أصحاب المصانع: الصناعة المحلية تنهار والحكومة «ودن من طين وأخري من عجين» التجار: أصحاب المصانع يرغبون في احتكار الأسواق ورفع الأسعار أبوالقمصان: الوزارة تعمل لحماية المنتج المحلي والمصنعين في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة عن سعيها الدؤوب بما أوتيت من كافة الصلاحيات، لعبور الأزمة الاقتصادية التي تحاصر البلاد، منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، يغض مسئولون بالحكومة الطرف عن الممارسات التي كادت أن تستخرج شهادة وفاة لصناعات ثقيلة كانت هي الورقة الرابحة في انتعاش خزينة مصر، ومن بين هؤلاء المسئولين، وزير الصناعة والتجارة، الذي يظهر بموقف باهت، بشأن قضية إغراق الأسواق بالحديد التركي، ما يؤثر علي الصناعة المحلية، وحجم العمالة فيها، حيث طالبه الصناع، بفرض رسوم حماية علي الوارادات منه، حفاظا علي حقوق الدولة وصناعاتها الوطنية، إلا أنه يبدو أن المستوردين، كان لهم تأثير أكبر وذو طابع خاص، علي الوزير، الذي أنصت لهم، وتجاهل مطالب الصناع، بمزاعم تشجيع الاستثمار، إلا أن الصناع أكدوا أن المستفيد الوحيد في تلك الصفقة هم مستوردو الحديد التركي والتجار، مهددين بأنه في حالة عدم الانتباه إلي تلك الكارثة، فسوف يتم الإعلان قريبا عن تسريح ملايين العمال من مصانع إنتاج حديد التسليح، "الموجز"، عاودت فتح الملف من جديد، حيث تعرض آراء شركاء القضية من صناع وتجار ومستوردين، فضلا عن رؤية المسئول الأول عن إنهاء الأزمة. ففي البداية أعلن المهندس محمد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، أن أسعار الحديد التركي تتنافس مع المحلي، لافتا إلي أنه في غالبية الأوقات يرتفع سعر التركي علي نظيره المحلي، وكشف حنفي عن كارثة لا ينتبه إليها أحد وهي تتمثل، في أن الأولوية لدي التجار والموزعين أصبحت للتركي علي حساب المصري، وأشار حنفي إلي أن هذا يأتي في إطار البحث عن المكاسب المادية الكبيرة، حيث تكون للمستورد مشاركة في عملية الاستيراد للتركي، وهذا يجعله باحثا عن تحقيق الأرباح الطائلة، دون الوضع في الاعتبار أنه يرتكب جريمة في حق الصناعة المحلية، فضلا عن أن الحديد المستورد لا يخضع لأي قيود مقارنة بأحوال الحديد المحلي، موضحا أن هذا أيضا يأتي ضمن الأسباب التي تجعل التاجر يفضل بيع الحديد التركي عن المصري. وأكد مدير عام الغرفة المعدنية، أن التجار يتلاعبون في حلقات التوزيع بطريقة التخزين حتي ترتفع الأسعار لضمان تحقيق الأرباح الطائلة، وأوضح حنفي أنه خلال تلك المنافسة غير المتكافئة، لا تجد شركات الحديد المحلية أمامها مفرا من أن تقوم بتخفيض أسعارها لإيجاد نوعا من المنافسة التي يفوز فيها أيضا التركي حيث يقدمه التاجر علي المصري، كما اتهم حنفي موزعي ومستوردي الحديد، بإلحاق الأضرار الجمة بالمصانع المحلية العاملة في مجال إنتاج الحديد، نتيجة تقديمه للمنتج المستورد عن المحلي، مما يضطر المصانع المحلية للنزول بالأسعار، التي تقل كثيرا عن تكلفة إنتاجها. وأضاف حنفي، أن صناعة الحديد تعيش ظروفا صعبة نتيجة استقبال شحنات مفرطة من واردات الحديد التركي، خلال شهري "نوفمبر، وديسمبر" بسبب عدم تجديد قرار فرض رسم الواردات علي الحديد، موضحا أن الواردات