الدراما المصرية، هي قصة الأمس واليوم تتحدث عن الماضي والمستقبل ترصد الخير والشر وتنقل صفحات مطوية من التاريخ وتقدم الأبطال وتكشف معاناة المواطن البسيط، والشارع السياسي، الذي تتقلب أحواله بين الحب والسلام والحرب والدمار.. بدون الدراما نصبح مجردين من كل هذه الأشياء والتليفزيون المصري له باع في إنتاج العديد من المسلسلات التي حملت بين أحداثها قيم وأخلاق المجتمع المصري وعرضت علي شاشاته وشاهدها ملايين الشعب بكافة طوائفه وأعماره، التليفزيون المصري أيضا يعتبر رائد الدراما التي تتحدث عن الزمن الجميل ولديه تراث كبير من هذه الأعمال ينافس بها القنوات الخاصة، هذا ما أكده المخرج أسامة بهنسي، رئيس قناة النايل دراما، الذي شدد خلال حواره مع "الموجز" علي ضرورة تفعيل مشروع إعادة الهيكلة للعاملين في اتحاد الإذاعة والتليفزيون، لضمان الخروج من الأزمة المالية الطاحنة التي يعاني منها ماسبيرو الأمرين، وتهدده بالإفلاس، وأشار البهنسي إلي أنه خلال عام 2015 سيخرج نحو 8 آلاف موظف للمعاش، علي أن يتم تحديد الشروط اللازمة، للالتحاق بالوظائف النوعية، والمهنية داخل قطاعات الاتحاد، طبقا للكفاءات والاحتياجات الفعلية للعمل، وأن يتم القضاء علي أشكال الوساطة، والمحسوبية، لعبور الأزمة المالية التي تسببت فيها الأنظمة السابقة، من خلال التعيينات التي تم إلحاق الآلاف في وظائف مختلفة دون أن تكون هناك حاجة لهم علي الشاشات، إلا أن الاستعانة بهم كانت في إطار المجاملات، لافتا إلي أن المخصصات لميزانية الاتحاد تذهب الغالبية العظمي منها إلي العاملين تحت بند المستحقات، مما يجعل الفرص غير متكافئة للإنتاج البرامجي، وشراء المواد الفنية لعرضها علي الشاشة، مما يحجم المنافسة مع الفضائيات الخاصة. وعما يثار حول وجود قنوات تليفزيونية، تحمل الأعباء علي خزينة ماسبيرو، دون الحاجة لها، قال بهنسي إنه يجب مواجهة هذه الأزمة من خلال دمج عدد من القنوات، وإعادة النظر في أخري انتفي الغرض من إنشائها، وأضاف أن قناة "المعلومات" انتفي الغرض منها تماما، حيث تم إنشاؤها خلال فترة غياب الانترنت والثورة التكنولوجية عن وسائل الإعلام، وتلك القناة أصبحت الآن، لا تواكب تدفق المعلومات، وطالب رئيس النايل دراما، بضرورة توفيق أوضاعها، والعاملين فيها، بأية صورة تخدم الوسط الإعلامي، كأن يتم تحويلها إلي موقع إليكتروني، مضيفا أن قناة النايل كوميدي، والنايل سينما، يجب بحث مسألة ضمهما في كيان واحد، تزامنا مع أزمة اختفاء الموارد المالية التي تساعد في شراء الأعمال السينمائية والكوميدية، ولفت بهنسي إلي أنه يجب القضاء علي مظاهر الازدواجية التي يعمل بها ماسبيرو، موضحا أن الاتحاد يضم إدارة مركزية للبرامج التعليمية في التليفزيون، فضلا عن وجود قناة تعليمية، داخل قطاع القنوات المتخصصة، واصفا هذا ب"الازدواجية"، التي تحتاج إلي دراسة مقننة لتقنين أوضاع القناة والإدارة، فيما يقدم الخدمات الإعلامية المطلوبة، كاشفا عن أن العمالة "خط أحمر"، ويجب عدم الاقتراب منهم أو الإضرار بحقوقهم. وأما بالنسبة لأسباب سقوط ماسبيرو في الأزمات المالية، التي أفقرته إعلانيا، أكد المخرج أسامة بهنسي أن الانفتاح أضر بالمؤسسة الإعلامية، وكثرة تأسيس الفضائيات الخاصة، كانت سببا في هروب المواد الإعلانية، من علي شاشة التليفزيون، من خلال "المؤامرة" التي شاركت فيها بعض الوكالات الإعلانية، لحرمان الاتحاد من أموال الإعلانات، وأضاف رئيس النايل دراما أن اهتمامات الأجيال الصاعدة، تخص الأحداث العالمية، كالرياضة وغيرها، مشيرا إلي أن حصيلة