تحت عنوان "تنشئة جيل جهادي: فهم حركة الإخوان في أمريكا" صدر هذا الكتاب حديثا للجنرال الأمريكي جون جوندولو, والذي يكشف فيه التاريخ السري للمنظمات التابعة لجماعة الإخوان داخل بلاد العم سام.. جونولو" أكد في كتابه أن هناك حوالي ألفي مؤسسة "غير ربحية" في الولاياتالمتحدة ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلي أن المجتمع الإسلامي في أمريكا لا يزال يقع تحت قيادة الإخوان هناك، وقد تم إنشاء أول منظمة إسلامية وطنية في الولاياتالمتحدة وهي "رابطة الطلاب المسلمين" «MSA» من قبل الإخوان في عام 1962-1963؛ وعندما تأسست مؤسسة "الأرض المقدسة" للإغاثة والتنمية في نوفمبر 2001، كانت تعتبر أكبر مؤسسة خيرية إسلامية في أمريكا، وكانت تخضع لحركة حماس فرع الإخوان في فلسطين. وفي عام 2004، داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي مقر إقامة أحد كبار قادة حماس وهو إسماعيل البراس، في أناندال بولاية فيرجينيا؛ وفي منزله، وجد قادة المكتب أرشيفا كبيرا خاصا بالإخوان في أمريكا، بالإضافة للكثير من الأدلة التي تم الاستعانة بها ضد مؤسسة الأرض المقدسة خلال تقديمها للمحاكمة فيما يعتبر أكبر محاكمة للقائمين بعمليات تمويل الإرهاب في تاريخ الولاياتالمتحدة. ويؤكد جوندولو أنه من بين العديد من الوثائق والسجلات وغيرها من الأدلة التي تم اكتشافها، كان هناك تسجيل لأحد كبار قادة تنظيم الإخوان ويدعي "زيد النعمان وهو يتحدث إلي مجموعة من أعضاء الجماعة في ولاية ميسوري في عام 1981، وتم إدخال هذا الشريط ونص المقابلة كأدلة في محاكمة مؤسسة الأرض المقدسة؛ وأوضح أن هناك العديد من الوثائق المكتشفة التي تدين قادة الإخوان بالولاياتالمتحدة وكذلك قادة حماس ومؤسسة الأرض المقدسة، إلا أن هذه التسجيلات تمثل واحدا من ثلاثة اكتشافات محورية وجدت في مقر إقامة النعمان والتي تحكي بدقة تفاصيل القصة بأكملها عن كيفية وصول الإخوان لأمريكا وانتشارهم بها واختراقهم للإدارة الأمريكية فيما بعد. ويوضح جوندولو أن أوائل المهاجرين إلي الولاياتالمتحدة من الإخوان استقروا في ولايات أنديانا وميتشجان والينوي، وهو ما يفسر لماذا توجد في هذه الولايات أكبر منظمة للإخوان المسلمين؟ وهي الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، ويقع المقر الرئيسي في ولاية أنديانا، كما أن هذا يفسر لماذا تعتبر ديترويت وديربورن هي مراكز لنشاط جهادي كبير، والسبب يرجع إلي أن مدينة شيكاغو هي محور لتمركز ونشاط حركة حماس في الولاياتالمتحدة. وقد انتشرت "الأسر" الإخوانية في أنحاء الولاياتالمتحدة، والأسرة تتكون من عدد قليل من الرجال، وكان علي كل "أسرة" أن تنمو وتقوم بتأسيس نفسها في منطقة معينة، وعندما توافدت إعداد كبيرة من الإخوان إلي أمريكا، تم دمج الكثير منهم في هذه "الأسر" والمؤسسات القائمة بالفعل. وفي أوائل الثمانينيات بدأ إنشاء المدارس والمساجد والعيادات و الملاجئ وغيرها لتوسيع نفوذهم في