خلال شهري النصف الثاني من "نوفمبر وديسمبر"، بلغت نحو 120 ألف جنيه، بما يعادل 4 آلاف طن يوميا. وشدد حنفي علي أن الغرفة تقدمت بشكوي للوزير الصناعة منير فخري عبدالنور، بالواقعة، كما تم إمداد الوزارة خلال الشكوي التي وقع عليها أعضاء الغرفة، وصناع الحديد، حيث بلغ الحديد التركي المستورد من بداية العام الماضي، وحتي أكتوبر، نحو 60 ألف طن، وفي الفترة من نوفمبر وحتي منتصف ديسمبر وصل حوالي 120 ألف طن، مشيرا إلي أن مبيعات المصانع خلال النصف الأول من 2013 شهدت ارتفاعا كبيرا، في معدلات البيع والأسعار، وألمح حنفي إلي أن الغرفة طالبت الوزير بسرعة اتخاذ حزمة من الإجراءات الاحترازية لإيقاف طوفان وارادت الحديد التركي، قبل أن تنهي صناعة الحديد المصرية، كما شددت الغرفة خلال خطابها للوزير، علي ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة، لتنظيم عملية الاستيراد وضبط عمليات التداول والبيع. واتفق معه في الرأي خليل قنديل، رئيس غرفة الصناعات المعدنية، ورئيس مجلس إدارة شركة قنديل للصلب، والذي أكد أنه لا توجد موانع لفرض رسوم حماية علي الوردات التركية بالاتفاقيات الثنائية التي وقعتها مصر مع الجانب التركي، موضحا وجود بنود بتلك الاتفاقيات تعطي الحق للحكومة المصرية، لفرض رسوم تتوافق مع الأحكام الخاصة الصادرة عن منظمة التجارة الدولية، في حالة وجود خلل في الميزان التجاري بين البلدين، أو أن يتم فرض الرسوم الجمركية لفترة محددة، علي تلك الصناعات التي تتعرض لأضرار جمة تلحق بالصناعة الخسائر الفادحة، وأشار قنديل، إلي أن السوق المصري، يعيش في هجوم شديد منذ أن عرف الحديد المستورد، وخاصة التركي منه، طريقه إلي السوق المصرية، في 2011، باتفاقية تجعله متحررا من الرسوم الجمركية، حتي نهاية 2019. وشدد قنديل، علي أن قرار فرض الحماية علي الوردات التركية، سيكون بمثابة الحلول الجذرية في القضية، التي إذا تجاهلها النظام الحالي، فإنه سيقضي علي أهم وكبري الصناعات القومية في البلاد، موضحا أنه تم فرض نحو 30% علي البضائع المستوردة من تركيا وبالأخص، الصناعات الجلدية والمنسوجات والأثاث والأجهزة المنزلية، وتعجب من أن يتم احتساب المستورد من الحديد بنسبة صفر، علي ارغم من أنه أحد أهم الصناعات الثقيلة، كما لفت رئيس الغرفة المعدنية، إلي أن الفارق بين حجم الصادرات والواردات التركيا في بداية الأمر كان لا يتجاوز 50 مليون دولار، إلا أن تلك النسبة ارتفعت حتي وصلت قيمة الصادرات خلال عام 2009 إلي 1.7 مليار دولار وتسبب في تلك الزيادة، علي حد وصف قنديل، الحديد التركي. ومن ناحية أخري ناشد قنديل، رئيس الوزراء، ووزير الصناعة بسرعة الانتباه إلي الكارثة القومية التي قد تتسبب فيها الحكومة بسبب تجاهل أزمة مصانع الحديد التي تضم نحو 50 ألف عامل، مباشر، فضلا عن الخدمات غير المباشرة، موضحا أن استثمارات القطاع تبلغ حوالي 40 مليار جنيه بخلاف التراخيص الجديدة التي تصل إلي 20 مليار جنيه، كاشفا عن أن جزءا كبيرا منها عبارة قروض من بنوك محلية وعالمية، وأن مسألة تعثرها في السداد ستحمل بين طياتها كارثة مروعة للاقتصاد القومي. وأما رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، رئيس مجلس إدارة مجموعة "حديد