التليفزيون من الإعلانات، خلال الموسم الرمضاني، كانت لا تقل عن 400 مليون جنيه، سنويا، وكانت الانتقادات توجه إلي التليفزيون بسبب كثرة الإعلانات، وقلة عدد ساعات إذاعة الأعمال الدرامية المختلفة، خلال الموسم الرمضاني. وأوضح بهنسي أن غياب الإعلانات بالشكل اللافت للأنظار الآن، يأتي نتيجة التزام التليفزيون، بعرض ما يتلاءم مع القيم والعادات والتقاليد الشرقية، للمجتمع المصري، في الوقت الذي لايلتزم فيه الإعلام الخاص، بتلك القيم، وهذا مايتضح من خلال المواد الإعلامية والإعلانية التي يتم عرضها علي الشاشة. وعن سبل عبور الأزمة المالية التي يغط فيها ماسبيرو، علي مدار سنوات ماضية، أوضح رئيس النايل دراما أنه يجب تجويد المنتج الإعلامي، لافتا إلي أن هذا الأمر أحيانا يظل غائبا، خاصة أن التليفزيون يمتلك أعدادا كبيرة من الشاشات والقنوات المختلفة، والتي أحيانا مايصعب التحكم فيها، مما يقلل فرص التجويد، والتحديث، والتطوير، والابتكار، والتنافس، مع الفضائيات الأخري، لافتا إلي أن الفضائيات لديها أجندات عمل سياسية، واقتصادية تعمل من أجل تحقيقها، مقارنة بأهداف التليفزيون الرسمي، الذي يؤدي الدور التنموي والتثقيفي، والذي يكبده الخسائر الفادحة، وأضاف أنه بالنظر إلي قناة "الجزيرة"، التي تخلو تماما من التمويل الإعلاني، حيث ترصد لها الحكومة القطرية، الميزانيات الضخمة، لتحقيق أهداف سياسية بعينها، وتوقع ألا تصمد عدد من الفضائيات خلال التنافس الإعلامي الذي تشهده الساحة في المستقبل، لافتا إلي أن هناك بعض رموز الحزب الوطني المنحل، مازالوا يرصدون الثروات الطائلة لتحقيق السياسات التي تأتي بمصالحهم. وعن الأعمال التي يتم عرضها علي شاشة "النايل دراما"، قال بهنسي إنه لا يتم عرض أية أعمال درامية علي شاشة التلفزيون الرسمي، وإن كانت ستجلب الأموال الطائلة لخزينة ماسبيرو، قبل التأكد من احترامها للعادات والتقاليد المصرية، خاصة أن الأعمال التي يتم عرضها علي شاشات ماسبيرو، يتم ترويجها بشكل كبير، في ظل اختفاء القنوات الفضائية من بعض المنازل البسيطة، فيما ينفرد ماسبيرو بالإرسال الأرضي، وأضاف رئيس النايل دراما، أنه يتم الاستعانة بمسلسلات التراث، التي تمثل الفن الأصيل لدي جمهور المشاهدين، لإعادة عرضها من جديد، فضلا عن وجود محاولات للحصول علي أعمال سبق عرضها خلال الموسم الرمضاني المنتهي، وأضاف أن كارثة الكوارث، أن نجد مسلسلا أثناء عرضه يتم التأكيد علي أنه للكبار فقط، مشيرا إلي أن هذا يدل علي أن الفن والإعلام أصبحا تجارة لبعض الفضائيات التي لا تهتم سوي بالعائد المادي الذي تحصل عليه من خلال الأعمال التي يتم عرضها. وشدد بهنسي، علي ضرورة الارتقاء بمستوي العمل الفني، وتجويده، ما يليق بالذوق العام للمواطنين، موضحا أن قضايا التطرف يجب معالجتها من خلال عرض الفكر المستنير، وألا يتم حث الشباب علي البلطجة، كما تفعل الكثير من الأعمال الجديدة. وقال رئيس النايل دراما، أتذكر أنه عندما تم عرض مسرحية "مدرسة المشاغبين"، حدثت كوارث، وقيل إنها ستساهم في الترويج لأعمال العنف، والتطاول علي المعلمين، وأما الأعمال الفنية وما تعرضه الآن، تمثل الكوارث الطامة، حيث تحث علي أعمال البلطجة والعنف، مشيرا إلي أن المشكلة الكبري، تكمن في المنتج والمؤلف. وأضاف بهنسي، أن قناة النايل دراما، في حاجة لشراء نحو 7 أعمال درامية جديدة، كل عام، لتسويقها وعرضها علي الشاشة، لافتا إلي أن خزينة ماسبيرو، تعاني أزمة مالية كبري، في ظل اختفاء الاعتمادات المالية للحصول علي الأعمال الدرامية، موضحا أنه يتم