بعد شهور من الصمت قرر حسين مرسي الشقيق الأصغر للرئيس المعزول محمد مرسي الخروج عن صمته وكشف العديد من الكواليس التي تعرض لها شقيقه أثناء فترة حكمه.. الشقيق الأصغر عندما قرر التحدث اختار الباحث الأمريكي الشهير بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني إريك تريجر ليطلعه علي أدق أسرار المرحلة الرئاسية فضلا عن كيفية وضع الأسرة الراهن في ظل الزج ب "ربها" خلف غياهب السجون.. في الحوار الذي نشره "تريجر" علي موقع "نيو ريبابلك" أكد أنه عندما التقي حسين شقيق محمد مرسي وجد أنه يشبهه تقريبا إلا أنه يصغره بحوالي 15 عاما كما أنه صاحب بشرة أغمق قليلا من بشرة شقيقه الأكبر، موضحا أنه ليس الشخص الوحيد الذي لاحظ هذا الأمرمشيرا إلي أن حسين أخبره بأن الشرطة استوقفته بالسيارة عند نقطة تفتيش وهو في طريقه إلي بلدته متوجها من منزله في الدلتا إلي المظاهرات المؤيدة لشقيقه بعد فترة وجيزة من ثورة 30 يونيو وكان في غاية الاستياء وهو يخبره بهذا الأمر ،فاستنتج الباحث الأمريكي من ذلك أن شقيق مرسي كان يستعين بأخيه الأكبر في مثل هذه المواقف ليمر دون أن يمسه سوء. وأشار تريجر إلي أن تجربة عائلة مرسي علي مدار السنوات الثلاث الماضية تجسد الصعود السريع للجماعة ،حيث شاهدوا النقلة الكبيرة لمرسي من كونه قائدا بجماعة الإخوان المسلمين معروف بالكاد ليكون أول رئيس مدني لمصر وبعد ذلك أصبح سجينا في خلال 30 شهرا فقط من الصعود السياسي. ولفت تريجر إلي أن حال مرسي كما هو حال النخب في مصر دائما يخرجون من أسر فقيرة بعيدة عن النخبة تماما ،ولاسيما تلك الأسر التي تعيش في الريف، حيث إن الرئيس السابق من قرية صغيرة بالشرقية وأشقاؤه لايزالون يملكون "فدانين زراعيين" كانوا قد حصلوا عليهما من خلال برنامج الإصلاح الزراعي الذي قام به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في فترة الخمسينيات. وأوضح تريجر أن وجود مرسي في قصر الرئاسة لم يفد شقيقه حسين بأي شئ علي المستوي الاجتماعي والمادي حيث إنه ظل مدرسا للرياضيات في إحدي المدارس الثانوية، وخلال العام الذي كان فيه شقيقه الأكبر رئيسا لمصر لم يدخل قصر الرئاسة ولا مرة واحدة، رغم أنه زاره عدة مرات في منزله بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة وتحدث معه بانتظام عبر الهاتف. وعندما تراجعت شعبية مرسي وظهرت حركة تمرد التي لاقت تأييدا شعبيا كبيرا لم يشعر حسين بهذا التغيير حيث إن معارضة الرئيس السابق في قريته كانت قليلة جدا ولم يواجه الشقيق الأصغر الكثير من الانتقادات بسبب أخيه ،وحدث نفسه أي حسين- بأنه لا أحد يجرؤ علي الإطاحة بمرسي وأن "تمرد" ليس لها وجود حقيقي. وبالمثل فإن الحملة التي تشنها الحكومة الحالية وفقا لتريجر ضد الإخوان المسلمين ليس لها تأثير كبير في قرية الرئيس السابق، حيث إن الأوامر صدرت لقيادات الجماعة بالمدن بالعمل بشكل سري وتعليق الاجتماعات العادية للأسر وحث الكوادر علي العمل بشكل فردي لتحسين سمعة الإخوان بالشارع وقطع الاتصال بالهاتف بين القيادات الموجودة خارج السجن والاتصال ببعضهم عن طريق بناتهم. ولكن وفقا لحسين فإن سلسلة قيادات الجماعة بقريته وبالمناطق الريفية الأخري لاتزال سليمة والأسرة التي يترأسها لا تزال تلتقي أسبوعيا كما كان الوضع قبل الإطاحة بأخيه كما أنه لا يزال يجمع المستحقات الشهرية من أعضائها والتي تمثل من 7 إلي 10 بالمئة من رواتبهم، كما أن قيادة