المصريين"، فيؤكد أن واردات حديد التسليح التركي، لمصر تتخطي نسبة 80% من إجمالي الواردات التي بلغت 597 ألف طن في 2012، موضحا أن تركيا تعد من أكبر المصدرين للحديد في السوق المصري، وطالب أبوهشيمة، وزير الصناعة بالإسراع بإصدار قراره لتحقيق المصالح العامة للمصانع الصغيرة في مصر. كما طالبه أبوهشيمة بضرورة فرض رسوم الإغراق علي الواردات التركية، للحفاظ علي الصناعة الوطنية من التدمير، مؤكدا علي أن تركيا كانت تصدر الحديد لمصر، بأسعار تقل كثيرا عن السعر المتداول بالسوق المحلي فيها، لافتا إلي قيام عدد من الدول العربية، بفرض رسوم حماية علي الحديد التركي، الذي يتم استيراده إليها وكذا الأحوال مع الحديد الصيني، مناشدا وزير الصناعة بسرعة إصدار القرار حفاظا علي الصناعة الوطنية، وخلق بيئة تنافسية ملائمة بين المنتج المصري والمستورد. وأما المهندس محمد المراكبي رئيس مجلس إدارة شركة المراكبي للحديد والصلب، وعضو غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، فيوضح أن الوردات الكثيفة غير المبررة من حديد التسليح التركي تؤثر بصورة سلبية علي أحوال السوق المحلي، لافتا إلي أن مصر تنتج ما يقرب من 8 ملايين طن حديد سنويا، وأن متوسط الاستهلاك المحلي، لايزيد علي 6.5 مليون طن، مشيرا إلي أن هذا يعني وجود فائض يصل إلي 1.5 مليون طن. وتعجب المراكبي من دخول الحديد التركي إلي السوق المصرية، دون جمارك أو رسوم حماية، خاصة وأن تركيا تفرض رسوم لحماية أسواقها من المنتجات المصرية تبلغ نسبتها نحو، 18%، موضحا أنه في حالة إصرار حكومة الدكتور حازم الببلاوي، علي موقفها المناهض للمصلحة القومية، فسوف يتم الإعلان قريبا عن تشريد كافة العاملين داخل مصانع الحديد، حيث إن الحديد التركي، أصبح من أكبر المخاطر التي تهدد صناعة الحديد في مصر، كما أنه كان السبب -علي حد وصف المراكبي-، لإصابة الأسواق بحالة من الركود شبه التام. وشدد المراكبي علي ضرورة التحرك الآن، لاحتواء الأزمة التي تتفاقم لحظة بعد الأخري، وسط حالة التعتيم الحكومي التي أصابت المسئولين، وكأن مطالبنا ليست مشروعة. وعلي الرغم من كل هذه التأكيدات علي أن السوق المصرية، تعاني الأمرين بسبب إغراقها بالحديد التركي، إلا أن أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، بتصريحاته، فجر مفاجأة من العيار الثقيل، وجعلت أصحاب المصانع يتعجبون منها، حيث أعلن الزيني، أن الاتحاد الأوروبي قام بإجراء دراسة علي حالة السوق المصري للتأكد مما يشاع بشأن إغراقه بالحديد المستورد خاصة التركي بكميات كبيرة، إلا أن الدراسة التي أجريت نفت وجود أي حالات للإغراق. وأوضح الزيني، أن كل ما قيل في هذا الشأن، كان هدفه تحقيق مصالح شخصية، موضحا أن المستوردين للحديد التركي، لا تزيد الكميات التي يتم استيرادها عن 1%، من قيمة الإنتاج المحلي، لافتا إلي أن المطالب التي ينادي بها البعض، بفرض رسوم حماية علي الحديد المستورد، ستؤدي بالسوق إلي الهاوية لتكون الطريق الخلفي، لرفع أسعار الحديد إلي حوالي 10 آلاف جنيه، مؤكدا علي أن التراجع عن فرض الحماية، كان سببا في تخفيض أسعاره بمعدل، 700 جنيه. وحذر الزيني، من أن يتبع قرار وزير الصناعة، بفتح تحقيق في الاتهامات الموجهة