ترانيم.. ودقات أجراس كنائس.. وصلوات ترتفع.. لعلها تخفف جميعها عن هؤلاء المكلومين وتهدئ لوعتهم على فراق أحبابهم في الذكري الثالثة لحادث التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا واصابة 97 آخرين بمدينة الإسكندرية.. فما زال أقارب الضحايا وأسرهم ينتظرون تحديد المسئول عن قتل ذويهم وتقديمه إلى المحاكمة، طالبين تحقيق العدالة علي الأرض وأن تتمكن الدولة من القبض علي مرتكبي الحادث الإرهابي.. قلوب هذه الأسر المكلومة مازالت معلقة بحبال الأمل في التوصل إلي الجناة، خاصة وأن أصابع الاتهام أصبحت تشير بقوة إلي جماعة الإخوان الإرهابية وحركة حماس على حد قولهم. ورغم مرور ثلاث سنوات علي الحادث إلا أن أهالي ضحايا "القديسين" مازالوا يتذكرون أدق التفاصيل وكأن الحادث قد وقع بالأمس القريب حيث لحظات الرعب وصراخ الضحايا وأشلاء الجثث ما زالت تملأ عيون أسرهم بالدموع، مطالبين الدولة باتخاذ إجراءات جادة تجاه القضية وتقديم الجناة في ضوء ما يستحدث من مستجدات علي الساحة المصرية. "الموجز" التقت عددا من أسر الضحايا في الذكرى الثالثة للحادث لتتعرف منهم على آخر تطورات القضية.. في البداية يقول المهندس فكرى نجيب ناشد الذي حرمته يد الإرهاب الآثمة من زوجته وابنتيه : "فقدت أسرتي بالكامل زوجتي سونيا سليمان وأختها سميرة وابنتنا مريم 22 سنة والتى كانت طالبة بالفرقة الثانية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا ومارتينا 13 سنة التى كانت طالبة بالصف الأول الإعدادي". ويتذكر "فكري" الزوج والأب المكلوم آخر كلمات لبناته قائلا : "مارتينا ووالدتها قبل الحادث اعتصمن أسبوع داخل مدرستها ال e.g.c بعد صدور قرار وزاري بتحويلها إلى مدرسة تجريبية مع عدد كبير من أولياء الأمور، وفى ليلة رأس السنة طلبت مارتينا عدم الذهاب للكنيسة حتى تعوض ما فاتها من الدروس أثناء الاعتصام، إلا أنني ووالدتها أقنعناها بالذهاب للكنيسة لأننا تعودنا الذهاب مع بعضنا البعض كل عام إلى الكنيسة، أما مريم فكانت مرتبطة بالكنيسة جدا وكانت تتعجل الذهاب إليها ليلة رأس السنة وكانت حريصة علي الجلوس في المقاعد الأولى في السهرة وهي سهرة دينية روحية حيث نستقبل العام الجديد بالصلاة". وأضاف: "يوم الحادث اكتظت الكنيسة بالمصليين والزحام كان شديدا، وفي أغلب الأوقات كنت أسبقهم وأخرج بسبب الزحام، لكن هذه المرة خرجوا قبلي بدقائق صغيرة وعندما حدث الانفجار كنت قرب السلم المؤدى إلى باب الخروج، إلا أن هول الانفجار فصل بيني وبينهم ولم أستطع النزول". وأشار "فكري": "بعد مرور 3 سنوات علي حادث التفجير ما زالت القضية في الثلاجة - كما قال النائب العام السابق عبد المجيد محمود -، ولا أعرف لماذا هي في الثلاجة ولكن البلاغات التي تقدم بها محامى الكنيسة كلها تطالب الدولة باستكمال التحقيقات".. مشيرا إلي أن جوزيف ملاك محامى الكنيسة تقدم ببلاغ في 2013 اتهم فيه جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس بتدبير حادث القديسين. وتابع.. الغريب في الأمر أنه بعد مرور كل هذه السنوات لا يعلم أحد كيف حدث التفجير.. هل من خلال سيارة مفخخة أو بوجود قنبلة داخل إحدى البيارات الموجودة بجانب الكنيسة أم تم إلقاءها من مكان عالي؟!. وأضاف: "خرج البعض علينا مؤخرا ليقول أنها قنبلة هوائية صناعة إسرائيلية، لكنني استطيع أن أقول أنها ليست هوائية لأننا أخرجنا من أجساد الشهداء صواميل ومسامير ورمان بلى". وأكد المهندس "فكرى" أن أصابع الاتهام تشير إلى أن الإخوان المسلمين وذراعها العسكري "حماس" هم من قاموا بتدبير الحادث، مشيرا إلى وجود عدة دلائل علي ذلك أولها البيان الذي أصدره حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق والمعروف باسم البيان الهزيل بأن