تناول، تسفي برئيل، المحلل للشئون العربية في صحيفة "هاآرتس" في عددها الصادر، اليوم، الموقف التركي من الأحداث الجارية في مصر والإطاحة بحكم الإخوان المسلمين من قبل الجيش وارتفاع وتيرة تصريحات القادة الأتراك وعلى رأسهم أردوغان " الرافضة للانقلاب والمساندة للإخوان، وصولا إلى تصريح أردوغان الأخير الذي اعتبر ما حدث مؤامرة حاكتها إسرائيل مع الجيش المصري. برئيل يقول، إن زعل أردوغان على فقدان نظام الحكم المصري الأكثر صداقة لتركيا منذ عقد من الزمن أفقده أعصابه فلجأ إلى أسلوب بروتوكولات "حكماء صهيون" لتسويد صفحة الجيش المصري، عندما أدعى، استنادا إلى "اثباتات" على لسان المثقف اليهودي برنارد هنري ليفي أن الانقلاب هو نتيجة مؤامرة حاكها الجيش المصري مع إسرائيل. لقد بدا، على حد وصف برئيل، أسيرالعقلية التي تميز المفكرين اللا ساميين الذين أرسوا النظرية المقيتة القائلة أن اليهود يسيطرون على كل شيء ويديرون العالم. برئيل يذكر بأن اتهام أردوغان باللاسامية أو حتى الغمز بهذا الاتجاه يثيره ويستدعيه للاسراع لسحب الثباتات من بطن التاريخ الطويل لتركيا "التي ساعدت اليهود" ومعاودة التأكيد بأن "نظامه يعمل كل ما في وسعه للحفاظ على الجالية اليهودية في تركيا"، لكن هذه المرة سيكون من الصعب عليه اقناع حتى مؤيديه انه قصد فقط الجانب السياسي للمؤامرة. فمثل هذه التصريحات، حسب برئيل، لن تساعد الإخوان المسلمين إلا أن أردوغان الذي تسببت تصريحاته بقطيعة بين تركيا ومصر، يعتقد أنه لم يعد لتركيا ما تخسره والنتجة أن الزعيم التركي الذي يطمح إلى التأثير في الشرق الأوسط هو الذي يخرج تركيا من دائرة متخذي القرار في المنطقة. وحول السيناريو المصري يقول برئيل، إن الفريق السيسي والحكومة المؤقتة لا ينوون إخراج الإخوان خارج القانون خوفا من أن أعطاء انطباع بأنهم يمسون بمبادئ الثورة الأولى، التي رأت في الاخوان شركاء كاملين وألغت الحرمان الذي كان مفروضا على مشاركتهم في الحياة السياسية. مبادئ الثورة الديمقراطية التي طردت بقايا قمع نظام مبارك، ناهيك عن أن الفريق السيسي يدرك معارضة الحركات اللبرالية، خصوم الإخوان، لإخراجهم خارج القانون ويعرف أن كل قيادة سياسية جديدة ستحتاج إلى شرعية جماهيرية واسعة يجب أن تشمل الإخوان حتى تكتمل شرعيتها. الجيش يسعى، وفق برئيل، عبر اعتقال المرشد العام وقيادات الإخوان وتوجيه التهم إليهم إلى ضرب قوتهم السياسية وإضعافهم وبالتالي جرهم الى التعاون مع النظام الجديد كي لا يضطروا للخروج من المشهد السياسي نهائيا، وإذا ما أصروا على رفض التعاطي مع النظام الجديد يكونوا قد تلقوا ضربة سياسية قوية. من جهتهم يحاول الإخوان الإيحاء بعدم التراجع عن المواجهة التي أعلنوها، رغم الاعتقالات وتعيين محمد عزت المحسوب على التيار القطبي المتشدد مرشدا عاما مؤقتا بعد اعتقال بديع، يعطي مؤشرا ليس فقط على ذلك بل ربما على امكانية النزول إلى العمل السري اذا ما تم إخراجهم عن القانون,لكن المعطيات الدولية والعربية المتمثلة بتردد أمريكي وتخبط أوروبي وازدراء إماراتي وموقف سعودي داعم للجيش المصري يطغى ويلجم الموقف العربي يترك تركيا متكئا وحيدا للإخوان لهم وسيجعلهم يعيدون حساباتهم.