أكد الدكتور سعد الدين هلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أحد أعضاء لجنة الخمسين لإعداد دستور مصر أن جماعة الإخوان تتاجر بالدين ولا تضع مصلحة الإسلام فوق مصلحتها موضحا أن الانضمام والسعي وراء شعارات خاصة بالجماعة مخالف لشرع الله وأن الرسول نهي عنه وقال الهلالي خلال حواره معنا إن رفع شعار رابعة العدوية علي جبل عرفات لا يفسد الحج لكنه فتنة أشد من القتل وإن فعله الإخوان سيثبتون أنهم شيعة المذهب ما آخر ما توصلتم إليه بشأن مواد الشريعة الإسلامية بالدستور؟ مواد الشريعة الإسلامية لم يتطرق إليها الأعضاء لا من قريب ولا من بعيد، من باب التسليم لها وقبولها علي حالها الذي كان معمولا به في دستور1971 ودستور 2012 إلا المادة المفسرة رقم 219 التي وضعت بطريقة غير علمية وتهين الدستور في حال تواجدها لتناقضها وتضاربها وتعارضها مع بعضها فضلا عن أنها تورث العقم الفقهي ، ويكاد يكون الجميع متفقا علي عوار هذه المادة وإن اختلف البعض في وضع صيغة أخري أحكم من هذه الصيغة أو الاكتفاء بتفسير المحكمة الدستورية لمبادئ الشريعة الإسلامية التي هي محل اتفاق من أهل العلم حتي الأزهر الشريف. هل هناك مخالفة في هذه المادة للشريعة الإسلامية؟ لا، لكنها مخالفة للعقل والفطرة والفقة والمنطق ، فإذا قلت لك من يلد من.. الأم تلد ابنتها أم البنت تلد أمها، فبماذا ترد علي؟ الأم تلد ابنتها طبعا. وهذا التأكيد بكلمة طبعا من أين جئت به؟ من الفطرة وإحكام العقل فهل يصح أن أفسر المبادئ بأنها أدلة، فالأدلة الكلية أم نأخذ منها المقاصد والأحكام والقواعد والمبادئ كل ما ذكرته فروع لأدلة ، فيؤسفني أن المادة 219 تفسر الفروع بأنها المبادئ الكلية فهل القواعد الأصولية والفقهية مستنبطة من الدليل أم هي المبادئ، فهو نص عجيب ثم يقول المصادر المعتبرة عند أهل السنة والجماعة فما هي؟ أليست هي الأدلة، وبالتالي فالمادة متناقضة في ذاتها وأول من وضعها لم يكن متخصصا فقام بوضع عبارات متجاورة ونوع من التجارة الدينية. هل تتوقع أن ينال الدستور إجماعا وطنيا وجماهيريا؟ هذا أمر سابق لأوانه، ولكن الشعب سيد قراره ولا يملك أحد أن يمضي علي الشعب كلمته، فنحن سنقدم الدستور ونصفه بأنه عمل بشري يصيب ويخطئ ولن نقدمه علي أنه عمل معصوم فهذا الذي سيقدم للجمهور عبارة عن أفضل ما توقعته لجنة الخمسين ، وليس هذا معناه أنه معصوم أو أنه محكم من عند الله، حاشا الله، انقطع الوحي، فكل ما يعرض إنما هو نتاج بشري نصفه بأنه أفضل ما توصلنا إليه في المرحلة الحالية وقابل للتعديل مستقبلا. هل تتوقع حشد الجماعة ضد الدستور؟ بدأت الحملة بالفعل وصار واقعا وليس توقعا، فهناك من يحشد لكلمة "لا للدستور الجديد" قبل ميلاده ولعل هذا أكبر دليل علي أن الظلم الواقع علي الدستور الجديد ، والمعروف أن الحكم علي الشيء فرع تصوره، فإذا كان الدستور الجديد لم يطرح بعد ، ومن أسابيع ماضية وحتي اليوم هناك حشود للإعلام المعارض وعلي مواقع الانترنت، يؤكدون رفضهم للدستور الجديد حتي ولو كان محققا لآمال المصريين، مما يدل علي أن الرفض من أجل الرفض وليس من أجل المصلحة وأنها مطالب ومطامع سياسية، والشعب هو من سيجني الآثار السلبية من وراء تعطيلهم، وقد قالوا منذ عام عندما أصدروا دستور 2012 إن هذا الدستور ضرورة من أجل مسيرة الحياة، فكيف ينادون هم أنفسهم اليوم بتعطيله أليس في هذا ازدواجية؟، وأن الأمر يتعلق بالشخصنة ولا يتعلق بحق الشعب، أود منهم أن يعلوا مصلحة الشعب علي مصلحتهم الشخصية. أنصار الإخوان أخذوا عليك فتوي بأن الراقصة إذا ماتت فهي من الشهداء..ما تعقيبك؟ ومع ذلك، فقد كذبوا علي، ما قلت إن الراقصة في عملها أو في طريقها لعملها وماتت تكون شهيدة ، وإنما قلت إنه إذا كانت من تعمل راقصة نزلت في ساعة أخري في غير ساعة عملها من أجل أن تشتري طعاما لها أو لذويها أو نزلت ووقفت للانضمام إلي جوار المتظاهرين ثم قتلت غدرا بالرصاص، تدخل ضمن حديث عبادة ابن الصامت في بيان الذين وصفهم الرسول صلي الله عليه وسلم بالشهداء، ويدل علي ذلك حديث رواه البخاري ومسلم، قال صلي الله عليه وسلم أن "مومس" وفي رواية "بغي" دخلت الجنة في كلب سقته، وجدته عطشانا يكاد يموت من العطش، فأخذت خفها وربطته في خمارها وأتت بالماء من البئر فأسقته فغفر الله لها" ، فمن يحجر علي فضل الله؟! الإخوان أرادوا تحويل القضية إلي شخصنة، فكيف بهم بهذا الحديث، ماذا سيردون علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديث رواه البخاري ومسلم أن امرأة مومس غفر الله لأنها سقت كلبا. ما تفسيرك لهجوم الإخوان علي مؤسسة الأزهر وشيوخها؟ ليس هجوما للأزهر ولكنه هجوم لكل من لم يقف معهم ، فالإخوان يعلون قاعدة "من لم يكن معنا فهو علينا"، هم يريدون من الناس أن ينساقوا "إمعا" وراءهم ، فهل يرضي الله عز وجل أن نلغي عقولنا وأن نتبع "صفارة" تنادينا، لقد ورد في حديث رواه مسلم أن من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتل فمات فميتة جاهلية، والمقصود بالراية العمية "اللوجو " أو الشعار الذي يرفع من أجل الناس أن تجري وراءه فأي شعار يدعو الناس للخروج دون تعقل فهذا هو الراية العمية، وإذا كان الأزهر لا ينادي بقولهم فهل سيؤاخذهم الله بقناعتهم أم بقناعة غيرهم؟ ترفع الجماعة شعار رابعة أو الشرعية.. هل تتفق هذه الشعارات مع الإسلام؟ هذه بالضبط هي الراية العمية التي حذرنا الرسول منها وهي الراية العمياء التي لا تري ولا تسمع ولا تتكلم ، فتدعو أن يسمع وأن يري ويتكلم ، فالإنسان له عين منيرة وعقل مفكر وأذن تسمع، كيف تلغي كل هذا وتجري وراء الشعارات، وقال الله تعالي:" "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"، أود أن يقرأ هذه الآية كل من يسير وراء تلك الشعارات واللوجوهات. كيف تري الجماعة بعد شهرين من عزل مرسي؟ هم ما زالوا يفكرون بنفس طريقتهم القديمة، ولم يقتنعوا حتي الآن بأن الشعب كشف الألاعيب السياسية التي يمارسونها والتجارة بالدين التي كانوا يعيشون عليها فقد أوهموا الناس علي مدار 80 سنة أن هدفهم هو رعاية اليتامي وتحفيظ القرآن الكريم والدعوة إلي الله بالحسني ويحثون الناس علي التقوي والبر وحسن التعامل وعفة اللسان والرحمة والتسامح، وفوجئنا بمجرد عزل الدكتور مرسي وسقوطه، تحول كل أنصاره إلي السب والتشهير وسوء الظن في الآخرين، وكأن الدين هو الحكم فإذا لم يكن الحكم فلا يكون الدين، واعتبروا الموضوع صراعا بين الإسلام وبين الكفر ، وكأن الإسلام هو الحكم، والحقيقة أن الحكم في الإسلام وسيلة للعدل وللرحمة وليس مقصدا ولا هدفا في ذاته، ويدل علي ذلك أن الرسول لم يبين لنا كيفية اختيار الرئيس من بعده. هل تتوقع قيام الجماعة خاصة شبابها بالمراجعة لأفكارها؟ يقينا ظهر أناس تركوا الإخوان وكشفوا حالهم ، وهناك أناس آخرون لا يزالون في مرحلة المراجعة وهناك أناس آخرون لا يزالون مغيبين ويسيرون وراء أوهامهم ، أود من الإخوان الذين نشروا للناس يوم ظهورهم أنهم جماعة دعوية وخيرية وتريد الخير للناس ولا تريد الحكم وتريد أن تحكم بالعدل، أود منهم أن يرجعوا إلي مبدأهم الأول وما قدموه للناس عن أنفسهم أول ما ظهروا وهو رعاية الناس وخدمة الضعفاء كثير من المصريين يقتل هذه الأيام ما بين رجال الشرطة أو الجيش أو من الإخوان ، فمن بين هؤلاء يحتسب شهيدا؟ قال الرسول: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوي، فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو إمراة ينكحها فهجرته إلي ما هاجر إليه" فالذي يقاتل من أجل شخص سيموت شهيدا للشخص والذ ي يقاتل من أجل المال سيموت شهيدا من أجل المال والذي يقاتل من أجل العامة وليس لأجل شخص بعينه ولكن يقاتل من أجل حماية النفس مطلقا أو من أجل حماية الأموال والأرواح مطلقا ، هو الذي يقاتل في سبيل الله لأن الله للكل وليس لجماعة معينة، وقال تعالي: " قل أعوذ برب الناس"، ولم يقل سبحانه: رب الإخوان أو السلفيين، فالذي يقاتل من أجل حماية الإنسان والذي يقاتل من أجل تأمين الناس كبشر فهو في سبيل الله، أما الذي يقاتل من أجل جماعته فهو يقاتل من أجل العصبية وقد ورد في حديث أخرجه أبو داوود:" أن من دعي إلي عصبية ليس منا " فالذي يدعو إلي فئة أو إلي جماعة بعينها يدعو بالعصبية والرسول تبرأ من ذلك، ومن يقاتل من اجل تأمين الأموال والأنفس والأرواح، أي يقاتل من أجل الكل وليس من أجل أموال أشخاص بعينهم أو من أجل حماية أموال جماعة معينة بل يقاتل لحماية البشرية كلها هو من يقاتل في سبيل الله. ما تعليقك علي قرار حظر الجماعة ومصادرة أموالها وممتلكاتها؟ ثقتي في القضاء أنه يقرأ الواقع بمصداقية وموضوعية وحكم القاضي من حكم الله. ما رأيك في فكرة دمج شابا الجماعة والمصالحة معهم؟ لا خيار سوي الاندماج ولكن الاندماج في المجتمع لا يعني غض الطرف عن المخطئ أو المجرم أو الذي يأتي بالإرهاب فيجب التعامل مع المجتمع بصفته مجتمعا واحدا مندمجا رضي أو لم يرض لأن الكل يحمل جنسية واحدة فلا فرق بين المصريين والتعامل بين المصريين وفقا للقانون ومن يقتل يؤخذ بقتله ومن يهلك الأموال يؤاخذ بذلك، فالمجتمع المصري مجتمع واحد يحكم بالقانون ويجب تطبيقه علي الجميع. وماذا عن اقتراح بعض الأعضاء تعديل المادة الثالثة من الدستور بالإبقاء علي "المسيحيين واليهود" ورفض عبارة "غير المسلمين؟ الفقه الإسلامي يحتمل التعامل مع كل البشر سواء كانوا من أهل الكتاب أو من غير أهل كتاب ، ولكن الوجهة التي طرحت أن الشعب المصري الآن لا يحتمل التعامل مع أديان أخري أرضية ليس لها مقياس ولا كتاب مقدس يرجع إليه، فكان الرأي أن احترام الأديان التي لها كتاب مقدس يرجع إليه فيه أمان للمجتمع في المرحلة الحالية علي الأقل، أما الأديان التي ليس لها كتاب مقدس يرجع إليه فأصحابها يتلونون كيفما شاءوا هؤلاء وجودهم اليوم بصفة قانونية يربك الجانب القانوني وإن كانوا موجودين بالفعل لأن المصري لا يفتش علي عقائد بعضه، فمن يعتقد دينا آخر غير الأديان السماوية الثلاثة المعروفة لم يطارد من الشعب المصري ولكن لا نريد له في الفترة الحالية أن يكون له تقنين وقانون يعاد إليه في القضاء فهو يعيش كيفما شاء فلماذا يطالب بقانون يقنن عمله ويخلق له وجودا في ساحة القضاء في الفترة الحالية؟، التي لم يتأقلم فيها المصريون علي التعامل معهم ، فالأمر يحتاح إلي زمن يتأهل فيه الناس كيف يتعايشون في أحوالهم الشخصية مع تعددية عقائدهم غير السماوية، أما أتباع العقائد السماوية فهم منسجمون ومتعاونون لأن القواسم المشتركة بين الأديان السماوية كلها تنادي بالإنسانية فكل الأديان السماوية تنادي بالعدل وعدم زواج المثليين وأن الزواج له ضوابط خاصة فهي متسقة مع الفطرة بخلاف الأديان الأرضية التي تخالف الفطرة ، ولذلك الوضع لا يحتمل الآن. ما تعليقك علي دعوات لقيام جماعة الإخوان برفع علامة رابعة علي جبل عرفات أثناء الحج؟ رفعهم للشعار في عرفة إساءة لدينهم وإساءة لمصريتهم وسيتحملون عواقب فعلهم من سلطات تستطيع أن تحكم شعيرة أداء الحج بما يمكن الناس من أداء نسكه دون فرض وصايته علي الآخرين، ومن قبل كان الإيرانيون وقد حاولوا مثل هذا العمل ونجحت السلطات السعودية في وأد تلك الفتنة وتمكين الحجاج من القيام بشعيرتهم الدينية دون تنغيص سياسي ولا أتوقع من الإخوان أن يفعلوا ذلك وإن فعلوه يحسب عليهم بما يجعلهم أقرب إلي الفكر الشيعي الذي أراد أن يعلي مطالبه السياسية في مناسك الحج والعمرة. وهل يفسد رفع شعر رابعة الحج؟ ليس هناك وجه للإفساد، إنما هو وجه للفتنة، والفتنة أشد من القتل كما قال تعالي، والحج لا يفسد إلا بالجماع فقط ، ولكن hلأفعال المشينة تزداد في إثمها وتنقص بحسب درجة فساد الفعل، فرفع تلك الشعارات سيؤدي لفساد وهذا نوع من المعصية والإساءة لكن لا يفسد الحج وإنما يفسد العلاقات بين الناس ويثير بينهم الفتن.