كتائب عز الدين القسام وحركة حماس يقفان خلف الحادث، فضلا عن أن الرئيس المعزول محمد مرسى عندما كان في الرئاسة اتهم رسميا بالتخابر مع حركة حماس التى أخرجته من السجن، فضلا عن أن محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم كانت بقنبلة محلية الصنع وهى نفس مواصفات القنبلة المستخدمة فى حادث كنيسة القديسين.. وأضاف.. حركة حماس عامل مشترك في كل الأحداث السابقة. وطالب "فكري" الدولة باستكمال التحريات على ضوء المستجدات الجديدة التي تحدث في مصر وعلى ضوء المستندات الموجودة في الثلاجة بشكل جاد وعادل، لافتا إلى أن بعض أسر الضحايا فقدت عائلها الوحيد وأصبحت تعيش في ظروف صعبة في حين أن الدولة لم تفعل لهم شيئا. وأضاف.. اللواء طارق المهدى محافظ الإسكندرية اللواء وعدنا انه خلال شهر سيكون هناك جديد في القضية ونحن سنسأله ماذا فعل بعد الشهر؟. "أنا مسافر في شهر يناير".. كانت هذه آخر العبارات التي رددها الشهيد صبري فواز قبل الحادث الأليم بعدة أيام وما زالت زوجته دميانة عروج تتذكرها قائلة: "كان دائما يردد هذه العبارة لكنه لم يحدد إلى أين سيسافر ولماذا أوماذا يقصد بهذه الكلمات؟.. وكان يقول أنه يريد السفر في شهر يناير لكنه لا يعرف إلي أين حتى جاء الحادث في أول يوم في شهر يناير". وأضافت: "لدينا كرلوس في الصف الثالث الثانوي وشيري بالصف الثاني الإعدادي وشيرى كانت دلوعة والدها وكان ينفذ لها جميع طالباتها وعندما كنا نريد شيئا نطلب منها أن تقول له وبالفعل كانت هي آخر من تحدث لها والدها عبر الهاتف المحمول قبل الحادث بدقائق". وتابعت "دميانة": "جاء صبري متأخرا يوم حادث التفجير ولم يحضر الصلاة من بدايتها لكنه حضر باقي الصلاة فكان قريبا من الباب وكان من أول المصابين الذين نقلوا إلى مستشفى مارى مرقص ثم تم نقله إلى المستشفى الميري، حتى دخل في غيبوبة وتوفي بعدها بيومين". وأكدت دميانة أنها لم تحصل على أي حقوق من الدولة سوى المعاش الاستثنائي ولم يتم التعامل مع ضحايا كنيسة القديسين على أنهم شهداء، مشيرة إلى أن التعويضات التي تقاضوها كانت رمزية وانه لا يوجد ما يعوضهم عن زوجها ووالد أبناءها. وأضافت "دميانة" : "في البداية لم نكن نعرف من السبب في الحادث لكن مع الوقت وتتابع الأحداث أدركنا أن الإخوان المسلمين وحركة حماس هما من قاما بعملية التفجير"، لافتة إلي أنهم يشعرون بالظلم لعدم اتخاذ الدولة أي إجراءات تجاه القضية رغم مرور ثلاث سنوات على الحادث، مؤكدة علي أن الكنيسة هي الوحيدة التي وقفت بجانبهم . وتتذكر السيدة سحر صبحي زوجها الشهيد عادل عزيز قائلة: "كان دوما يقول قلبي مع ربنا، وكان إنسانا خيرا ولا يفرق بين مسلم ومسيحي، وبعد وفاته حزن عليه كثير من المسلمين". وأضافت: "لدينا ثلاثة أبناء فادى لديه طالب في كلية حقوق إنجليزي ومارينا طالبة بكلية التجارة ومريم 9 سنوات فى المرحلة الابتدائية".. مشيرة إلى أن "مريم كانت آخر من شاهدت والدها من هيكل السيدات ثم حدث الانفجار الشديد الذى سبب رعبا وفزعا كبيرا, وأولادي هم من أول من بحثت عنهم ولم أكن أتخيل أنني سأفقد زوجي وكانت الحالات صعبة والملابس ممزقة والوجوه مشوهة والأشكال مرعبة، وظللنا نبحث في المستشفيات طيلة الليل حتى عرفنا انه احد المتوفين وكان مغطى بإحدى الملايات في الكنيسة التي كانت مليئة بالدماء وبأجساد الضحايا". وأكدت سحر أن حقوق الأقباط مهدرة بداية من أحداث الكشح وحادث نجع حمادي فضلا عن حرق الكنائس وحوادث أخرى كثيرة، متسائلة أين الحساب؟!. ولفتت إلى أن الدولة مسئولة عن إعادة حقوقنا،قائلة.. الأيام لا يوجد أسرع منها علي وعد محافظ الإسكندرية اللواء طارق مهدي، ونحن نتمسك بهذا الوعد. ووجهت سحر الشكر للكنيسة على وقوفها بجانب أسر الضحايا المصابين، بعد