لبعض الموردين بإغراق السوق المصرية بالحديد التركي رفع في الأسعار. كما طالب الزيني، وزير الصناعة، بتجاهل مطالب الشركات وأصحاب المصالح، لافتا إلي أن هذه القضية، تمت دراستها من قبل الوزارة وجهاز مكافحة الدعم والإغراق، وأن التحقيقات انتهت إلي أن الشركات تربح مبالغ طائلة من خلال احتكارها للأسعار، في الأسواق، حيث تعمل الشركة -علي حد وصف الزيني-، دون رغبة من أن يكون لها منافسون. ومن جانبه يقول سيد أبوالقمصان "مستشار وزير التجارة والصناعة" ان الوازرة بدأت بالفعل في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقنين حجم دخول الحديد التركي لمصر من خلال فرض اجراءات ورسوم علي المستوردين واتخاذ اللازم مع من يخالف هذا الأمور وذلك لما سيلحق الضرر بالحديد المصري والصناعة المصرية بوجه عام، مضيفاً ان سياسة اغراق السوق المصري بالسلع الأجنيه سيتم التعامل معها لتنشيط حركة الصناعة المصرية وعودتها من جديد وبالتالي تحسين الإقتصاد المصري، وفيما يتعلق بالحديد التركي فقد صرح الدكتور منير فخري عبد النور وزير الصناعة بإنه استناداً لأحكام المادة 20 اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 سيتم التعامل مع المستوردين له بأقصي عقوبة للحد من سياسة الإستيراد العشوائي والتي بسببها اصبح الحديد التركي هو الرئيسي والمهيمن علي السوق المصري، وأشار أبوالقمصان إلي أن الوزير قام بمطالبة ممثلي الصناعة المحلية بسرعة استكمال كافة البيانات المطلوبة وتقديمها لجهاز مكافحة الدعم والإغراق حتي يتسني للوزارة اتخاذ اللازم مع من يخالف تطبيق القانون ولكن المصنعين لم يتكاتفوا حتي الآن ولم يستوفوا الإجراءات المطلوبة وتعطيل اتباع هذه الإجراءات يعطل من اتخاذ الإجراءات اللازمة ويؤجل سير تطبيق القانون. وعبر أبوالقمصان عن استيائه من تباطؤ المصنعين في اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبلهم قائلاً : نحن نعمل من اجل حماية المنتج المصري ورفعه أمام العالم ولكن يأتي البعض ليهدم ما نفعله لتحقيق مصالحه الشخصية ورفع هامش ربحيته وهذا يعد من أسوأ الأمور. كما أشار مصدر بمصلحة الجمارك رفض ذكر اسمه إلي أن الجمارك لم تتخذ أية إجراء ضد مستوردي الحديد التركي ولم تقوم بعمل منشور يمنع دخوله بكافة المواني حيث أن المصلحة كانت تعمل بالقرار رقم 944 لسنة 2012 والخاص بفرض تدابير وقائية مؤقتة علي صنف حديد التسليح الخاضعة لبنود التعريفة 7213 / 7214 ولكن صدر قرار وزاري رقم 71 لسنة 2013 قام بإلغاء القرار رقم 944 وسمح لحديد التسليح المستورد بالدخول دون فرض أية رسوم وقائية لحماية الحديد المصري وحتي الأن لم تتخذ الجمارك اي اجراء وقائي أو إصدار قرار لحماية المنتج المصري، لافتاً إلي أن قرار إلغاء القانون أثار غضب العديد من المصنعين المحليين لأنه سيعمل علي إغراق السوق المصري بأنواع مختلفة من الحديد المستورد وهيمنة دولة بعينها علي السوق المصري وهو أمر غاية في الخطورة. وفي الوقت نفسه أكد المصدر قائلاً: إن أغلب الموانئ الجمركية منذ فترة ليست قصيرة لم يدخل بها حديد تركي فيما عدا ميناء بورسعيد فتسير حركة استيراد الحديد التركي بشكل طبيعي ولكن ليس بالحجم الذي كان يدخل به في الفترات السابقة.