أبدي استياءه أكثر من مرة بسبب القرارات الخاطئة التي تتخذها الحكومة.. ولديه «روشتة» لعلاج مصر اقتصادياً علاقته القوية باليهود تقف حائلاً بينه وبين الترشح للمنصب الرئاسي.. والبعض يعتبره أحد الحلول للخروج من الأزمة الراهنة ااسمه تردد أكثر من مرة أثناء الحكم الإخواني حول توليه منصب رئاسة الوزراء.. لكن مخاوف الجماعة من شعبيته أبعدته عن المنصب تكهنات كثيرة خلفتها استقالة الدكتور محمد العريان الخبير الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة بيمكو العالمية للاستثمار وصلت إلي حد اقتراب الرجل من إعلان ترشحه للرئاسة أو العودة إلي مصر ولعب الدور الذي لعبه الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية عندما ترك منصبه وعاد إلي القاهرة ليضع الشرارة الأولي في نهاية عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.. الاستقالة التي قدمها "العريان" عبر رسالة بريد إلكتروني، تسببت في ردود أفعال واسعة محليا وعالميا، حيث سارع البعض إلي إطلاق التكهنات والتوقعات عن الخطوة القادمة التي قد يقبل عليها العريان، وعزز تلك النظريات ما أشاعته المواقع الإسرائيلية عن احتمالية ترشح العريان لرئاسة مصر في الانتخابات القادمة.. بمساعدة امريكية نظرا لصداقته الشخصية بقيادات البيت الابيض والمخابرات الامريكية التي تريد ابعاد السيسي عن الحكم باي طريقة ووجدت ضالتها في العريان حيث انه كارت غير محروق بالنسبة للمصريين. حيث لفتت صحيفة هآرتس العبرية إلي ترديد اسم الرجل أكثر من مرة في صيف 2012 بشأن ترأسه الحكومة المصرية أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، بالإضافة لعدة سيناريوهات أخري تكهن بها الموقع لمستقبل العريان بعد الاستقالة من بيمكو، منها أن يتفرغ للعمل الأكاديمي، أو أن يتجه لقيادة البنك الفيدرالي الأمريكي، أو تكريس وقته لتأليف الكتب والمقالات التي اعتاد علي كتابتها للصحف المصرية، أو ببساطة أن يتجه للتقاعد حيث لا داعي للقلق حول السياسة أوالمشاكل النقدية. والسيرة الذاتية للدكتور والخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان البالغ من العمر 55 عاما، تقول إنه من مواليد عام 1958، وهو خبير اقتصادي مصري حاصل علي الجنسية الأمريكية، ووالدته هي نادية شكري ابنة عم المهندس إبراهيم شكري رئيس حزب العمل الراحل، ووالده هو الدكتور عبدالله العريان، الذي كان أستاذا للقانون ثم قاضيا في محكمة العدل الدولية ومتزوج من محامية ولديه ابنة وحيدة. ورغم أن العريان كان يأمل أن يصبح أستاذا جامعيا إلا أنه أجبر علي العمل عندما توفي والده فجأة وعمره 60 عاما ليترك العريان الذي كان يبلغ وقتها 23 عاما يرعي والدته وأخته الصغري البالغة 7 سنوات وقتها. وبعد خبرة دامت 25 عاما أصبح العريان أحد أكثر المحللين الاقتصاديين والماليين المرموقين في العالم. وقد نال العريان اهتماما كبيرا علي المستوي العالمي وحصل علي مكانة مرموقة في مجال المال والاقتصاد، وتلقي محاضراته اهتماما من نخبة المجتمع والسياسيين والخبراء الاقتصاديين وأهل الصناعة. وقد حصل العريان علي شهادته الجامعية في الاقتصاد من جامعة كامبريدج، ثم حصل علي شهادتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة. ومؤسسة بيمكو الاستثمارية التي شغل العريان منصب الرئيس التنفيذي فيها، تعتبر من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم وتدير أصولا تزيد قيمتها علي 1100 مليار دولار أمريكي، كما عمل لمدة عامين رئيسا تنفيذيا في وقف