أعلنت قطر أنها ستظل علي تحديها للجميع ولن ترضخ للضغوط لتغيير سياستها الخارجية، مما يوحي بأن قرار هذه الدول يبدو بعيدا عن تحقيق آثاره وعن الوقت المناسب، فالاتهامات ضد قطر هي جد خطيرة، وتصل إلي اتهام قطر صراحة بإيواء مجموعات إرهابية، لذلك فإن هذا النوع من المشاكل لن يتم حله بين عشية وضحاها. ويضيف د. كاراسيك عاملا آخر مهما من عوامل اتخاذ الدول العربية مثل هذه الخطوة بقطع العلاقات مع قطر، وهو تلك الصلة القوية والعلاقات المشبوهة بين قطروتركيا، وهذه العلاقات تجعل دول مجلس التعاون الخليجي تعتقد أن قطر تصر علي انتهاج سياسات مستقلة بعيدة عن سياسات المجلس، فعلاقات الدوحة مع الأتراك تؤدي إلي توترات كبيرة في الخليج، فمن المعروف أن تركيا هي واحدة من الدول الداعمة لجماعة الإخوان في مصر، كما أن الحكومة التركية تفضل المواجهات المسلحة كحل للصراع السوري ولإزالة بشار الأسد من السلطة، ومن ناحية أخري تهدف الحكومة القطرية لربط نفسها مع الأتراك في مسألة تقديم الدعم للإخوان، الأمر الذي يضع قطر علي خلاف عميق ودائم مع دول كبري مثل مصر والسعودية. ومع ذلك، فإن المسألة تتخذ أبعادا أكثر تعقيدا، فقد واصلت قطر دعمها للإخوان منذ تولي الأمير الحالي بدرجة أكثر من والده، مما يثير الفزع في دول مجلس التعاون الخليجي، ومع التقارير التي تفيد بأن الإخوان يواصلون العمل والنمو وإعادة ترتيب صفوفهم انطلاقا من قطر، تبدو الأمور أسوأ من منظور دول مجلس التعاون الخليجي، فحكومة الدوحة ترفض "إسكات" الشيخ يوسف القرضاوي، وهو ينتقد بشدة كلاً من الإمارات والسعودية، ويستخدم القرضاوي خطبه لإدانة سياسات هذه الدول تجاه مصر ومعاملتها لجماعة الإخوان. ويتساءل د. كاراسيك عما سيحدث بعد ذلك؟ فجميع الجهود لتوحيد دول الخليج وتفعيل استراتيجية الدفاع المشترك تبدو في حالة من الفوضي، وما نري الآن هو تكرار للأحداث التي وقعت في مطلع التسعينات عندما نشأت النزاعات عبر الحدود بين قطر والسعودية وأغلقت الطرق لمنع الواردات والصادرات من المواد الغذائية، كما قد تحدث أيضا بعض الحوادث المسلحة أحيانا... وعلاوة علي ذلك، قد نري القطريين يعمدون لإثارة الفتنة القبلية في المنطقة، وقد حدث ذلك أيضا من قبل مع قبيلة "آل مورا" علي وجه الخصوص. ويستبعد كاراسيك أن تسحب الدوحة دبلوماسييها من دول مجلس التعاون الخليجي الأخري كخطوة انتقامية، كما أن هناك احتمالاً ضئيلاً أن تتبرأ قطر من الشيخ القرضاوي، وذلك لأن الحكومة القطرية لا تريد أن تظهر وكأنها تذعن لإرادة السعوديين والإماراتيين، كما أنه من غير المحتمل أن تغير قطر سياستها الخارجية، خاصة تجاه الإخوان. ومع ذلك، لا يزال هناك احتمال أن يشتد التوتر بين السعودية وقطر عن طريق إغلاق المجال الجوي السعودي أمام الخطوط الجوية القطرية، وهو ما سيكون له عواقب وخيمة، أو بقطع التجارة إلي الدوحة عن طريق البر والبحر علي حد سواء، وبعبارة أخري، فإن جميع أشكال العقوبات غير الرسمية ممكنة اذا لم تتخذ قطر أي خطوات لتغيير مواقفها الحالية. وتقول الكاتبة الصحفية إليزابيث ديكنسون، إن هناك زلزالاً سياسياً ضرب قطر، فقد فشلت قطر في الارتقاء إلي مستوي تعهداتها الواردة في اجتماع نوفمبر في الرياض والذي نص علي عدم التدخل في شئون دول الخليج الأخري، وعدم دعم الجماعات الإرهابية التي تهدد الاستقرار الإقليمي، وكذلك عدم استضافة "وسائل الإعلام المعادية" وهي شبكة الجزيرة التي تملكها قطر. وهذه الخطوة أتت بعد ثلاث سنوات من التوترات المتزايدة بين قطر ودول الخليج الأخري حول كيفية التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث دافعت الدوحة بشدة عن صعود الإخوان إلي السلطة في مصر، وقامت بدعم نفوذها داخل المعارضة السورية، كما قدمت مئات الملايين من الدولارات لفرعها الفلسطيني "حماس". وتؤكد ديكنسون علي أن المناورة الدبلوماسية التي قامت بها دول الخليج سببت سقوطاً مذهلاً لقطر، والتي لم يمض وقت طويل منذ تم الإشارة اليها كقوة رائدة جديدة في الشرق الأوسط، فخلال العام الماضي، تساقط حلفاء قطر تباعا، فقد أطيح بالرئيس المصري محمد مرسي من السلطة ومعه قادة الإخوان، كما تولت السعودية دورا قياديا هاما في الانتفاضة السورية، مما أدي إلي "اغتصاب" دور قطر باعتبارها الممول الرئيسي والداعم السياسي الأول للمعارضة السورية.