أن تكفلت بعلاج المصابين وصرفت مبالغ كبيرة لنا، مشيرة إلي أنها تقدمت بطلب لتقليل مصاريف ابنها فادي الطالب بكلية حقوق إنجليزي لكن الكلية رفضت ولم تعامله معاملة ابن شهيد رغم أنها كلية حكومية.. وناشدت محافظ الإسكندرية إعفاء ابنها من المصروفات أو تخفيضها. وأضافت: "أتمنى أن يكون النظام القادم مختلف عن الأنظمة السابقة، وأرى أن السيسي قد يكون أفضل في مكانه كوزير دفاع، وأتمنى أن يراعى الرئيس القادم ربنا في الشعب المصري وأن نعيش في أمن وسلامة ومحبة، وما نريده هو معرفة المسئول عن الحادث". وتلتقط أطراف الحديث ابنتها مريم والتي تبلغ من العمر 12 عاما قائلة: " بابا عمره ما كان يغضبني أو يجعلني ابكي وكان دوما يأتي لمصالحتي.. بابا واحشني لكنه في الجنة وفى مكان قريب من ربنا.. لم اشعر يوما أن حق بابا رجع وكلهم يفكروا في السياسة فقط". وتروى السيدة آمال بشارة زوجة الشهيد مجدي بولس ساعات الرعب يوم حادث تفجير القديسين الأليم حيث قالت: "زوجي توفى بعد عام من الحادث بسبب الإصابة وليلة الحادث كان موجودا في الكنيسة بالقرب من البهو وسمعنا صوت الانفجار، ورأينا جثث وأشلاء وسيارة مشتعلة". وأضافت: " كنا نصرخ ونبحث عن زوجي وأولادي حتى وجدنا مجدي ملقى بجانب الباب وكانت أشلاء صدر بجانبه، وكان مليئا بالدماء فقام ابننا انطوان بحمل والده إلى مستشفى مارى مرقص وعند وصلوا أغمى عليه فكانت إصابته كبيرة وفادحة حيث الشظايا في كل مكان في جسده، بالإضافة إلى نزيف داخلي وتم إستئصال القولون، فضلا عن أن وجه قدمه كان مبتورا حتى تم نقله إلى المستشفى الميري وظل 6 ساعات كاملة داخل غرفة العمليات والعناية المركزة". وتابعت آمال: "وجدنا إهمال كبير داخل مستشفي الميري مما دفعنا لنقله مرة أخرى إلى مستشفى مارى مرقص ثم سافرنا بعدها إلى ألمانيا يوم جمعة الغضب وكان معنا مصابة أخرى وكان فى استقبالنا الأنبا دميان أسقف ألمانيا، وأجرى مجدي 6 عمليات أخرى في رجله وظللنا لمدة 6 أشهر بألمانيا، وعندما عدنا إلي الإسكندرية بدأت صحته تتدهور وظهر عنده ورم في الغدد الليمفاوية نتيجة الشظايا أدت إلى اصابته بالسرطان وتوفى بعد سنة وشهرين من الحادث". وأوضحت آمال أن القضية "محلك سر" منذ عهد مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى، مشيرة إلي أن محامى الكنيسة جوزيف ملاك تقدم ببلاغات عديدة لكن هناك إهمال والقضية نائمة على حد تعبيرها -، مؤكدة أن جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس هم من دبروا الحادث حتى يقلبوا الشعب على بعضه. وتابعت.. الكنيسة وقفت بجانبنا وكذلك الأنبا دميان، لكن الحكومة لم تساهم معنا حتى بدفع ثمن تذاكر الطيران إلى ألمانيا، مشيرة إلى أن الكنيسة حتى الآن هي من تصرف على علاج المصابين. وأكدت أنه بسبب وفاة زوجها بعد عام من الحادث لم تحصل علي المعاش الاستثنائي كباقي أسر الشهداء. وطالبت "آمال" بمعاش استثنائي أسوة بباقي أسر ضحايا القديسين، لافتة إلى أنهم يريدون حقهم من من تسببوا بالحادث". من جانبه قال أنطوان ابن الشهيد مجدي: "لم تصلنا تهديدات شخصية بعد الحادث لكن مازالت التهديدات تصل حتى الآن للكنيسة"، مشيرا إلي أن الحادث كان إرهابيا ولم يكن أبدا طائفيا، مؤكدا علي أن حادث مديرية أمن الدقهلية لا يقل عن حادث كنيسة القديسين. وأضاف: "دائما أتذكر والدي عندما كنت احمله لأصعد به إلي مستشفى مارى مرقص حيث كان خائفا علي تعبي وطلب مني أن يساعدني احدهم في حمله حتى لا يتعب ذراعي". وتابع "أنطوان": " لا يوجد قضية.. والقضية لا تتعدي محضر في قسم شرطة ومشكلة حادث تفجير الكنيسة انه ولد في ظروف صعبة وفى وقت خاطئ، حيث حدثت بعدها ثورة 25 يناير ونتمنى الاهتمام بالقضية وباتخاذ إجراءات جادة وأن يأتي حق الشهداء".