تدبير مسألة الحصول علي الأعمال الدرامية من خلال التعاون بين شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، وقطاع الإنتاج. كما أوضح بهنسي أنه يجب تحفيز فكرة الاستعانة بالنجوم الشباب، حيث تقل أجورهم عن النجوم الكبار، لافتا إلي ضرورة توظيف المادة الدرامية لخدمة النجوم الكبار، وأن تكون قصة العمل تتلاءم مع أعمار النجوم الكبار، مؤكدا أن الزعيم عادل إمام، ويحيي الفخراني، مازالا يحتفظان برونقهما في الوسط، ويبحثان عن الموضوعات الهادفة التي تتلاءم مع طبيعتهما. وأشار بهنسي إلي أن إنعام محمد علي، كشفت عن رغبتها لإنتاج مسلسل عن زعيم النهضة الاقتصادية طلعت حرب، وهذا العمل سيحقق نجاحا كبيرا، لكنه يحتاج إلي ميزانية ضخمة، بسبب الديكورات والنجوم الذين ستتم الاستعانة بهم، مؤكدا علي أن مثل هذه الأعمال لا يبحث القطاع الخاص، عن انتاجها، لكن التليفزيون الرسمي، يهتم بها تنفيذا لدوره التثقيفي والتنموي، موضحا أن مسلسلات "أم كلثوم" و"قاسم أمين"، و"إمام الدعاة"، حققت نجاحات كبيرة. وبسؤاله عن تطوير شاشة النايل دراما، بإضافة عدد من البرامج، قال إن الشاشة تعرض برنامجين هما "ستوديو دراما"، والذي يناقش مشكلات الدراما، والمشاهد التي يتم عرضها خلال الأعمال المختلفة، فضلا عن تحليلها، وبرنامج "فلاش"، وأوضح بهنسي أن كبري المشكلات التي تواجه البرامج تتضمن في هروب الكثير من نجوم الفن إلي قنوات أخري حيث ترصد لهم أموالا طائلة عن ظهورهم في البرامج الحوارية والتوك شو. وبالحديث عن طبيعة المنافسة التي تجمع النايل دراما، والقنوات المشابهة الخاصة، قال بهنسي إن التليفزيون الرسمي يتميز بالأعمال الثرية التي تحتوي عليها مكتبة التراث، موضحا أنه تم عرض عدد من الأعمال القديمة، ومنها "اليقين"، و"دموع صاحبة الجلالة"، و"الوسية"، و"المستحيل"، والتي ترصد أهم قضايا تعليم الفتيات، مشيرا إلي أن الفضائيات الخاصة ليس لديها هذه الأعمال، حيث إنها من إنتاج الإعلام الحكومي، وأضاف رئيس النايل دراما أنه تم الحصول علي مسلسل الداعية من الفضائيات الخاصة مقابل تسويق "إمام الدعاة"، من خلال القطاع الاقتصادي، موضحا أنه بعرض مسلسلي فرح ليلي والداعية علي شاشة النايل دراما حققا نجاحا كبيرا من خلال البث الأرضي. وعن مدي تأثر الشاشة بالأحداث السياسية، أكد بهنسي أن تلك الأحداث صنعت دربكة في الشارع المصري، حيث تخيم السياسة علي كل القطاعات، وتحولت برامج المنوعات إلي أخبار سياسية، لافتا إلي أن هذه الحالة سوف تتحسن فيما بعد، باستقرار الأوضاع. وبسؤاله عن مخاصمة الأعمال الفنية لجماعة الإخوان، أكد بهنسي، أنه يمكن تفسير ذلك بأن سياسة الإخوان، هي معارضة ومعاداة الفن وأهله، موضحا أن مسلسل الجماعة، عرض خلال أحداثه المؤلف وحيد حامد، كافة أعمال العنف التي تمارسها المحظورة علي الساحة الآن، ونفس الأحوال في أحداث مسلسل العائلة، وليالي الحلمية "الجزء الخامس". وبعيدا عن الفن وأهله، سألنا بهنسي عن رأيه في السيسي، وإمكانية إنتاج عمل درامي يسرد بطولاته وحتي موقفه من الانتخابات الرئاسية، فقال المشير السيسي، رجل عظيم، وحقق مطالب الشعب المشروعة، في 30 يونية، وأكد أن فرصته كبيرة في اقتناص الكرسي الرئاسي، موضحا أن حالة الانقسام التي تعيشها مصر ستنتهي قريبا بعد الانتخابات الرئاسية، موضحا أن مصر في حاجة لرئيس قوي، لديه انضباط. وأضاف بهنسي أنه يمكن توثيق الأحداث التي مرت بها البلاد من ثورتين متتاليتين، وتظهر خلاله شخصية المشير السيسي، موضحا أنه لن يتم التفكير في هذا العمل قبل ظهور بواطن الأمور.