جامعة هارفارد الذي يتولي إدارة صندوق المنح الجامعية والحسابات التابعة لها، وكذلك عمل لمدة 15 عاما بصندوق النقد الدولي في واشنطن قبل تحوله للعمل في القطاع الخاص، حيث عمل مديرا تنفيذيا في سالمون سميث بارني التابعة لسيتي جروب في لندن. ولم تقدم مجموعة اليانز الألمانية للتأمين، الشركة الأم ل "بيمكو"، سببًا لرحيل العريان، الذي فاجأت أنباء استقالته الأوساط الاستثمارية العالمية. ومن المحطات المهمة في تاريخ العريان والتي أثارت ضجة كبيرة في وقتها، كان خبر تعيين الرئيس الأمريكي أوباما له رئيسا للمجلس الأمريكي للتنمية العالمية. ومن الواضح أن العريان كان يخطط لهذا المنصب مسبقا، حيث أرسل خطابا لأوباما فور فوزه في الانتخابات الأخيرة عرض به خطة من 4 نقاط لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي، مما جعل أوباما يسارع بتعيينه لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي المتعثر. ورغم ان العريان غير مكترث بالقضايا الإقليمية وخصوصا قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي، إلا أنه تبرع لمصر بعد ثورة 25 يناير وتحديدا في شهر يوليو 2012، بمبلغ30 مليون دولار لدعم المشروع القومي للدكتور أحمد زويل وللنهوض بمصر في مجالي العلوم والتكنولوجيا. وقد وصفته صحيفة نيويورك تايمز قبل أعوام ب "الرجل الغامض"، عندما تولي إدارة الوقف الاستثماري لجامعة هارفارد، كما كان يعرف في الأوساط المالية العالمية ب"حكيم وول ستريت"، بعد أن أبلي بلاء حسنا في إدارة مؤسسة بيمكو، وهو المصري الوحيد الذي أصبح مرجعا لعدد كبير من المؤسسات المالية والصحف العالمية، والعديد من الدول. فعندما يتحدث العريان كان العالم يتأثر وأسواقه المالية تظهر ردود أفعالها علي تصريحاته وآرائه. كما عرفه الجميع في اليونان مع استفحال أزمة ديونها، فكان العريان هو أهم من تلجأ إليه وكالات ومنها رويترز وبلومبرج المتخصصة في قطاعات المال والأعمال ليوضح ما يحدث، والي أين يسير العالم. ومن الجدير بالذكر أنه قد تم ترشيح العريان لرئاسة صندوق النقد الدولي خلفا للفرنسي دومينيك ستراوس المتهم في قضية تحرش جنسي مع عاملة فندق بنيويورك، وقد جاء ترشيحه بناء علي خبرته وكفاءته أولا، ثم علي عمله لسنوات طويلة تصل إلي 15 عاما مع ستانلي فيشر رئيس البنك المركزي الإسرائيلي عندما كان العريان خبيرا اقتصاديا لصندوق النقد الدولي، لافتا إلي أن فيشر في طريقه إلي رئاسة البنك الفيدرالي الأمريكي وربما يصطحب العريان نائبا له، لكنه يفتح الباب أيضا أمام بعض التساؤلات "البريئة" عن علاقات العريان مع إسرائيل وسبب الصداقة الحميمة بين العريان وفيشر وتمسك الأخير به لكي ينتقل معه في أي مكان يذهب إليه. لكن علي الجانب الآخر، لا يبدو أن الدكتور العريان معني بدرجة كبيرة بالقضايا الإقليمية، فهو ينصب اهتمامه علي اتجاهات عالمية كونية لا يمثل فيها الشأن المصري والقضايا الشرق أوسطية إلا القليل، لكن رغم ذلك فقد ظهر اسم الرجل بقوة كمرشح لرئاسة الحكومة التي شكلها الرئيس السابق محمد مرسي وقد خطف العريان الأنظار من محمود أبوالعيون محافظ البنك المركزي الأسبق والذي كان مرشحا أيضا للمنصب لكن يبدو أن مرسي ومكتب الإرشاد فضلوا إسناد تلك المهمة إلي الدكتور هشام قنديل، والذي ثبت فشله علي كل المستويات فيما بعد. والرجل كان له موقف واضح من الفساد عندما كان يحضر أحد اجتماعات الحكومة السابقة - كما ذكر طارق عامر رئيس البنك الأهلي، وعندما قررت الحكومة اتخاذ بعض القرارات الفاسدة، أبدي