المجتمع، ففي العام 1983، أنشأ الإخوان الجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية إسنا لكي تكون نواة لحركتهم، وفي غضون سنة واحدة، تم إنشاء حوالي 100 من المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة، وفي عام 1991، نشرت جماعة الإخوان "مذكرة تفسيرية" توضح الخطة الاستراتيجية التي تتبعها في أمريكا، أعقبها نشر "دليل تنفيذ" لتلك الخطة. ويشير جوندولو في كتابه إلي أنه قبل عام 1983، كان هناك عدد قليل جدا من المنظمات غير الربحية الإسلامية، باستثناء تلك التي تم إنشاؤها من قبل الإخوان في نفس العام لكن بعد ذلك كان هناك تأسيس وصعود لحوالي 100 مؤسسة غير ربحية، وهي كلها شركات تابعة للإخوان، وفي عام 1992، بعد نشر الخطة الاستراتيجية ودليل التنفيذ، حدث ارتفاع كبير في إنشاء المؤسسات غير الربحية الإسلامية والتي لم يحدث أبدا أن خسرت أو توقفت عن العمل!. ومنذ ذلك الوقت وحتي اليوم، يتم إنشاء ما بين 60 و 120 مؤسسة غير ربحية إسلامية كل عام، وهناك عدد كبير من تلك المنظمات يتناسب مع المنظمات التي يهدف تنظيم الإخوان إلي إقامتها ونشرها. ويعطي جوندولو مثالا علي ذلك بقوله إن هناك أكثر من 2100 من المراكز الإسلامية في الولاياتالمتحدة اليوم، وبعد التحقيق والبحث، أصبحنا نعلم أنه يتم التحكم في جزء كبير منها من قبل الإخوان من خلال ملكية الأراضي التابعة لمؤسسة تراست الإسلامية بأمريكا الشمالية "NAIT" والتي تقوم بدور "البنك" للإخوان، أو من خلال زعماء الجماعة المعروفين في هذه المراكز. ويضيف جوندولو أن اليوم، هناك أكثر من 600 مكان لتقديم الخدمات الإدارية بالقرب من كل كلية وحرم جامعي، بجانب 320 جمعية إسلامية وعدة مئات من الفصول للجمعية الأمريكية للمسلمين (ماس)، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، وجمعيات المجتمع المسلم، ومراكز التعليم الإسلامي والمنظمات المهنية مثل جمعية العلماء والمهندسين وجمعية علماء الاجتماع المسلمين. ويؤكد أنه رغم تلك الأعداد الكبيرة من المنظمات التابعة للإخوان في الولاياتالمتحدة والتفاوت الكبير بين الأشخاص الذين يعملون لدي هذه المنظمات في مستويات حماسهم وانتمائهم للتنظيم ، إلا أن قيادة كل من هذه المنظمات لا تعاني من هذه المشكلة أو من تضارب المصالح بينها ؛ وهناك سيطرة كبيرة وبشكل علني لقادة الإخوان في الولاياتالمتحدة علي الكثير من أفراد المجتمع المسلم هناك. ويشير جوندولو إلي نقطة خطيرة، وهي أن وزارة الخارجية الأمريكية لديها برنامج معين حيث يدفعون للأئمة المسلمين لكي يأتوا من الخارج للاجتماع مع "القيادات الإسلامية" هناك، ومعظمهم تقريبا إن لم يكن كلهم من الإخوان وفي إحدي المرات أتي إمام من إندونيسيا وهو من غير المنتمين أو المتعاطفين مع الإخوان، وبعد عودته كتب تقريرا إلي السفير الأمريكي أكد فيه أن هذا البرنامج يجب أن يغلق فورا، لأن حكومة الولاياتالمتحدة، في رأي هذا الإمام، كانت تدفع للجهاديين في الخارج