الشعبة التي ترأس وفقا لقانون الجماعة من ستة إلي اثنتي عشرة أسرة تعمل أيضا بشكل طبيعي، وتنظم بشكل مباشر المظاهرات التي تطالب بعودة مرسي للسلطة. وأشار تريجر إلي أن الشقيق الأصغر لمرسي يعمل في المكتب الإداري للشعبة في بلدته ويؤكد أن رئيس الشعبة يحضر بانتظام في الاجتماعات العادية وفقا للتسلسل الهرمي لجماعة الإخوان ،وعلي الرغم من القبض علي العديد من قيادات الجماعة الإقليمية فإن مكتب الإخوان في محافظة الشرقية يقوم بإصدار الأوامر التي يتلقاها كل قيادات الجماعة في جميع أنحاء مصر فعلي سبيل المثال عندما اشتبك متظاهرو الإخوان مع المدنيين في شهر أكتوبر الماضي صدرت أوامر من مكتب الشرقية بالامتناع عن الاشتباك والانسحاب فورا. وأوضح تريجر أن حسين لا يعرف بالضبط كيف يتم التواصل بين القيادات عبر المحافظات نظرا لأن رتبته في التسلسل الهرمي للجماعة منخفضة نسبيا حيث إنه لا يتواصل شخصيا مع هذه القيادات ،إلا أنه أشار إلي أن المرشد العام لجماعة الإخوان زار الشرقية مرة واحدة للقاء رؤساء الشعب ،كما كشف أن الجماعة عينت مرشدا جديدا بعد سجن محمد بديع في أغسطس الماضي. وأوضح تريجر أن الشخص الذي كشف حسين له أنه أصبح مرشدا للجماعة غير معروف بالنسبة له كما أنه يشك في أنه كان من القيادات ولا يستطيع التحقق ما إذا كان يقوم بمهامه حاليا كمرشد للجماعة أم لا. وأضاف تريجر أن عمل الإخوان في المناطق الريفية بمصر حقيقة لا يمكن إنكارها ،رغم أن هناك حملة ضدهم وهو الأمر الذي يشكك في إمكانية عودتهم للحياة السياسية في وقت قريب ،والكثيرون ينتظرون القرار الذي ستتخذه قيادات الجماعة في الريف، فإذا قرروا ترشح الإخوان كمستقلين أو حتي بدعم من الأحزاب الصغيرة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها العام المقبل ففي هذه الحالة يمكنهم استعادة حصة صغيرة من النفوذ الذي خسرته الجماعة خلال الخمسة أشهر الماضية، ووفقا لحسين مرسي فإن مكتب الإرشاد لم يقرر بعد سياسته فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة ،ولكن إذا قرر المشاركة فإن الإخوان مستعدون لاستئناف نشاطهم السياسي وفقا لقوله. وأكد تريجر أن حسين اعترف بأن وجود أخيه في منصب الرئاسة كان كارثة ،موضحا أن هذا المنصب كان مسئولية كبيرة وكان يشعر بأن المسئولية ضخمة علي أخيه لافتا إلي أنه فقد الكثير من حقوقه مع وجود أخيه في قصر الرئاسة فعلي سبيل المثال عندما تشاجر شخص مع ابنه فإنه لم يستطع التصدي له خوفا من أن يقال إنه يستقوي بأخيه لأنه رئيس. وأشار تريجر إلي أن حسين لا يزال عازما علي مواصلة القتال لإعادة أخيه وهذا هو الهدف الذي يوحد الإخوان المسلمين في الريف والحضر علي حد سواء ونقل تريجرعن شقيق مرسي قوله: "إن كل شيء سوف يعود كما كان" مؤكدا له أن مقر قيادة الإخوان المسلمين بالجيزة سوف يكون المكان الذي سيحاكم فيه السيسي وأكد تريجر أن حسين تعهد أمامه بأنه سوف يتبع الأوامر التي يتلقاها من الإخوان من أجل تحقيق أهداف التنظيم. وأوضح الكاتب الأمريكي أن قيادة الإخوان المسلمين تعمل بالكاد في المدن الكبري، ولكنها تحتفظ بأعداد كبيرة من الأعضاء الملتزمين بالريف والذين يسعون لاستعادة قوة التنظيم، ومع ذلك فالإخوان لا يكادون علي أعتاب عودة دراماتيكية ولكنها في نفس الوقت بعيدة عن وضع "الميت "مما يعني أن النضال الذي اعتاد عليه الإخوان في الريف من أمثال مرسي لايزال مستمرا ومستقبل مصر لم يتحدد بعد.