الرجل استياءه ورحل بعدها إلي الخارج. كما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أنه كان من بين المرشحين لخلافة دومينيك ستراوس في رئاسة صندوق النقد الدولي قبل إسناد المنصب لكريستين لاجارد. ويري العريان أن اقتصاديات الشرق الأوسط، ومصر بصفة خاصة، دخلت الأزمة المالية العالمية وهي تتمتع بظروف مالية واقتصادية جيدة، بما في ذلك انخفاض حجم المديونية بالنسبة لحجم الأصول، ومن هذا المنطلق فإن المنطقة في عداد مجموعة الدول التي تخطت ظروف الاضطراب الاقتصادي الدولي بشكل جيد.. ومن المهم للشرق الأوسط أن يظل محافظا علي هذا المسار خصوصا أن الأزمة المالية تنتقل الآن من النظام المصرفي الغربي لتلوث الموازنات العامة، وتؤثر علي المخاطر السياسية للدول الصناعية. كما قال العريان إن الاقتصاد المصري يمتلك مقومات التعافي سريعًا، لكن بشرط استغلال عدة عوامل لإنعاش هذا الاقتصاد، وأشار إلي أن قطاعي السياحة والصناعة لا يزالان من القطاعات القوية في مصر، كما أن إعادة هيكلة نظام الدعم وإبعاده عن القطاعات الغنية غير المحتاجة له سيسهم في حل أزمة القطاع المالي الذي يعاني من فوضي كبيرة. مشددا علي أن المساعدات المالية العاجلة التي قدمتها الكويت والسعودية والإمارات قد تسهم في حل أزمة الاحتياطي النقدي وتخفف من الضغوط المالية علي الحكومة المصرية خلال العملية الانتقالية. ومن الناحية السياسية، أشار العريان إلي أن وعي القوات المسلحة بأهمية تصحيح أخطاء المرحلة الانتقالية التي وقعت خلال العامين الماضيين وحماس الشباب للاشتراك في العملية الديمقراطية بشكل أكبر سيؤدي لتحقيق الاستقرار في البلاد ما يسمح بزيادة ثقة المجتمع الدولي في مناخ الاستثمار بمصر. ومرة أخري، وبعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين لمصر، عاد العريان ليصبح علي رأس قائمة المرشحين لتولي حكومة ما بعد الإخوان أو ما سميت بحكومة الإنقاذ، لكن أيضا تم إسناد هذه الحكومة إلي الدكتور حازم الببلاوي الذي أثبت فشلا ذريعا علي كل المستويات الاقتصادية والسياسية وأثار غضبا كبيرا بين المصريين بسبب مواقفه غير الواضحة تجاه الأحداث في مصر. ويحاول العريان توضيح صورة مصر في الخارج بعد ثورة 30 يونيو، وتوضيح أنها ثورة متكاملة الأركان وليست انقلابا عسكريا كما يحاول أن يروج البعض، كما يشرح الأسباب التي تزعج المصريين من وصف ثورتهم بأنها انقلاب، مؤكدا أن الجماهير المصرية قد حطمت خوفها، وأنها لن تتردد للخروج إلي الشوارع بالملايين مرة أخري إذا ما أظهر الجيش نية للاستيلاء علي السلطة دون رغبة الشعب. وقد لخص العريان المشهد المصري بعد الثورة في أربعة نقاط رئيسية: أولها أن الثورة المصرية الأولي التي خلعت نظام مبارك أثبتت أنها لم تكن كافية لوضع مصر علي المسار الملائم لتحقيق الأهداف المشروعة للثورة التي تلخصت في شعارها "عيش، حرية وعدالة اجتماعية". كما يري أنه قد أسيء التعامل مع ترتيب الركائز الأساسية للعملية الانتقالية الديمقراطية الناجحة، من حيث وجود دستور نشط وانتخابات حرة ونزيهة سواء للبرلمان أو الرئاسة، كما أعطي بعض جنرالات الجيش الانطباع بأنهم راغبون في أن يستمروا في الحكم. ثانيها أن ثورة يناير 2011 يحركها الغضب تجاه المؤسسات والنظام الاقتصادي اللذين استحوذ عليهما زمرة من المصريين بدلا من أن تخدم البلاد ككل، كما أن الحلول طويلة المدي اتسمت بأنها مفصلة ومعقدة، إذ كانت تتطلب تركيزا لعدة سنوات ومعرفة خاصة ونشاط دائم من جانب الإدارة. ثالثها تزامن الإدارة الاقتصادية