للقاء نظرائهم في أمريكا والذين لديهم السيطرة علي المجتمع الإسلامي. ويقول جوندولو إن هذه الجماعات المرتبطة بالإخوان تحاول الادعاء أنها قد تطورت وأصبحت معتدلة مع مرور الوقت، وقد اعترف بعض مسئوليها بأن منظري الإخوان هم من أقاموها بالفعل، لكنهم يزعمون أنهم يديرون تلك المؤسسات والجماعات بطريقتهم الخاصة بعيدا عن اهداف وخطط الإخوان، لكن هذا "هراء مطلق" فليس هناك ذرة واحدة من الأدلة التي تبين أن حركة الجماعة قد تباطأت في تلك المؤسسات علي الإطلاق، بل أن كل الأدلة تشير إلي تسارع خططها، وتأثير القادة الإخوان يسهل التعرف عليه داخل أجهزة الأمن بما لديها من الأدلة عن نفوذهم الواسع. فقادة الإخوان أمثال سيد سعيد، مزمل صديقي، إحسان باغبي، محمد الحانوتي، إقبال يونس، أحمد توتونجي، هشام طالب، يعقوب ميرزا وأبناء قادة الإخوان من الجيل الأول مثل سهيل خان وزينب العلواني وغيرهما، كلهم يشاركون بشدة في تلك المنظمات الأبرز في أمريكا، وجماعة الإخوان في الولاياتالمتحدة أكثر قوة اليوم مما كانت عليه في أي وقت مضي. ويشير الكاتب إلي أن الإسلاميين يعتقدون أنهم قادرون علي الاستيلاء علي الولاياتالمتحدة قريبا، بل يعتقد بعضهم أنهم قد فازوا بها بالفعل، وجزء من المشكلة هو خوف الأمريكيين من أمن الولاياتالمتحدة والتفجيرات وإطلاق النار وغيرها، بينما نحن لسنا في حاجة للقلق بشأن هذه الأشياء لأنها ليست الطريقة التي تنوي الجماعة هزيمتنا بها. ويضيف جوندولو أن الخطة الاستراتيجية للإخوان تقول إنهم يشنون "جهاد الحضارة" لتدمير الحضارة الأمريكية والغربية وأنها سوف تستخدم قادة الغرب أنفسهم للقيام بذلك. لافتا إلي أنه عندما تطلق جماعة الإخوان ثورة وانقلابات علي العديد من الحكومات وتقتل عشرات الناس، وتطلق الحكومة الأمريكية عليها اسم "حركة الحرية" وتدعمها ماليا وماديا في مصر، ومن ثم تنظيم القاعدة ومعهم الإخوان في ليبيا وسوريا فهذا هو "جهاد الحضارة" بأيدينا. ويقول جوندولو نحن كأننا في الخمس دقائق الأولي من بداية لعبة كرة القدم، وجماعة الإخوان منتصرة 72-0 ومازلنا نتساءل عما يجب أن نفعله، فالجماعة لديها خطة استراتيجية وتشغيلية لتنفيذ ذلك، ومنظمة وممولة جيدا ومنضبطة، ولديها الآلاف من المنظمات التي تعمل يوميا لقلب نظام الحكم وتفريغ المجتمع من مبادئه الأساسية، وأنت لا تستطيع حتي الحديث عن ذلك التهديد خوفا من الإساءة للمستشارين التابعين لحماس والإخوان، فهل يمكن الفوز في هذه الحرب إذا استمرت بهذه الطريقة؟. جدير بالذكر أن مؤلف الكتاب ترك عمله بفرقة المارينز الأمريكية للانضمام إلي مكتب التحقيقات الفيدرالي بالعاصمة الأمريكيةواشنطن في العام 1996، وبعد وقت قصير من هجمات سبتمبر 2001 تم نقله إلي شعبة مكافحة الإرهاب حتي كان العام 2006، والذي أنشأ خلاله أول برنامج للتدريب وتعليم مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالي حيث كان يقوم بالتركيز علي جماعة الإخوان المسلمين.