والسياسية الضعيفة للرئيس مرسي، إضافة إلي الاستحواذ علي السلطة والذي تجلي في الإعلان الدستوري مع التحديات التي تواجهها مصر في رحلتها الصعبة لتحقيق نظام ديمقراطي دائم وكفء، كما أنها أبرزت إحباط معظم المواطنين، كما استمر الانفلات الأمني وتفاقم إحساس المواطن بالافتقار إلي الأمن. ونظرا لأن الشعب انتظر طويلا حتي اندلعت ثورته، ونظرا لأنه كافح بقوة من أجلها، لم يكن أغلبية المواطنين المصريين مستعدين للوقوف ومشاهدة المستقبل الواعد للبلاد وهو يتبخر بهذه السرعة. رابعها التحول السياسي الجديد وغير المكتمل في مصر لم يتمتع بالآليات الديمقراطية الراسخة التي تمكنها من تحديد المشكلات والتحديات المرتبطة بها ومن ثم كانت النتيجة هي نشوب الأزمة الحادة بين الانتفاضة الشعبية المسالمة والرئيس المنتخب ديمقراطيا الذي يهيمن علي السلطة رغم تراجع تأييده الشعبي. ونظرا لأن كلا الجانبين كان يشعر بأن لديه الشرعية، لم يكن أي منهما مستعداً للتراجع، بل صعد كلاهما موقفه من خلال استخدام خطاب قوي. أدي ذلك إلي تراجع إمكانية تصحيح المسار والمصالحة الوطنية، مما خلق مناخاً قابلاً للانفجار، يحمل احتمالية امتداد النزاع إلي مواجهات بالشوارع يمكن أن تتطور إلي حرب أهلية. ووضعت هذه العوامل ضغوطاً قوية علي نسيج المجتمع ذاته وهو ما فرض علي حلفاء الدولة وأصدقائها عددا من القضايا المزعجة خاصة حيث فقد مرسي الدعم الشعبي والشرعية لأن يحكم، ولكنه رفض أن يتنحي ويجري انتخابات رئاسية مبكرة. كما فقدت الجماهير الصبر والثقة وهو ما كان سيجعل الانتظار لثلاث سنوات أخري أمرا محفوفا بالمخاطر. ولم تكن الحركة المناهضة لمرسي هي فقط من خرج إلي الشوارع، فمؤيدوه أيضا خرجوا مما عزز احتمالية وقوع اشتباكات وعزز التوتر. وأصبح الاقتصاد معرضا للخطر مما يهدد البلاد بالمزيد من التفاقم لمعدل البطالة والتضخم والفقر، إضافة إلي أزمة النقد الأجنبي. بينما لم ينجح أحد من الأطراف الخارجية في التوسط، كما كان أي شكل من أشكال الوساطة سيتم اعتباره تدخلا أجنبيا. ولم يكن هناك سوي الجيش الذي يمكنه أن يلعب دورا أساسيا ولكن نظرا لتجربته السابقة، كان الجنرالات مترددين في التدخل للعديد من الأسباب بما في ذلك احتمالية حدوث اضطرابات شعبية، كما أنهم كانوا يقرون بخطر إساءة تفسير مساعيهم. ولا عجب إذن في أن انتهي الوضع بحالة من الفوضي بدون نتائج حتمية. فقد استحوذ الجيش علي السلطة مرة أخري وخلع الرئيس المنتخب ديمقراطيا وعلق العمل بالدستور الذي تمت الموافقة عليه من خلال استفتاء شعبي وحل مجلس الشوري وتراوحت ردود الأفعال في الشارع بين البهجة واليأس فيما ظل الجميع قلقاً بشأن ما يمكن أن يحمله المستقبل من مواجهات. كما احتفي بهذه الخطوة تقريبا كل الأحزاب السياسية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين. وقد كان العديد من المصريين قلقين ويفضلون تجنب الحكم العسكري لكنهم شعروا بأنهم عالقون في واقع مؤلم بدون خيارات طيبة. وهو ما يدفع العديد من المصريين إلي التذمر بقوة من أي أحد يطلق علي ما حدث في مصر مصطلح "انقلاب". فبالنسبة لهم، كان التدخل الاستثنائي للجيش ضروريا لتقليل خطر وقوع خسائر بشرية كبيرة وعنف مدمر. ومما لا شك فيه أن المصريين أصبحوا واقعيين فقد تغلبوا علي الخوف الذي سجنهم لمدة طويلة وبالرغم من أنهم ما زالوا لم يصلوا إلي توازن قومي جديد، فإنهم لن يترددوا في العودة إلي الشوارع بالملايين إذا ما كانت لدي الجيش طموحات بخلاف مساعدتهم علي تحقيق أهداف الثورة المشروعة.